الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فوائد لغوية
صميم لا تؤنث ولا تثنى ولا تجمع
قرأنا لكتبة معروفين بحسن الإنشاء وسبك العبارة وتقويم الكلم ما هذا نصه:
(نهدي إليك تهانئنا الصميمة، - وهذان الرجلان صميمان في العروبة - وهؤلاء الرجال صميمون في العروبة). وهم يريدون في هذا التعبير: نهدي إليك تهانئنا الصميم أو الخالصة. وهذان رجلان صميم في العروبة أو خالصاً العروبة - وهؤلاء الرجال صميم في العروبة أو خلص العروبة، إلى ما ضاهى هذا التركيب، أما صميم فلا تثنى ولا تؤنث ولا تجمع، قال في اللسان: رجل صميم: محض. وكذلك الاثنان والجمع والمؤنث.
على إن بعضهم يهرب من القول الفصيح والتركيب الصحيح فيقول: تهانئنا الصميمة ورجلان صميمان ورجال صميمون، وهو تركيب ضعيف له نظائر في العربية المولدة، لكن صميم الفصحاء لم يستعملوه.
سلم نفسه لا سلم حال
كنا كتبنا في (192: 5) أن الشيخ محمود كاكا أحمد سم نفسه للحكومة، فكتب أحد السذج في جريدة بغدادية انه لا يقال: سم نفسه بل (سلم حاله) ثم جاء كثيرون بعده فكتبوا (فلان سلم حاله، وفلان قتل حاله، وفلان تكلم عن حاله) هرباً من استعمال (نفسه) ولم يدروا أن حاله لم ترد في العربية بهذا المعنى، فهي من لغة عوام سورية وفلسطين وبعض (الأرمن الذين في نواحي ماردين وديار بكر.
أما حجتهم في نفي القول (سلم نفسه) فهي لأن المرء إذا سلم نفسه مات وهل يمكنه أن يسلمه نفسه، والنفس ليست بمادة؟ - أما حجتنا فهي أن النفس هنا تقع على الإنسان بأجمعه، نفسه وجسده، فمعنى سلم نفسه، وقتل
نفسه، ودافع عن نفسه، هو ما ذكرناه وحجتنا الثانية أن هذا هو الوارد عن العرب، ولم يسمع عنهم سواه ومنه في سورة البقرة: إنكم ظلمتم أنفسكم. . . فاقتلوا أنفسكم، ذلكم خير لكم، - وفي سورة النساء: ولا تقتلوا أنفسكم، إن الله كان بكم رحيماً، والآيات كثيرة - وفي كتب اللغة: انتحر الرجل: قتل نفسه
- وعند المعترض إن هذا كله لا يقال، فمرحى! مرحى!
الاسكندر أحسن من قيد البريد
في دواوين البريد (أي في مكاتب البوسطات) مدرج (أي دفتر كبير، أو سجل، أو قيد) يكتب فيه عدد الخرائط (الأكياس) والكتب الواردة والنافذة وأسامي أربابها، يسميها العصريون: قيد البريد، أو سجل البوسطة أو دفتر القيد، أو ما أشبه هذه الأسماء المختلفة، أما في عصر العباسيين فكان سلفنا يسميه الاسكدار وبالإفرنجية قال في مفاتيح العلوم (ص 64 من طبعة الإفرنج):(الاسكدار: لفظة فارسية وتفسيره: از كو داري، أي من أين تمسك، وهو مدرج يكتب فيه عدد الخرائط الواردة والنافذة وأسامي أربابها.)
عجنت الرجل وخبزته
تقول عجائز بغداد إذا اختبرن الرجل: (عجنا الرجل وخبزناه) من العجن والخبز. وفي العبارة مجاز غريب يظهر أثر الزمان على وجوه تلك العجائز بالغضون والأخاديد التي ترى عليها؛ ولا عجب من ذلك، إنما العجب من أولئك بعض مفسدي اللغة الذين يدعون أنهم يتوخون الصحيح الفصيح في كلامهم وهو يستعملون مثل هذه العبارات في كتاباتهم ويتباهون بها ولو علموا أن الرجل إذا عجن وخبز أصبح أثر بعدين لمّا نطقوا بتلك العبارة. أما الفصحاء فلا يقولون إلا مثل هذا:(عجمت عود فلان) ومنه قول الشاعر:
أبي عودك المعجوم إلا صلابة
…
وكفاك إلا نائلا حين تسأل
فأين هذا المجاز الصحيح من هذا المجاز المكسر، المهشم، المحطم، السافل؟
ولك غير هذا التعبير كقولك: غمزت قناته، واختبرت كنهه، واحتسبت ما عنده، وسبرت ما عنده، إلى غيرها وهي كثيرة في لغتنا، فلا حاجة لنا إلى إدخال مصطلحات العجائز والأرمن المتعربين الذين يرون في ماردين وديار بكر ونواحيهما فتأمل.
القنطرة أو آلتون كبري
-
أصل ألتون كبري (أي جسر الذهب): (ألتونص كبري) أي جسر نهر الذهب وهو أسم الشعبة العليا من الزاب الأصغر ثم قالوا اختصارا (آلتون كبري) ونحن العراقيون نسميها
(القنطرة) من باب التعريب، لأن هناك جسرين من حجر قائمين على طيقان وهما يصلان المدينة بالبر فنشأ من ذلك أسمها باللغتين التركية والضادية، أما بالكردية فاسمها (برد) بباء مثلثة فارسية.
ويروى أن باني القنطرتين السلطان مراد الرابع العثماني ولما رجع الأتراك القهقري في الحرب العظمى الأخيرة أطلقوا عليهما القنابل فهدموا منهما شيئاً غير قليل إلا أن حكومتنا العراقية رممت ما تهدم.
والقنطرة ميناء الأكراد، لأن القسم الأعلى من (آلتون صو) ينفسح عند دنوه من (كوي سنجق) في محل يسمى (طقطق) فيكون مكلأ للأطواف (للأكلاك) التي تنقل من لواءي اربل إلى القنطرة التتن (الدخان) والصوف والعفص والكثيراء والجلود وغيرها من مواد الاستصناع. ومن مكلأ القنطرة تنحدر البضائع إلى بغداد.
وأهلها يتكلمون الرتكمانية والكردية والعربية وهذا يدلك على أن أهلها خليط من هذه الأقوام الثلاثة ولعل التركمان كانوا في سابق العهد أكثر سكانها من غيرهم، أما الآن فإن الاكراد الأكثرية ويأتي بعدهم الأتراك فالعرب.