الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تشهد عمر رضي الله عنه
(104)
قال الإمام مالك (1): عن ابن شهاب، عن عروة، عن عبد الرحمن بن عَبدٍ: أنَّه سَمِعَ عمرَ -وهو على المنبر- يعلِّم الناسَ التشهدَ، يقول: قولوا: التحياتُ للهِ، الزاكياتُ للهِ، الطيباتُ، الصلواتُ للهِ، السلامُ عليك أيها النبيُّ ورحمةُ اللهِ (2)، السلامُ علينا، وعلى عباد الله الصالحين، أشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُ الله ورسولُهُ.
وهكذا رواه معمر، عن الزهري (3).
ورواه ابن جريج، عنه، فقدَّم الشهادة على السلام (4).
(1) في «الموطأ» (1/ 144) في الصلاة، باب التشهد في الصلاة.
وصحَّح إسناده الزيلعي في «نصب الراية» (1/ 422).
(2)
زاد في المطبوع: «وبركاته» .
(3)
وروايته عند عبد الرزاق في «المصنَّف» (2/ 202 رقم 3067) ولفظه: شَهدتُ عمرَ بن الخطاب وهو يعلِّم التشهدَ، فقال: التحياتُ لله، الزاكياتُ لله، الطيباتُ لله، السلامُ عليك أيها النبيُّ ورحمةُ الله وبركاتُه، السلامُ علينا، وعلى عباد الله الصالحين، أشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُهُ.
(4)
لم أقف على رواية ابن جريج هذه، والذي وقفت عليه بخصوص رواية ابن جريج روايتان:
الرواية الأولى: أخرجها عبد الرزاق برقم (3068) عن ابن جريج، عن عروة، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري، عن عمرَ مثل رواية معمر، إلا أنه قال: «ورحمة الله، السلام علينا «.
وليس في هذه الرواية موافقة لما ذكره المؤلِّف لا من جهة الإسناد، ولا من جهة المتن.
والرواية الثانية: أخرجها الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (1/ 261) عن أبي بكرة، عن أبي عاصم، أخبرنا ابن جريج، أنا ابن شهاب، عن حديث عروة، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري، فذكر مثله. يعني مثل رواية مالك.
وليس في هذه الرواية -أيضًا- موافقة لما ذكره المؤلِّف من جهة المتن، وإن وافقت من جهة الإسناد.
ورواه هشام بن عروة، عن أبيه، عن عمرَ، فزاد في أوله: بسم الله، خير الأسماء (1).
قلت: أخذ الإمام مالك بهذا التشهد (2)؛ لأنَّ عمرَ علَّمه الناسَ على المنبر، ولم يُنكَر.
وقد يقال: إنَّ مثل هذا لا يكون إلا عن توقيف.
(1) ومن هذا الوجه: أخرجه البيهقي (2/ 142) من طريق عبد العزيز بن محمد، عن هشام بن عروة، به.
وهذه الرواية معلَّة؛ لأن جماعة من الرواة رووه عن هشام بن عروة، فزادوا في إسناده عبد الرحمن بن عبدٍ القاري، وهم:
1 -
محمد بن إسحاق: وروايته عند البيهقي (2/ 143).
2 -
يعقوب بن عبد الرحمن: وروايته عند ابن المنذر في «الأوسط» (3/ 210 رقم 1524).
3 -
معمر: وروايته عند عبد الرزاق (2/ 202 رقم 3069).
إلا أنهم وافقوا عبد العزيز بن محمد في ذِكر التسمية في أول التشهد.
وهذه الرواية معلَّة -أيضًا-، فقد قال البيهقي عقب روايته: كذا رواه محمد بن إسحاق بن يَسَار، ورواه مالك، ومعمر، ويونس بن يزيد، وعمرو بن الحارث، عن ابن شهاب، لم يَذكروا فيه التسمية.
وقد نبَّه الحافظ في «الفتح» (2/ 316) إلى أن زيادة التسمية في تشهد عمرَ رضي الله عنه إنما وردت من طريق هشام بن عروة، دون طريق الزهري.
قلت: وظاهر صنيع الدارقطني في «العلل» (2/ 180 - 181) أنه يُعلّ رواية هشام جملة، فقد أورد الخلاف بين الزهري وهشام، ورجَّح رواية الزهري، وقال: وهشام لا يَذكر في الإسناد عبد الرحمن بن عبدٍ.
ومما ينبغي التنبُّه له: أن الدارقطني رحمه الله لم يَذكر رواية مَن رواه عن هشام بإثبات عبد الرحمن بن عبدٍ في إسناده، فلعله لم يقف عليها.
فائدة: قال ابن المنذر في «الأوسط» (3/ 211): ليس في شيء من الأخبار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذِكر التسمية قبل التشهد.
(2)
انظر: «مواهب الجليل» (1/ 543) و «عِقد الجواهر الثمينة» (1/ 105).
وأخذ الإمام أبو حنيفة (1) وأحمد بن حنبل (2) رحمهما الله بحديث ابن مسعود، وهو في «الصحيحين» (3).
وأخذ الإمام الشافعي (4) بحديث ابن عباس، وهو في «صحيح مسلم» (5).
وقد رُويت تشهداتٌ أخرُ عن جماعة من الصحابة، كأبي موسى (6) وجابر (7)،
وكلٌّ منها مجزئٌ عندهم، وإنما اختلفوا في الأفضلية رضي الله عنهم أجمعين.
(1) انظر: «بدائع الصنائع» (1/ 211) و «شرح فتح القدير» (1/ 312).
(2)
انظر: «المغني» (2/ 220) و «الكافي» (1/ 312).
(3)
أخرجه البخاري (2/ 311، 320 رقم 831، 835) في الأذان، باب التشهد في الآخرة، وباب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد، و (3/ 76 رقم 1202) في العمل في الصلاة، باب من سمَّى قومًا أو سلَّم في الصلاة، و (11/ 56 رقم 6265) في الاستئذان، باب الأخذ باليدين، و (13/ 365 رقم 7381 - فتح) في التوحيد، باب قول الله تعالى:{السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ} ومسلم (1/ 301 رقم 402) في الصلاة، باب التشهد في الصلاة، ولفظه: التَّحياتُ لله، والصَّلواتُ، والطَّيباتُ، السلامُ عليك أيها النبيُّ ورحمةُ الله وبركاتُه، السلامُ علينا، وعلى عباد الله الصالحين.
(4)
انظر: «روضة الطالبين» (1/ 368) و «نهاية المحتاج» (1/ 525).
(5)
(1/ 302 رقم 403) ولفظه: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يعلِّمنا التشهدَ، كما يعلِّمنا السورةَ من القرآن، فكان يقول: التَّحياتُ المباركاتُ، الصَّلواتُ الطَّيباتُ لله، السلامُ عليك أيها النبيُّ ورحمةُ الله وبركاتُه، السلامُ علينا، وعلى عباد الله الصالحين، أشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وأشهدُ أن محمدًا رسولُ الله.
(6)
أخرجه مسلم (404) ولفظه: التَّحياتُ الطَّيباتُ، الصَّلواتُ لله، السلامُ عليك أيها النبيُّ ورحمةُ الله وبركاتُه، السلامُ علينا، وعلى عباد الله الصالحين، أشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُهُ.
(7)
يَرويه أبو الزُّبير، واختُلف عليه:
فأخرجه مسلم في «التمييز» (ص 188 رقم 58) والترمذي في «العلل الكبير» (ص 72 رقم 105) والنسائي (2/ 594 رقم 1174) في التطبيق، باب نوع آخر من التشهد، وابن ماجه (1/ 292 رقم 902) في إقامة الصلاة، باب ما جاء في التشهد، والبيهقي (2/ 141) من طريق أيمن بن نابِل، عن أبي الزُّبير، عن جابر
…
، فذكره، وزاد فيه التسمية.
وقد خولف أيمن بن نابِل في روايته، خالَفَه الليث بن سعد، فرواه عن أبي الزُّبير، عن سعيد بن جُبَير وطاوس، عن ابن عباس
…
، فذكره، وليس فيه التسمية! ومن هذا الوجه: أخرجه مسلم في «صحيحه» (403) وفي «التمييز» (ص 189 رقم 59).
وقد رجَّح الأئمة رواية الليث بن سعد، وحكموا على رواية أيمن بن نابِل بالخطإ، ومن هؤلاء الأئمة: البخاري، كما في «علل الترمذي» ، ومسلم، والترمذي، والبيهقي، وحمزة الكناني، كما في «البدر المنير» (4/ 29) والنسائي، كما في «تحفة الأشراف» (2/ 288) وابن المنذر في «الأوسط» (3/ 212) والحافظ في «الفتح» (2/ 316).
/ (ق 41) وعند الإمام الشافعي (1): أنَّه لابدَّ من الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير، ويُحتجُّ له بأشياء، منها:
(105)
ما رواه الحافظ أبو عيسى الترمذي في «جامعه» (2) حيث قال: ثنا أبو داود البَلخي، أنا النَّضر بن شُمَيل، عن أبي قُرَّة الأسدي، عن سعيد بن المسيّب، عن عمرَ بن الخطاب قال: الدعاءُ موقوفٌ بين السماء والأرض لا يَصعدُ منه شيءٌ حتى تُصلِّي على نبيِّك.
(1) انظر: «روضة الطالبين» (1/ 366) و «نهاية المحتاج» (1/ 523).
(2)
(2/ 356 رقم 486) في الصلاة، باب ما جاء في فضل الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرجه -أيضًا- إسحاق بن راهويه في «مسنده» ، كما في «المطالب العالية» (4/ 5 رقم 3338) والإسماعيلي في «مسند عمر» ، كما في «جلاء الأفهام» (ص 138) من طريق النَّضر بن شُمَيل، به.
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
وهذا إسناد جيد (1).
وكذا رواه أيوب بن موسى، عن سعيد بن المسيّب، عن عمرَ، قولَه (2).
ورواه معاذ بن الحارث (3)، عن أبي قُرَّة الأسدي، عن سعيد، عن عمرَ، مرفوعًا، والأوَّل أصح.
وقد رواه رَزين بن معاوية (4) في كتابه مرفوعًا، ولفظه: عن عمرَ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «الدعاءُ موقوفٌ بين السماءِ والأرضِ، لا يَصعدُ حتى يُصلَّى عليَّ، فلا تجعلوني كغُمَرِ الراكبِ (5)، صلُّوا عليَّ أوَّلَ الدعاءِ، وأوسطَه، وآخرَه» .
(1) في إسناده أبو قرَّة الأسدي، وهو مجهول الحال، تفرَّد بالرواية عنه النَّضر بن شُمَيل، وقد قال عنه ابن خزيمة في «صحيحه» (4/ 95): لا أعرفه بعدالة ولاجرح.
وجهَّله الذهبي في «الميزان» (4/ 564 رقم 10531).
وقال الحافظ، كما في «الفتوحات الربانية» (3/ 334): في سنده أبو قُرَّة الأسدي لا يُعرف اسمه ولا حاله، وليس له عند الترمذي ولا أصحاب السُّنن إلا هذا الموقوف.
وضعَّفه الشيخ الألباني في «الإرواء» (2/ 177).
وقد قال الحافظ أبو اليُمن ابن عساكر، كما في «القول البديع» للسخاوي (ص 421): لا يثبت في هذا الباب حديث مرفوع عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
(2)
لم أجده من هذه الطريق.
(3)
لم أجده من هذه الطريق، وعزاها الحافظ، كما في «الفتوحات الربانية» (3/ 334) إلى الواحدي، وعبدالقادر الرُّهاوي في «الأربعين» ، وقال: وفي سنده -أيضًا- من لا يُعرَف رجاله.
(4)
انظر: «جامع الأصول» (4/ 155) لابن الأثير.
(5)
قال ابن الأثير: الغُمَر: بضم الغين وفتح الميم: القَدَح الصغير، أراد أن الراكب يَحمل رَحْلَه وأزواده على راحلته، ويترك قَعْبَه إلى آخر تَرْحاله، ثم يُعلِّقه على رَحْله كالعِلاوة، فليس عنده بمُهمّ، فنهاهم أن يجعلوا الصلاة عليه كالغُمَر الذي لا يُقدَّم في المهام ويُجعل تَبَعًا. «النهاية» (3/ 385).