الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حديث في النهي عن الصلاة في أوقات
(131)
/ (ق 50) قال الإمام أحمد (1): ثنا بهز، ثنا أبان، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس قال: شَهِدَ عندي رجال مَرْضيُّون، منهم: عمرُ، وأرضاهم عندي عمر: أن نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «لا صلاةَ بعد العصرِ حتى تَغرُبَ الشمسُ، ولا صلاةَ بعد صلاةِ الصبحِ حتى تَطلُعَ الشمسُ» .
أخرجه الجماعة في كتبهم (2) من طرق، عن قتادة، عن أبي العالية، به.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
ورواه الحافظ علي ابن المديني، عن خالد بن الحارث، عن سعيد بن أبي عَروبة، عن قتادة، به.
وقال: هذا حديث صحيح مثبت.
وقد حدَّثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة: قال: لم يَسْمع قتادة من أبي العالية إلا أربعة أحاديث، هذا منها.
قال عليّ: ولولا ما قال شعبة كان هذا الحديث مضطَّربًا، وهو إسناد بصري، وقد روي في الصلاة بعد العصر وبعد الصبح أحاديثٌ، ولا نحفظه عن عمرَ إلا من هذا الوجه.
(1) في «مسنده» (1/ 18 رقم 110).
(2)
أخرجه البخاري (2/ 58 رقم 581 - فتح) في مواقيت الصلاة، باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس، ومسلم (1/ 566 رقم 826) في صلاة المسافرين، باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها، وأبو داود (2/ 184 رقم 1270) في الصلاة، باب من رخص فيها إذا كانت الشمس مرتفعة، والترمذي (1/ 343 رقم 183) في الصلاة، باب ما جاء في كراهية الصلاة بعد العصر وبعد الفجر، والنسائي (1/ 299 رقم 561) في المواقيت، باب النهي عن الصلاة بعد الصبح، وابن ماجه (1/ 396 رقم 1250) في إقامة الصلاة، باب النهي عن الصلاة بعد الفجر وبعد العصر.
قلت: قد روي هذا الحديثُ عن عمرَ من غير هذا الوجه:
(132)
فقال الإمام أحمد (1): ثنا سلمة (2) بن نافع الباهلي، ثنا صالح، عن الزهري، حدَّثني ربيعة بن درَّاج: أنَّ عليَّ بن أبي طالب سبَّح بعد العصر ركعتين في طريق مكةَ، فرآه عمرُ، فتَغيَّظَ عليه، ثم قال: أمَا واللهِ لقد عَلِمتَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها.
غريب من هذا الوجه، وربيعة بن درَّاج لا يُعرف إلا برواية الزهريِّ عنه، ولم يَذكره أبو حاتم (3).
(1) في «مسنده» (1/ 17 رقم 101).
(2)
كذا ورد بالأصل. وفي المطبوع: «السَّكَن» ، وهو الصواب الموافق لما في «إطراف المسند المعتلي» (5/ 27 رقم 6553).
(3)
يَرويه الزهري، واختُلف عليه، فرواه صالح بن أبي الأخضر -كما هنا-، عن الزهري قال: حدَّثني ربيعة بن درَّاج.
وصالح بن أبي الأخضر: ضعيف، وربيعة بن دَرَّاج اختُلف في سماع الزهري منه، والذي يظهر أنه لم يَسْمع منه؛ لأنَّ ربيعة بن درَّاج من مسلمة الفتح، كما رجَّح ذلك الحافظ في «الإصابة» (3/ 261).
وعليه؛ فقول صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري: حدَّثني ربيعة. من أوهام صالح.
…
وقد رواه ابن المبارك -كما في «مسند أحمد» (1/ 17 رقم 106) و «تاريخ ابن عساكر» (18/ 60) -، عن معمر، عن الزهري، عن ربيعة: أنَّ عليًّا صلَّى بعد العصر ركعتين، فتغيَّظ عليه عمرُ
…
، ولم يقل: حدَّثني.
ورواه الذُّهْلي في «الزُّهريات» -كما في «تاريخ ابن عساكر» (18/ 61) - قال: ثنا أبو صالح، ثنا الليث، حدثني يزيد بن أبي حبيب: أنَّ ابنَ شهاب كَتَب يَذكر: أنَّ ابنَ مُحَيريز أَخبَرَه عن ربيعة بن درَّاج أَخبَرَه: أنَّ عمرَ بن الخطاب
…
، الحديث
وأخرجه أبو زرعة الدمشقي -كما في «تاريخ ابن عساكر» (18/ 61) - قال: ثنا أبو صالح، حدثني الليث قال: حدثني يونس، عن ابن شهاب قال: حدَّثني ابن درَّاج، عن عمرَ
…
، فذكره.
وأخرجه الطحاوي (1/ 303) من طريق سَلَامة بن رَوْح، عن عُقيل بن خالد، عن الزهري، عن حِزَام بن درَّاج: أنَّ عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه سبَّح بطريقِ مكةَ، فدعاه عمرُ، فتغيَّظ عليه، وقال: لقد علمتَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان ينهانا عنهما.
قال الحافظ في «الإصابة» (3/ 261): فهذا الاختلاف على الزهري من أصحابه، وأرجحها رواية أبي صالح، عن الليث.
وانظر: «التاريخ الكبير» (3/ 115 رقم 389) و «علل الدارقطني» (2/ 149 رقم 173).
طريق أخرى
(133)
ورواه أحمد (1)، عن أبي المغيرة، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن جُبَير بن نُفَير، عن الحارث بن معاوية: أنَّه سأل عمرَ عن الركعتين بعد العصر، فقال: نهاني عنها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.
طريق أخرى
(134)
قال الحافظ / (ق 51) أبو بكر الإسماعيلي: ثنا يحيى بن محمد الحِنَّائي، ثنا شيبان، ثنا حماد بن سَلَمة، عن الأسود بن قيس، عن عبد الله بن الحارث: أنَّ أبا بكرٍ وعمرَ رضي الله عنهما كانا إذا دخل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة بادَرَا، أيهما يكون حيالَهُ، فصلَّى ذاتَ يومٍ، فلما فَرَغ قام رجلٌ يُصلِّي ركعتين بعد العصر، فقام إليه عمرُ رضي الله عنه، فأخذ بمنكبه، وقال: إنما هلك بنو إسرائيل أنَّه لم يكن لصلاتهم فَصْلٌ، النبيُّ صلى الله عليه وسلم (2)، وقال:«صَدَق عمرُ» (3).
(1) في «مسنده» (1/ 18 رقم 111).
وصحَّح إسناده الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه لـ «مسند أحمد» (1/ 203)، وقال: الحارث بن معاوية ذَكَره بعضهم في الصحابة، ورجَّح الحافظ أنه تابعي مخضرم.
(2)
قوله: «فَصْلٌ، النبيُّ صلى الله عليه وسلم» كذا ورد بالأصل. وضبَّب عليه المؤلِّف، إشارة إلى وجود سقط.
(3)
لم أقف عليه من هذه الطريق، وقد أخرج عبد الرزاق (2/ 432 رقم 3973) عن عبد الله بن سعيد قال: أخبرني الأزرق بن قيس قال: سَمِعتُ عبد الله بن رباح الأنصاري يحدِّث عن رجل من الأنصار من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صلَّى العصرَ، فقام رجلٌ يُصلِّي بعدَها، فأخذ عمرُ بن الخطاب بردائِهِ أو بثوبِهِ، وقال: اجلس، فإنما هلك أهلُ الكتاب قبلَكم لم يكن لصلاتهم فَصلٌ. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«صَدَقَ ابنُ الخطابِ» .
قال الشيخ الألباني في «السلسلة الصحيحة» (7/ 1/522): وهذا إسناد صحيح، وعبد الله بن سعيد، هو ابن أبي هند الفزاري، ثقة من رجال الشيخين، ذكره الحافظ المزِّي في شيوخ عبد الرزاق.
…
وأخرجه -أيضًا- أحمد (5/ 368 رقم 23121) وأبو يعلى (13/ 107 رقم 7166) من طريق شعبة، عن الأزرق بن قيس، به، ولفظه:«أَحسَنَ ابنُ الخطاب» .
قال الشيخ الألباني في الموضع السابق: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلُّهم ثقات على شرط مسلم، غير الصحابيِّ الذي لم يُسمَّ، وذلك لا يضرُّ؛ لأنَّ الصحابة كلَّهم عدول.
طريق أخرى
(135)
قال أحمد (1): ثنا أبو المغيرة، ثنا الأوزاعي، ثنا عمرو بن شعيب (2)، عن عبد الله بن عمرو، عن عمر: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاةَ بعد صلاةِ الصبحِ إلى طلوعِ الشمسِ، ولا بعدَ العصرِ حتى تَغيبَ الشمسُ» .
فهذه طرق مقوِّية للحديث من أصله، مع أنَّه قد اختاره صاحبا «الصحيح» ، فجاز القنطرة.
وسيأتي (3) من طريق أخرى في حديث موقف الإمام والمأموم.
(1) في «مسنده» (1/ 19 رقم 118).
(2)
كَتَب المؤلِّف فوقها «كذا» ، وكأنه يشير إلى انقطاعه.
(3)
انظر: (ص 281 رقم 144).
وقد رواه أحمد بن مَنيع في «مسنده» بلفظ آخر، فقال:
(136)
ثنا هشيم، أنا منصور بن زَاذَان، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس، عن عمرَ قال: قلت: يا رسول الله، أيُّ الليل أَسمع؟ قال:«جوف الليل الآخر، فصّلِّ ما شئتَ، فإن الصلاةَ مشهودةٌ مكتوبةٌ حتى تُصلِّيَ الصبحَ، ثم اقصُر عن الصلاةِ حتى تطلُعَ الشمسُ، فتَرتفعُ قِيسَ رُمحٍ (1) أو رُمحين، فإنها تطلُعُ بين قَرني شيطانٍ، ثم صَلِّ حتى يَعدِلَ الرُمحُ ظِلَّه ثم اقصُر، فإنَّ جَهنَّمَ تُسَجَّرُ أو تُفتَّحُ أَبوابُها، فإذا زاغتِ / (ق 52) الشمسُ فصَلِّ العصرَ، ثم اقصُر حتى تَغرُبَ الشمسُ، فإنها تَغرُبُ بين قَرني شيطانٍ، ويُصلِّي لها الكفارُ» .
إسناده جيد، وهو غريب من هذا الوجه.
أثر في ذلك
(137)
قال يعقوب بن سفيان (2): ثنا عيسى بن هلال السِّلَيحي، عن أبي حَيوة شُريح بن يزيد، عن شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، عن عروة -يعني: ابن الزُّبير-، قال: كنتُ غلامًا لي ذؤابتان (3)، فقمتُ أركع ركعتين بعد العصر، فبَصُرَ بي عمرُ بن الخطاب ومعه الدِّرَّة، فلمَّا رأيتُهُ فَرَرتُ منه، فأَحضَرَ في طلبي، حتى تعلَّق بذؤابتي، قال: فنهاني. فقلتُ: يا أميرَ المؤمنين، لا أَعودُ.
هذا غريب جدًّا، فإنَّ عروة لم يُدرك أيام عمر، ولا وُلِدَ في حياته،
(1) قِيس رمح: بكسر القاف، أي قدر رمح. انظر:«القاموس المحيط» (ص 569 - مادة قوس).
(2)
في «المعرفة والتاريخ» (1/ 364).
(3)
الذؤابة: هي الشَّعر المضفور من شعر الرأس. «النهاية» (2/ 151).
فلهذا قال شيخنا (1): هذا وَهْم، والأشبه أنَّ هذا جرى لأخيه عبد الله، وإنما سقط اسمه على بعض الرواة (2).
(1) هو: الحافظ المزِّي، انظر:«تهذيب الكمال» (20/ 22 - 23).
(2)
وقال الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (4/ 437): الأشبه أن هذا جرى لأخيه عبد الله، أو جرى له مع عثمان.
وقال في «تاريخ الإسلام» (ص 425، حوادث سنة 81 - 100): هذا حديث منكر مع نظافة رجاله.