الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حديث في المؤلَّفة قلوبهم
(241)
قال الإمام أحمد (1): ثنا بكر بن عيسى، ثنا أبو عَوَانة، عن المغيرة، عن الشَّعبي، عن عدي بن حاتم قال: أتيتُ عمرَ بن الخطاب في أناسٍ من قومي، فجعل يَفرِضُ للرَّجل من طيِّئ في ألفين، ويُعرِضُ عنِّي. قال: فاستَقبلتُهُ، فأعرَضَ عنِّي. ثم أَتيتُهُ من حيالِ وجهِهِ، فأَعرَضَ عنِّي. قال: فقلتُ: يا أميرَ المؤمنينَ، أَتعرِفُني؟ قال: فضَحِكَ حتى استَلقى لِقَفَاهُ، ثم قال: نعم والله، إنِّي لأَعرِفُكَ، آمَنتَ إذ كَفَروا، وأَقبَلتَ إذ أَدبَروا، ووَفَّيتَ إذ غَدَروا، وإنَّ أوَّل صدقةٍ بَيَّضَتْ وجهَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ووجوهَ أصحابِهِ، صدقةُ طيِّئ، جئتَ بها إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ثم أَخذ يَعتذرُ، ثم قال: إنما فَرَضتُ لقومٍ أَجحَفَتْ بهمُ الفاقةُ، وهم سادةُ عشائرِهِم لما يَنُوبُهُم من الحقوقِ.
ورواه مسلم (2)، عن زُهَير بن حرب، عن أحمد بن إسحاق الحضرمي، عن أبي عَوَانة، به.
وأخرجه البخاري (3)، عن موسى بن إسماعيل، عن أبي عَوَانة، / (ق 96) عن عبد الملك بن عُمَير، عن عمرو بن حُرَيث، عن عدي بن حاتم، به.
فيه دلالة على إعطاء المؤلَّفة، وعلى نقل الزكاة، والله أعلم.
(1) في «مسنده» (1/ 45 رقم 316).
(2)
في «صحيحه» (4/ 1957 رقم 2523) في فضائل الصحابة، باب من فضائل غفار وأسلم.
(3)
في «صحيحه» (8/ 102 رقم 4394 - فتح) في المغازي، باب قصة وفد طيئ.
حديث آخر
(242)
قال علي ابن المديني: ثنا يحيى بن آدم، ثنا عبد الرحمن المحاربي، عن الحجَّاج بن دينار، عن محمد بن سيرين، عن عَبيدة قال: جاء عيينةُ بن حصن والأقرعُ بن حابِس إلى أبي بكرٍ رضي الله عنه، فقالا: يا خليفةَ رسولِ الله، إنَّ عندنا أرضًا سَبِخَةً، ليس فيها كلأٌ ولا منفعةٌ، فإنْ رأيتَ أن تُقطعناها؟ قال: فأَقطَعَها إيَّاهما، وكَتَب لهما عليه كتابًا، وأَشهَدَ عمرَ وليس في القوم، فانطَلَقَا إلى عمرَ ليُشهِدَاهُ، فلمَّا سَمِعَ عمرُ ما في الكتاب تناولَهُ من أيديهما، ثم تَفَلَ فيه، فمَحَاهُ، فتَذَمَّرا، وقالا له مقالةً سيِّئةً. فقال: إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يَتَألَّفكما والإسلامُ يومئذٍ قليلٌ، وإنَّ اللهَ قد أعزَّ الإسلامَ، فاذهَبَا، فاجْهَدَا جهدَكُما، لا أرعى اللهُ عليكما إنْ أرعيتُمَا، ثم أتى أبا بكرٍ، فقال له: أكُلَّ المسلمينَ رَضُوا بهذا؟ فقال له أبو بكرٍ رضي الله عنه: قد قلتُ لك إنَّكَ أقوى على هذا الأمرِ منِّي (1).
ثم قال: هذا حديث منقطع الإسناد؛ لأنَّ عَبيدة لم يُدرك، ولم يرو عنه أنَّه سَمِعَ عمر ولا رآه، والحجَّاج بن دينار واسطي، ولا يحفظ هذا الحديث عن عمرَ بأحسنَ من هذا الإسناد، وقد رواه طاوس مرسلاً، وأوَّل هذا الحديث كوفي، ثم يرجع إلى واسطي، ثم يرجع / (ق 97) إلى بصري، ثم يرجع إلى عَبيدة وهو كوفي. انتهى كلامه رحمه الله.
(1) وأخرجه -أيضًا- البخاري في «التاريخ الصغير» (1/ 81) والمحاملي في «أماليه» ، كما في «الإصابة» (7/ 197) والفَسَوي في «المعرفة والتاريخ» (3/ 372) والبيهقي (7/ 20) والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (2/ 204 رقم 1623) من طريق المحاربي، به.
حديث آخر
(243)
قال الإمام أحمد (1): ثنا عفَّان، ثنا أبو عَوَانة، عن سليمان الأعمش، عن شقيق، عن سلمان بن ربيعة قال: سَمِعتُ عمرَ رضي الله عنه يقول: قَسَمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قسمةً، فقلت: يا رسولَ الله، لَغَيرُ هؤلاءِ أحقُّ منهم: أهلُ الصَّدقةِ (2). فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إنهم يُخيِّروني بين أن يَسألوني بالفُحشِ، وبين أن يُبخِّلُوني، ولستُ بباخلٍ» .
ورواه مسلم (3)، عن عثمان بن أبي شيبة، وزُهَير بن حرب، وإسحاق بن إبراهيم. ثلاثتهم عن جرير، عن الأعمش، به.
حديث آخر
(244)
قال أبو يعلى الموصلي (4): ثنا داود بن رُشَيد، ثنا مُعمَّر بن سليمان، عن عبد الله بن بِشر، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، عن عمرَ قال: دخل رجلانِ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يسألانِهِ في شيءٍ، فأعانَهُما بدينارين، فخَرَجا، فإذا هما يُثنيانِ خيرًا، فدَخَلتُ عليه، فقلت: يا رسولَ الله، رأيتُ فلانًا وفلانًا خَرَجَا من عندِكَ يُثنيانِ خيرًا. قال:«لكنَّ فلانًا ما يقولُ ذاك! وقد أَعطيتُهُ ما بين عشرةٍ إلى مائةٍ، فما يقولُ ذاك، وإنَّ أَحدَكم لَيَخرُجُ بصدقتِهِ من عندي مُتأبِّطُهَا (5)، وإنما هي له نارٌ» . قلت:
(1) في «مسنده» (1/ 20 رقم 127).
(2)
كذا ورد بالأصل. وفي المطبوع: «الصُّفَّة» .
(3)
في «صحيحه» (2/ 730 رقم 1056) في الزكاة، باب إعطاء من سأل بفحش وغلظة.
(4)
لم أجده في المطبوع من «مسنده» ، وهو من رواية ابن حمدان، وأورده الهيثمي في «المقصد العلي» (1/ 219 رقم 494 - رواية ابن المقرئ).
(5)
متأبِّطها: أي: يجعلها تحت إبطه. «النهاية» (1/ 15).
يا رسولَ الله، كيف تُعطيه، وقد عَلِمتَ أنها له نارٌ؟ قال:«فما أَصنَعُ، يأتُوني، فيَسألُوني، ويأبَى اللهُ لِيَ البخلُ» .
وهكذا رواه أبو بكر بن أبي عاصم (1)، عن / (ق 98) محمد بن فضيل، عن مُعمَّر بن سليمان، به.
طريق أخرى
(245)
قال ابن حبان في «صحيحه» (2):
ثنا محمد بن زُهَير أبو يعلى
(1) لم أقف عليه في مظانه من كُتُبه المطبوعة، ومن طريقه: أخرجه الضياء في «المختارة» (1/ 200 رقم 104).
وأخرجه -أيضًا- البزَّار (1/ 352 رقم 235).
وقال: هذا الحديث لا نعلم رواه عن جابر، عن عمرَ، إلا عبد الله بن بِشر، عن الأعمش، عن أبي سفيان، ولا نعلم رواه عن عبد الله بن بِشر إلا مُعمَّر (وتحرَّف في المطبوع إلى: معتمر).
قلت: ومُعمَّر، هو: ابن سليمان النَّخَعي، أبو عبد الله الرَّقي، وهو ثقة فاضل، وقد ورد اسمه على الصواب في «المقصد العلي» ، وفي نسختين خطيتين من «مسند البزار «، لكن غيَّره محقِّقه إلى «معتمر» !
وقد سأل ابن أبي حاتم الرازي أباه عن هذا الحديث، فقال: سألت أبي عن حديث رواه عبد الله بن بِشر الرَّقِّي، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: قال عمرُ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم
…
، ورواه أبو بكر بن عيَّاش، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد قال: قال عمرُ: يا رسول الله
…
، أيهما أصح؟ قال: لا يعلم هذا إلا الله عز وجل! كلاهما ثقتين (كذا) وأبو بكر أوثق منه وأحفظ. «العلل» (2/ 247 رقم 2233).
(2)
(8/ 201 - 202 رقم 3412 - الإحسان).
وأخرجه -أيضًا- أحمد (3/ 4، 16 رقم 11004، 11123) والبزَّار (1/ 342 رقم 224) وأبو يعلى، كما في «المقصد العلي» (1/ 220 رقم 495) والطبري في «تهذيب الآثار» (1/ 3، 4 رقم 1، 2 - مسند عمر) والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (15/ 182 رقم 5936) وابن الأعرابي في «معجمه» (1/ 190 رقم 330) و (3/ 1032 رقم 2215) والحاكم (1/ 46) من طريق أبي بكر بن عيَّاش، به.
ورواه عن أبي بكر بن عياش جماعة، وهم: الأسود بن عامر، ويحيى الحِمَّاني، وأحمد بن عبد الله بن يونس، وضِرَار بن صُرَد، ويحيى بن آدم. وخالَفَهم عيسى بن يوسف بن الطبَّاع، فرواه عن أبي بكر بن عيَّاش، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخُدْري، ليس فيه: عمر! ومن هذا الوجه: أخرجه الطبري في «تهذيب الآثار» (1/ 5 رقم 1 - مسند عمر).
بالأُبُلَّة (1)، ثنا سَلم بن جُنَادة، ثنا أبو بكر بن عيَّاش، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، عن عمرَ بن الخطاب قال: قلت للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: إنِّي رأيتُ فلانًا يَدعو ويَذكرُ خيرًا، ويَذكرُ أنَّكَ أَعطيتَهُ دينارين. قال:«لكنَّ فلانًا أَعطيتُهُ ما بين كذا إلى كذا، فما أَثنى، ولا قال خيرًا» .
قال الدارقطني (2): ورواه جرير بن عبد الحميد (3)، عن الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد.
(1) الأُبُلَّة: بلدة على شاطئ دجلة. «معجم البلدان» (1/ 77).
(2)
في «العلل» (2/ 101 رقم 141).
(3)
أخرجه أبو يعلى (2/ 490 رقم 1327) وابن أبي الدُّنيا في «مكارم الأخلاق» (ص 98 رقم 398) والبزَّار (1/ 436 رقم 924 - كشف الأستار) والبيهقي في «شعب الإيمان» (16/ 137 رقم 8707) من طريق جرير، عن الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد
…
، فذكره.
ورواه عن جرير جماعة، وهم: زُهَير بن حرب، ويوسف بن موسى، وعلي ابن المديني.
وفي إسناده عطية، وهو: ابن سعد العَوفي، وهو ضعيف، وقد قال ابن المديني، كما في «شعب الإيمان»: روى هذا الحديث أبو بكر بن عيَّاش فيما حدَّثوا عنه، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، وحديث جرير عندي هو الحديث.
قلت: قد اختُلف في هذا الحديث -كما ترى-، فرجَّح أبو حاتم الرازي طريق أبي بكر بن عيَّاش. ورجَّح ابن المديني طريق جرير. وحكى الدارقطني في «العلل» (2/ 102 رقم 141) الاختلاف فيه، ولم يرجِّح شيئًا.
وأما محقِّقو «مسند الإمام أحمد» (17/ 40 رقم 11004 - ط مؤسسة الرسالة) فصحَّحوه من طريق أبي بكر بن عيَّاش على شرط البخاري، ولم يشيروا إلى شيء من الاختلاف الوارد في طرق الحديث!
وروي عن أبي كُرَيب (1)، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، ثم ذَكَر رواية أبي يعلى، وابن حبان، والله أعلم.
(1) لم أجده من هذه الطريق.