الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حديث في حكم الصيام في السَّفر والإفطار
(272)
قال الإمام أحمد (1): ثنا أبو سعيد، ثنا ابن لَهِيعة، ثنا بُكَير، عن سعيد بن المسيّب، عن عمرَ قال: غَزَونا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في رمضانَ والفتحَ في رمضانَ، فأَفطَرْنا فيهما.
هكذا رواه أحمد ههنا، وقد صرَّح ابن لَهِيعة بالسماع، فجاد الإسناد؛ لأنَّه إنما يُخشى من تدليسه، وسوء حفظه، فزال أحدهما.
(273)
ورواه أحمد -أيضًا- (2)، عن حسن بن موسى الأشيب.
والترمذي (3)، عن قتيبة.
كلاهما عن ابن لَهِيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن معمر بن أبي حَبيبة (4)، عن ابن المسيّب: أنَّه سُئل (5) عن الصوم في السَّفر، فحدَّث أنَّ عمرَ بن الخطاب قال: غَزَونا مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في رمضانَ غَزوتين: يومَ بدرِ، والفتحَ، فأَفطَرْنا فيهما.
وهذان طريقان إلى سعيد بن المسيّب، وروايته عن عمر مرسلة، فيما نصَّ عليه يحيى بن معين، وأبو حاتم، وغيرهما، لأنَّه وُلِدَ لسنتين خلتا من
(1) في «مسنده» (1/ 22 رقم 140).
(2)
في «مسنده» (1/ 22 رقم 142).
(3)
في «سننه» (3/ 93 رقم 714) في الصوم، باب ما جاء في الرخصة للمحارب في الإفطار.
(4)
قوله: «ابن أبي حبيبة» كذا ورد بالأصل. وكَتَب المؤلِّف بجواره في حاشية الأصل: «حُييَّة» ، وكَتَب فوقها:«خ» ، إشارة إلى وروده في نسخة.
ومعمر هذا: يقال له: «ابن أبي حبيبة» ، و «ابن أبي حُييَّة». انظر:«تهذيب الكمال» (28/ 302).
(5)
كَتَب المؤلِّف فوقها: «سأله» . وهو لفظ الترمذي.
خلافة عمر، فكان صغيرًا، ولهذا استبعد يحيى بن معين أن يكون حفظ عنه شيئًا (1).
قلت: قد روِّينا أنَّه حفظ عنه أشياء، كما سيأتي في مواضعها من كتاب الحج وغيره، ولهذا قال أحمد بن حنبل: مَن يُنكر أن يكون سَمِعَ منه.
وقد استَوعبنا الكلامَ في ذلك وحرَّرناه في ترجمة سعيد بن المسيّب من كتاب «التكميل» (2)، ولله الحمد والمنَّة.
أثر في ذلك عن عمر
(274)
قال الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله: أنا المبارك بن علي، أنا محمد بن علي بن مَيمون، ثنا محمد بن علي العلوي، أنا علي بن عبد الرحمن البكَّائي، أنا ابن مُلَيل محمد بن عبد العزيز الكِلابي، ثنا أبي، ثنا أبو أسامة، حدثني صدقة بن أبي عمران، ثنا إياد بن لقيط، ثنا البراء بن
(1) انظر: «الجرح والتعديل» (4/ 61).
وقد صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الفطر في السَّفر، وذلك فيما أخرجه مسلم (2/ 789 رقم 1120) في الصيام، باب أجر المفطر في السفر إذا تولى العمل، من حديث أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه قال: سافرنا مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إلى مكةَ ونحن صيامٌ، قال: فنزلنا منزلاً، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:«إنَّكم قد دَنَوتم من عدوِّكم، والفطرُ أقوى لكم» . فكانت رخصةً، فمنَّا من صام، ومنَّا من أفطر، ثم نزلنا منزلاً آخر، فقال:«إنكم مصبِّحو عدوَّكم، والفطرُ أَقوى لكم، فأَفطِرُوا» . وكانت عزمةً، فأَفطَرْنا. قال أبو سعيد: لقد رأيتُنا نصومُ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بعدَ ذلك في السَّفرِ.
(2)
ذَكَره الحسيني في «ذيل تذكرة الحفاظ» (ص 58) وقال: جمع فيه بين كتاب «التهذيب» و «الميزان» ، وهو خمس مجلدات.
وقال الدَّاوودي في «طبقات المفسرين» (1/ 111): اختصر «تهذيب الكمال» ، وأضاف إليه ما تأخَّر في «الميزان» ، وسمَّاه:«التكميل» .
عازب (1) قال: كنتُ مع سلمانَ بن ربيعة في بَعثٍ، وأنَّه بعثني إلى عمرَ في حاجةٍ له في أشهرِ الحُرُمِ، فقال عمرُ: أَيصومُ سلمانُ؟ فقلت: نعم. فقال: لا يَصُمْ، فإنَّ التقوِّي على الجهادِ أفضلُ من الصومِ (2).
(1) كذا ورد بالأصل. وانظر التعليق الآتي.
(2)
وأخرجه -أيضًا- ابن أبي شيبة (6/ 465 رقم 32915) في السير، باب من كان يستحب الإفطار إذا لقي العدو، والبخاري في «التاريخ الكبير» (4/ 137) من طريق معاوية بن هشام، عن سفيان، عن إياد بن لقيط، عن البراء بن قيس قال: أَرسَلَني عمرُ بن الخطاب إلى سلمان بن ربيعة آمره أن يفطر، وهو محاصر.
هكذا قالوا: «عن البراء بن قيس «! وهو خلاف رواية ابن الجوزي التي ذكرها المؤلِّف، وبالرجوع إلى «تهذيب الكمال» (4/ 34 - 36) تبين أن للبراء بن عازب رواية عن عمر، ويروي عنه إياد بن لقيط. وأما البراء بن قيس فيروي عن حذيفة وسعد، ويروي عنه إياد بن لقيط، وهو مجهول الحال، أورده البخاري في «التاريخ الكبير» (2/ 117 رقم 1889) وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (2/ 399 رقم 1569) وسكتا عنه، وذكره ابن حبان في «الثقات» (4/ 77)، فالله أعلم بالصواب.