الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حديث في استحباب صيام أيام الليالي البيض
(286)
قال الإمام أحمد (1): ثنا أبو النضر، ثنا المسعودي، عن حكيم بن جُبَير، عن موسى بن طلحة، عن ابن الحَوتكيَّة، قال: أُتِيَ عمرُ بن الخطاب بطعامٍ، فدعا إليه رجلاً، فقال: إني صائمٌ. فقال: وأيَّ الصيامِ تصومُ؟ لولا كراهيةُ أن أَزيدَ أو أَنقُصَ لحدَّثتُكم بحديث النبيِّ صلى الله عليه وسلم حين جاءه الأعرابيُّ بالأرنبِ، ولكن أَرسِلُوا إلى عمَّار. فلما جاء عمَّار قال: / (ق 113) أشاهدٌ أنت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يوم جاءه الأعرابيُّ بالأرنبِ؟ قال: نعم. قال: إني رأيتُ بها دمًا، فقال:«كُلُوها» . قال: إني صائمٌ، قال:«وأيَّ الصِّيامِ تَصومُ؟» . قال: أوَّلَ الشهرِ وآخرَه. قال: «إنْ كنتَ صائمًا فصُمْ الثلاثَ عشرةَ، والأربعَ عشرةَ، والخمسَ عشرةَ» .
هذا إسناد حسن جيد، وليس في الكتب السِّتة، والمسعودي وشيخه فيهما كلام، وابن الحَوتكيَّة اسمه: يزيد.
وقد رواه يوسف بن يعقوب القاضي، عن محمد بن بكر، عن سفيان بن عيينة (2)، عن محمد بن عبد الرحمن وحكيم بن جُبَير، كلاهما عن موسى بن طلحة، عن ابن الحَوتكِيَّة قال: قال عمرُ: مَن حاضرنا يوم
(1) في «مسنده» (1/ 31 رقم 210).
وأخرجه -أيضًا- الضياء في «المختارة» (1/ 421 رقم 300) والطيالسي (1/ 49 رقم 44) والبيهقي (9/ 321) من طريق المسعودي، به.
(2)
ومن هذا الوجه: أخرجه النسائي (4/ 541 رقم 2425) في الصيام، باب ذكر الاختلاف على موسى بن طلحة في الخبر
…
، و (7/ 223 رقم 4322) في الصيد، باب الأرنب، وأحمد (5/ 150 رقم 21334، 21335) وابن خزيمة (3/ 302 رقم 2127) والضياء في «المختارة» (1/ 420 رقم 299).
القاحَة (1)؟ قال أبو ذر: أنا، أتى رجلٌ بأرنب، فقال رجل: أنا رأيتها تَدمَى (2)، فكأنَّه اتَّقاها، فأمر أن يأكلوا منها، وكان الرجلُ صائمًا، فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فذَكَر شيئًا، لا أدري ما هو؟ قال:«فأين أنت عن الغُرِّ البيض: ثلاثَ عشرةَ، وأربعَ عشرةَ، وخمسَ عشرةَ» .
وقد رواه حماد بن سَلَمة (3)،
عن حجَّاج بن أرطاة، عن عثمان بن عبد الله بن مَوهَب، عن موسى بن طلحة، عن يزيد بن الحَوتكِيَّة، به.
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم (4): لا أعلم أحدًا سمَّى ابنَ الحَوتكِيَّة غيرَ حجَّاج بن أرطاة.
حكاه الضياء في كتابه «المختارة» (5) في مسند عمر منها (6).
(1) القاحَة: مدينة على ثلاث مراحل من المدينة. «معجم البلدان» (4/ 290).
(2)
تَدمَى: أي: أنها ترمي الدم، وذلك أن الأرنب تحيض كما تحيض المرأة. «النهاية» (2/ 135).
(3)
لم أقف عليه مسندًا، وأروده الدارقطني في «العلل» (2/ 227) تعليقًا، وقال: خالَفَه هشام الدَّستوائي، فرواه عن حجَّاج، عن موسى، لم يَذكر بينهما أحدًا.
قلت: رواية هشام الدَّستوائي: أخرجها الحارث بن أبي أسامة في «مسنده» ، كما في «بغية الباحث «(ص 116 رقم 336) عن عبد الوهاب بن عطاء، عن هشام، عن الحجَّاج بن أَرطاة، عن موسى بن طلحة، عن يزيد بن الحَوتَكِيَّة: أن عمر.
قال الحافظ في «المطالب العالية» (1/ 428): هكذا رواه الحجَّاج، وهو مدلِّس، ورواه محمد بن عبد الرحمن وحكيم بن جُبَير، عن موسى بن طلحة، عن ابن الحَوتَكِيَّة، عن أبي ذرٍّ، وبيَّن أن الرجلَ المذكور الذي حدَّث بهذا الحديث هو أبو ذرٍّ رضي الله عنه.
(4)
في «الجرح والتعديل» (9/ 256 رقم 1077).
(5)
(1/ 421).
(6)
ومدار هذه الرواية التي ذكرها المؤلِّف على يزيد بن الحَوتَكِيَّة، وقد قال عنه الذهبي في «الميزان «(4/ 421 رقم 9682): لا يُعرَف، تفرَّد عنه موسى بن طلحة. =
قلت: وهذا الحديث مناسَب أن يُذكر في مسند أبي ذرّ، أو عمَّار بن ياسر، وفي مسند عمرَ رضي الله عنه، فقدَّمناه سَلَفًا وتعجيلاً.
= وقال الحافظ في «التقريب» : مقبول. يعني حيث يُتابَع، وإلا فليِّن.
وقد وقع اختلاف على موسى بن طلحة في روايته لهذا الحديث:
فقيل: عنه، عن ابن الحَوتَكِيَّة، عن عمرَ، كما سبق!
وقيل: عنه، عن عمرَ!
وقيل: عنه، عن أبي ذرٍّ!
وقيل: عنه، عن أبي هريرة!
وقيل: عنه، عن أبيه طلحة بن عبيد الله!
وقيل: عنه، مرسلاً!
وقيل: عن الحكم بن عُتيبة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أُبيّ بن كعب!
…
أما الوجه الأول: فقد تقدَّم بيانه، وأنه ضعيف.
وأما الوجه الثاني: فعلَّقه الدارقطني في «العلل» (2/ 227) من طريق سفيان بن حسين، وسعيد بن محمد، عن الحكم بن عُتيبة، عن موسى بن طلحة، عن عمرَ، ليس فيه: ابن الحَوتَكِيَّة!
وهذا الوجه لا يعتدُّ به؛ لأنَّ موسى بن طلحة لم يلق عمر. انظر: «المراسيل» لابن أبي حاتم (ص 209 رقم 779).
وأما الوجه الثالث: فأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (5/ 407) والترمذي (3/ 134 رقم 761) في الصوم، باب ما جاء في صوم ثلاثة أيام من كل شهر، والنسائي (4/ 540 رقم 2421، 2422، 2423) في الصيام، باب ذكر الاختلاف على موسى بن طلحة في الخبر
…
، وأحمد (5/ 152، 162، 177) وابن خزيمة (3/ 302 رقم 2128) وابن حبان (8/ 414 - 415، 415 رقم 3655، 3656 - الإحسان) وابن عبد الباقي في «مشيخته» (2/ 386 رقم 5) من طريق يحيى بن سام، عن موسى بن طلحة، عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه. ليس فيه: ابن الحَوتَكِيَّة!
قال الترمذي: حديث أبي ذرٍّ حديث حسن.
وحسَّنه -أيضًا- الشيخ الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (7/ 210). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال في «الإرواء» (4/ 102) بعد ذكر تحسين الترمذي: وهو كما قال -إن شاء الله-، ويحيى بن سام لا بأس به.
قلت: وقد صرَّح ابن خزيمة في «صحيحه» (3/ 302) بسماع موسى بن طلحة لهذا الخبر من أبي ذرٍّ.
وأما الوجه الرابع: فأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (5/ 407) والنسائي (4/ 539 رقم 2420) في الموضع السابق، و (7/ 222 رقم 4321) في الصيد، باب الأرنب، وأحمد (2/ 336) وابن حبان (8/ 410 رقم 3650 - الإحسان) من طريق أبي عَوَانة، عن عبد الملك بن عُمَير، عن موسى بن طلحة، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
قلت: عبد الملك بن عُمَير قال عنه الحافظ في «التقريب» : ثقة فقيه، لكنه تغيَّر حفظه، وربما دلَّس.
وقد سُئل أبو زرعة، كما في «العلل» لابن أبي حاتم (1/ 266) عن رواية أبي هريرة وأبي ذرٍّ، فقال: الصحيح عندي حديث أبي ذرٍّ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وقد أعلَّ الشيخ الألباني في «الإرواء» (4/ 100) رواية أبي هريرة هذه، فقال: ومما يرجِّح أنَّ الحديث ليس عن أبي هريرة ما تقدَّم في بعض الروايات من الطريق الأولى عن أبي هريرة أنه كان يصوم الثلاثة أيام في أول الشهر، فلو كان الحديث:«فصُم الغُرَّ» ، وهي الأيام البيض لم يخالِف ذلك إن شاء الله تعالى.
وأما الوجه الخامس والسادس: فيرويه طلحة بن يحيى، واختُلف عليه:
فعلَّقه الدارقطني في «العلل» (2/ 230) من طريق يحيى بن أبي بُكَير، عن أبي الأحوص، عن طلحة بن يحيى، عن موسى بن طلحة، عن أبيه طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه!
وأعلَّه بقوله: ووَهِمَ فيه. يعني: أبا الأحوص.
وقال في «الأفراد» ، كما في «أطرافه» لابن طاهر (1/ 305): غريب من حديث موسى، عن أبيه، تفرَّد به أبو الأحوص، عن طلحة بن يحيى، عن موسى، وتفرَّد به عيسى بن أبي حرب، عن يحيى بن أبي بُكَير، عن أبي الأحوص.
قلت: وقد خولف أبو الأحوص في روايته، خالَفَه القاسم بن مَعن، ويعلى بن عبيد، ويحيى القطان، فرووه عن طلحة بن يحيى، عن موسى بن طلحة، مرسلاً. =