الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أثر في قيام الإمام على نَعَم الصدقة، وخدمتها، وحياطتها
(230)
قال أبو بكر ابن أبي الدُّنيا رحمه الله (1): حدَّثني القاسم بن هاشم، عن عبد الله بن بَكر السَّهمي، حدثني الفضل بن عَميرة: أنَّ الأحنفَ بن قيس قَدِمَ على عمرَ بن الخطاب في وفدٍ من العراقِ، قَدِموا عليه في يومٍ صائفٍ، شديدِ الحرِّ، وهو مُحتَجِزٌ بعَبَاءةٍ يَهنَأ (2) بعيرًا من إبلِ الصدقةِ، فقال: يا أحنفُ، ضَعْ ثيابَكَ، وهلمَّ، فأَعِنْ أميرَ المؤمنينَ على هذا البعيرِ، فإنه / (ق 91) لمن إبلِ الصدقةِ، في حقِّ اليتيمِ، والأَرمَلةِ، والمسكينِ. فقال رجلٌ من القوم: يَغفِرُ اللهُ لكَ يا أميرَ المؤمنينَ! فهلَاّ تأمُرُ عبدًا من عبيد الصدقةِ فليكقك (3) هذا؟ ! قال عمرُ: وأيُّ عبدٍ هو أَعبَدُ منِّي، ومن الأحنفِ؟ إنَّه مَن وَلِيَ أمرَ المسلمينَ في عدِّ (4) المسلمين يجبُ عليه لهم ما يجبُ على العبدِ لسيدِهِ من النصيحةِ وأداءِ الأمانةِ.
أثر آخر
(231)
وقال ابن أبي الدُّنيا أيضًا (5): حدثني عبد الله بن أبي بدر، ثنا
(1) لم أقف عليه في مظانِّه من مصنَّفاته المطبوعة، وعزاه صاحب «كنز العمال» (5/ 761 رقم 14307) إلى كتاب «المداراة» له، ولم أجده في المطبوع منه.
(2)
يَهنَأُ: من الهِناء، وهو القَطِران، والمعنى: أنه يعالج جَرَب الإبل بطلائه بالقَطِران. «النهاية» (5/ 277).
(3)
هكذا رُسمت في الأصل. وجاء في «كنز العمال» : «فيَكفِيك» .
(4)
هكذا رُسمت في الأصل، وكَتَب المؤلِّف فوقها:«كذا» . وفي «كنز العمال» : «إنه مَن ولي أمر المسلمين، فهو عَبد للمسلمين» .
(5)
في «الهواتف» (ص 119 رقم 165).
يحيى بن يمان، عن سفيان، عن عمر بن محمد، عن سالم بن عبد الله قال: أَبطَأَ خبرُ عمرَ على أبي موسى، فأتى امرأةً في بطنِها شيطانٌ، فسألها عنه، فقالت: حتى يَجِيءَ إليَّ شيطاني. فجاء، فسألتُهُ عنه؟ فقال: تَرَكتُهُ مُؤتَزِرًا بكساءٍ يَهَنَأُ إبلَ الصدقةِ، وذاك لا يَرَاهُ شيطانٌ إلا خَرَّ لمنخريه، المَلَكُ بين عينيه، وروحُ القُدُسِ يَنطِقُ على لسانِهِ.
إسناده جيد قوي (1).
أثر آخر
(232)
قال الإمام أبو عبد الله الشافعي رحمه الله (2): أنا عمِّي، عن الثقة -أحسبه محمد بن عليِّ بن الحسين، أو غيره-، عن مولىً لعثمان قال: بينما أنا مع عثمانَ بالعاليةِ في يومٍ صائفٍ، إذ رأى رجلاً يَسوقُ بَكرَينِ، وعلى الأرضِ مثلُ الفراشِ من الحرِّ، فقال: ما على هذا لو
(1) له علَّة، فقد تفرَّد بروايته يحيى بن يمان دون بقيَّة أصحاب الثوري المتقنين، وقد قال ابن معين: ربما عارضت بأحاديث يحيى بن يمان أحاديث الناس، فما خالف فيها الناس ضربتُ عليه، وقد ذكرت لوكيع شيئًا من حديثه عن سفيان، فقال: ليس هذا سفيان الذي سمعنا نحن منه. وقال أحمد: ليس بحجَّة. وقال أبو حاتم: مضطرب الحديث، في حديثه بعض الصنعة، ومحلُّه الصدق. وقال -أيضًا-: رأيت محمد بن نُمَير يضعِّف يحيى بن يمان، ويقول: كأن حديثه خيال. انظر: «تاريخ ابن معين -رواية الدُّوري» (2/ 667) و «الجرح والتعديل» (9/ 199 رقم 830) و «تهذيب الكمال» (32/ 55).
ولم أقف على ما يثبت سماع سالم من أبي موسى، وأما روايته عن جدِّه عمر بن الخطاب فمنقطعة. انظر:«المراسيل» لابن أبي حاتم (ص 81 رقم 291).
(2)
في «الأم» (4/ 48)، وفي إسناده جهالة.
أقامَ بالمدينةِ حتى يُبرِدَ؟! ثم قال: انظر مَن هو؟ (1) فنَظَرتُ، فإذا هو عمرُ رضي الله عنه، فقلت: هذا أميرُ المؤمنين! فقام عثمانُ رضي الله عنه فأَخرَجَ رأسَهُ من الباب، فآذاه لَفْحُ / (ق 92) السَّمومِ (2)، فأعاد رأسَهُ حتى حَاذَاهُ، فقال: ما أَخَرَجَكَ هذه الساعةَ يا أميرَ المؤمنين؟ فقال: بَكرَانِ (3) من إبلِ الصدقةِ تَخَلَّفَا، فأَردتُ أنْ أُلحِقَهُمَا بالحِمَى، خشيتُ أن يَضيعا، فيَسأَلُني اللهُ عنهما! فقال: هَلمَّ إلى الماءِ والظلِّ، ونَكفيكَ. فقال: عُدْ إلى ظِلِّكَ. فقال: عندنا مَن يَكفيكَ. ومضى (4). فقال عثمان رضي الله عنه: مَن أحبَّ أنْ يَنظرَ إلى القويِّ الأمينِ؛ فليَنظُرَ إلى هذا. ثم عاد إلينا، فألقَى نفسَهُ، رضي الله عنه وأرضاه.
(1) زاد في المطبوع: «فقلت: أرى رجلاً معمَّمًا بردائه يسوق بَكْرين. ثم دنا الرجل، فقال: انظر» .
(2)
السَّموم: الريح التي تهب حارَّة بالنهار. «النهاية» (2/ 404).
(3)
البَكر: الفتي من الإبل. «النهاية» (1/ 149).
(4)
قوله: «فقال: عندنا من يكفيك. ومضى» كذا ورد بالأصل. وفي المطبوع: «فقلت: عندنا من يكفيك، فقال: عُد إلى ظِلِّك، فمضى» .