الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حديث في كلام الميِّت على سريره
(204)
قال أبو بكر ابن أبي الدُّنيا رحمه الله (1): حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي، ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي (2)، عن رجل من أهل البصرة، عن زيد بن أسلم (3)، عن عمرَ بن الخطاب قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَا من ميِّتٍ يُوضعُ على سريرِهِ، فيُخطَى به ثلاثَ خُطًى، إلا تكلَّم بكلامٍ يُسمعُ مَن شاءَ اللهُ إلا الثقلين، الجنَّ والإنسَ، يقول: يا إخوتاه، ويا إخواناه، ويا حملةَ نَعشَاهُ، لا تَغرنَّكُمُ الدُّنيا كما غَرَّتني، ولا يَلعَبَنَّ بكم الزمانُ كما لَعِبَ بي، خَلَّفتُ ما تَرَكتُ لِوَرَثتي، والدَّيانُ يومَ القيامةِ يُخاصِمُني، وأنتم تُشيِّعوني وتَدَعُوني» .
فيه انقطاع، وفي إسناده مَن لم يُسمّ، ولكن له شاهد في «الصحيح» (4).
(1) في «القبور» (ص 61 - 62 رقم 25).
(2)
في المطبوع: «البخاري» .
(3)
قوله: «عن رجل من أهل البصرة، عن زيد بن أسلم» كذا ورد بالأصل. وفي المطبوع: «عن رجل من أهل البصرة، عن الخليل بن مُرَّة، عن زيد بن أسلم» .
(4)
لعلَّه يشير إلى: ما أخرجه البخاري (3/ 181، 184، 244 رقم 1314، 1316، 1380 - فتح) في الجنائز، باب حمل الرجال الجنازة دون النساء، وباب قول الميت وهو على الجنازة: قدِّموني، وباب كلام الميت على سريره، من حديث أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إذا وُضِعَت الجنازةُ فاحتَمَلها الرِّجالُ على أعناقهم، فإن كانتْ صالحةً قالت: قدِّموني، قدِّموني. وإن كانت غيرَ صالحة قالت: يا ويلَهَا، أين يذهبون بها؟! يَسْمع صوتَها كلُّ شيءٍ إلا الإنسانَ، ولو سَمِعَها الإنسانُ لصَعِقَ» .
حديث آخر
(205)
قال الإمام أحمد (1): ثنا يحيى بن سعيد -أنا سألتُهُ-، ثنا سليمان بن المغيرة، ثنا ثابت، عن أنس قال: كنَّا مع عمرَ بين مكةَ والمدينةَ، فتراءَيْنا الهلالَ، وكنتُ حديدَ البصر، فرأيتُهُ، فجَعَلتُ أقولُ لعمرَ: أما تَرَاهُ؟ قال: سأَراهُ وأنا مُستلقٍ على فراشي، / (ق 82) ثم أخذ يحدِّثنا عن أهل بدر، قال: إنْ كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لَيُرينا مصارِعَهم بالأمس، يقول:«هذا مَصرعُ فلانٍ غدًا، إنْ شاء اللهُ، وهذا مَصرعُ فلانٍ غدًا، إنْ شاء اللهُ» . قال: فجعلوا يُصرَعون عليها. قال: قلتُ: والذي بَعَثك بالحقِّ ما أخطأوا تيكَ، كانوا يُصرَعون. ثم أمر بهم فطُرحُوا في بئر، فانطَلَق إليهم:«يا فلانُ، يا فلانُ، هل وَجَدتُم ما وَعدَكُمُ اللهُ حقًّا، فإنِّي وَجَدتُ ما وَعدَني اللهُ حقًّا» . قال عمرُ: يارسولَ الله، ما تكلِّمُ (2) قومًا قد جَيَّفوا؟! قال:«ما أنتم بأسمعَ لما أَقولُ منهم، ولكن لا يستطيعون أن يُجيبُوا» .
وهكذا رواه النسائي (3)، عن عمرو بن علي الفلَاّس، عن يحيى بن سعيد القطَّان.
وأخرجه مسلم (4)، عن إسحاق بن عمر بن سليط، وشيبان بن فرُّوخ. كلاهما عن سليمان بن المغيرة، به.
(1) في «مسنده» (1/ 26 رقم 182).
(2)
وضع المؤلِّف فوق «ما» علامة التضبيب، وفي المطبوع:«أتكلِّم» .
(3)
في «سننه» (4/ 416 رقم 2073) في الجنائز، باب أرواح المؤمنين وغيرهم.
(4)
في «صحيحه» (4/ 2202 رقم 2873) في الجنة، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار
…
وقد رواه حميد، عن أنس، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولم يَذكر عمرَ (1)، وسيأتي (2) في مسنده، إن شاء الله تعالى.
حديث آخر
(206)
قال الحافظ أبو بكر الإسماعيلي: حدثني محمد بن عُمَير، ثنا ابن قتيبة، ثنا محمد بن آدم، ثنا محمد بن فضيل، ثنا إسماعيل بن أبي خالد وليث، عن سالم، عن ابن عمرَ، عن عمر، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:«مَن صَلَّى على جنازةٍ فله قِيرَاطٌ، ومَن شَهِدَها حتى تُدفَنَ فله قِيرَاطان» .
غريب من هذا الوجه (3).
(1) ومن هذا الوجه: أخرجه النسائي (4/ 416 رقم 2074) وعبد بن حميد في «المنتخب من مسنده» (3/ 188 رقم 1403) وأحمد (3/ 104، 182 رقم 12022، 12873، 13773) وابن أبي عاصم في «السُّنة» (2/ 412 رقم 881) وأبو يعلى (6/ 433، 460 رقم 3808، 3857) وابن أبي عاصم في «السُّنة» (2/ 412 رقم 879) وابن حبان (14/ 458 رقم 6525 - الإحسان) من طريق حميد، به.
ورواه عن حميد جماعة، وهم: ابن المبارك، ويزيد بن هارون، وابن أبي عدي، ويحيى بن سعيد، وعبد الله بن بكر، ومعتمر بن سليمان، وإسماعيل بن جعفر.
وقد توبع حميد على روايته، تابعه ثابت البُناني، وروايته عند مسلم (4/ 2203 رقم 2874) في الموضع السابق.
(2)
انظر: «جامع المسانيد والسُّنن» (21/ 138، 165 - 166 رقم 242، 311 - ط قلعجي).
(3)
يَرويه إسماعيل بن أبي خالد وسالم البرَّاد، واختُلف عليهما:
فقيل: عن إسماعيل بن أبي خالد وليث، عن سالم، عن ابن عمرَ، عن عمرَ!
وقيل: عن إسماعيل، عن سالم البرَّاد، عن ابن عمرَ، ليس فيه عمر!
وقيل: عن عبد الملك بن عُمَير، عن سالم البرَّاد، عن أبي هريرة!
أما الوجه الأول: فقد ذكره المؤلِّف. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأما الوجه الثاني: فأخرجه الترمذي في «العلل الكبير» (ص 148 رقم 257) وابن أبي شيبة (3/ 13 رقم 11620،11617) في الجنائز، باب في ثواب من صلَّى على الجنازة وتَبعها حتى تُدفن، وأحمد (2/ 16 رقم 4650) والدُّولابي في «الكنى والأسماء» (2/ 56) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن سالم البرَّاد، عن ابن عمرَ
…
، فذكره.
ورواه عن إسماعيل جماعة، وهم: يزيد بن هارون، ووكيع، ومحمد بن بِشر العَبدي، ويحيى بن سعيد، وابن المبارك. ورواية وكيع موقوفة!
وأما الوجه الثالث: فأخرجه إسحاق بن راهويه في «مسنده» (1/ 396 رقم 343) وأحمد (2/ 458) من طريق شعبة، عن عبد الملك بن عُمَير، عن سالم البرَّاد، عن أبي هريرة
…
، فذكره.
ورجَّح هذا الوجه: الإمام ابن المديني، فقال في «العلل» (ص 76 - ط الأعظمي) و (ص 167 - ط دار غراس): رواه سنان (وتحرَّف عند الأعظمي إلى: سفيان!)، عن عبد الملك بن عُمَير، عن سالم البرَّاد، عن أبي هريرة. ورواه ابن أبي خالد، عن سالم البرَّاد، عن ابن عمرَ. والحديث عندي حديث أبي هريرة، وحديث ابن أبي خالد وَهْم
وقال البخاري، كما في «العلل الكبير» للترمذي (ص 149): رواه عبد الملك بن عُمَير، عن سالم البرَّاد، عن أبي هريرة، وهو الصحيح، وحديث ابن عمر ليس بشيء، أنكر ابنُ عمر على أبي هريرة حديثَه.
وفي «التاريخ الكبير» للبخاري (2/ 274): لا يصح؛ لأن الزهري قال: عن سالم: أنَّ ابنَ عمرَ أنكر على أبي هريرة حتى سأل عائشة.
قلت: مراد البخاريِّ إنكار أن يكون ابنُ عمرَ حدَّث بهذا؛ لأنه لما أُخبِرَ عن أبي هريرة بهذا الحديث أنكره عليه، ولو كان الحديث عنده لما أنكره على أبي هريرة، ورواية أبي هريرة التي فيها إنكار ابن عمر: خرَّجها البخاري في «صحيحه» (3/ 193 رقم 1323، 1324) في الجنائز، باب فضل اتباع الجنائز، ومسلم (2/ 653 رقم 945)(55) في الجنائز، باب فضل الصلاة على الجنازة واتباعها- واللفظ له - من طريق نافع قال: قيل لابن عمرَ: إنَّ أبا هريرة يقول: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «مَن تبع جنازةً فله قيراطٌ من الأجر» ، فقال ابنُ عمرَ: أَكثَرَ علينا أبو هريرة، فبَعَث إلى عائشةَ فسألها، فصدَّقت أبا هريرة، فقال ابن عمر: لقد فرَّطنا في قراريطَ كثيرة.
فائدة: قال الحافظ في «إتحاف المهرة» (8/ 435) بعد ذِكره لإعلال البخاري: وقد راح (كذا، ولعل الصواب: راج) هذا السند على الحافظ الضياء فأخرج هذا الحديث في «المختارة» ، وهو معلول، كما ترى.
وانظر: «علل الدارقطني» (4/ق 61).
أثر عن عمر
(207)
قال الشافعي (1): أنا مالك (2)، عن نافع، عن ابن عمرَ: أنَّ عمرَ غُسِّل وكُفِّن وصُلِّي عليه.
قال الشافعي: وهو شهيد، ولكنه صار إلى الشهادة في غير حرب.
قلت: وروى البيهقي (3): أنَّ عليًّا غُسِّل وكُفِّن أيضًا.
وفي هذا دلالة على أنَّ مَن قَتَله أهلُ البغيِّ يُغسَّل ويُصلَّى عليه.
حديث آخر فيه ذِكر عمر
(208)
قال الدارقطني (4): ثنا محمد بن مَخلد، ثنا محمد بن الوليد القَلَانسي أبو جعفر المُخرَّمي، ثنا الهيثم بن جميل، ثنا مبارك بن فَضَالة، عن الحسن، عن أنس قال: كَبَّرَتِ الملائكةُ على آدمَ أربعًا، وكَبَّرَ أبو بكرٍ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم أربعًا، وكَبَّرَ عمرُ على أبي بكرٍ أربعًا، وكَبَّرَ صهيبٌ على عمرَ
(1) في «الأم» (1/ 268).
(2)
وهو في «الموطأ» (1/ 596) في الجهاد، باب العمل في غسل الشهيد.
وأخرجه -أيضًا- عمر بن شبَّة في «تاريخ المدينة» (3/ 924) من طريق موسى بن عقبة، عن نافع، به.
(3)
انظر: «السنن الكبرى» (4/ 17) و «معرفة السُّنن والآثار» (5/ 261).
(4)
في «سننه» (2/ 71 - 72).
أربعًا، وكَبَّرَ الحسنُ بن عليٍّ على عليٍّ أربعًا، وكَبَّرَ الحسينُ على الحسنِ أربعًا.
ثم قال: محمد بن الوليد هذا: ضعيف (1).
ثم روى (2) من حديث خُنَيس بن بكر بن خُنَيس، عن فُرَات بن سلمان الجَزَري (3)، عن ميمون بن مِهران، عن ابن عباس، نحوه (4).
(1) بل: وضَّاع، قال ابن عدي: يضع الحديث، ويُوصله، ويسرق، ويُقلب الأسانيد والمتون. انظر:«الكامل» (6/ 285).
وقد قال الحافظ في «التلخيص الحبير» (2/ 120 - 121): وفيه موضعان منكَرَان: أحدهما: أنَّ أبا بكرٍ كبَّرَ على النبيِّ! وهو يُشعر أنَّ أبا بكرٍ أمَّ الناسَ في ذلك؛ والمشهور أنهم صلُّوا على النبيِّ صلى الله عليه وسلم أفرادًا.
والثاني: أنَّ الحسين كبَّرَ على الحسن، والمعروف أنَّ الذي أمَّ في الصلاة عليه سعيد بن العاص.
(2)
أي: الدارقطني في «سننه» (2/ 72) عن محمد بن مَخلد، عن أحمد بن الوليد الفحَّام، ويحيى بن زيد بن يحيى الفزاري، عن خُنيس، به.
(3)
قال الدارقطني: إنما هو فُرَات بن السائب: متروك الحديث.
(4)
وأخرجه الحارث بن أبي أسامة في «مسنده» ، كما في «المطالب العالية» (1/ 344 رقم 890) عن حفص بن حمزة، عن فُرَات بن السَّائب، عن ميمون بن مِهران، عن عبد الله بن عمرَ رضي الله عنهما
…
، فذكره!
وضعَّفه الحافظ في «المطالب العالية» .
وجاءت رواية توهم متابعة فُرَات بن السائب، لكنها ساقطة: أخرجها العقيلي (4/ 67) وابن حبان في «المجروحين» (2/ 251) وابن عدي (6/ 129) وأبو نعيم في «الحلية» (4/ 96) من طريق محمد بن زياد اليشكري، عن ميمون بن مِهران، به.
ومحمد بن زياد هذا: كذَّاب، كذَّبه أحمد وابن معين والفلَاّس وأبو زرعة والنسائي. انظر:«تهذيب الكمال» (25/ 222).
أثر آخر
(209)
قال الشافعي (1):
ويُذكر عن يحيى بن عبد الله بن أبي بُكَير: أنَّ أُسَيد بن حُضَير مات -ويُكنى: أبا يحيى-، وحَمَلَهُ عمرُ بين عمودي السَّرير حتى وَضَعَهُ.
(210)
ثم رواه الشافعي (2) عن عثمان (3)، وسعد بن أبي وقاص (4)،
(1) لم أقف عليه في مظانِّه من مصنَّفاته المطبوعة، وأورده البيهقي في «معرفة السُّنن والآثار» (5/ 265) وعزاه إلى الشافعي في القديم.
ووَصَله الطبراني في «الكبير» (1/ 203 رقم 548) -ومن طريقه: الضياء في «المختارة» (4/ 264 رقم 1462) - عن أبي الزِّنباع رَوْح بن الفرج المصري، عن يحيى بن بُكَير قال:
…
، فذكره، بنحوه.
وإسناده ضعيف؛ لإعضاله.
وأخرج أبو نعيم في «معرفة الصحابة» (1/ 258 رقم 877) عن أبي حامد بن جبلة، ثنا أبو العباس السرَّاج، ثنا أبو يونس المديني، ثنا إبراهيم بن المنذر قال: قال أبو واقِد، ثنا محمد بن صالح قال: تُوفي أُسيد بن حُضير -ويكنى: أبا يحيى- سنة عشرين، وحَمَلَهُ عمرُ بن الخطاب بين عمودي السرير حتى وَضَعَهُ بالبقيع، وصلَّى عليه.
(2)
في «الأم» (1/ 269).
(3)
أثر عثمان رضي الله عنه: أخرجه الشافعي في الموضع السابق، عن الثقة، عن إسحاق بن يحيى بن طلحة، عن عمِّه عيسى بن طلحة قال: رأيتُ عثمان بن عفان يحمل بين عمودي سرير أُمه.
وإسناده ضعيف؛ لجهالة شيخ الشافعي.
(4)
له ثلاثة طرق:
الطريق الأولى: أخرجها الشافعي في الموضع السابق، والفَسَوي في «المعرفة والتاريخ» (1/ 222) عن نوح بن الهيثم العسقلاني. كلاهما (الشافعي، ونوح) عن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن جدِّه قال: رأيتُ سعد بن أبي وقاص في جنازة عبد الرحمن بن عوف قائمًا بين العمودين المقدَّمين، واضعًا السَّريرَ على كاهله.
الطريق الثانية: أخرجها ابن سعد (3/ 135) وابن أبي شيبة (2/ 473 رقم 11185) في الجنائز، باب في وضع الرجل عنقه فيما بين عمودي السرير، وأبو بكر ابن زياد النيسابوري في «الزيادات على كتاب المُزَني» (ص 306 رقم 147) من طريق شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه قال: رأيتُ سعدَ بن مالك وَضَع جنازةَ عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما على كاهله، وهو يقول: واجبلاه.
الطريق الثالثة: أخرجها ابن سعد (3/ 135) عن معن بن عيسى قال: أخبرنا إبراهيم بن المهاجر بن مسمار، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه قال: رأيتُ سعدَ بن أبي وقاص بين عمودي سرير عبد الرحمن بن عوف.
وصحَّحه النووي في «خلاصة الأحكام» (2/ 994) على شرط الشيخين.
وقال ابن الملقن في «تحفة المحتاج» (1/ 591): هذا إسناد على شرط الصحيح.
وأبي هريرة (1)، وابن عمر (2)، وابن الزُّبير (3): أنهم حَمَلوا بين العمودين.
(1) أخرجه الشافعي في الموضع السابق، عن بعض أصحابه، عن عبد الله بن ثابت، عن أبيه قال: رأيتُ أبا هريرةَ يحمل بين عمودي سرير سعد بن أبي وقاص.
وهذا إسناد ضعيف، لجهالة من حدَّث عنهم الشافعي.
(2)
له طريقان:
الطريق الأولى: أخرجها الشافعي عن بعض أصحابه، عن ابن جريج. وابن أبي شيبة (2/ 473 رقم 11182) في الموضع السابق، والفَسَوي في «المعرفة والتاريخ» (1/ 223) مختصرًا، والبيهقي (4/ 20) من طريق أبي بِشر جعفر بن أبي وحشية. كلاهما (ابن جريج، وأبو بِشر) عن يوسف بن ماهَك: أنه رأى ابنَ عمرَ في جنازة رافع بن خَديج قائمًا بين قائمتي السَّرير.
وهذا إسناد صحيح.
الطريق الثانية: أخرجها ابن حزم في «المحلى» (5/ 168 - 169) من طريق سعيد بن منصور، نا أبو عَوَانة، عن أبي بِشر، عن يوسف بن مالك قال: خَرَجتُ مع جنازة عبد الرحمن بن أبي بكر، فرأيتُ ابنَ عمرَ جاء فقام بين الرجلين في مقدَّم السرير، فوَضَع السريرَ على كاهله، فلما وُضِعَ ليصلَّى عليه خلَّى عنه.
وصحَّحه ابن حزم.
(3)
أخرجه الشافعي عن بعض أصحابه، عن شُرَحبيل بن أبي عَون، عن أبيه قال: رأيت ابن الزُّبير يحمل بين عمودي سرير المِسْوَر بن مَخْرَمة.
وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة من حدَّث عنه الشافعي.
وأشار إلى تثبيت ذلك.
قال (1): وروى بعض أصحابنا عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه حَمَلَ في جنازة سعد بن معاذ بين العمودين.
أثر عن عمر
(211)
قال البخاري (2) في النِّياحة على الميِّت: وكان عمرُ يَضربُ فيه بالعصا، وَيرمي بالحجارة، ويَحثي بالتراب.
(212)
وقال الأوزاعي (3) / (ق 83): بَلَغني أنَّ عمرَ سَمِعَ صوتَ بكاءٍ في بيتٍ، فدخل ومعه غيرُهُ، فمَالَ عليهم ضربًا، حتى بَلَغ النائحةَ، فضَرَبَها حتى سَقَطَ خمارُها، وقال: اضرِبْ، فإنها نائحةٌ، ولا حُرْمةَ لها، إنها
(1) أي: الشافعي، ولم أقف عليه في مظانِّه من مصنَّفاته المطبوعة، وذكره البيهقي في «معرفة السُّنن والآثار» (5/ 264) معلَّقًا.
وأخرجه -أيضًا- ابن سعد (3/ 431) عن الواقدي، عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، عن شيوخ من بني عبد الأشهل: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حمل جنازة سعد بن معاذ من بيته بين العمودين حتى خَرَج به من الدار.
وفي سنده: الواقدي، وهو: متروك.
(2)
في «صحيحه» (3/ 175 رقم 1304 - فتح) في الجنائز، باب البكاء عند المريض، عقب حديث لابن عمر، وفيه قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«إنَّ اللهَ لا يعذِّبُ بدمع العين، ولا بحزنِ القلبِ، ولكنْ يعذِّبُ بهذا -وأشار إلى لسانه- أو يَرحَمُ، وإنَّ الميتَ يعذَّبُ ببكاءِ أهلِهِ عليه» . ثم قال: وكان عمرُ
…
، إلى آخره.
ولم يتعرَّض لوَصْله الحافظ؛ لأنه متصل، وقد نبَّه على هذا بقوله: قوله: «وكان عمرُ» هو موصول بالإسناد المذكور إلى ابن عمرَ، وسقطت هذه الجملة، وكذا التي قبلها من رواية مسلم، ولهذا ظن بعض الناس أنهما معلَّقان.
(3)
وَصَله عمر بن شبَّة في «تاريخ المدينة» (3/ 799) عن الحكم بن موسى، عن مُبشِّر (وتصحَّف في المطبوع إلى: مَعشر) بن إسماعيل، عن الأوزاعي
…
، فذكره.
وهذا معضل.
لا تَبكي بشَجْوكُم، إنها تُهرِيقُ دموعَها على أخذِ دراهِمِكُم، إنها تُؤذي أمواتَكُم في قبورِهِم، وأحياءَكُم في دُورِهِم، إنها تَنهى عن الصَّبر، وقد أَمَرَ اللهُ به، وتأمُرُ بالجزعِ، وقد نَهَى اللهُ عنه!
فأما البكاء المجرَّد، فقد قال البخاري في «صحيحه» (1): وقال عمرُ رضي الله عنه: دَعهنَّ يَبكين على أبي سليمانَ، ما لم يَكُن نَقْعٌ أو لَقْلَقَةٌ.
والنَّقْعُ: الترابُ على الرأسِ.
واللَقْلَقَة: الصوتُ.
قلت: وأبو سليمان هذا هو: خالد بن الوليد.
ورواه أبو عبيد (2)، عن جرير، عن منصور، عن أبي وائل، عن عمر.
(213)
وقال البخاري (3): قال عمرُ: نِعمَ العِدْلانِ، ونِعمتِ العِلاوةُ:
(1)(3/ 160 - فتح) في الجنائز، باب ما يُكره من النياحة على الميت، وقد تقدَّم الكلام على وَصْله (ص 155، تعليق رقم 6).
(2)
تقدم تخريجه (ص 342 رقم 202).
(3)
في «صحيحه» (3/ 171 - فتح) في الجنائز، باب الصبر عند الصدمة الأولى.
وأثر عمر هذا: يَرويه منصور بن المعتمر، واختُلف عليه:
فقيل: عنه، عن مجاهد، عن سعيد بن المسيّب، عن عمرَ!
وقيل: عنه، عن مجاهد، عن عمرَ!
أما الوجه الأول: فأخرجه عَبد بن حميد في «تفسيره» ، كما في «تغليق التعليق» (2/ 470) من طريق إسرائيل. والحاكم (2/ 270)) من طريق جرير بن عبد الحميد. كلاهما (إسرائيل، وجرير) عن منصور، عن مجاهد، به.
وأما الوجه الثاني: فأخرجه سعيد بن منصور (2/ 634 رقم 233 - ط دار الصميعي) عن ابن عيينة، عن منصور، عن مجاهد، به.
وهذا الوجه أرجح؛ لأن ابن عيينة أوثق من جرير وإسرائيل، وكيفما كان، فالأثر منقطع؛ لأنَّ رواية مجاهد وابن المسيّب عن عمرَ منقطعة، وقد قال الحاكم عقب روايته: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ولا أعلم خلافًا بين أئمَّتنا أنَّ سعيدَ بن المسيّب أدرك أيام عمرَ رضي الله عنه، وإنما اختلفوا في سماعه منه.
وصحَّحه الحافظ في «تغليق التعليق» (2/ 470) من رواية ابن المسيّب عن عمرَ.
فائدة: قال المؤلِّف في «تفسيره» (1/ 197) في معنى الآية: قوله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} : فهذان العِدلان. {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} : فهذه العِلاوة، وهي ما توضع بين العِدلَين، وهي زيادة في الحمل، فكذلك هؤلاء أعطوا ثوابهم، وزِيدوا أيضًا.
أثر آخر
(214)
قال ابن أبي الدُّنيا (2): حدثنا محمد بن عاصم، أخبرني أبو مَعشر، عن محمد بن المنكدر قال: مَرَّ عمرُ بن الخطاب بحفَّارين يَحفرونَ قبرَ زينبَ بنت جحش رضي الله عنها في يومٍ صائفٍ، فضَرَبَ عليهم فُسْطاطًا (3)، فكان أوَّلَ فُسْطاطٍ ضُرِبَ على قبرٍ.
(1) البقرة: 156، 157
(2)
لم أقف عليه في مظانِّه من مصنَّفاته المطبوعة.
وأخرجه -أيضًا- ابن سعد (8/ 112، 113) وأبو عَروبة الحرَّاني في «الأوائل» (ص 146 رقم 126) من طريق أبي مَعشر، به.
وإسناده ضعيف؛ لضعف أبي مَعشر، وانقطاعه بين ابن المنكدر وعمرَ رضي الله عنه.
وله طريق أخرى: أخرجها ابن سعد (8/ 113) وعبد الرزاق (3/ 431 رقم 6207) والحاكم (4/ 24) من طريق محمد بن إبراهيم بن الحارث التَّيمي قال: أمر عمرُ بفُسطاطٍ فضُرِبَ بالبقيع على قبرها لشدَّة الحرِّ يومئذ، فكان أولَ فُسطاطٍ ضُرِبَ على قبرٍ بالبقيع. هذا لفظ ابن سعد.
وهذا منقطع -أيضًا-؛ محمد بن إبراهيم التيمي عدَّه الحافظ في الطبقة الرابعة، وأصحاب هذه الطبقة جُلُّ روايتهم عن كبار التابعين.
(3)
الفُسطاط: بضم الفاء وكسرها، بيتٌ من الشَّعر. انظر:«المصباح المنير» (2/ 647).
أثر آخر
(215)
قال أحمد في «الزهد» (1): ثنا هشيم، أنا مُجالِد، عن الشَّعبي، عن ابن عمرَ قال: أوصاني عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه قال: إذا وَضَعتني في لَحْدي، فَافْضِ بخَدِّي إلى الأرضِ حتى لا يكونَ بين خدِّي وبين الأرض شيءٌ.
حديث آخر
(216)
قال أبو بكر ابن أبي داود رحمه الله (2):
ثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، ثنا مفضَّل -يعني: ابن صالح بن جميلة (3) -، ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي شَهْر، عن عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «كيف أنتَ إذا كنتَ في أربعةِ أذرعٍ في ذراعين، فرأيتَ مُنكَرًا ونَكيرًا؟!» . قال: قلت: يارسولَ الله، وما / (ق 84) مُنكَرُ ونَكيرُ؟ قال: «فتَّانا القبرِ، يَبحثانِ الأرضَ بأنيابِهِما، ويَطَآن في أَشعارِهما، أصواتُهما كالرَّعدِ
(1)(ص 177 رقم 632).
وأخرجه -أيضًا- أحمد بن مَنيع في «مسنده» ، كما في «المطالب العالية» (1/ 328 رقم 849) عن هشيم، به.
وضعَّفه البوصيري في «إتحاف الخيرة المهرة» (2/ 487 رقم 1948) لضعف مُجالِد.
(2)
في كتاب «البعث» (ص 35 - 37 رقم 7).
وأخرجه -أيضًا- البيهقي في «الاعتقاد» (ص 291) وفي «إثبات عذاب القبر» (ص 82 رقم 105) وأبو القاسم الأصبهاني في «الحجَّة في بيان المحجَّة» (1/ 476، 477 رقم 324، 325) وسِبط ابن الجوزي في «الجليس الصالح» (ص 134) من طريق مُفضَّل بن صالح، به.
(3)
«ابن جميلة» كذا ورد بالأصل. وصوابه: «أبو جميلة» ، انظر:«تهذيب الكمال» (28/ 409).
القاصفِ، وأبصارُهما كالبرقِ الخاطفِ، معهما مِرْزبَّةٌ، لو اجتَمَعَ عليها (أهلُ الأرضِ)(1) لم يُطيقوا رَفعَها، هي أيسرُ عليهما مِن عصاي هذه». قال: قلت: يارسولَ الله، وأنا على حالتي هذه؟ قال: نعم». قلت: فإذًا أَكفيكهما.
هذا حديث مشهور، وهو غريب الإسناد (2)، وقد ورد من طريق أخرى:
(217)
فقال عبد الله بن وهب (3): حدَّثني حُيَيّ بن عبد الله المُعَافري، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي، عن عبد الله بن عمرو: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ذَكَر
(1) في المطبوع: «أهل مِنًى» .
(2)
في إسناده مُفضَّل بن صالح، قال عنه البخاري وأبو حاتم: منكر الحديث. انظر: «تهذيب الكمال» (28/ 409)
وأبو شهر: اختُلف في اسمه، فقيل: أبو شهم. وقيل: أبو شمر. وقيل: أبو سهيل.
وقد أورده الذهبي في «الميزان» (4/ 537 رقم 8729) وقال: لا يُعرَف، وساق له هذا الخبر، وعدَّه من مناكيره.
وأخرجه الحارث بن أبي أسامة في «مسنده» ، كما في «بغية الباحث» (ص 100 رقم 278) والآجري في «الشريعة» (3/ 1291 رقم 861) والبيهقي في «إثبات عذاب القبر» (ص 81 رقم 103) من طريق إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن عطاء بن يَسَار، مرسلاً، بنحوه.
وصحَّح هذا المرسلَ البيهقيُّ في «الاعتقاد» (ص 291).
وقال الحافظ في «المطالب العالية» (5/ 97): رجاله ثقات مع إرساله.
(3)
ومن طريقه: أخرجه ابن حبان (7/ 384 رقم 3115 - الإحسان) والآجرى في «الشريعة» (3/ 1292 رقم 862) والطبراني في «الكبير» (13/ 44 رقم 106) وابن عدي (2/ 450).
وأخرجه أحمد (2/ 172 رقم 6603) من طريق ابن لَهِيعة، عن حُييّ، به
وجوَّد إسناده المنذري في «الترغيب والترهيب» (4/ 226 رقم 5217).
وحسَّنه الشيخ الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» (3/ 393 رقم 3553).
وخالف ابن عدي، فأورد هذا الحديث في ترجمة حُييّ بن عبد الله، مع جملة أحاديث أخر، ثم قال: عامَّتها لا يُتابَع عليها.
وردَّ ذلك الذهبي في «الميزان» (1/ 624) وقال: ما أنصفَه ابن عدي.
فتَّاني القبر، فقال عمرُ بن الخطاب: أتُردَّ إلينا عقولُنا يارسولَ الله؟ قال: «نعم، كهيئتِكُمُ اليومَ» . قال عمرُ: بِفِيْهِ الحَجَرُ.