المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مشيخة آل سعدون في المنتفق وسبب انحلالها - مجلة لغة العرب العراقية - جـ ٥

[أنستاس الكرملي]

فهرس الكتاب

- ‌العدد 45

- ‌سنتنا الخامسة

- ‌تصاوير عربية وإسلامية

- ‌صور وأنغام

- ‌الأمثال العامية البغدادية

- ‌خواطر في اسم الآلة

- ‌مشيخة آل سعدون في المنتفق وسبب انحلالها

- ‌كتب في خزائن إيران

- ‌فَوائِد لُغَوِيَّةُ

- ‌باب المُكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلةٌ وأجوبةٌ

- ‌بابُ المُشَارفَة والانتقَادِ

- ‌باب التقريظ

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 46

- ‌بسمى أو أدب

- ‌مخطوطة في تراجم علماء الموصل

- ‌الأمثال العامية البغدادية

- ‌مشيخة آل سعدون في المنتفق وسبب انحلالها

- ‌كنوز أور الكلدان

- ‌الفعل المهموز

- ‌فَوائِدْ لُغَوَيَةٌ

- ‌بابُ المكَاتَبَة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌بابُ المُشَارفَةَ وَالانتَقاد

- ‌بابُ التَقْريظِ

- ‌تاريخُ وَقَائع الشَهرِ في العِرَاقِ وَما جَاوَرَهُ

- ‌العدد 47

- ‌الحركات العربية المجهولة

- ‌قشعم في التاريخ

- ‌أصل علامة الاستفهام عند الإفرنج

- ‌بعض مدن البطائح القديمة وقراها

- ‌تسلط الفرس على الهند القديمة

- ‌الفعل المعتل في لغة عوام العراق

- ‌الشيخ محمد رضا الخزاعي

- ‌أصل الحرف الإفرنجي في الرياضيات

- ‌كتاب خط في الحماسة

- ‌كتاب المقامات لابن الألوسي

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارقة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق ولما جاوره

- ‌العدد 48

- ‌علم القوميات العراقية

- ‌بدر القرن العشرين

- ‌راوندوز

- ‌حضوضى

- ‌أهم خزائن كتب إيران

- ‌العمادية

- ‌ابن الجوزي

- ‌ثأر الموت

- ‌سر عمادية

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المذاكرة والكتابة

- ‌نظرة في مقالة وردت في مجلة المسرة

- ‌حول مخطوطة دمشق

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 49

- ‌أسرة ترزي باشي

- ‌السحر الحلال

- ‌بنجوين

- ‌أوابد الولادة

- ‌تاريخ الطباعة العراقية

- ‌أصل علامة الفصل عند الغربيين

- ‌صروف

- ‌اتقاء البيضة

- ‌غادة بابل

- ‌فوائد لغوية

- ‌المفترجات

- ‌أبرطيلات ليس من أصنام العرب

- ‌الهيرغليف

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 50

- ‌سعد زغلول

- ‌مأتم أمة

- ‌اصل بيت لحم

- ‌القلم

- ‌الحوادث الجامعة والتجارب النافعة في المائة التاسعة

- ‌المضارع في لغة العوام

- ‌غادة بابل

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 51

- ‌نيرب ومكشوفاتها

- ‌الحب الضرير

- ‌الخرز ومعتقداته

- ‌مقتطفات من كتاب الحوادث الجامعة لابن الفوطي

- ‌الوفاء الحي

- ‌تحقيق مواقع بعض المواضع القديمة

- ‌غادة بابل

- ‌إلى سعد

- ‌فوائد لغوية

- ‌الأفصح من كلام العرب

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة واجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 52

- ‌حريم دار الخلافة وباب التمر في التاريخ

- ‌في سجن الثورة

- ‌أخبار ملوك قدماء العرب

- ‌السفن والمراكب في بغداد

- ‌الأيام في المعتقدات

- ‌تحقيق بعض أعلام مدن قديمة

- ‌السليفانية

- ‌غادة بابل

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 53

- ‌الشعر العامي وأنواعه

- ‌الأبوذية في اللغة العامية

- ‌خزائن إيران

- ‌تاريخ مطبعة الحكومة في الموصل

- ‌أشهر مدن البطائح الحالية

- ‌اعتراف

- ‌كتب على وشك الظهور

- ‌تصريف المضارع السالم

- ‌غادة بابل

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق والمجاورة

- ‌العدد 54

- ‌إلى القراء

- ‌رواية ليلى وسمير

- ‌كتب تطبع

- ‌أسماء البصرة

- ‌فَوائِد لُغَويَةُ

- ‌بابُ المُكَاتَبَة والمذاكرَة

- ‌رسالة السواك

- ‌أسَئلةٌ وَأجْوبةٌ

- ‌بابُ التَقريظ

- ‌بابُ المُشَارفَةَ والانتقاد

- ‌تاريخُ وَقائِعِ الشَهرِ في العِرَاقِ وَما جَاوَرَهُ

الفصل: ‌مشيخة آل سعدون في المنتفق وسبب انحلالها

‌مشيخة آل سعدون في المنتفق وسبب انحلالها

- 2 -

لا ينكر أن ذلك التطور - وقد عقبه الارتكاس - لم يحدث شيئاً مهماً في هذه الأنحاء ولابد للمصنف أن يذهب إلى أن قلب هذه الإرادة ظاهري سهل لكنه عسر؛ فلم يكن الأمر من الهنات الهينات يوم كان جيش الحكومة جيشاً لا يعتد به منه ما يسمى بال (هايته) والموظفة تلك الفئة المعروفة بمساوئ

ص: 84

الأخلاق وتشويش النظام ومن هم على هذه الشاكلة من الجنود، ولا وسائط للسفر وللنقل إذ ذاك لدى الحكومة إلَاّ ظهور الخيل والإبل والبغل والحمير والسفن الشراعية ولا وسائل لها لإيصال الأخبار من هذه الأنحاء النائية وإليها إلَاّ السعاة وهم يمرون في سيرهم بأرضين قطانها لا يقلون بداوة عن أهل الديار ويتفانون في حفظ ابتعادهم عن سيطرة الحكومة. فضلاً عن تلك الأحوال - وجميعها بجانب آل سعدون - هناك عامل آخر هو أن آل سعدون

ص: 85

في ديارهم فموقفهم موقف مدافع يكافح عن نفسه كلما أختلف في الأمر وناوأتهم الحكومة. ولهذا كان آل سعدون أقوياء أشداء يصعب على الحكومة تذليلهم ورضخهم. ومع إقرارنا بذلك كله علينا ألا نسهو أن ديار المنتفق لم تكن إلَاّ مشيخة تعتمد على نفسها لا على غيرها فلا تستمد قوة من ناحية أخرى وأن نابهي آل سعدون كانوا يتزاحمون على مشيخها إذ كل منهم يرى في نفسه الكفاية لمسندها. ولقد زاد موقفهم حرجاً بعد أن بدأت الحكومة بإيفاد ولاتها من الأستانة إلى العراق وعدلت عن أقطاعه للولاة مقطوع مسمى، وبعد أن تعددت الدخانيات وهي تمخر الفرات ودجلة وأن كانت الدخانيات في عهد طفولتها بالعدد والحجم وهي تحرق الأحطاب النابتة على ضفاف الرافدين لبعد منال الفحم الحجري. وجاء آل سعدون شيء آخر لم يكن في الحسبان هو مد سلك البرق فكان يطير الأخبار فأصبح هذا العصر بدخول هذه الاختراعات في العراق عصر تجدد فعل في نفوس المنتفق وآل سعدون ما تفعله اليوم الاختراعات الحديثة في النفوس ولا سيما في نفوس الأعراب.

ولما أزفت ساعة فتح ترعة السويس (1869م - 1286هـ) التي كان ينظر المفكرون إلى ما ستحدثه في الشرق وفي اجتماعياته واقتصادياته جاء اتفاقاً نصب مدحت باشا المعروف

بمقدرته وحنكته والياً على العراق فدخل بغداد في 18 المحرم سنة 1286هـ (نيسان 1869م) وهو يجزم على تطبيق نظام الولاية وهي أصول حديثة وضعت سنة 1281هـ (1864م) وقد عهد إليه تطبيقها فأنصرف يسعى في انتقاء الأسباب التي توصله إلى الغاية التي يتوخاها في رفع مستوى القطر العراقي وانبرى يشوق الأهليين بهمة ونشاط للسير مع مدنية العصر. ولقد استرعى نظره اختراع البواخر والسلك البرقي فذكرهما في بحثه

ص: 86

عن لزوم أتباع الرقي البصري في خطاب أورده في بغداد عقب قراءة فرمان توليته على العراق. ولعله أراد بذلك أن يشير من طرف خفي بما عند الحكومة من الوسائل الجديدة لاستمالة من كان يظن فيه المخالفة لآرائه.

ومما قام به هذا الوالي في باب إدارة العشائر أنه أستقدم إلى بغداد الشيخ ناصر باشا المتربع على مسند المشيخة يومئذ وكان قد بقي من مدة مشيخته مدة قليلة فقدم الشيخ ناصر باشا في 21 ربيع الأول سنة 1286 (1869م) فأبان له الوالي خطة التجدد التي يجب السير عليها فرغبة في قبول تحويل المشيخة إلى متصرفية بالفعل لا بالاسم مع بناء حاضرة في أرجاء المنتفق تسمى (الناصرية) وعدد له حسنات الاستقرار في موضع والعدول عن الحل والترحال والسعي وراء ترقية الزراعة. فتفرس الشيخ ناصر باشا في الأمر ففقهه وعلم أم وراء الأكمة ما وراءها من أن الحكومة قد صممت على ما ترتبه وأن وسائل المقاومة التي لديه لا تجديه نفعاً فلا ممكن من ردع الحكومة عن مبتغاها فأنصاع للأمر وعين متصرفاً وعين معاوناً له قائم مقام الهندية السابق صاحب الرفعة عبد الرحمن بك ونائباً عبد القادر أفندي الآلوسي ومحاسباً الحاج سعيد أفندي من موظفي محاسبة الولاية.

وفي 2 جمادي الأولى من تلك السنة ركب ناصر باشا الدخانية عائداً إلى المنتفق وفي 17 من الشهر شخص من بغداد إلى المنتفق المحاسب الحاج محمد سعيد أفندي ومعه رفقاؤه الكتبة ثم أسفرت الحالة عن أجراء الترتيبات والتنظيمات الإدارية أسوة ببقية الألوية طبقاً لنظام الولاية. وجاء في ذلك التطور بناء الناصرية وتفويض الأراضي الأميرية بسندات الطابو تبعه القانون.

مر بك في ما تقدم تطور المشيخة حتى صارت متصرفية ليست أذن المتصرفية بنت

الساعة - كما يظنها كثيرون وينسبها بعضهم إلى استسلام ناصر باشا -

ص: 87

إنما هي بنت أعوام كثيرة بعيدة ولقد رأينا أن الكوزلكلي هيأ الأرض لهذه البذرة وجاء نامق باشا فزرعها وبعد بقائها في الأرض الوقت اللازم نبتت في موسم لاءمها إذ قد أودعت العناية بالعراق إلى يد مدحت باشا العاملة وهو ذاك الرجل الذي لا حاجة إلى الإفاضة في تعريف كفايته ومقدرته، فكانت الأحوال تقضي وقوع هذا الانقلاب لا محالة شاء آل سعدون أو أبواه، ومن حسن حظهم - وعلى رأسهم ناصر باشا - أنهم أدركوا المسألة فقبلوا هذا القلب والتغيير ولم يعارضه معارض منهم. ولولا هذا التفاهم والرضا لأضاعوا بصفقة واحدة المشيخة والتفوض في الأراضي والتصرف فيها على الوجه القانوني ولعادوا يجرون ذيول الخيبة واليأس.

أما قول القائل أن تفوض آل سعدون في الأرض وتصرفهم فيها في لواء المنتفق تبعاً لقانون الأراضي ونظام الطابو قد حدد حربتهم في التمسك المشيخة فصدهم عن استعمال ما يفرضه عليهم واجبها من الدفاع عنها فأدى بهم هذا التفوض في الأرض والارتباط بها إلى فقدان المشيخة. فهو قول لا أعده وجيهاً لأنهم قبل عهد مدحت باشا بل قبل عهد الكوزلكلي كانوا مرتبطين بالأرض أريد بهذه الأرض أملاكهم الواسعة المغروسة نخلاً باسقاً تلك الأملاك التي يعرفها من له أقل المام بأملاك البصرة التي تحيط بها على مسافات بعيدة. وعلي أن أعترف أن مشيخة المنتفق لم تكن مقصورة على لواء المنتفق الحالي بل كانت تمتد إلى آخر حدود الفاو من جهته الجنوبية ومع هذا فأن تملك آل سعدون على الأرض وارتباطهم بها لم يؤد بهم إلى التخلي عن المشيخة. ولا بد للمعترض أن يتخذ هذا الإقرار حجة يدعم بها رأيه القائل بأن ارتباطهم بالأرض في لواء المنتفق هوى بهم إلى النزوح إلى المشيخة. ولكني أخالفه في ما ترتئيه إذ أني أجد أن سبب تقلص ظل المشيخة هو غير هذا. وأني لأجده في انتباه الحكومة

- ولو انتباهاً خفيفاً - بانتهازها الفرص بعد اطمئنانها من طمع جارتها فارس بالبصرة وحدود العراق وإيقاعها بالوهابيين وما أكثر المرار التي كانت تستعين الحكومة بآل سعدون وتتذرع بهم لدفع هذه الغوائل والشدائد وكانت تعرف نفسها مضطرة إلى السكوت عن آل سعدون وترغب في استمالتهم.

ص: 88

ولما صفا للحكومة الجو وغدت تنام ناعمة البال مطمئنة عن هاتين الطامتين ثم إزالة حكم المماليك وأرادت أن تبدي شيئاً من الإصلاح الموعود به أخيراً في خط كلخانه تخطت إلى المشيخة في أنحاء البصرة في الجنوب والسماوة في الشمال الغربي فلم يسع آل سعدون أن يصدوها عن أرادتها فتسامحوا معها عن هذه الأصقاع حفظاً للباقي وحذراً من مصادرتها تلك الأملاك العزيزة وبعد أن فازت الحكومة فوزاً بعد فوز - رأينا منه نبذاً في مطاوي المقال - وتم لها الأمر هناك أطعمها بالباقي هذا الفوز المتعقب خطة البتر والإفراز وهو لا شك كان يجر بالمشيخة إلى الاضمحلال فلا يمسي آل سعدون إلَاّ لا علاقة لهم بلواء المنتفق بصورة باتة.

لقد عرفنا أن في العهد الأخير كانت قد قلت عند الحكومة تلك الموانع التي كانت تلجئها إلى البقاء على الحالة السابقة فتمكنت من تضييق تلك الدائرة الوسيعة. ثم ولدت الليالي العوامل الجديدة التي ذكرتها وهي: تعدد البواخر وانتظام الجنود إلى درجة وفتح ترعة السويس ومد سلك البرق فغدا آل سعدون يخافون إمكان تسلط الحكومة عنوة على ديرة المنتفق كلها لتلحق القضاء على المشيخة بما كانت قد أزالته منها سابقاً في لواء البصرة والسماوة وربما أدى تدبير الحكومة بها إلى مصادرة أملاك آل سعدون الواقعة في لواء البصرة. وهو أمر يحذره جميعهم كما كان قد خلفه الشيخ منصور بك (باشا) وغيره مراراً.

وصفوة القول عندي أن انتباه الحكومة وما ملكته من الوسائل ذلك الانتباه الذي أزال آل سعدون عن أنحاء البصرة والسماوة هو نفسه غدا يسري على ما بقي من المشيخة فيفعل فعله بالتدريج، ولو لم يكن لآل سعدون أملاك في أنحاء البصرة لخرجوا من هناك صفر الأيدي ولأنتابهم الأمر على هذا الوجه في لواء المنتفق لو لم يرضوا بالتفوض في الأرض والتصرف فيها بالطابو ولامسوا في هذا اللواء ومعهم آل شبيب لا يملكون قيد شبر وباتوا فيه غرباء لا ناقة لهم فيه ولا جمل. فقبول آل سعدون بالتفويض في الأرض والتصرف

ص: 89

فيها على الوجه القانوني جعلهم ذوي علاقة أكيدة في هذا اللواء مع خلو يدهم من الحكم وأن تدبيرهم لتدبير رشيد تركوا فيه جانباً الآمال في البرق الخلب وتمسكوا بالحقيقة على سبيل مالا يدرك كله لا يترك جله.

وليس هذا التطور خاصاً بآل سعدون وحدهم بل أن جميع المشايخ لكبار للعمائر المتمدرة

كالخزاعل وزبيد (بالتصغير) وكانوا ذوي بأس وصولة سجلها لهم التاريخ في صفحات عديدة لم يبقوا على ما كانوا عليه ولا سيما بعد تنظيمات مدحت باشا فقد ضئلت تلك المشايخ الكبار وضمرت ولقد فقدت الحكم في عشائرها وقعدت عنه شأن التمدر والحضارة. كما دالت الأيام على مشيخة (ابن قشعم) الملقب ب (شيخ العراقيين) الذي حطم الحدثان عزه البدوي الأثيل.

وفي هذا السبيل لنا مثال شبيه بذلك في الشمال هو أسرة بابان. حكام الأكراد ذوي الشأن العظيم، وقد ملأت وقائعهم قسماً مهماً من تاريخ العراق.

ويستنتج من ذلك كله أن لا مسوغ للقول أن مشيخة آل سعدون هوت وانحلت عراها بقبولهم بتفوضهم القانوني في الأرض لواء المنتفق وتصرفهم فيها على هذا الوجه.

هذا ما أرتئيه، ولكل رأيه والله أعلم.

بغداد في 24 شباط 1927

يعقوب نعوم سركيس

ص: 90