الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قشعم في التاريخ
يقول الأعراب (جشعم) بجيم كجعفر، وفي مختصر مطالع السعود (ص27) عن القاموس أن قشعم لقب ربيعة بن نزار. وفي هذا المختصر (أن المشهور بين العرب أنهم (آل قشعم) من بني ماء السماء يعني من قحطان) أه.
ويقال ابن قشعم لكل فرد من هذه الحمولة ولا سيما للشيخ منهم إذا أرادت الإعراب تعظيمه أو حكت عن أيام مجد بيتهم. فابن قشعم علم لكل منهم كما يقال ابن سعود وابن رشيد وابن هذال وابن سويط في مثل هذه الحال. وآل سويط هم شيوخ الضفير منذ ثلاثة قرون على أقل تقدير وكان شيخهم في سنة 1080هـ (1669م) وسنة 1069هـ (1684م) سلامة بن مرشد بن صويت (كذا) جاء ذلك في كتاب سمط النجوم الموالي في أنباء الأوائل والتوالي لعبد الملك بن حسين العصامي المتوفى سنة 1111هـ (1699م) وهذا الكتاب لا يزال مخطوطا رأيت نسخة من مجلد يبتدئ بالمقصد الرابع وهي للكتبي نعمان الأعظمي في بغداد وكان قد جاد علي بها للمطالعة. وذكر تاريخ آداب اللغة العربية لجرجي زيدان (302: 3) نسخة من هذا المخطوط في الخزانة الخديوية ومنه نسخ منها تامة ومنها ناقصة في خزانة المتحفة البريطانية والخزانة الأهلية في باريس وخزانة اليسوعيين في بيروت وخزانة المكتبي بريل في لندن.
نعود إلى صددنا. وإذا قالت المنتفق العراك (بكلف فارسية) فهي تريد سقي الفرات الواقع بين منحدر الحلة من جهة للشمال ومنحدر السماوة من جهة الجنوب وفي ذلك لواء الديوانية كله ألم يكن موضوع البحث خاصا بالعراق برمته فتكون المنتفق قد تمسكت بمفرد كلمة العراقيين اللذين قال عنهما معجم البلدان (. . . والعراقان الكوفة والبصرة. . .) فما أحفظ الأعراب للإعلام ولا تستثنيهم عن شوارد اللغة!
وكان يراد وقتا بالعراقيين قطرنا العزيز وعراق فارس. ويظهر أن هذا الاسم بالتثنية بمعنى عراقنا وحده كان معروفا في فارس حتى العقد الرابع من
القرن السابع عشر إذا صح ما قاله أورثاليوس في رحلته التي جاء فيها في ص360 (. . . والمتعارف أن (عراق أثور) يسمى (العراقيين). وجاء في (أوليا جلبي سياحة نامة سي) المطبوع في
الأستانة سنة 1215هـ المجلد 40704 ما قوله في الخطبة التي قرأت بين يدي السلطان مراد الرابع بعد فتحه بغداد سنة 1048 مولانا خادم الحرمين الشريفين ومولانا ملوك (كذا بمعنى ملك أو أن الأصل هو ملك ملوك فنسي المرتب الكلمة الأولى) العرب والعراقيين.
سألت الأعراب في المنتفق عما يقصدونه بالعراقيين الواردة في لقب ابن قشعم فجاء تعريفهم مطابقا لسقي الفرات الذي ذكرته وهو الذي يعرفونه بالعراك وعللوا التثنية باحتمال قسمة ذلك السقي إلى شمالي وجنوبي أو إلى شرقي وغربي ولكني لا أظن بصحة قولهم هذا وللأعراب أيضا حدس آخر هو أن العراقيين هما ذاك السقي وما فوقه إلى حد يجهلونه فلم يوقفونا على سبب التسمية وفاتتهم المعرفة بأن البصرة كانت أحد هذا العراقيين في عهد بعيد جدا.
ويمكن لبعضهم أن يعللوا سبب تلقيب ابن قشعم بشيخ العراقيين توسعا يوم كانت فارس مستولية على العراق. وعلى وجه آخر أنه أريد بهذا اللقب أنه شيخ برية الكوفة والبصرة لواقعة لعلها حدثت في أنحاء البصرة كان له فيها الظفر والغلبة؛ قلت لعلها لأني لا أقبل ما قاله في غاية المرام من أمر مانع وابنه محمد وسعدون ابن الأخير منهما الذين عرفهم بأنهم أمراء آل قشعم إذ أن الصحيح أنهم شيوخ المنتفق بلا شك ولا شبهة، أو أن غزية (بفتح الغين وكسر الزاي وتشديد الياء المفتوحة وفي الآخر هاء) وهم آل رفيع (بضم الراء وفتح الفاء) وآل حميد (بضم الحاء وفتح الميم) وساعدة (بكسر العين) وآل بعيج (بالتصفير) وغيرهم أطلقوا عليه ذلك اللقب الضخم لما كان لابن قشعم من السلطة والنفوذ ولا سيما على ضفتي الفرات وبالأخص على الغربية منهما حسبما روته كتب التاريخ العربية والتركية والفارسية.
ولقد بقي على الفرات لهذا البيت رسم من تلك الأيام الغابرة حفظته النسبة
للأرض الزراعية المسماة (المهناوية) الواقعة في لواء الحلة وهي مربوطة بقضاء مركزه. وعنانة (كنسابة) الواقعة هنالك كانت لهم أيضا.
نسب لي عقلب ابن قشعم شيخهم الحالي نفسه وهو في أول الشيخوخة من العمر فقال: أنا عقاب بن صقر بن ثويني بن عبد العزيز بن حبيب بن صقر بن حمود بن كنعان بن ناصر بن مهنا بن سعد بن غزي (بكسر الغين كسرا غير واضح وزاي مشدودة مكسورة) الذي
نزح من نجد إلى ديار العراق، ويبين من عدد آبائه الذين ذكرهم إن قدوم حمولته إلى العراق كانت حوالي منتصف القرن السادس عشر. وأول ذكر عرفته عنهم لا يتعدى العقد الثاني من القرن الحادي عشر للهجرة (1602 - 1611م) كما روى لنا ذلك كشن خلفا بالتركية (مؤلفه نظمي زادة مرتضى أفندي من رجال القرن الثاني عشر للهجرة) وغيره من الكتب.
وإذ جرني الكلام إلى تدوين نسب عقاب فاسترسلت في الموضوع فلا بأس من إيراد كلام عن بعض أجداد عقاب.
إن لناصر المهنأ ذكر بينا في كتب التاريخ الثلاثة ولا سيما في كتاب عالم آراي عباسي لاسكندر بك تركمان من رجال القرن الحادي عشر وهو مطبوع في طهران سنة 1314 (1896م).
وذكره من الأوربيين تكسيرا فنعته (بملك عربي) في رحلته المترجمة إلى الإنكليزية في ص53. . 1992 فقال (إن هذه البلدة (مشهد الحسين أي كربلاء) ومشهد علي النجف الأشرف هما تابعتان لمير (الأمير) ناصر وهو ملك عربي رافد للأتراك يعيش في أعالي تلك الأراضي) أه.
وقال في ص72 بتاريخ 13 كانون الأول سنة 1604 (1013هـ)(وبعد أن سرنا فرسخا ونصف فرسخ حططنا لندفع الرسوم التي يجب دفعها إلى المير ناصر وهو ملك عربي من عشيرة ابن أمانة وهو حاكم مشهد علي ومشهد الحسين) وما أمانة إلا تشويه (مهنأ) إذ يصعب على سائح أن يضبط الإعلام وهي غريبة عنه.
وذكر ناصرا أيضا ديلا فالة في رحلته الشهيرة (1616 -
1625) في عدة مواضع جاء فيها في سنة 1616م (فبتنا في بئر النص (أي بئر النصف بين بغداد والحلة). . . وبعد مرورنا بيومين نهبت قافلة هناك أو بمقربة من ذلك المكان. نهبتها جماعة قوية من الأعراب. أما أنا فلحسن حظي - فضلا عن أني لم أر أحدا من هؤلاء - لقيت أحد كبار قواد بغداد كان قدم إلى هنا قبلي بأمر من الباشا ومعه نيف ومائتا فارس ليستميل شيخا ويصحبه إلى بغداد وهذا الشيخ هو قائد من قواد الأعراب - وإن شئت نقل أميرا من أمرائهم وأني لأظنه أميرا لأنه من عداد الذين يهمون الأتراك في النفع. والغرض من طلب
مجيئه إلى بغداد هو حشد القوى فيها للشروع بعدئذ بمحاربة ملك فارس وقد أكثر قائد بغداد من فرسانه زيادة في تعظيم هذا الشيخ.
وكان يسمى هذا الشيخ أو الأمير ناصر بن مهنا لأنه ابن مهنا أو له من ذريته. . .) أه.
وذكر المؤرخ اسكندر بك وديلا فاله أن لناصر ابنا اسمه أبو طالب وقال ديلا فاله أنه كان قد قام مقام أبيه المتقدم في السن.
وقال روسو قنصل فرنسة في بغداد في رحلته 1808م من بغداد إلى حلب
1808 1809.
في ص136 ما تعريبه.
(فمررنا بجبة على الفرات. . . فرأينا على الضفة المقابلة جبل أردي وعلى منتهاه شيء كالقبة قيل لي أنه قبر ناصر المهنا بن جشعم ويعتقد الأعراب أنه من أصحاب الكرامات) أه. ولا تزال ذكرى ناصر على ألسنة الأعراب تاج بمدحه والثناء على أخلاقه ورفعة مقامه.
وذكر كنعان كتاب غاية المرام في تاريخ محاسن بغداد دار السلام (مخطوط) لياسين بن خير الله العمري وكانت ولادة المؤلف سنة 1158 (1714م) قال فيه (وفي سنة 1075هـ (1664م) عين السلطان لفتح مدينة الحسا (الإحساء) الأمير يمبي أغا وكنعان أمير قشعم فساروا (كذا أي فسارا) إلى اللحساء فقاتلوهم (كذا)
بني (كذا) خالد ثم هرب أميرهم براق) أه (وأظنها براك بفتح الباء وتشديد الراء وكاف عربية في الآخر وهذا الاسم من أسماء الأعراب ولا أعرف لهم براق بقاف).
وجاء في هذا المخطوط ما قوله عن صقر الأول. والحرب سجال (وفي سنة خمسين (بعد المائة والألف) سار (الوالي أحمد باشا) من بغداد بالعساكر وحارب عرب قشعم فهرب أميرهم صقر وغنم عسكر بغداد وحما (كذا أي حمى) أحمد باشا بيت صقر من النبب ثم صالحه وعفى (كذا) عنه ومدح أحمد باشا أحد الفضلاء السيد عبد الله فخر (فخري) زادة بقصيدة طنانة منها قوله:
عقاب الوغى لما بدا طار صقرهم
…
لدى حيث ألقت رحلها أم قشعم
وردت هذه القصيدة وأبياتها ثلاثة وعشرون في حديقة الزوراء لشيخ عبد الرحمن بن
الشيخ عبد الله السويدي (مخطوط) أقول هذا عن مختصرها المخطوط أيضاً للأديب سليمان آل دخيل قائم مقام الجبايش في لواء المنتفق في وقتنا الحاضر وهذه النسخة موجودة في خزانة الأباء الكرمليين في بغداد، وقد نقل هذا المختصر ثلاث أبيات من القصيدة جاء منها البيتان الأولان في مجلة المشرق 16 (1913) 172 بوصفها ديوان الناظم (فخري زادة).
والصحيح أن هذه الواقعة كانت سنة 1152 هـ (1739م) على ما ضبطها الشيخ عبد الله السويدي في آخر بيت من قصيدة له امتدح بها الوالي أحمد باشا على ما جاء في مختصر حديقة الزوراء، قال الناظم أبو مؤلف الحديقة:
إن يضق رحب الصحارى أرخوا
…
هل لصقر في صحارى الهول وكر
1152هـ
وما يؤيد صحة ورود هذه السنة رواية دوحة الوزراء وأظن أن مؤلفها قد نقل عن السويدي على ما يبين من عبارات ساقها المؤلف في مقدمة كتابه.
اتفق مختصر حديقة الزوراء ودوحة الزوراء على تعيين السنة لكنهما اختلفا على صقر اختلافا طفيفا إذ قال المختصر (صقر المسمى سمدا) وقالت الدوحة عن صقر (عم الشيخ) وأما غاية المرام فإنه اكتفى بقوله (صقر) ولم يزد ويمكن تعليل قول المختصر (صقر المسمى سمدا) بأحد الوجهين فإما لكون صقرا