الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حول مخطوطة دمشق
في تراجم علماء الموصل في القرن الثاني عشر الهجري
وصف الفاضل عيسى أسكندر المعلوف في هذه المجلة في جزئها الثاني مخطوطة وجدها في دمشق في تراجم علماء الموصل في القرن الثاني عشر الهجري وغرضه الاهتداء إلى واضع هذه الرسالة لأن النسخة لم تذكره. ولما كنت قد بحثت عن جميع مخطوطات جوامع الموصل ومدارسها واطلعت على ما عند الأسر في الموصل من المخطوطات والفت كتاباً بذلك سميته (مخطوطات الموصل) يطبع الآن في بغداد كان لي اطلاع على مؤلفي الموصل وتأليفهم فأحببت أن لا يكون ما كتبه الباحث الفاضل نفخة في رماد فأقول:
أن الذين كتبوا في التاريخ والتراجم من علماء الموصل في القرن الثاني عشر وأوائل القرن الثالث عشر هم أربعة: عثمان الدفتري، وأمين الخطيب ابن خير الله الخطيب العمري، وأخوه يس، ومحمد بن مصطفى الغلامي، ولم يطلعني تتبعي على غير هؤلاء في هذه الحقبة ولا أتوقع وجود غيرهم.
أما الأول فله (الروض النضر في تراجم رجال العصر)
وأما الثاني فله تأليف عدة في مواضيع شتى يهمنا منها هنا (مراتع الإحداق) في التراجم، و (منهل الأولياء. ومورد الأصفياء، في سادات الموصل الحدباء) يبحث عن المراقد التي تزار في الموصل وعن تراجم المدفونين فيها وفيه فصل في مشاهير الموصل قديماً وحديثاً، وذكر له كتاب في التراجم اسمه (الكشف والبيان عن مشاهير هذا الزمان).
والغلامي له (شمامة العنبر، والزهر المعنبر).
أما ياس بن خير الله العمري فقد ذكر تأليفه في مقدمة كتاب له سماه (منهج الثقات في تراجم القضاة) منه نسخة خطية في مدرسة الخياط في الموصل وفيها يقول (وبعد فيقول أفقر العباد. . . ياسين العمري بن خير الله الخطيب العمري ابن محمود الخطيب العمري بن موسى الخطيب العمري الحنفي الموصلي. . . كنت
قد جمعت كتابا في تاريخ السنين ابتدأت به من سنة الهجرة إلى زمني هذا، وسميته (الدر المكنون في مآثر الماضية من القرون) ثم جمعت كتاباً آخر في ذكر ملوك الإسلام وقبائلهم ومدة ملكهم وسميته (عنوان الأعيان في ذكر ملوك الزمان) ثم جمعت كتاباً آخر وذكرت فيه ملوك الأمصار ورتبته
على حروف الهجاء. وذكرت فيه القضاة وشيوخ الإسلام والأمراء وسميته (الروض الزاهر، في تواريخ الملوك الأوائل والأواخر) ثم جمعت كتابا آخر أو ذكرت فيه العلماء المعاصرين والشعراء المتفننين وسميته (الدر المنتثر. في تراجم فضلاء القرن الثاني عشر) ثم جمعت كتاب آخر مختصا بتواريخ النساء الصالحات والطالحات وسميته (الروضة الفيحاء في تواريخ النساء) وجمعت كتابا في الأدب وسميته (روضة المشتاق ونزهة العشاق) ومثله (روض الأدب) وآخر (عيون الآداب) وآخر في الأدعية وسميته (السيوف الساطعة) وآخر في الطب سميته (الخريدة العمرية) و (منظومة في التعبير)، فأحببت أن اجمع كتابا آخر في ذكر قضاة الإسلام فجمعته من كتب عديدة من تاريخ اليافعي، وابن الوردي، وابن خلكان، وابن الأثير، والدر المكنون، وتاريخ اليميني، والهميان. وغيرهم من كتب التواريخ. . . ذكرت فيه من له ذكر واقتصرت على من له شعر ورتبته على مقدمة في العلم والقضاء وترجمتهم على حروف الهجاء وجعلت الخاتمة في النوادر وسميته منهج الثقاة. . . ولما تم جمعه أهديته إلى حضرة. . . السيد الأمجد السيد عبيد الله أفندي بن السيد خليل البصيري الموصلي. .) وجاء في آخره:(أنتهي ما أردنا جمعه. . . سنة ألف ومائتين وإحدى عشر ة من الهجرة. . .)
ولياسين العمري كتب أخرى غير ما ذكره هو اطلعت عليها وهي: (الآثار الجلية، في الحوادث الأرضية) وهو تاريخ الإسلام مرتب على السنين و (السيف المهند من سمي أحمد) و (قرة العينين الحسن والحسين) ذكر في الأول من سمي أحمد من المشاهير وفي الثاني من سمي الحسن والحسين وعليا وجميع تأليفه ليست ذات أهمية إلا في ما يختص بزمانه وما قبله بقليل وأما الباقي فقد جمعه من الكتب المعروفة جمعا مشوها مكسرا.
ولأذكر كتاب (نزهة الدنيا في مدح الوزير يحيى) لعبد الباقي الفوري العمري الشاعر صاحب الديوان، ترجمة فيه الشعراء الذين لهم قصائد وأبيات في مدح والي الموصل إذ ذاك يحيى باشا الجليلي، على أن عبد الباقي أحدث عهدا من أولئك، وإنما ذكرته لئلا يظن أني سهوت عنه.
والآن لنرجع إلى المخطوطة الدمشقية موضوع البحث ونرى أيا هي من هذه الكتب الوارد ذكرها أنفا:
أني أظن ظنا غالبا أنها (الدر المنتثر في تراجم فضلاء القرن الثاني عشر) وذلك للأسباب آلاتية:
1 -
هي ليست الروض النضر، وقد عارضها عيسى اسكندر المعلوف فلم تكن مطابقة له. إلى أني لم اعثر على نسخة من الروض النضر لحد الآن.
(ل. ع. منها نسخة في جامع مرجان في بغداد).
2 -
ليست (مراتع الإحداق) ولا (الكشف والبيان) لامين بن خير الله الخطيب لأن (أمينا) من فحول العلماء وهو أديب شاعر نحوي فقيه ذو إنشاء جيد جدا كتبه تشهد له بذلك فلا يمكن أن يكون مؤلف هذه المخطوطة التي ذكر المعلوف عنها أن فيها أغلاطا فظيعة وعبارات على نمط الترك، وأني آسف لكوني لم اطلع على نسخة من مراتع الإحداق لحد الآن.
3 -
ليست (مناهل الأولياء) ولدي نسخة منه لا تشبه المخطوطة الدمشقية في شيء.
4 -
أنها ليست (شمامة العنبر) ومن الشمامة نسخ عدة في الموصل اطلعت عليها وهي ذات حجم كبير، ولم يقتصر فيها الغلامي على مشاهير الموصل بل تعداهم إلى مشاهير حلب وبغداد وحشاها بالقصائد حتى ليتوهمها الناظر إليها ديوانا لأول وهلة.
5 -
أنها ليست (نزهة الدنيا) فأن الشاعر عبد الباقي العمري جمع في النزهة
تراجم الذين مدحوا يحيى باشا الجليلي، إذن الذين عاصره وعاصرا الباشا المذكور لا غير وكان ذلك في القرن الثالث عشر.
6 -
أنها اقرب من أن تكون (الدر المنتثر) لأن النسخة الباقية من بعض تأليف يس بن خير الله الخطيب وقد اطلعت عليها فهي كثيرة الغلط من حيث اللغة والإنشاء والنحو مثل مخطوطة دمشق المبحوث عنها ولأن اسمها يؤدي تماما معنى ما كتب في صدر المخطوطة ونقله عيسى المعلوف.
وخير معيار للتثبت من نسبة الرسالة المبحوث عنها الياسين العمري هو النظر في ترجمة أخيه أمين فأن ذكر أنه أخوه فهي له وألا فلا.
والآن لابد لي من التعليق على بعض عبارات وردت في مقالة المعلوف: قوله في ص72 عن وفاة السيد حامد أنها في سنة 1291 غلط أظنه مطبعياً ويلزم أن يكون صحيحه
1191 إذا نظرنا إلى كون ولادته سنة 1122 فلا يمكن أن يكون قد عاش 169 عاما.
قوله في ص75 أنه أختلف في تاريخ الملا محمد الغلامي فجعله المرادي سنة 1176 وجعلته المخطوطة سنة 1186 بالوباء. أقول يقتضي أن يكون هذا الوباء الطاعون الذي مات فيه السيد موسى الحداد وكأن في سنة 1186 فقول المخطوطة ارجح من قول المرادي.
قوله في اسفل ص75 ملا علي الشهير بالجعفري أقول صحيحة (الجفعتري) وهذا مشهور ومعروف في الكتب الخطية الموصلية.
وقوله في ص76 (لاسيما (الروض النضر) وأما (روض الدفتري) فلعله من المخطوطات التي هي دفينة الخزائن)، يوهم أن الروض النضر وروض الدفتري كتابان مستقلان، والحال أن الروض النضر هو تأليف عثمان الدفتري.
كان يمكنني ذكر سني وفاة بعض الإعلام الواردة في مقالتي هذه ولكني أكتب وأنا في بغداد وكتبي في الموصل فمعذرة من القراء.
بغداد 15 تموز 1927
الدكتور داود الحلبي الموصلي