الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخرز ومعتقداته
الخرز اصلها - الخرز العراقية - أسطورتها - فحصها - الدعاء لها - أسماء الخرز العراقية
كان العربي الوثني ينحت من الصخور والأحجار تماثيل على شكل إنسان حينا، وحينا على هيئة حيوان، فيتخذها آلهة له، ويسجد لها، ويقدم إليها القرابين والنذور خشية بأسها، وبغية ترضيها. ظل على هذا الدأب دهرا طويلا فاختمرت هذه الفكرة في الرجل، وتغلغلت هذه العقيدة الوثنية في المرأة العربية حتى خيل إليها أن في هذه الأحجار والصخور والحصى والخرز قوة تقيها الشرور والآلام والأوجاع وان فيها نفعا يدر عليها وعلى آلها إخلاف البركات والخيرات. وان منها ما تؤثر في قلب الرجل حتى تجعل المرأة حبيبة في عين بعلها.
فهناك بين ثغور المغاور والكهوف وسفوح الجبال وثنايا الأودية أنواع من الخرز قد اثر فيها وهج الشمس فاكتست ألوانا وأصباغا تضاهي ألوان الزهر وأصباغ الورد، وقد القي في روع المرأة الجاهلية أن فيها ما يضمن لها حياتها وحب زوجها فالتقطتها من الأرض وثقبتها وعلقتها في عنقها أو جملتها على أضلاعها وتحت طيات ثيابها معمولة على سرها الكمين ومعتمدة على قوتها الفائقة.
ولما ظهر الإسلام نال العربي والعربية تهذيبا وتفقها وتنورا فارتفعت تلك الأوهام التي ربضت في دماغ العربي أحقابا طوالا وزالت أدران الخرافات من الرؤوس واعتقدت العربية بان الضرر والنفع والألم والمسرة والثروة والفقر وكل شيء بيد الله القدير المهيمن على الكون وما التماثيل والهياكل والصخور والخرز إلا تراب جامد لا نفع فيه ولا ضرر فضربت ما كان عليها من الخرز
عرض الحائط وظهر الأرض إلا أن ضعيفات التقوى والأيمان منهن ظللن عاكفات على حملها دائبات على اقتنائها والاعتقاد بالشيء أن لم يكن أيمانا بالفعل فأيمانا باطمئنان العاطفة. ومن الصعب سلب الأيمان من الصدور.
الخرز التي تستعملها النسوة في العراق
والنساء العراقيات - حتى المهذبات منهن - قويات الاعتقاد شديدات التمسك بالخرز يبذلن
الذهب الوهاج في اقتنائها ويتهالكن على الحصول عليها. وفي العراق سماسرة من المشعوذين الدجالين من النساء والرجال يتاجرون في الخرز ولا سيما القابلات واللواتي يقرأن منقبة المولد النبوي ويتلون فاجعة الحسين وينحن في المآتم والمناحات فهؤلاء قد اثرين وحصل لديهن المال الوفير ولهن مهارة وحذق خاص في التسلط على عقول النساء وإقناعهن بفوائد الخرز واعرف في بغداد امرأة غنية سليلة بيت أرستقراطي قد ابتاعت خرزة بعشرة جنيهات وكانت فرحة جذلة بها.
والمتزوجة تحملها لتبقي حب زوجها لها وأما البكر فلتكون جميلة في أعين الناس وليسرع أمر زواجها والعزباء لتقتنص لها بعلا جديدا وليس الاعتقاد بالخرز مقصورا على النساء وحسب ففي العراق رجال كثيرون يحذون حذو النساء.
وقد حدثني أستاذي الشاعر الفيلسوف جميل صدقي أفندي الزهاوي حفظه الله عن رجل جاء إليه ذات يوم - وكان من كبار رجال الجيش في العهد العثماني - وكلمه بلهجة المتوسل قائلا:
(علمت يا مولاي أن لكم سلطانا على الجان أفلا تسألون الجان الذين هم طوع إشارتكم والمؤتمرون بأمركم عن هذه الخرزة؟ وأنكم بفعلكم هذا تطوقونني بإحسانكم)
قال الأستاذ: فاعتراني الدهش فأخذت أقنعه بان هذا سخف وجهل وحذار أن يسمع (القومندان) بطلبك هذا فتنال إهانة وسخطا من أمرائك ولما لم استطع أن أقنعه تركني غضبان مدمدما وكانت شهرة هذا الأحمق في بغداد (بونجوقلي اشك) أي (الحمار المعتقد بالخرز).
أسطورة أصل الخرزة
وأسطورة الخرزة هي أن النساء يعتقدن أن الذئب يأكل التراب ثلاثة أشهر ويشرب الماء ثلاثة أشهر ويبلع الهواء ثلاثة أشهر والأشهر الثلاثة الأخيرة لتمام كمال السنة يأكل فيها بنات الجان والذئب يعدو في الفيافي باحثا عن بنات الجان فإذا صادفنه انقلبن في الحال خرزة فلا يبقى في وسعه أن ياكلهن ولا يبقى في وسعهن أن ينقلبن بنات كما كن. والمرأة إذا حملت الخرزة في الوقت الكروه قذفت الحب في قلب زوجها مستعينة بآلها، ذلك فضلا عن سلطانها.
فحص الخرز
والخرزة تابعة للفحص وكيفية فحصها هي أن تعطى إلى بكر تضعها تحت وسادتها في ليلتي الجمعة والاثنين فتقص في الصباح ما رأته في ليلتها من الرؤى والأحلام فإذا شاهدت بنتا علم إنها تصلح للبنات وإذا شاهدت امرأة علم إنها تصلح للمتزوجات إلى غير ذلك.
الدعاء للخرز لتبقى محافظة على قوتها
يتحتم على كل من تملك الخرز أن تستعد في الليلة السابعة والعشرين من شهر رجب في كل سنة فتغتسل وتتطيب ثم تأخذ ورق السذاب وورق الحناء وتضع الكل في إناء تسكب عليه ماء الورد ثم تتلو عليه (ياسين المغربي) وياسين المغربي دعاء فيه سورة ياسين وبعد الفراغ من هذا الدعاء تصلي ركعتين لوجه الله ثم تترك الخرز تحت بطون الكواكب (أي تحت السماء) حتى مطلع الفجر والتي لا تقوم بهذه المهمة تخسر خرزاتها إذ إنها تفقد قوتها.
أسماء الخرز العراقية
مثلها: أم الدولة خابت وأم الخرز ما خابت أو أم الدولة بارت وأم الخرز ما بارت
السلطانية: هي خرزة طويلة مستطيلة تكون ذات لون أحمر أو أصفر والتي تحملها تكون ذات سيطرة على زوجها كما يفهم من اسمها.
السلوة: تكون سوداء وتستعملها المرأة لتنزع من قلب زوجها محبة ضرتها أما استعمالها فيكون بان تحكها المرأة بالماء وتلطخ به رأس زوجها.
الدامغة: على شكلين بيضاء وحمراء تقتني المرأة البيضاء منهما إذا كانت بشرة زوجها بيضاء والحمراء الغامقة إذا كانت بشرته سمراء وتستعمل لأجل (دفع الرجل) أي أن الزوجة تصبح مطلقة الأمر تفعل في البيت ما تشاء لا أمر يأمر عليها ولا ناهي ينهيها.
الحمارية: يعتقد الناس إنها تطلع (كالدمل) في رقبة حمير (اصفهان).
الطحانات: (بشد الحاء) خرزتان لونهما اسود وهما بشكل رحى صغيرة وفي كل واحدة ثقب تشد بها المرأة خيطا فتحملها على نفسها.
الدملج: (وازن زبرج) تكون حمراء رقطاء وشكلها يشبه حجر العقيق والمتزوجات يحملنها ورقيتها (يخطب ما يملج) أي (يخطب ولا يتزوج).
الصيني: خضراء غامقة ورقيتها؛ (كل وكت يحاجيني) أي (كل وقت يكلمني).
السليماني: سوداء وفيها خط أصفر أو رمادي والتي تحملها تسلم من العاهات والآلام.
الشكل: (بكاف فارسية) كبيرة لونها ابيض وذات دوائر متعددة والتي تحملها تكون أمينة من زوجها.
البهكة: (بكاف فارسية)، حمراء وفيها نقط بيضاء تحميها من أصابها (برص). والبرص تسميه العامة (بهك) أي بهق.
المخفاية: حمراء وبيضاء كبيرة صقيلة تستعمل إذا ظهرت (عقدة) في إبط الرجل أو المرأة أو في بطنهما أو في عنقهما فتحك بها العقدة أو تدلك فتزيلها.
الكور: (بكاف فارسية) مضمومة طويلة بطول البنان بيضاء ممزوجة بحمرة رقيتها: (الكور للي تشيلها متبور) أي من تحمل الكور لا تبور.
اسمع وطيع: تلتقط من سواحل الإبحار بيضاء حلزونية والتي تحملها تعتقد أن زوجها يسمعها ويطيعها.
أحمد حامد آل الصراف
لغة العرب: - كنا نود أن نعرف أصول بعض تلك الألفاظ لنهتدي إلى الأمة التي أدخلتها في العراق، لكننا لم نتوفق. أما أصل البعض الآخر فعربي صريح لاشك فيه.