الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقتطفات من كتاب الحوادث الجامعة لابن الفوطي
تتمة
ذكر نقل المستنصر بالله من مدفنه بدار الخلافة إلى الترب بالرصافة
في ليلة جمعة حادي عشر شعبان أرادوا نقله فهبت ريح منعت من ذلك. فقال جمال الدين أبو الحسن المخرمي ارتجالا:
تحركت الرياح الهوج لما
…
أريد بكعبة الجود ارتحالا؟
وقالت من يعلمني سخاء
…
أهب به ويغمركم نوالا
فقلت لها: خليفة المرجى
…
إمام العصر فانقلبت شمالا
فنقل في ليلة السبت ثاني عشريه إلى موضع كان قد أعده لنفسه مدفنا وبنى عليه قبة. وكانت صورة نقله أن تقدم إلى كافة الزعماء ما عدا أصحاب المشاد والى المماليك وكافة مشايخ الربط والصوفية والفقهاء والمدرسين ما عدا مدرسي المستنصرية والنظامية بالتوجه على طريقة مشرعة الرصافة وتقدم إلى من عداهم أن يقصدوا دار الخلافة بغير الطريق وان يرفع القضاة والمدرسون الطرحات والعدول الطيالسة وأرباب العز عزرهم وأصحاب المشاد مشادهم ويركب الزعماء بالأقبية البيض والسرابيش وأرباب الدولة كل واحد منهم بقميص ابيض وبقيار ابيض مسكن وغاشية قند (؟) فركبوا وقصدوا دار الوزارة ما عدا مجاهد الدين الدويدار الصغير وعلاء الدين الدويدار الكبير وأستاذ الدار مؤيد الدين محمد بن العلقمي. فلما تكمل من عدا هؤلاء في دار الوزارة تقدم إليهم يقصد دار الخلافة والدخول بباب عليان إلى صحر (صحن؟) السلام فمضوا هناك قبل غروب الشمس. وأما الوزير ابن الناقد فانه خرج في محفة ودخل من باب البانمي
(؟)(لعلها القائمي) ثم قصد هؤلاء كلهم دجلة فخرج الصندوق الذي فيه الخليفة فلما عاينوه قبلوا الأرض وأعلنوا بالبكاء. ثم حط في شبارة طويلة يجذف فيها خمسة عشر ملاحا في صدرها قبة مجللة بسجاف أطلس اسود ونزل فيها الشرابي وأستاذ الدار وابن درة المعمار فوقفوا بين الصندوق ولم ينزل الوزير لعجزه عن القيام. ونزل جميع أرباب الدولة والأمراء في سفن قياما بين أيديهم شموع كبيرة. فلما وصلوا مشرعة الرصافة رفع الصندوق على الرؤوس
وامتد الناس كلهم بين يديه إلى التربة فدفن رحمه الله في الموضع الذي أعده ثم فرقت الربعة الشريفة وقرأت. . . (هذه النقاط في الأصل المهدى) وأهديت له وانصرف الناس قبيل نصف الليل ثم ترددوا إلى الترب يوم الأحد ويوم الاثنين (و) في كل يوم تقرأ الختمة ويتكلم (جمال الدين أبو الفرج بن الجوزي) ويدعو العدل شمس الدين علي بن النسابة ونقيب النقباء ونائبه.
في شعبان تقدم إلى (جمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي) أن يجلس بالوعظ بباب بدر ورتب العدل شمس الدين علي بن النيار شيخا لرباط الحريم.
سنة 641 (1243 م) فيها تقدم الخليفة إلى (جمال الدين عبد الرحمن بن الجوزي) المحتسب. . .
وفيها نفذ (محيي الدين يوسف بن الجوزي) رسولا إلى ملك الروم كيخسرو بن كيقباذ فاجتمع به في إنطاكية فلما عاد حكى أشياء غريبة منها أن النساء يتعممن كالرجال والرجال يلبسون السراقوجات. . .
سنة 642 (1244 م) في هذه السنة سير الملك الصالح أيوب. . . عسكرا إلى مدينة دمشق فنزلوا عليها. . . وكان الملك الصالح إسماعيل. . . صاحب دمشق فيها فضج. . . فراسل ابن عمه الملك الصالح أيوب. . . فأسفرت القاعدة على أن يتفرد الملك الصالح إسماعيل بملك باعلبك (بعلبك) ويمضي بأهله إليها فأجاب إلى ذلك وخرج ليلا وأرسل الملك الصالح أيوب إلى الخليفة عبد الرحمن ابن عصرون يخبره بذلك فأرسل الخليفة إليه التقليد والخلع مع (جمال الدين عبد الرحمن بن الجوزي) الواعظ مدرس الحنابلة بالمدرسة المستنصرية فتوجه ابن
عصرون صحبته.
سنة 644 (1246 م) وفيها وقع الشروع في عمارة مسناة دار على شاطئ دجلة في بستان الصراة المنتقل إلى الخليفة من البهلوان ابن الأمير فلك الدين محمد بن سنقر وتولى العمل في ذلك أستاذ الدار (محيي الدين يوسف بن الجوزي) فسأل في بعض الأيام المشاهر عن اسمه فقال: (خالد) فقال:
نظرت إلى الخلد الشريف بفكرتي
…
فبشرني أن الخليفة خالد
إذ الاسم معناه الخلود حقيقة
…
وأكده اسم المشاهر خالد
سنة 645 (1247 م) فيها احضر مدرسو المستنصرية إلى دار الوزير وتقدم إليهم أن لا يذكروا شيئا من تصانيفهم ولا يلزموا الفقهاء بحفظ شيء منها بل يذكروا كلام المشايخ تأدبا معهم وتبركا بهم وأجاب (جمال الدين عبد الرحمن بن الجوزي) مدرس الحنابلة بالسمع والطاعة. . .
سنة 653 (1255 م) ذكر ولاية (ابن الجوزي) أستاذ الدار. في تاسع ربيع الأول مضى صلاح الدين عمر بن جلدك إلى (محيي الدين يوسف بن الجوزي) وهو في منزله بباب الازج فاستدعاه فركب - وقد رفع الطرحة - إلى الدار المقبلة لباب الفردوس المرسومة بسكنى الأستاذ دارية وأجلسه في المنصب من غير أن يخلع عليه وشافهه بالولاية ودخل الناس إليه مهنئين له وركب من الغد في جمع عظيم إلى دار الوزير فجلس عند مؤيد الدين نائب الوزارة ساعة ثم عاد إلى داره.
وفيها رتب (جمال الدين عبد الرحمن الجوزي) مدرسا لطائفة الحنابلة بالمدرسة المستنصرية وخلع عليه وأعطي بغلة وتقدم إلى صاحب الديوان فخر الدين بن المخرمي وجميع أرباب المناصب بالحضور إلى المدرسة فحضروا ورتب (أخوه شرف الدين عبد الله) محتسبا عليه. وخلع عليه من غير أن يشهد عند القاضي. ولم يعلم أن محتسبا تولى غير شاهد سواه.
وقد نظم عز الدين أبو الحسن علي ابن إسامة العلوي قصيدة يهنئ بها أستاذ الدار مما تجدد لولديه. يقول فيها:
مولاي (محيي الدين) يا مولى به
…
كل البرية في الحقيقة يقتدي
أنت المهنا بالذي قد خول
…
(ولداك) أم نفس العلى والسؤدد
وهل البشارة للمراتب والذي
…
ولياه أم لك يا كريم المحتد
قد قلت حين رأيت كلا منكما
…
كالبدر في جنح الظلام الأسود
هذان ما خطبا المراتب إنما
…
خطبتهما المناقب لم تجحد (؟)
وهما من القوم الالى خدماتهم
…
شرفا تصير لسيد عن سيد
ولانت مولانا المليك من الورى
…
وهما أحق بمسند ومسند
انتم لدين محمد شيدتم
…
علما به وكذاك مذهب احمد
فالله يجزي الخير كلا منكم
…
عن احمد وعن النبي محمد
وكذاك يرعاكم بعين عناية
…
ويمدكم منه بعمر سرمد
سنة 653 (1255 م) وفيها فتحت المدرسة البشيرية بالجانب الغربي من بغداد وتجاه قطفتا التي أمرت ببنائها حظية الخليفة المستعصم أم ولده أبي نصر المعروفة بباب بشير وجعلتها وقفا على المذاهب الأربعة على قاعدة المدرسة المستنصرية ووقفت عليها وقوفا كثيرة قبل فراغها. وكان فتحها يوم الخميس ثالث عشري جمادى الآخرة وحضر الخليفة وأولاده فجلسوا في وسطها وحضر الوزير وأرباب المناصب ومشايخ الربط والمدرسون وكان المدرس بها سراج الدين النهرقلي أقضي القضاة (وشرف الدين عبد الله بن أستاذ الدار محيي الدين بن الجوزي) ونور الدين محمد بن العربي الخوارزمي الحنفي وعلم الدين احمد بن الشرمساحي المالكي. وعملت وظيفة عظيمة وخلع على المدرسين المذكورين وعلى الناظر بها ونواب العمارة والفراشين وخدم القبة وأنشدت الأشعار وكان يوما مشهودا. وكانت وفاة البشرية في السنة الماضية على ما ذكرنا.
سنة 656 (1258 م). . . ثم عين على بعض الأمراء فدخل (هولاكو) بغداد ومعه جماعة ونائب أستاذ الدار (ابن الجوزي) وجاءوا إلى أعمام الخليفة وأنسابه الذين كانوا في دار الصخر (؟) ودار الشجرة فكانوا يطلبون واحدا بعد آخر فيخرج بأولاده وجواريه فيحمل إلى مقبرة الخلال التي تجاه المنظرة فيقتل
فقتلوا جميعهم عن أخرهم. ثم قتل مجاهد الدين ايبك الدويدار الصغير وأمير الحاج فلك الدين محمد بن علاء الدين الطبرسي الدويدار الكبير وشهاب الدين سليمان شاه بن برجم وفلك الدين محمد بن قيران الظاهري وقطب الدين سنجر البكلكي - الذي كان شحنة بغداد وحج بالناس عدة سنين - وعز الدين ابقرا شحنة بغداد أيضاً (ومحيي الدين ابن الجوزي أستاذ الدار وولده جمال الدين عبد الرحمن وأخوه شرف الدين عبد الله وأخوه تاج الدين عبد الكريم) وشيخ الشيوخ صدر الدين علي بن النيار وشرف الدين عبد الله ابن أخيه وبهاء الدين داود ابن المختار والنقيب الطاهر شمس الدين علي بن المختار وشرف الدين محمد بن طاووس وتقي الدين عبد الرحمن ابن الطبال وكيل الخليفة.
وأمر بحمل راس الدويدار وابن الدويدار الكبير وسليمان شاه إلى الموصل فحملت وعلقت
بظاهر سور البلد ووضع السيف في أهل بغداد يوم الاثنين خامس صفر وما زالوا في قتل ونهب واسر وتعذيب الناس بأنواع العذاب واستخراج الأموال منهم باليم العقاب مدة أربعين يوما فقتلوا الرجال والنساء والصبيان والأطفال. فلم يبق من أهل البلد ومن التجأ إليهم من أهل السواد إلا القليل ما عدا النصارى فانهم عين لهم شحاني حرسوا بيوتهم والتجأ إليهم خلق كثير من المسلمين فسلموا عندهم. وكان ببغداد جماعة من التجار الذين يسافرون إلى خراسان وغيرها قد تعلقوا من قبل على أمراء المغول وكتب لهم فرامين فلما فتحت بغداد خرجوا إلى الأمراء وعادوا (و) معهم من يحرس بيوتهم. والتجأ أيضاً إليهم جماعة من جيرانهم وغيرهم فسلموا وكذلك دار الوزير مؤيد الدين ابن العلقمي - فانه سلم بها خلق كثير - ودار صاحب الديوان ابن الدامغاني
ودار صاحب الباب ابن الدوامي. وما عدا هذه الأماكن فانه لم يسلم فيه أحد إلا من كان في الآبار والقنوات. واحرق معظم البلد وجامع الخليفة وما يجاوره. واستولى الخراب على البلد وكانت القتلى في الدروب والأسواق كالتلول ووقعت الأمطار عليهم ووطأتهم الخيول فاستحالت صورتهم وصاروا عبرة لمن يرى.
ثم نودي بالأمان فخرج من تخلف وقد تغيرت ألوانهم وذهلت عقولهم لما شاهدوا من الأهوال التي لا يعبر عنها بلسان وهم كالموتى إذا خرجوا من القبور يوم النشور من الخوف والجوع والبرد.
وأما أهل الحلة والكوفة فانهم انتزحوا إلى البطائح بأولادهم وما قدروا عليه من أموالهم وحضر أكابرهم من العلويين والفقهاء مع مجد الدين ابن طاووس العلوي إلى حضرة السلطان وسألوا حقن دمائهم فأجاب سؤالهم وعين لهم شحنة فعادوا إلى بلادهم وأرسلوا إلى من في البطائح من الناس يعرفونهم ذلك فحضروا بأهلهم وأموالهم وجمعوا مالا عظيما وحملوه إلى السلطان فتصدق عليهم بنفوسهم. اه
نتيجة بحثي
ويبين لنا مما ذكر أن مؤلف كتاب مناقب بغداد هو - على الأرجح - أبو الفرج، عبد الرحمن، جمال الدين بن محيي الدين، يوسف، أبي محمد بن أبي الفرج عبد الرحمن، جمال الدين، ابن الجوزي وقد قتل المؤلف في بغداد على ما رأينا.
إن الشواهد التي أتيت بها بقصد تعريف ابن الجوزي مصنف المناقب وما أتيت بغير ذلك جاءت نموذجا من الكتاب الذي ارتأى عنه الأثري في نقده (نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق) لغنيمة ما قوله بحرفه:
(ومما يؤخذ عليه (على غنيمة) أيضاً انه نقل في مواضيع عديدة حكايات مزخرفة بادية عليها أمارات الوضع عن كتاب مخطوط لمؤلف مجهول واسمه (تاريخ العراق في عهد المغول) ولا نعرف كيف جاز له الاعتماد عليه وهو لا يعرف مؤلفه). اهـ (مجلة الحرية البغدادية 2 (1925): 288)
وبعد أن شك الأثري في أن المناقب لغير ابن الجوزي المتوفي في سنة 597هـ وجاء في تضاعيف الكتاب ما لا يقبله العقل من أمر عدد الحمامات فليسمح لي