الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في ستر العورة
(68)
قال الإمام أحمد (1): ثنا يعقوب، ثنا أبي، عن ابن إسحاق، ثنا نافع قال: كان عبد الله بن عمر يقول: إذا لم يكن للرجلِ إلا ثوبٌ واحدٌ فلْيأْتزِرْ به، ثم ليُصلِّ، فإني سَمِعتُ عمرَ بن الخطاب يقول ذلك، ويقول: لا تَلتَحِفوا بالثوب إذا كان وحدَه، كما تفعلُ يهودُ.
قال نافع: ولو قلتُ لك إنَّه أَسنَدَ ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لَرَجَوتُ ألا أكونَ كَذَبتُ.
هذا إسناد جيد، وليس في شيء من الكتب السِّتة.
طريق أخرى
(69)
قال الهيثم بن كُلَيب (2): ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثنا شيبان، ثنا جرير بن حازم، ثنا نافع قال: دخل ابنُ عمر وأنا أصلِّي في إزارٍ، فقال: أَلَم تُكس ثوبين؟ قلت: بلى. قال: أَفَرأيتَ لو بَعثتُك في حاجة، أكنتَ تذهبُ هكذا كما صَلَّيتَ؟ قلت: لا. قال: فربُّك أحقُّ أن تَزَيَّن له.
(1) في «مسنده» (1/ 16 رقم 96).
(2)
ليس في القسم المطبوع من «مسنده» ، ومن طريقه: أخرجه الضياء في «المختارة» (1/ 309 رقم 200).
وأخرجه -أيضًا- أبوداود (1/ 446 رقم 636) وابن خزيمة (1/ 376 رقم 766) والطحاوي (1/ 377) والبيهقي (2/ 236) من طريق نافع، به.
ورواية أبي داود مقتصرة على المرفوع.
وصحَّح إسناده أبو العباس ابن تيمية في «اقتضاء الصراط المستقيم» (1/ 289).
واشتمال اليهود: هو أن يُجلِّلَ بدنَه الثوبَ من غيرِ أن يرفعَ طرفَه. انظر: «النهاية» (2/ 501).
ثم حدَّث، فلا أدري، رَفَعه إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أم حدَّث عن عمرَ -نافع شكَّ- قال: إذا لم يكُن لأحدكم غيرَ ثوبٍ واحدٍ، فأراد أن يصلِّي؛ فليشدَّ به حِقويه (1)، ولا يشتملْ اشتمالَ اليهود.
حديث آخر
(70)
قال الحافظ أبو بكر البزَّار (2): ثنا أحمد بن عثمان بن حكيم، والعباس بن جعفر قالا: ثنا مالك بن إسماعيل، ثنا مسعود بن / (ق 26) سعد الجُعفِي، عن مُطرِّف، عن زيد العمِّي، عن أبي الصِّدِّيق النَّاجي، عن ابن عمرَ، عن عمرَ قال: ذَكَر نساءُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ما يذيِّلن من الثياب، فقال:«شبرًا» . فقلن: شبرًا قليل، تخرجُ منه العورةُ. قال:«فذراع» . قلن: تبدو أقدامُهن. قال: «ذراعًا، لا يزدن على ذلك» .
ثم قال: اختُلف فيه على ابن عمر، وهذا حديث مُطرِّف، عن زيد العمِّي.
قلت: وفيه ضعف. قال ابن عدي (3):لم يرو شعبة عن أضعف من زيد العمِّي.
وهكذا روى هذا الحديث النسائي في الزينة (4)، عن أحمد بن عثمان بن حكيم ومعاوية بن صالح الدمشقي. كلاهما عن مالك بن إسماعيل، به.
(1) حِقويه: تثنية حِقو، وهو موضع الإزار. «النهاية» (1/ 417).
(2)
في «مسنده» (1/ 279 رقم 176).
(3)
في «الكامل» (3/ 201).
(4)
من «سننه الكبرى» (5/ 493 رقم 9733).
ولكن رواه أبو داود (1)، وابن ماجه (2) من حديث الثوري، عن زيد العمِّي، عن أبي الصِّديق، عن ابن عمرَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، لم يَذكر عمر بن الخطاب.
وهذا أشبه (3)،
والله أعلم.
أثر عن عمر
(71)
قال محمد بن عبد الله الأنصاري (4): ثنا سليمان التَّيمي، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن عمرَ بن الخطاب قال: تصلِّي المرأةُ في ثلاثةِ أثوابٍ: درعٍ، وخمارٍ، وإزارٍ.
إسناد صحيح على شرطهما.
(1) في «سننه» (4/ 429 رقم 4119) في اللباس، باب قدر الذيل.
(2)
في «سننه» (2/ 1185 رقم 3581) في اللباس، باب ذيل المرأة كم يكون؟
(3)
ورجَّحه -أيضًا- الدارقطني في «العلل» (2/ 75).
وفي الباب عن أم سَلَمة رضي الله عنها: أخرجه مالك (2/ 698) في اللباس، باب ما جاء في إسبال المرأة ثوبها، وأبو داود (4/ 428 رقم 4114) والنسائي (8/ 598 رقم 5353) في الزينة، باب ذيول النساء، وابن حبان (12/ 265 رقم 5451 - الإحسان) من طريق نافع مولى ابن عمر، عن صفية بنت أبي عبيد، عن أم سَلَمة رضي الله عنها قالت: سُئل النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن ذيل المرأة، فقال:«شبرًا» . فقلت: يا رسولَ الله، إذًا تبدو أقدامُهُنَّ. قال:«فذراعًا، لا يزِدن عليه» .
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، كما قال الشيخ الألباني في «السلسلة الصحيحة» (4/ 478).
(4)
في «جزئه» (ص 34 رقم 11).
وأخرجه -أيضًا- ابن أبي شيبة (2/ 36 رقم 6167) في الصلاة، باب المرأة في ثوب تصلي، وأحمد بن مَنيع في «مسنده» ، كما في «المطالب العالية» (1/ 162 رقم 332) كلاهما (ابن أبي شيبة، وابن منيع) عن ابن عُليَّة، عن سليمان التَّيمي، به.
أثر آخر
(72)
قال أبو عبيد (1):
يُروى عن عوف بن أبي جميلة، عن أنس بن
(1) في «غريب الحديث» (4/ 239).
وله طرق أخرى موصولة:
منها: ما أخرجه عبد الرزاق (3/ 136 رقم 5062) عن ابن جريج. والبيهقي (2/ 226) من طريق الوليد بن كثير. كلاهما (ابن جريج، والوليد بن كثير) عن نافع، عن صفية بنت أبي عُبيد، عن عمرَ
…
، فذكره، بنحوه.
وهذا إسناد صحيح، كما قال الحافظ في «الدراية» (1/ 124)
ومنها: ما أخرجه عبد الرزاق (5064) عن معمر. وابن أبي شيبة (2/ 41 رقم 6235) في الصلاة، باب في الأمة تصلي بغير خمار، عن وكيع، عن شعبة. كلاهما (معمر، وشعبة) عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه قال: رأى عمرُ أَمَةً لنا متقنِّعة فضربها، وقال: لا تشبَّهي بالحرائر.
وهذا صحيح -أيضًا-، كما قال الشيخ الألباني في «الإرواء» (6/ 203).
ومنها: ما أخرجه ابن أبي شيبة (6239) عن علي بن مُسْهِر، عن المختار بن فُلفُل، عن أنس بن مالك قال: دَخَلَت على عمرَ بن الخطاب أَمَةٌ قد كان يعرفها لبعض المهاجرين أو الأنصار، وعليها جلبابٌ مُتقنِّعةٌ به، فسألها: عَتَقتِ؟ قالت: لا. قال: فما بال الجلباب! ضَعيه عن رأسِكِ، إنما الجلبابُ على الحرائرِ من نساءِ المؤمنين. فتَلكَّأَت، فقام إليها بالدِّرة فضَرَبَ بها رأسَها، حتى ألقته عن رأسِها.
وهذا صحيح -أيضًا-، كما قال الشيخ الألباني في الموضع السابق.
ومنها: ما أخرجه البيهقي (2/ 226) عن أبي القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي ببغداد، أنبأ علي بن محمد بن الزبير الكوفي، ثنا الحسن بن علي بن عفان، ثنا زيد بن الحُبَاب، عن حماد بن سَلَمة قال: حدثني ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن جدِّه أنس بن مالك قال: كُنّ إماءُ عمرَ رضي الله عنه يَخدُمننا كاشفاتٌ عن شعورِهِن، تَضطربُ ثُدُيُّهُنَّ.
قال الشيخ الألباني في الموضع السابق: إسناده جيد، رجاله كلهم ثقات، غير شيخ البيهقي أبي القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحربي، وهو صدوق، كما قال الخطيب (10/ 303).
قلت: وقد قال ابن المنذر في «الأوسط» (5/ 76): ثبت أنَّ عمرَ بن الخطاب ضَرَبَ أَمَةً لآل أنس رآها مُتقنِّعة، وقال: اكشفي عن رأسِكِ، لا تشبَّهين بالحرائر.
وقال البيهقي: والآثار عن عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه في ذلك صحيحةٌ، وأنها تدل على أن رأسَها ورقبتَها وما يظهر منها في حال [المهنة] ليس بعورة.
تنبيه: قال ابن القيم في «إعلام الموقعين» (3/ 284 - 285): وأما تحريم النظر إلى العجوز الحُرَّة الشوهاء القبيحة وإباحته إلى الأَمَة البارعة الجمال فكَذِبٌ على الشارع، فأين حرَّم الله هذا وأباح هذا؟! والله سبحانه إنما قال:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} ولم يُطلق الله ورسوله للأعين النظر إلى الإماء البارعات الجمال، وإذا خَشِيَ الفتنة بالنظر إلى الأَمَة حَرُم عليه بلا ريب، وإنما نشأت الشبهة أن الشارع شرع للحرائر أن يسترن وجوههن عن الأجانب، وأما الإماء فلم يوجب عليهن ذلك، لكن هذا في إماء الاستخدام والابتذال، وأما إماء التسري اللاتي جرت العادة بصونهن وحجبهن فأين أباح الله ورسوله لهن أن يكشفن وجوههن في الأسواق والطرقات ومجامع الناس وأذن للرجال في التمتع بالنظر إليهن؟! فهذا غلط محض على الشريعة، وأكَّد هذا الغلط أن بعض الفقهاء سَمِعَ قولَهم: إن الحُرَّة كلها عورة إلا وجهها وكفيها، وعورة الأَمَة ما لا يظهر غالبًا، كالبطن والظهر والساق، فظن أن ما يظهر غالبًا حكمه حكم وجه الرجل، وهذا إنما هو في الصلاة لا في النظر، فإن العورة عورتان، عورة في النظر، وعورة في الصلاة، فالحُرَّة لها أن تصلي مكشوفة الوجه والكفين، وليس لها أن تخرج في الأسواق ومجامع الناس كذلك، والله أعلم.
سيرين، عن عمرَ: أنَّه رأى جاريةً مملوكةً مُتَكَمْكِمَةً، فسَأَل عنها، فقالوا: أَمَةُ آلِ فلانٍ. فضَرَبها بالدِّرَّة ضرباتٍ، وقال: يالكعاءُ (1)، (أتشبَّهين)(2) بالحرائر؟!
قال أبو عبيد: الأصلُ أن يقال: مُتَكَمِّمَةً، وهو من الكُمَّة، وهو القَلَنْسُوة، أي: رآها مغطيةً رأسَهَا كالحرائرِ، فضَرَبها.
(1) اللَّكع عند العرب: العَبْد، ثم استعمل في الحُمْق والذَّمِّ. «النهاية» (4/ 268).
(2)
في المطبوع: «أتتشبهين» .
حديث آخر
(73)
روى أبو داود (1) عن سليمان بن حرب، عن حماد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمرَ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، أو قال: قال عمرُ: «إذا كان لأحدِكم ثوبانِ؛ فليُصلِّ فيهما» .
(74)
وقال البخاري (2): ثنا سليمان بن حرب، ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة قال: قام رجلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فسأله عن الصلاة في الثوب؟ فقال: «أوكُلُّكم يجدُ ثوبين؟» . ثم سأل رجلٌ عمرَ، فقال: إذا وسَّع اللهُ فأَوسِعوا، جَمَع رجلٌ عليه ثيابه، صلَّى رجلٌ في إزارٍ ورداءٍ، في إزارٍ وقميصٍ، في إزارٍ وقَبَاءٍ (3)، في سراويلَ ورداءٍ، في سراويلَ وقميصٍ، في سراويلَ وقَبَاءٍ، في تُبَّانٍ (4) وقباءَ، في تُبَّانٍ وقميصٍ.
قال: وأَحسَبُهُ قال: في تُبَّانٍ ورداءٍ.
هكذا رواه البخاري.
وهو عند مسلم (5) بدون ذِكر سؤال عمر رضي الله عنه.
(1) في «سننه» (1/ 446 رقم 635) في الصلاة، باب من قال: يتزر به إذا كان ضيِّقًا.
(2)
في «صحيحه» (1/ 475 رقم 365 - فتح) في الصلاة، باب الصلاة في القميص والسراويل والتُّبَّان والقَبَاء.
(3)
الَقَباء: بالقصر والمدِّ، قيل: هو فارسي معرَّب، وقيل: عربي مشتق من قَبَوتَ الشيءَ، إذا ضَمَمتَ أصابعَك عليه، سمِّي بذلك لانضمام أطرافه. «الفتح» (1/ 475).
(4)
التُّبَّان: سروال صغير، يستر العورة المغلَّظة فقط. «النهاية» (1/ 181).
(5)
في «صحيحه» (1/ 367 رقم 515) في الصلاة، باب الصلاة في ثوب واحد وصفة لُبسه.