الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حديث آخر في الحثِّ على مواساة الفقراء من الجيران وغيرهم
(251)
قال الإمام أحمد (1): ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا سفيان، عن أبيه، عن عَبَاية بن رفاعة، عن عمر قال: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يَشبَعُ الرَّجلُ دونَ جارِهِ» .
إسناد صحيح، إلا أنَّ عَبَاية بن رفاعة بن رافع بن خديج الأنصاري لم يُدرك عمر بن الخطاب. قاله أبو زرعة الرازي، والدارقطني (2).
قال الدارقطني (3): ورواه قيس بن الربيع، عن سعيد بن مسروق، عن عَبَاية بن رفاعة، عن جدِّه رافع بن خديج، عن عمرَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم. والأوَّل هو الصواب (4).
(1) في «الزهد» له (ص 175 رقم 618).
(2)
انظر: «المراسيل» لابن أبي حاتم (ص 151 رقم 551) و «علل الدارقطني» (2/ 120).
(3)
في الموضع السابق (2/ 121).
(4)
يعني: الطريق المرسلة.
وله علَّة أخرى؛ وهي الوقف، فقد أخرجه ابن المبارك في «الزهد والرقائق» (ص 181 رقم 516، 517، 518) من طريق التَّيمي (وهو يحيى بن سعيد بن حَيَّان) عن عَبَاية بن رِفَاعة بن رافع، عن عمرَ، موقوفًا.
وقد أشار الدارقطني في «العلل» (2/ 122) إلى هذه الرواية الموقوفة، وبيَّن أنَّ الصواب رواية مَن أرسَلَه.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يَشبعُ الرجلُ دون جارِهِ» : شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (ص 50 رقم 112) و «التاريخ الكبير» (5/ 195) وأبو يعلى (5/ 92 رقم 2699) والطبراني في «الكبير» (12/ 119 رقم 1274) والحاكم (4/ 167) والخطيب في «تاريخه» (10/ 391) والضياء في «المختارة» (11/ 128، 129 رقم 121، 122، 1123) من طريق سفيان الثوري، عن عبد الملك بن أبي بشير، عن عبد الله بن مُسَاوِر (وعند بعضهم: عبد الله بن أبي المُسَاوِر) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «ليس المؤمنُ الذي يَشبعُ وجارُهُ جائعٌ إلى جنبِهِ» .
قال الحاكم: صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي.
قلت: عبد الله بن مُساوِر مجهول، كما قال ابن المديني. انظر:«تهذيب الكمال» (6/ 27).
وانظر: «السلسلة الصحيحة» للشيخ الألباني (1/ 278 رقم 149).
وقد اختاره الحافظ الضياء المقدسي في كتابه (1).
قلت: وقد رواه الإمام أحمد (2)، بإسناده المتقدِّم في موضع آخر، وفيه قصَّة، فقال: ثنا عبد الرحمن، ثنا سفيان، عن أبيه، عن عَبَاية بن رفاعة قال: بَلَغ عمرَ أنَّ سعدًا لما بنى القصرَ قال: انقطَعَ الصُّوَيْتُ (3)، فبَعَث إليه محمدَ بن مسلمة، / (ق 101) فلما قَدِمَ أَخرَجَ زَنْدَه (4)، وأَورَى نارَه، وابتاع حَطَبًا بدرهمٍ، وقيل لسعد: إنَّ رجلاً فَعَل كذا وكذا. فقال: ذاك محمدُ بن مسلمة، فخَرَج إليه، فحَلَف بالله ما قاله، فقال: نؤدِّي عنك الذي تقولُ، ونفعلُ ما أُمِرْنا به. فأَحرَقَ البابَ، ثم أَقبَلَ يَعرِضُ عليه أن يَزوره (5)، فأَبَى، فخَرَج، فقَدِمَ على عمرَ، فهجَّر إليه (6)، فسار ذهابُهُ ورجوعُهُ تسعَ
(1) لم أجده من هذه الطريق في المطبوع من «المختارة» .
(2)
في «مسنده» (1/ 54 رقم 390).
(3)
الصَّوَيت: تصغير صوت، وذلك أن سعدًا صنع على داره بابا مبوبًا من خشب، وكان السُّوق مجاورًا له، فكان يتأذى بأصواتهم، فزعموا أنه قال: لينقطع الصُّوَيت. انظر: «عمدة القاري» (6/ 6).
(4)
الزَّند: العُود الذي تُقدَح به النار. «مختار الصحاح» (ص 171 - مادة زند).
(5)
كذا ورد بالأصل. وفي المطبوع: «يُزوِّده» .
(6)
هجَّر: من التهجير، أراد المبادرة إلى السفر. «النهاية» (5/ 246).
عشرةَ، فقال: لولا حسنُ الظنِّ بك لرأينا أنك لم تُؤدِّ عنَّا. قال: بلى، أَرسَلَ يقرأُ عليك السلامَ يَعتذرُ، ويَحلِفُ بالله ما قالَه. قال: فهل زَوَّدك شيئًا؟ قال: لا. قال: فما مَنَعكَ أنْ تزوِّدني أنت؟ قال: إني كَرِهتُ أن آمُرَ لك، فيكونَ لك الباردُ، ويكونَ لي الحارُّ، وحولي أهلُ المدينة قد قَتَلهم الجوعُ، وقد سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول:«لا يَشبَعُ الرَّجلُ دون جارِه» .
ورواه أبو يعلى (1)، عن القَوَاريري، عن ابن مهدي.
واختاره الضياء في كتابه (2).
أثر في ذلك عن عمر
(252)
قال ابن أبي الدُّنيا رحمه الله (3): ثنا إسماعيل بن أبي الحارث، ثنا
(1) لم أجده في المطبوع من «مسنده» ، وأورده الحافظ في «المطالب العالية» (3/ 199 رقم 2764 - ط دار الوطن).
(2)
«المختارة» (1/ 354 رقم 243).
(3)
لم أقف عليه في مظانِّه من مصنَّفاته المطبوعة.
وفي إسناده عبد الله بن جعفر المديني والد عليّ، وهو ضعيف، كما قال الحافظ في «التقريب» .
وله طريق أخرى: أخرجها الطبري في «تهذيب الآثار» (2/ 718 رقم 1038 - مسند عمر) عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب، عن عبد الله بن عمر، عن وهب بن كيسان، عن جابر بن عبد الله قال: لقيني عمرُ بن الخطاب ومعي لحم اشتريته بدرهم، فقال: ما هذا؟ فقلت: يا أميرَ المؤمنين، اشتريته للصبيان والنساء. فقال عمرُ: لا يشتهي أحدكم شيئًا إلا وقع فيه -مرتين أو ثلاثًا- ثم قال: لولا يطوي أحدكم بطنه لجاره وابن عمِّه! ثم قال: أين تذهب عنكم هذه الآية: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ} .
وفي إسناده عبد الله بن عمر، وهو العُمَري، ضعيف، كما قال الحافظ في «التقريب» .
وانظر ما سيأتي (2/ 463 رقم 867).
يحيى بن إسماعيل، ثنا عبد الله بن جعفر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمرَ قال: كان عمرُ رضي الله عنه يأتي مَجزَرَةَ الزُّبيرِ بن العوَّام بالبقيعِ، ولم يكن بالمدينة مَجزَرَةٌ غيرُها، فيأتي معه بالدِّرَّة، فإذا رأى رجلاً اشترى لحمًا يومين متتابعين ضَرَبَهُ بالدِّرَّة، وقال: ألا طَوَيتَ بطنَكَ لجارِكَ، وابنِ عمِّكَ.