الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب المُكاتبة والمذاكرة
نقد قصة مها
سيدي صاحب مجلة لغة العرب الغراء:
تحية واحتراماً. أما بعد فأشكر لكم تشريفي بالنظر في قصة (مها) ونقدها بواسع علمكم في مجلتكم اللغوية الفريدة التي تعد بحق من مفاخر النهضة اللغوية العصرية، كما أشكر لكم شجاعتكم الأدبية الشريفة الجديرة بأن يؤتم بها، ولا غرو ففضيلتكم أمام اللغة الأسبق في هذا العصر. والقليل الذي تعرفونه عني يغنيكم عن تأكيدي بأني من يرتاح إلى نقدكم أوفى ارتياح لأنه النقد المؤسس على النزاهة والغيرة اللغوية والرغبة في بلوغ الكمال المستطاع. وثقتي هذه برجاحة رأيكم وشرف قصدكم هي التي تدفعني وستدفعني للتعليق على كتاباتكم الحاضرة والمستقبلة لإغراض ثلاثة: أولها زيادة الاستفادة وتبادل الآراء وثانيها تبرير (؟) حسن ظنكم بشخصي الضعيف في المواقف التي يتبادر إلى ذهنكم فيها أني قصرت عن عجلة أو إهمال أو غير ذلك من موجبات التقصير، وثالثها تنشيط حركة النقد التي يتهارب منها معظم الأدباء حتى أصبح النقد الأدبي في العلم العربي أقرب إلى الهزل من الجد (؟) لجنوحه أما إلى المجاملة المرذولة وأما إلى التحامل البغيض مما لا يجدي الأدب أقل جدوى.
إن عنايتكم بنقد هذه القصة لمما يشجع مثلي الذي ينزع إلى خدمة القصص الشعري بغض النظر عن موضوع القصة ذاتها، وأملي أن تسمح الصحة والعمر بأداء بعض هذا الواجب الذي طال على شعراء العربية إغفاله. وما أشك في أن غيري من محبي الشعر القصصي الساعين لنهضته وإعزازه سيشاركونني في هذا التقديم لغيرتكم الأدبية السمحة.
أشرتم إلى أغلاط طبع كثيرة في ضبط الألفاظ وذكرتم مثلين لذلك،
والواقع أن هذه ليست من أغلاط الطبع (لا سيما والقصة مطبوعة بعناية وافية) وإنما هي طريقة الشكل المصرية التي ترمي إلى مراعاة الأعراب أكثر من مراعاة النطق خصوصاً وهمزات الوصل مفروض عدم النطق بها، وأشرتم إلى خطئي في قولي (عادلة القوام) على اعتبار أن المعنى المقصود (معتدلة القوام)، ولكن هذا غير مقصود مني إلَاّ تلميحاً بينما المقصود
معنى شعري أدق، كثير الورود في الشعر الغنائي المصري: وهو أن قوامها بار بنظرات عاشقيها ولولا شيوع هذا التعبير في مصر لشرحته. وقد سبق إلى ذلك الشاعر ابن نباتة السعدي بقوله:
أمير جمال والملاح جنوده
…
يجوز علينا قده وهو عادل
وتفضل يا سيدي الأستاذ بقبول احترامي الوافر لكم وإعجابي بفضلكم وشكراني لعطفكم.
الإسكندرية 22 فبرير 1927
المخلص: أحمد زكي أبو شادي
(لغة العرب) كل من وقف على قصائد نابغة الشعر العصري القصصي المدرجة في هذه المجلة وفي سائر ما نشر للأستاذ في كتب قائمة بنفسها أو في أشهر المجلات المصرية والسورية والعراقية وغيرها يشهد أن البرود التي توشيها أنامل صديقنا العبقري لا تعارض بشيء مما ينظمه الغير، دع عنك ما هناك من التدفق والسلاسة في التعبير عن الأفكار وتنسيق الصور بأبهى الألوان وأزهاها. إننا نستزيد شاعر العصر من هذه الحلل المتباينة الأصباغ ونشكره باسم جميع الأدباء والشعراء المنتشرين في الأصقاع العربية اللسان على اتخاذ هذا الطرز الجديد في تصوير المعاني إلَاّ أننا نطلب إليه أن لا يجنح إلى الضرائر الشعرية إلَاّ في الندرة وأن كان ما يلجأ إليه هو القليل النزر.
ولقد أفادنا الصديق عن أمر كنا نجهله وهو استعمال كلمة (العادل) بالمعنى الذي أشار إليه. وما علينا إلَاّ أن نحرص على تقييدها في كتبنا إذ كنا نجهل وجودها.
ونحن نشاركه في استعمال الألفاظ المولدة إذا شاعت بمعنى لم يكن يعرفه الأقدمون؛ ولا سيما لأن الاستعمال هو أحسن دليل ليملي على الشاعر ما يريد أن يبوح به.