الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتفضلوا بقبول احترامي وأطيب تمنياتي.
الإسكندرية في 28 ديسمبر سنة 1928
أحمد زكي أبو شادي
رسالة السواك
للمرحوم الشيخ شكري الآلوسي
بينما كنت أقلب كتبي وأوراقي للتفتيش عن كتاب (الضرائر)! عثرت على الجزء الأول من مجلة (الحرية) - المحتجة - لسنتها الأولى، فألقي في روعي أن أتصفح أوراقها، فأنتهي بي التصفح إلى الصفحة 67، فوقع ناظري على مقالة عنوانها (السواك) بقلم الثلث وتحته هذه العبارة (بحث للأمام المرحوم السيد محمود شكري الآلوسي) ومن تحت (عني بنشره محمد بهجت الأثرى).
فأخذت على نفسي أن أقرأ صفحة من المقالة دون أن أجاوزها إلى غيرها لأني كنت مستعجلاً وفي غير هذا الصدد، فإذا في أخريات الصفحة قول صاحب المقالة:(وفي الحديث الصحيح المسواك مطهرة للفم بالكسر أي يطهر الفم كقولهم الولد مجبنة مجهلة مبخلة) فلم أدر أي الكلمتين أراد ضبطها بالكسر؟ أكلمة (مسواك) أم كلمة (مطهرة) لأنه أن أراد تقييد المطهرة فكيف صح أن يناظرها بمجبنة ومجهلة ومبخلة المفتوحة الميمات وأن أراد تقييد ميم مسواك كان تقييداً عبثاً إذ لا حاجة إلى تقييده بالكسر كما لا حاجة إلى تقييد ميم (مفتاح) به لأنها صيغة قياسية.
وقد بعثني هذا الارتياب على التفتيش عن الحديث في مظانه فوجدته فيما ظفرت به من الكتب بضبط (المطهرة) بالفتح و (السواك) بالكسر من غير ميم فتأمل!
ومما يستلفت نظر المدقق قوله فيما بعد: (والسواك كالمسواك والجمع سوك) وأنت ترى أن ظاهر العبارة يقتضي الإضمار مكان الإظهار بأن يقول: (وهو كالمسواك) فما باله عدل عن مقتضى الظاهر؟ أليس في هذا ما يدل على أنه كان يلفق بين عبارات المؤلفين دون أحكام اللحمة بينها؟! ثم قال (والجمع سوك وأخرجه الشاعر على الأصل فقال عبد الرحمن بن حسان:
أغر الثنايا أحم اللثا
…
ت تمنحه سوك الأسحل
ولم يوضح معنى (أخرجه الشاعر على الأصل) إذ ليس كل أحد يفهم ذلك!
هذا مع قطع النظر عن اضطراب التعبير في قوله (وأخرجه الشاعر على الأصل فقال عبد الرحمن) فتدبر!
وكيفما كان فأن في البحث خبطاً وخطلاً ناشئين عن قلة التدبر وضعف الاختصاص فعسى أن يتئد الأثري ويدع شيخه المرحوم يستريح في مرقده.
محمود الملاح
أغلاط مجلة لغة العرب
سيدي الفاضل:
إني من المغرمين بمطالعة مجلتك المفيدة، بل أقول إني من صرعاها. وقد طالعت التعليقات اللغوية التي وردت في الجزء السابع من هذه السنة (5: 424) وأنا لا أوافقك في جميع ما ذكرته بخصوص (صناع) وذلك لأني لم أجد في كتب الأدب القديمة ورود اللفظة المذكورة للمذكر بل للمؤنث فقط. وأما في المذكر فيقال (صنع)(بالتحريك) وصانع (كفاعل) ودونك الشواهد التي أثبت بها رأيي. وهي بعض أبيات من أبيات كثيرة عثرت عليها في مطالعاتي وقد بعثت بها إلى الأستاذ فيشر الذي يعني بوضع معجم كبير للألفاظ العربية القديمة الفصحى التي لم تذكر في دواوين اللغة المألوفة الشائعة بين الناس.
ورود الصناع في كلام الأقدمين والصناع هي المرأة الحاذقة. قال القطامي:
ولكن الأديم إذا تفرى
…
بلى وتعينا غلب (الصناعا)
وقال الشماخ:
كدلو (الصناع)
…
ردها مستعيرها
وأنشد أبو شهاب المازني:
(صناع بإشفاها حصان بشكرها
…
جواد بقوت البطن والعرق زاخر
ولعلقمة بن عبدة هذا البيت وهو:
بعين كمرآة (الصنا) تديرها
…
لمحجرها من النصيف المنقب
وقال ربيعة بن مقروم:
فاض محملجا كالكر لمت
…
تفاوته شامية (صناع)
وقال الحطيئة:
صنعوا لجارهم وليست
…
يد الخرقاء مثل يد (الصناع)
أما في المذكر فقد جاء في قول أبي دهبل الجمحي ما حرفه:
لقيتني عن الحجون فنحت
…
في طلاب الهوى لساناً (صناعا)
وقال أبو نؤاس في صفة كلب:
فري (الصناع) سابراً وقبطا
وفي تعليقاتي الخاصة بي شواهد عديدة لكلمة (صنع)(كسبب) وبيت الطرماح في (صنع) اليد (بكسر الأول) الذي أستشهد به ابن السكيت وذكره الزمخشري في أساسه هو أشهر من أن يذكر. ولقد وجدت صاحب القاموس كثير الزلق في ما يأتي به من الألفاظ ومعانيها وهو كثير الوهم في التدقيق، أما لسان العرب فأحسن منه ووجدت الجمهرة لأبن دريد تفوق صحة سائر كتب اللغة. فما هو رأيك؟
ف. كرنكو
جوابنا
ورود صناع وحدها للمذكر لم ينقل عن أحد. والذي ذكرناه نحن للمذكر هو (صناع اليد) بالإضافة ولا يفرد للمذكر؛ فإذا أفرد كان للمؤنث لا محالة وهذا ما صرح به اللغويون. (راجع التاج واللسان تر فيهما ما يكفيك) فلا نرى نفسنا مخطئين إذا تبعنا إثبات اللغويين.
وأما سائر ما ذهب إليه حضرة الناقد المحترم فهو مما يؤيد رأينا.
جئنا الآن إلى البيتين اللذين لأبي دهبل وأبي نؤاس فنقول: إن (اللسان) في بيت دهبل لم يعتبر مذكراً بل مؤنثاً لأنه مما يؤنث ويذكر وأن كان الغالب عليه التذكير، ولهذا قال:(لساناً صناعا). وأما الصناع في بيت أبي نؤاس فمؤنث لا شبهة فيه وعائد في معناه إلى المرأة فكأن أبا نؤاس يقول: أن الكلب الذي يتكلم عنه يفري صيده كما تفري (المرأة) الصناع الثوب السابري والقبطي.
إذن، إذا استعملت (صناع) وحدها دلت على المؤنث لا محالة. أما إذا أردت أن تستعملها للمذكر فيجب أن تضيفها إلى اليد فتقول: صناع اليد.
أما أن صاحب القاموس كثير الزلق فمما لا شبهة فيه فقد تصدى له جماعة من اللغويين وخطأه وبينوا معايبه لكن ذلك لا ينفي وجود محاسن في سفره الجليل فأنه يبقى حجة وأن أخطأ في بعض الأحيان. ومن ذا الذي لم يخطئ فلا صحاب اللسان والأساس والمصباح والصحاح أغلاط أيضاً ومع ذلك نعتبرهم حججاً في كثير من الألفاظ ولا سيما إذا أتفق
جميع اللغويين على تعيين ضبط الكلمة وتدقيق النظر في معانيها.