الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مخطوطة في تراجم علماء الموصل
في القرن الثاني عشر للهجرة
تمهيد
من المجاميع التي وقفت عليها في دمشق مجموعة تاريخية ظهر لي من ملاحظات كثيرة أنها من خزانة المرحوم الشيخ أبي الفضل محمد خليل المرادي مؤلف تاريخ (سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر) المطبوع في أربعة أجزاء طبع الأول والثاني وأقل من نصف الثالث في الأستانة وطبع باقي الثالث والرابع في بولاق بمصر وذلك سنة 1291 و 1301هـ. وقد اعتمد المرادي على هذه المخطوطة في تراجم الموصليين كما اعتمد في تراجم الحلبيين على ابن ميرو ومسودة هذا عند الصديق المؤرخ الشيخ كامل الغزي في حلب والمبيضة بهذه المجموعة الحاوية كثيراً من الفوائد غير هاتين الرسالتين. أما المرادي فتوفي سنة 1206هـ.
فلهذا عارضت هذه المخطوطة الموصلية بما كتبه المرادي في (سلك درر) ووضعت هذه المقالة تعريفاً للمخطوط وإظهاراً لمصادر تاريخ المرادي:
وصف المجموعة
هي رسالة في أربعين صفحة بقطع الربع وبخط نسخي ديواني عليه مسحة من الطلاوة وقد تغير الخط في بعض الصفحات بزيادة بعض التراجم كما سيجيء ولقد بحثت عن مؤلف هذه الرسالة الموصلية فلم أقف على حقيقة اسمه وقد جاء في صدرها هذه العبارة أنقلها بالحرف:
(هذه أوراق في ترجمة بعض العلماء والشعراء والأدباء الناشئين في بلدة موصل الخضراء (كذا) في تاريخ المائة الثانية عشر (كذا) من هجرة سيد البشر والذين هم (كذا) قبل المائة بسنين الخ)
وعند معارضة الرسالة بتراجم السلك قرأت في الجزء الرابع منه والصفحة ال 233 في ترجمة يحيى الموصلي نقل كلام الروض فيه وهو مناسب لما في الرسالة باختصار ولكن
سجعاته مطابقة بعضها بعضاً وبعد قوله (انتهى) أي كلام الوض قال ما نصه: (وله شعر لطيف منه قوله مقرظاً على الروض لعثمان أفندي الدفتري:
عقود وشحت صدر الطروس
…
أم السكر المخامر للنفوس الخ)
وفي المخطوطة ما نصه: (فمن بعض شعره العربي قال محسناً (كذا) لكتاب أدب ألفه بعض الأدباء من الأحباب وهو هذا:
عقود وشحت صدر الطروس
…
أم السكر المخامر في النفوس الخ)
فإذا كان قوله (وهو هذا) إشارة إلى الكتاب فيكون اسمه (الروض لعثمان أفندي الدفتري) وإذا كان قوله إشارة إلى النظم فهو شئ آخر.
وفي الرسالة أعاد هذا الكلام أكثر من مرة منه في ترجمة (محمد أمير بك ياسين زاده) بقوله ما نصه: وهذا نظمه تقريضاً (كذا) وتحسبنا لكتاب عثمان أفندي الآتي ذكره وهو هذا:
لله روض نضير جل عن شبه
…
قد حاز منتخب الآداب والكتب الخ)
فقوله (الآتي ذكره) يشير إلى كتاب (الروض النضر في أسماء رجال العصر) لعثمان أفندي بن علي العمري الذي ترجمه بعد محمد أمين ياسين ومقابل كلامه الذي في الصفحة اليمنى والترجمة في اليسرى مع اسم الكتاب.
ولم أجد إشارة أخرى تدل على صاحب هذه الرسالة ولكن المرادي كلما نقل عنها يقول (وترجمه بعض فضلاء الموصل) و (قال بعض علماء الموصل) وأحياناً
يقول (وترجمه صاحب الروض) وطوراً يقول: (وترجمه السيد أمين الموصلي).
وإذا جردنا التراجم وعارضناها بما نشره منها المرادي باختصار نراها كما يأتي مرتبة بحسب ما هي في المخطوط مبتدئاً بآل سيد فخري من السادات:
1 -
السيد فخري أو فخر الدين ترجمه المرادي (4: 3) فقال: ترجمه بعض أفاضل الموصل الخ) ونقل نحو نصف ترجمة المخطوطة بسجعها فوقع فيها أغلاط منها (نجوم المعاني) والصواب (المعالي).
2 -
نجله السيد يحيى المفتي ترجمه المرادي (4: 233) فصدر الترجمة بما قاله السيد محمد أمين الموصلي في حقه ثم انتقل إلى ترجمة الرسالة فقال: (وترجمه صاحب
الروض) وأورد بعض السجعات التي في المخطوطة (وذكر من شعره تقريظ الروض لعثمان أفندي الدفتري كما سبقت الإشارة في التمهيد.
3 -
نجله الثاني السيد عبد الله كاتب إنشاء ديوان بغداد وهذا لم يترجمه المرادي وكانت وفاته سنة 1188هـ في بغداد وترجمته في المخطوط مع نخبة من نظمه في ثلاث صفحات.
4 -
نجله الثالث السيد حامد أبو المحامد وهذا لم يترجمه المرادي أيضاً بل ترجمته المخطوطة في نصف صفحة ولد سنة 1122 وتوفي سنة 1291.
5 -
نجله الرابع السيد عبيد الله وهذا لم يترجمه المرادي توفي سنة 1189 وترجمته في نصف صفحة أيضاً.
6 -
السيد محمد أسعد أفندي نجل السيد عبد الله أفندي المار ذكره لم يترجمه المرادي ولد بالموصل سنة 1248 ونشأ ببغداد وتوفي سنة 1294.
7 -
السيد خليل البصيري من أبناء عمهم ترجمه المرادي (2: 102) وتوفي سنة 1175 كما في المخطوطة وسنة 1176 كما في المرادي، وقال المرادي أن ولادته سنة 1112 فيكون عمره (46 سنة) والمخطوطة عينت عمره سبعين سنة والمرادي سماه (البصير) وترجمته له على غير نمط المخطوطة ونقل الأشعار التي فيها إلَاّ بيتين في الأخير. وزاد في المخطوطة أن له ديوانين بالتركية والفارسية مثل ديوانه بالعربية.
8 -
ابن أخيه السيد حسن أفندي المفتي اليوم في الموصل (أي بزمن المؤلف) لم يترجمه المرادي. وترجمته بالمخطوطة في نحو صفحة.
9 -
ومنهم السيد علي أفندي العمري ترجمه المرادي (3: 231) وخالف المخطوطة بترجمته بلا سجع وأشعاره غير ما في الخط على أن المخطوطة أهملت ولادته ووفاته.
10 -
أخوه السيد محمد لم يترجمه المرادي. قال في المخطوطة أن له أشعاراً بالتركية والفارسية والعربية توفي سنة 1187 وذكر بعض منظومه العربي وترجمته في نحو صفحة.
11 -
السيد عبد الله نجل السيد خليل البصيري لم يترجمه المرادي وترجمته بالمخطوطة في نصف صفحة وقال أنه بلغ خمسة (كذا) وأربعين سنة عندما ترجمه وله أشعار بالتركية والفارسية ولم ينشر له شعراً عربياً.
12 -
السيد سليمان بك ابن السيد حامد أفندي الشهير بفخر بزاده (كذا) وهو على ورقة زيدت على الرسالة بخط آخر. ولد بالموصل سنة 1166 وله منظومات عجيبة بالتركية لا تحصى وأورد له مقطوعة عربية وهذا لم يترجمه المرادي. وترجمته بالمخطوطة في صفحة ونصف.
13 -
السيد عبد الغني ابن السيد حامد من آل فخري ترجمته المخطوطة في ثلثي الصفحة وذكرت مولده سنة 1149 وأما المرادي فلم يترجمه.
14 -
أخوه السيد محمد ابن السيد حامد ترجمته المخطوطة بنصف صفحة أو أكثر وذكرت أنه شاعر بالتركية والفارسية وأن له شيئاً من الشعر العربي منه بعض أبيات في تخميس الهمزية ذكرتها ولم تشر إلى ولادته والمرادي لم يترجمه.
15 -
السيد أحمد ابن السيد حامد من آل فخري قال في صدر ترجمته بالمخطوطة ما نصه: (هذا هو المحرر لهذه الترجمة. لم يستأهل لينسب نفسه إلى الفضل والتكرمة. لجواز مدح الإنسان غيره فلذا ذكرنا خصال هؤلاء ذوي المآثر والكمال. ولكن لا يجوز أن يمدح نفسه لأن تزكية النفس لا تجوز قال عز وعلا: ولا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن أتقى. وينشأ من تزكية النفس الإعجاب
بالرأي والتقليد وأتباع هوى النفس وقد أمرنا بمخالفتهما. قيل لحكيم: ما الصدق القبيح قال: ثناء المرء على نفسه، هذا إذا كان فيه ما يثنى عليه فكيف إذا لم يكن، وكان خالياً مثلي من الخصال الحميدة ولكن التحدث بنعمة الله مأمور به إذا لم يقصد التزكية لنفسه وقد أنعم الله تعالى على عبده الفقير بنصيب من القراءة والتحرير وشئ من الأشعار التركية والفارسية ومن العربي قليل لا كثير الخ) انتهى وذكر بعض شعره. وذكرت المخطوطة مولده سنة 1148 والترجمة في نحو صفحتين أما المرادي فلم يذكره.
16 -
محمد أمين بك ياسين أفندي زاده وله نسبة قرابة لآل السيد فخري فهم أخواله الكرام ترجمته بالمخطوطة في أكثر من صفحة وذكرت أنه طبيب وشاعر بالعربية، وهو الذي قرظ (الروض النضر) كما سبق لعثمان أفندي العمري وقالت أن عمره قريب من ستين، وله نثر وشعر كثيران، أما المرادي فلم يترجمه.
17 -
عثمان أفندي ابن علي أفندي العمري نسباً ترجمه المرادي (3: 164) ترجمة أطول
وأوسع مما في المخطوطة، وكتب سيرته الصديق الأستاذ كاظم الدجيلي في مجلة لغة العرب هذه (3: 22) وهو مؤلف (الروض النضر في أسماء رجال العصر).
18 -
أمين أفندي ابن خير الله العمري هذا لم يترجمه المرادي. بل ترجمته المخطوطة فقالت فيه: (له آثار غريبة في فن لسان العرب قد ألف نسخاً مدونة في أنواع الشعر وأصناف الأدبيات ما لو نظر الناظر فيه لأذعن لمؤلفه وراويه) الخ. وذكرت له تاريخاً لوفاة السيد يحيى فخري المفتي سنة 1187 وترجمته في نحو صفحة.
19 -
جرجيس أفندي الأربيلي (كذا بمعنى الأربلي) ترجمه المرادي (2: 9) بعبارة غير أسجاع المخطوطة وذكرت المخطوطة قطعة شعرية لم يذكرها المرادي وهي معارضة عثمان أفندي له.
20 -
ملا موسى المدرس ابن جعفر الحداد مات سنة 1186 بالطاعون
عن نحو سبعين سنة ترجمته في نحو صفحة ونصف وله أشعار ولكن المرادي لم يترجمه.
21 -
الملا سليم الكردي هاجر إلى الموصل منذ أربعين سنة كما قال مؤلف الرسالة وترجمه في نحو ثلثي الصفحة وهو من الصالحين لم يذكره المرادي.
22 -
مصطفى أفندي الغلامي مفتي الشافعية في الموصل سابقاً وله أشعار منها في مدح السيد عبد الباقي العمري عم السابقة ترجمته عثمان العمري لم يذكره المؤلف ولكنه قريب العهد به ولعله توفي نحو سنة 1130 أو فوق ذلك وأما المرادي فلم يذكره وترجمته بالمخطوطة في أكثر من صفحتين.
23 -
ابنه المفتي الشيخ علي الغلامي المتوفي سنة 1191 عن سبعين سنة ترجمه المرادي (258: 3) باختصار دون تسجيع ولم يتحقق وفاته ولكن المخطوطة عينت ذلك كما سبق آنفا. وله بالمخطوطة قصيدة لأمية من بلاد الروم يتشوق بها إلى وطنه مطلعها:
برق تألق في الظلام المسدل
…
فأثار في الأحشاء ذكر الموصل
وترجمته المخطوطة في صفحة ونصف.
24 -
أخوه شيخ الأدباء ملا محمد الغلامي الشاعر ترجمته المخطوطة في نحو ثلاث صفحات. وترجمه المرادي (4: 124) بخمسة أسطر نقلاً عن محمد أمين الموصلي وقال: (له قريض لم أقف عليه وإنما سمعت به من بعض أولاده) على أن المخطوطة ذكرت له
بعض أشعاره واختلفت سنة وفاته بين الترجمتين فالمرادي جعلها سنة 1176 والمخطوطة سنة 1186 بالوباء.
25 -
الحاج حسين أفندي الغلامي لم يترجمه المرادي وترجمته المخطوطة في نحو صفحة وذكرت له أشعاراً وكان حيا عند ترجمته.
26 -
يونس أفندي الغلامي كاتب الإنشاء والديوان سابقاً لوزير أمين باشا لم يترجمه المرادي وترجمته المخطوطة في نحو صفحة ونصف وذكرت من نظمه تقريظ (الروض النضر) الذي ذكر غير مرة في هذه العجالة.
27 -
ملا علي الوهبي الشهير بالجعفري لم يترجمه المرادي وترجمته المخطوطة في صفحتين ونصف وله أشعار نشرت بعضها.
28 -
عثمان آغا ابن عمر آغا الحاجي بكتاش زاده وترجمته المخطوطة في صفحتين ونصف ولم تذكر وفاته، أما المرادي (3: 162) فترجمه وقال أنه نقل عن ترجمة بعض فضلاء الموصل له وذلك هو ما في المخطوطة من الأسجاع وذكر وفاته في أواخر القرن الثاني عشر وله قصيدتان في كل شطر منها تاريخ هجري لسنة 1187 يدلان على براعته بالنظم.
29 -
خليل أفندي ابن إبراهيم آغا بكتاش زاده وهذه الترجمة بخط آخر على ورقة ملصوقة بالكراس وهي بالخط الذي ترجمت فيه سيرة سليمان بك فخري أو قريبة منه في صفحتين ونصف وذكرت له بعض أبيات من بديعيته ألتزم فيها تسمية النوع بالتورية وأشعاراً أخرى. وأما المرادي فلم يترجمه وبها انتهت الرسالة.
الختام
أن هذه الرسالة مسجعة إلَاّ قليلاً على طريقة (نفحة الريحانة) ونحوها وفيها فوائد كثيرة لم يذكرها المرادي في ما ذكره منها وكذلك في ما فاته أو أهمله، وفيها أحياناً بعض عبارات تركية الصيغة على مثال ما كان يكتب المرادي في (سلك درره) غالباً.
فلعل في ما ذكرته منها الآن أدلة على معرفة واضعها بمعارضته ببعض كتب التراجم للموصليين ولا سيما (الروض النضر) وأما (روض الدفتري) فلعله من المخطوطات التي هي دفينة الخزائن، وذلك موكول إلى أدباء العراق بل أدباء الموصل. فعساهم يتوفقون إلى
معرفة المخطوطة ومؤلفها فتنجلي الحقيقة الغامضة عنها.
هذا ما رأيت الآن نشره عن هذه الرسالة ضناً بها أن تفقد فنخسر ما فيها من التراجم التي نحن في أمس حاجة إليها في هذا العصر الذي أهمل في أوائله وما قبلها تدوين التراجم وذكر مآثر العلماء والله الميسر.
زحلة (لبنان) في 30 ك2 سنة 1927
عيسى أسكندر المعلوف مؤلف تاريخ الأسر الشرقية العام