الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب المشارفة والانتقاد
دروس في صناعة الإنشاء
كنا قد ذكرنا في مجلتنا (5: 439) أننا ربما نعود إلى البحث عن صناعة الإنشاء ونعهد به إلى نقادة خبير، ولما وجدنا أن هذا الكتاب يوضع في أيدي الطلبة وان فيه بعض الأوهام لابد من إصلاحها في طبعة ثانية، طلبنا إلى صديقنا النقادة السيد محمود الملاح أن يلقي نظرة عليه، ولا سيما أن القراء رأوا في حضرته إصابة المرمى في نقده مع نزاهته؛ فلبى الموما إليه طلبنا، وجاد علينا بنظراته الصائبة، وها نحن أولاء ندرج هنا مقدمة ما كتبه إلينا، وفي جزء قادم نوافي القراء بتتمة الموضوع. قال حرسه الله:
مقدمة
حياة المجتمع قائمة على أركان شتى رأسها الأدب وبقاء هذه الحياة منوط بسلامة تلك الأركان من الأدواء ولا سلامة لها إذا لم تعاهد بالإصلاح والمعالجة.
الانتقاد افضل علاج فهو من عزائم الأمور واوجب ما يكون في الأمة الضعيفة فمتى وجدنا شعل النقد مشبوبة في آكام أمة فلنوقن بأنها متعلقة من الحياة بسبب ومتى وجدنا مواقده خامدة فيها فلننفض أيدينا من نجاحها نفض الأنامل من تراب الميت.
كل شيء في مجتمعنا مريض فهو محتاج إلى علاج وما علاجه سوى الانتقاد حتى أن الانتقاد نفسه محتاج إلى نفسه! فان طريقته عندنا لم تزل سقيمة واهنة إذ لا يكاد تجد نقدا خاليا من الشوائب كأنها أمر فطري لا نستطيع أن نتملص منه وان بذلنا الجهد في مقاومته.
اجمل انتقاد نصادفه بين أظهرنا ما كان سالم الأديم من ندوب الشتم الصريح والسبب في أن انتقاداتنا غير سالمة خصال مشطورة بين الناقد والمنقود:
كأن يكون الأثر المنقود مشتملا على تبجح وأنانية وخدع للجمهور وغش للحقيقة وركوب للصعب والذلول في سبيل الفخفخة فيضطر الناقد أن يدجج قلمه بشيء من خصائص الفؤوس والمعاول ليسخره في تحطيم بعض الهياكل الفارغة التي بنيت في الهواء ولم تشتمل إلا على هواء.
أو أن يكون الناقد شرس الطبع لا يريد وجه الحقيقة بل هدفه الأقصى تبكيت خصمه وإفحامه والتشهير به على أي وجه كان وهو فيما بين ذلك يحاول اقتناص صيت مزور وان لطم جبين الحق ووطئ بأظلاف الباطل وهي لعمري خطة شنعاء يمقتها ذوو النفوس الشريفة التي لا يهنأ لها عيش والباطل نصب أعينها.
قلت آنفا أن الانتقاد افضل علاج ولا يفوتنا أن نقول انه تشخيص في وقت واحد وإذ كان منطويا على هاتين الخصلتين الكريمتين فخليق به أن يكون صريحا ونزيها فإذا كانت الصراحة ناقصة كان التشخيص ناقصا وإذا كانت النزاهة مفقودة كان الدواء مشوبا بمواد تعوق عقاقيره عن النجوع.
إن من الظلم السكوت على ما لا يصح السكوت عليه! وان النجاح منا لفي مناط العيوق إذا اتخذنا المداهنة دينا والمحاباة ديدنا والتبصبص شعارا وحب الذات كعبة تطوف بها حجيج آمالنا واخلق بأمة هذا منهاج رجالها وأدبائها ومربيها أن يكون نصيبها الفشل في المواقف التي لا يثبت فيها إلا الجد والحقيقة.
ومن أمراضنا الجبن والخور وضعف النفس فترى بعضنا إذا اخرج للناس كتابا مثلا أهداه إلى من يخشى صولته مضمنا عبارة الإهداء ضربا من التملق وطأطأة الرأس ليكف عن نفسه عاديته.
وإذا بلغه أن نقادة يحاول الكتابة حول أثره سقط في يده وعاذ بكل معاذ! تفاديا من الحملات المتوقعة وفي ظني أن اكثر من يقلق النقد طيور أفئدتهم قصار الباع وعبيد الشهرة الذين يبنون صروح شهرتهم على جروف هائرة. أما أهل الجد والحقيقة فانهم يتقبلون النقد بصدور رحبة لأنه أما أن يكون سديدا فيقبلون على خططهم فيصلحونها وأما أن يكون طائشا فهم اقدر على رده إلى نحر صاحبه.
إن من الأوهام السائدة اعتبار معاهد التخرج ميزانا والاصطلاحات الرسمية مقياسا والتغافل عن أن بين المنابت تفاوتا في الطيب والزكاء (والبلد الطيب يخرج نباته بأذن ربه) الآية. . .
ومن نقص التربية مناصبة أرباب النقد النزيه العداء وإيقاد نيران الدعايات الزائفة عليهم والتشبث بكل سفساف! وأولى بمثل هؤلاء قرع الحجة بالحجة ومقابلة السلاح بمثله لم يكن
ثمة حجة مكافئة ولا سلاح مماثل كان التسليم أشبه بالمروءة ولا غضاضة في التسليم للحق والخضوع بين يدي الحجج الدامغة.
أي ذنب للناقد؟ والمنقود هو الجاني! بمجازفته وتغريره وركوبه للشطط. أما أن للحق سورة لذاعة فالذنب معطوف على طبيعة الحق - أن صحت نسبة الذنب إليه - ولا تثريب على الناقد إلا من حيث أعمال قلمه في إنعاش الحق العاثر.
إلا ليقولوا ما شاءوا! وليدعوا أني احمل بين جوانحي حزازات وإنما أنا اثأر وانتقم! فالحزازات لم تزل محمولة والثأر لم يزل مشروعا ولكن العدل والعدوان هما المعيار وهما (مركز الثقل) في الأحكام فمن ثأر وهو عادل فحر انتصر لنفسه ومن جار عن غير حقد وحزازة كان ظالما وجاهلا في وقت واحد.
إن الانتقاد إذا توفرت شروطه كان خدمة جلى تستحق مناصرة العقلاء لها وقدروها حق قدرها وما كان على هذه السنة فليس من الأنصاف معاكسته ووضع العقبات في طريقه.
وعلى هذه الشريطة صممت على نقد كتاب صناعة الإنشاء (للأستاذ أبي قيس عز الدين آل علم الدين التنوخي أحد أعضاء المجمع العلمي العربي في دمشق وعضو المجمع اللغوي في العراق) والموكول إليه تهذيب الإنشاء في ثانوية العاصمة.
محمود الملاح
79 -
العناية بالنخيل في مصر والسودان
منذ أن اخذ الأميركيون يعنون بالنخيل، نشروا كتبا شتى عن النخل وغرسه حتى أنها لو جمعت لأربت على ما آلفه سلفنا في هذا الموضوع عشرات
بل مئات. وما ذلك إلا لان الغربيين لا يتصدون لأمر إلا يوفونه حقه من التحقيق.
بين يدينا رسالة في 72 صفحة بقطع الثمن الصغير ألفها سيلس سي. ماسن البستاني وقد استوفى البحث عن نخيل مصر والسودان وطرز غرسها والعناية بها مع عدة تصاوير تمثل الرجال الذين تفرغوا لهذا الفن من فنون الزراعة مع أشكال أنواع التمر إلى غير ذلك
من الفوائد.
80 -
الهندسة المستوية
تأليف جورج وينتوورث ودافيد اوجين سميث نقله إلى العربية (علي)
مدرس الرياضيات في ثانوية بغداد
الجزء الاول طبع في 196ص بقطع الثمن الصغير في مطبعة دار السلام في بغداد
هذا من اجل الكتب الهندسية التي يعتمد عليها في المدارس الثانوية الأمريكية. نقل هذا الجزء إلى لغتنا حضرة (علي بك) أحد أساتذة الرياضيات في ثانوية العاصمة بناء على تقرير وزارة المعارف الجلية الاستفادة منه في مدارسها. وقد عني بملاحظة عبارته (الأستاذ محمود الملاح) وكفى السفر تنويها أن يتولى تصحيحه هذا الأستاذ ليترقرق فيه ماء الفصاحة ويطمئن إليه الطلبة من كل جهة.
وقد أجلنا فيه نظرة مجملة فألفينا بينه وبين سائر المطبوعات التي لم تعرض على مصحح بارع تقن بونا بعيدا. فنحن نشكر للمعرب وللمصحح يدهما البيضاء في ضمن شكرنا لوزارة المعارف الجليلة وعنايتها وتنشيطها أملين أن يقوم الموما أليهما بتعريب الجزء الثاني لتعم الفائدة المتوخاة وهو ولي التوفيق.
81 -
الحكمة
مجلة دينية تاريخية أخبارية، يصدرها دير مار مرقس للسريان الأرثوذكس باورشليم مرة في الشهر، صاحب امتياز ومديرها المسؤول فورلس المطران ميخائيل انطون ومحررها فؤاد جقي.
وصل إلينا الجزء الاول من السنة الثانية من هذه المجلة التي كان قد صدر منها الجزء الاول قبل الحرب وهي تصدر في 48 صفحة إلا أن هذا الجزء عد ممتازا
فصدر في 64ص فعسى أن صاحبها لا يحرمنا فوائد تاريخ طائفته وما يتعلق بها ليكون لها فائدة التخصص بباب من الأبواب لا يرى في سائر المجلات.
82 -
إيران
مجلة يصدرها محفى العلوم في دولة اتحاد الجمهور السوفييتية الاشتراكية في لننغراد، في
260ص بقطع الثمن الصغير.
من يطالع الصحف السياسية ويقف على ما يجري في الجمهوريات الروسية يتصور أن لا عناية هناك للعلوم والفنون والمعارف العصرية. على أن ذلك وهم فظيع لان هذه الجمهوريات محافظة على خططها العلمية التي خطتها لنفسها قبل الحرب. والدليل على ذلك ما ينشر من الصحف والكتب في تلك الديار. وهذه المجلة شاهد جديد على سير العلوم وتقدمها فيها؛ إذ نجد فيها 14 مقالة هي حقيقة 14 رسالة في مباحث شتى تتعلق كلها ببلاد إيران. فهل في جارتنا مجلة تضاهيها علما وتحقيقا وتدقيقا؟ - ذلك ما نود أن يكون لها.
83 -
التعليم المسيحي الكبير
84 -
مختصر التعليم المسيحي 85 - التعليم المسيحي الصغير للمدارس الشرقية، بقلم الأب يوسف علوان اللعازري، طبعت طبعة ثانية منقحة في المطبعة الكاثوليكية في بيروت في سنة 1927
الأب يوسف علوان اللعازري شعلة نار متقدة لا يعرف السكون ولا الراحة. فهذا تأليف أخرى من قلمه وضعها في معرفة أصول الدين المسيحي. قسم الاول منها إلى قسمين: ووضع في القسم الواحد النص العربي وفي القسم الآخر النص الفرنسي والأول في 123 صفحة في كل لغة أي انه كله في 246 صفحة بقطع 16 وقع في 525 سؤالا وجوابا. ومن عرف جميع هذه المزايا عرف انه من الكتب الواجب اتخاذها في مدارس المسيحيين لما فيه من الفائدة المزدوجة.
واختصر هذا الكتاب بنصيه في 51 بالمقطع المذكور واختصر هذا الأخير في 104ص بقطع 24 وليس فيه إلا النص العربي وعبارة جميع هذه الكتب
سهلة سمحة لا عقد فيها ولا أمت ولهذا نوصي بها جميع المدارس المسيحية فهي من الكتب التي لا غنى لها عنها.
86 -
مجلة المباحث الإسلامية
يصدرها المستشرق الشهير لويس ماسنيون
جميع البغداديين يعرفون العلامة المستشرق لويس ماسنيون فانه كان في بغداد في سنة
1907 -
1908 وكتب عن بعثته إلى العراق سفرا جليلا سماه (بعثة في العراق) وهو في مجلدين ضخمين وأفاد العلماء بما دونه عن بلادنا قبل عشرين سنة. واليوم اخذ يصدر مجلة فرنسية موضوعها الإسلام وما يتعلق به من علوم ومعارف وفنون وصنائع. وهي اجل مجلة نعرفها حتى اليوم في هذا البحث. ومن أراد الاشتراك فيها فليراجع الطابع وهو:
وكل ما يتعلق بالكتابة والمقالات يعنون باسم صاحبها:
12.
ومن أهم أبواب هذه المجلة أنها تذكر جميع الكتب التي تطبع في العالم كله وموضوعها الإسلام أو العرب؛ وربما ذكرت أهم المقالات الواردة في المجلات الشهيرة فلقد نوهت (ص42) بمقالة المطبوعات في العراق لرفائيل بطي الواردة في مجلتنا (أيلول 1926) وأشارت في (ص11) إلى مقالة الألفاظ الارمية في اللغة العراقية العامية التي سبك دررها يوسف غنيمة (لغة العرب 1926 - 1927) ومدحت مقالة الرصافي التي وسمها بدفع المراق، في كلام أهل العراق (4: 85 وما يلها)
ومن الكتب التي نقدتها لغة العرب وذكرتها هذه المجلة البديعة، ما قالته (في ص11) عن كتاب العين الذي كنا بدأنا بنشره وذكرناه في أحد جزئي المجلة اللذين ظهرا قبيل الحرب و (في ص19) إرشاد الغريب لياقوت الحموي و (في ص26) طهارة أهل الكتاب للشيخ أبي عبد الله الزنجاني. وفي
ص32 و34) تاريخ نجد للالوسي و (في ص39) تاريخ الكويت للشيخ عبد العزيز الرشيد.
وكل ذلك يدل على أن المستشرقين يطالعون بروية ما يدرج في مجلتنا من المقالات والانتقادات ولا يفوتهم حرف مما يكتب فيها. ومن هذا البسط الوجيز الذي عرضناه لأنظار القراء يتحقق المطالع أن مجلة المباحث الإسلامية هي من أرقى ما ورد في هذا المعنى. وهي تنشر أربع مرات في السنة. أي كراسة في كل مرة. والكراسة في 150 صفحة بقطع
الربع (أي 22. 5 في 18. 5) وبدل الاشتراك في فرنسة 80 فرنكا و100 فرنك في الخارج. فنحن نتمنى أن تعرف في ديارنا لما تحوي من جم الفوائد.
87 -
وصف جند العرب لاغناطيوس كراتشكوفسكي
هي مقالة في 5 صفحات روسية العبارة يذكر فيها واصفها شهادات الإفرنج في وصف بسالة العرب وجراءتهم وذلك تفنيدا لمن قال أن العرب متهورون في حروبهم فاظهر بمقالته هذه ما يزيف آراء الأعداء، وأبان أن عرب اليوم هم أبناء عرب أمس لم يفسد دمهم البتة. وفي اسفل كل صفحة المستندات التي اعتمد عليها المؤلف لتحقيق ما ذهب إليه.
88 -
تاريخ مساجد بغداد وآثارها
تأليف محمود شكري الالوسي وتهذيب تلميذه (؟!) محمد بهجة الأثري، طبع بنفقة صاحب المعالي أمين عالي بك العباسي وزير الأوقاف، في 160ص بقطع الثمن الصغير في مطبعة دار السلام في بغداد سنة 1346.
تصفحنا هذا الكتاب فوجدناه مفيدا في الجملة، إذا كان القارئ على بصيرة من أمره حين المطالعة؛ إلا أنا استأنا لمعاملة الأثري أستاذه معاملة لا يليق صدورها من تلميذ بر، إذ كتب اسمه على ظهر الكتاب موازيا لاسم أستاذه تحت كلمة (تهذيب)، وقد فسر لنا هذه الكلمة في مقدمته، إذ قال:(فلم أر من اللائق أن انشره دون أن أجيل فيه لم الإصلاح والتهذيب)! ثم عقب
هذه العبارة - متبجحا - بقوله: (الذي كان ينبسط له حينما كنت أنتسخ مؤلفاته وأتصرف فيها حسبما أرى)!!! (ص3).
كما إننا أسفنا لاعتماده إطالة اللسان متخذا في ذلك تعليقاته وحواشيه وسيلة إلى غايته غير ناظر إلى موقف العراق الحاضر. راجع متلا ما قال في حاشية ص41 عند كلامه عن السيد سلطان علي: (وبعض الكذابين يدعون انه أبو احمد الرفاعي. وقد تعددت الأقوال والغاية واحدة غير انه لم يفز بها إلا المدعون بأنه أبو الرفاعي! فاتخذوا المسجد رباطا ومروابه ضرع الرزق وما زالوا يعيشون متنعمين على حساب هذا الأب المزعوم!) اهـ. وهو خلاف شريعة الإسلام: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة).
ومن هذا القبيل قوله في بحث التكية القادرية ص144: (وهي مأوى متصوفة الأكراد
القادرية. يقيمون فيها ظهر كل جمعة (حلقة ذكر)(كذا). . . حتى إذا جن جنونهم وأصابهم (الحال) عربدوا وأزبدوا وهجموا على الحيطان ينطحونها برؤوسهم فتكاد تنفلق ولا تنفلق جماجمهم. . .) اه
وقد طلبنا إلى صديقنا النقادة الفذ في العراق السيد محمود الملاح أن يبدي نظره في هذا الكتاب. فكتب إلينا هذه السطور الدالة على صحة ما ذهبنا إليه، وعلى أن رأيه يوافق رأينا وهو فكر اغلب من تصفحه.
والآن ندع الكلام لحضرة الأستاذ الملاح ريثما يتيسر لنا العود إلى ذكر ما فيه من الأوهام التاريخية والآراء الغريبة الزائفة.
(لغة العرب)
إن ضيق الوقت وعدم ملاءمة الظروف لعقبة كأداء في سبيل تصفح هذا الكتاب واروائه من ماء النقد الغالي، لذلك اكتفيت بنقد صحيفة واحدة منه لتكون نموذجا لما ينطوي عليه هذا السفر.
قال في الصفحة 85: (أنشأها (أي المستنصرية) أبو جعفر المستنصر بالله الخليفة العباسي رحمه الله تعالى دل على ذلك ما كتب على جدرانها مما هو باق إلى اليوم! منها ما كتب فوق طاق الباب الجنوبي (كذا) وهذا نصه):
ونقل هذا النص لا يتعلق بشأننا لكني الفت نظر القارئ إلى قوله (الباب الجنوبي)! أما علمي بالمسألة فإني قبل سنتين وجدت على جهة الباب الذي يلي السوق كتابة من هذا النوع لا احفظ نصها ثم رأيت طائفة من الهدامين يهدمون جبهة الباب المرسومة عليها تلك العبارات بتؤدة وعناية لإنزالها إلى الأرض سالمة فتألمت لذلك وما دريت من كان الموعز بالهدم؟
وكيفما كان، فان الكتابة لا وجود لها قبل نشر الكتاب بمدة أفما كان من المناسب ذكر ذلك؟ وما معنى قوله باق إلى اليوم؟ فتدبر!.
ثم قال: (ومنها ما كتب على الجدار المطل على دجلة من الخارج وهو مما بقي أيضاً إلى اليوم وهذا نصه:
بسم الله الرحمن الرحيم. ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون
عن المنكر وأولئك هم المفلحون. هذا ما أمر بعمله أمير المؤمنين وخليفة رب العالمين الذي طبق البلاد إحسانه وعدله وغمر العباد بره وفضله أبو جعفر المنصور المستنصر بالله قرن الله تعالى أوامره الشريفة بالنجح واليسر وجنوده بالتأييد والنصر وجعل لأيامه المخلدة جدا لا يكبو جواده ولآرائه الممجدة سعدا لا يخبو زناده في عز تخضع له الأقدار! فيطيعه عواصيها! وملك تخشع له الملوك فيملك نواصيها وذلك في سنة ثلاثين وستمائة وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين وعترته وسلم تسليما)
مع أن من يجشم نفسه المصير إلى إطلال المستنصرية التي تبعد عن جامع الحيدر خانة) (مدرسة المؤلف) بضع خطوات يرى على الجدار المذكور سطرا مرسوما بالقلم الكبير يكاد العابر على الجسر أو الواقف على شاطئ الكرخ يدرك حروفه إذا لم يكن في بصره خلل. ونصه الحاضر:
ما شاء الله كان بسم الله الرحمن الرحيم ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون. وقد كان إنشاء هذا البناء في زمن خلافة عبد الله أبي جعفر المستنصر بالله العباسي في سنة ثلاثين وستمائة وقد تجدد تعميره في زمن خلافة ظل الله الأعظم الممدود ظل رأفته على مفارق الأمم مجدد قوانين أجداده العظام سلاطين آل عثمان مجدد جهات العدل والإحسان السلطان بن السلطان حضرة السلطان عبد العزيز خان ابن السلطان الغازي محمود خان لازالت البلاد بعدالته مغمورة ولا برحت العباد بفيض إحسانه مغمورة. آمين. وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمين وعلى
آله وصحبه أجمعين وذلك في سنة اثنتين وثمانين ومائتين وألف. كتبه المذنب بكر صدقي عفى عنه) اهـ. فانظر الفرق بين النصين!!
ثم قال المؤلف: (وقد احدث إمام هذه الكتابة بعض الأبنية فبقيت خلفها والله المستعان) فأقول أنا أيضاً (والله المستعان على ما تصفون)! أن السطر المذكور بارز للعيان حيث يقبل حمالو المكوس ويدبرون ولعاب الشمس يسيل عليه طول النهار وليس إمام الجدار بناء بل فسحة تستطيع الخيل أن تخب فيها وقد رأيت بعيني في القهوة الضئيلة الملاصقة لدائرة المكوس كتابة قديمة تدل على إنها من أجزاء المدرسة ويقال أن في حوانيت باعة (الكاهي) آثار أخرى.
أفما كان جديرا بالمؤرخ العصري أن يدرج هذه النقاط ذات البال في تاريخه مع سهولة الوصول إلى محلها وتحقيقها؟!!
وإذا فتشنا عن الباعث على هذا التضارب وجدنا أن الله تعالى انعم على المؤلف (رح) بكثرة الكتب - كما انعم على المهذب (بالكسر) بكثرة الأسفار!!! وكانت الكتب إذ ذاك عزيزة المنال فكان المرحوم ينقل ويستنسخ دون تطبيق على الواقع وعلى ما يطرأ على الواقع كأن يجد في بعض الكتب العريقة في القدم أن الأمر الفلاني صفته كذا فينقله بعينه دون تنبيه إلى ما طرأ - ويأتي تلميذه (!) الأثري فيزيد في الطين بلة. ويضيف إلى القفة سلة، فإذا سمعت بكتاب له نشر في العصر الحاضر فلا تنتظرن منه إلا كتابا نشر في القرون الوسطى، ولكن أي كتاب!
فنحن نوجه سؤالنا إلى الأثري: إذا فرضنا أن مستشرقا سقط إليه هذا التأليف وكان عنده علم كامل بشأن المستنصرية وما طرأ على السطر المطل على دجلة أو قدرنا أن مستشرقا زار بلادنا ودار على هذه الإطلال مستنيرا بكتاب (مساجد بغداد) ورأى هذا التباين الفاحش فبماذا يحكم على الإمام يا ترى؟!!
محمود الملاح
كسوة الكعبة
أمر جلالة الملك ابن السعود بجلب نساجين من الهند لحياكة كسوة للكعبة وتعليم الحجازيين هذه الصناعة للاستغناء عن الغير.