الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في المساجد ومواطن الصلاة
(75)
قال الإمام أحمد (1): ثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن يحيى بن أبي إسحاق، عن سالم بن عبد الله قال: كان عمرُ بن الخطاب رجلاً غَيورًا، وكان إذا خَرَج إلى الصلاةِ اتَّبَعَتْهُ عاتكةُ بنت زيد، وكان يَكره خروجَها، ويَكره مَنْعَها، وكان يُحدِّث أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:«إذا استأذَنَكُم نساؤكم إلى الصلاة فلا تَمنَعُوهُنَّ» .
هذا إسناد جيد، وإن كان فيه انقطاع، فإنَّ سالمًا لم يُدرك جدَّه عمر (2). قاله الحافظ أبو زرعة الرازي (3)(4).
وقد جاء من طريق أخرى:
(1) في «مسنده» (1/ 40 رقم 283).
(2)
وله علَّة أخرى، وهي تفرَّد يحيى بن أبي إسحاق بروايته عن سالم على هذا الوجه، وقد خالَفَه الزهري، ـ وحنظلة بن أبي سفيان، فروياه عن سالم، عن ابن عمرَ، ليس فيه: عمر! ومن هذا الوجه: أخرجه البخاري (2/ 347، 351 رقم 865، 873) في الأذان، باب خروج النساء إلى المساجد بالليل والغلس، وباب استئذان المرأة زوجها بالخروج إلى المسجد، و (9/ 337 رقم 5238) في النكاح، باب استئذان المرأة زوجها في الخروج إلى المسجد وغيره، ومسلم (1/ 326 رقم 442)(134)(135) في الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد
…
، ولفظه:«إذا استأذنكم نساؤكم بالليل في المسجد فأذنوا لهن» .
ولم يتنبَّه لعلَّة هذا الخبر محقِّقو «مسند الإمام أحمد» (1/ 381 - ط مؤسسة الرسالة) فأعلّوه أولاً بالانقطاع بين سالم وعمر، ثم قالوا:«وفي الباب عن ابن عمرَ» !! والواقع أنه هو حديث واحد، اختَلَف فيه أصحاب سالم، كما ترى.
(3)
انظر: «المراسيل» لابن أبي حاتم (ص 81 رقم 291).
(4)
جاء بحاشية الأصل تقييد بخط الحافظ ابن حجر، هذا نصُّه:«هذا الحديث مخرَّج من وجه آخر» .
(76)
كما قال الحافظ أبو يعلى الموصلي (1) / (ق 27): ثنا عبد الأعلى بن حماد، ثنا بِشر بن منصور، ثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمرَ قال: قال عمرُ: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لا تمنعوا إمَاءَ اللهِ مساجدَ اللهِ» .
وهذا إسناد جيد من هذا الوجه (2)، وقد اختاره الحافظ الضياء في كتابه (3).
وهو في «الصحيح» من حديث عبد الله بن عمر، كما سيأتي (4).
حديث آخر
(77)
قال الحافظ أبو يعلى (5): ثنا جُبَارة بن المغلِّس، ثنا عبد الكريم البَجَلي، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عمرَ بن الخطاب قال:
(1) في «مسنده» (1/ 143 رقم 154).
(2)
له علَّة، فقد رواه أصحاب عبيد الله بن عمر، وهم: حماد بن أسامة، وعبد الله بن نُمَير، وعبد الله بن إدريس، وعَبدة بن سليمان، ويحيى القطان، عنه، عن نافع، عن ابن عمرَ، ليس فيه: عمر! انظر روايتهم عند البخاري (2/ 382 رقم 900) في الجمعة، باب منه، ومسلم (1/ 327 رقم 442)(136) في الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد
…
، وابن أبي شيبة (2/ 158 رقم 7610) في الصلاة، باب من رخص للنساء في الخروج إلى المسجد، وأحمد (2/ 16).
وعليه؛ فرواية بشر بن منصور شاذة لمخالفتها لرواية الجماعة.
(3)
«المختارة» (1/ 302 رقم 193).
(4)
انظر: «جامع المسانيد والسُّنن» (28/ 158 رقم 294) و (29/ 105 رقم 1635 - ط قلعجي).
(5)
لم أجده في المطبوع من «مسنده» ، وهو من رواية ابن حمدان، فلعلَّه في مسنده الكبير.
قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «ما ساءَ عملُ قومٍ قطُّ إلا زَخرَفُوا (1) مساجدَهم» .
وكذا رواه ابن ماجه في «سننه» (2)، عن جُبارة بن المغلِّس، وفيه ضعف (3).
(78)
وقال البخاري (4): قال عمرُ: أَكِنَّ (5) الناسَ من المطر، وإيَّاك أن تُحمِّرَ أو تُصفِّرَ، فتَفتنَ الناسَ.
قال (6):
ورأى عمرُ بن الخطاب أنسَ بن مالك يصلِّي عند قبر، فقال: القبرَ! القبرَ! ولم يأمُره بالإعادة.
(1) الزَّخْرفة: النَّقْش والتمويه بالذهب. انظر: «النهاية» (2/ 299).
(2)
(1/ 244 رقم 741) في المساجد، باب تشييد المساجد.
(3)
وله علَّة أخرى، وهي تفرَّد عبد الكريم البَجَلي بروايته عن أبي إسحاق السبيعي دون بقية أصحابه المتقنين، ولذا قال أبو نعيم في «الحلية» (4/ 152) عقب إخراجه لهذا الحديث: غريب من حديث عمرو وأبي إسحاق، تفرَّد به عنه عبد الكريم.
(4)
في «صحيحه» (1/ 539 - فتح) في الصلاة، باب بنيان المسجد.
ولم أقف عليه موصولاً، ولم يَصله الحافظ.
(5)
الكِنُّ: ما يَرُدّ الحَرَّ والبَرْد من الأبنية والمساكن. «النهاية» (4/ 206).
(6)
أي: البخاري في «صحيحه» (1/ 523 - فتح) في الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويُتخذ مكانها مساجد؟
ووَصَله عبد الرزاق (1/ 404 رقم 1581) عن معمر، عن ثابت. وإسماعيل بن جعفر في «حديثه» (ص 199 رقم 97 - رواية علي بن حُجر) وابن أبي شيبة، وأحمد بن مَنيع في «مسنديهما» ، كما في «المطالب العالية» (1/ 137، 167 رقم 258، 350) والبيهقي (2/ 435) من طريق حميد -زاد مُسدَّد: والحسن البصري- ثلاثتهم (ثابت، وحميد، والحسن) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: رآني عمرُ بن الخطاب وأنا أصلِّي عند قبر، فجعل يقول: القبر! قال: فحسبته يقول: القمر! قال: فجعلت أرفع رأسي إلى السماء، فأنظر! فقال: إنما أقول: القبر؛ لا تُصلِّ إليه. قال ثابت: فكان أنس بن مالك يأخذ بيدي إذا أراد أن يُصلِّي، فيتنحَّى عن القبور.
وهذا إسناد صحيح، كما قال البوصيري في «الإتحاف» (2/ 106) والحافظ في «المطالب العالية» ، والشيخ الألباني في «تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد» (ص 36) و «مختصر صحيح البخاري» (1/ 155).
فائدة: قال الإمام ابن القيِّم في «إغاثة اللهفان» (1/ 352): وهذا يدلُّ على أنه كان من المستقرِّ عند الصحابة رضي الله عنهم أجمعين- ما نهاهم عنه نبيُّهم من الصلاة عند القبور، وفعل أنس لا يدلُّ على اعتقاده جوازه، فإنه لعلَّه لم يره، أو لم يعلم أنه قبر، أو ذهل عنه، فلمَّا نبَّهه عمر تنبَّه.
قال (1): وقال عمرُ: إنَّا لا نصلِّي في البِيعة (2)، لا نَدخلُ كنائسَكم من أجل التماثيل التي فيها الصُّور.
قال (3): وقال عمرُ: المصلُّون أحقُّ بالسَّواري من المتحدِّثين إليها. ورأى ابن عمر (4)
رجلاً يصلِّي بين اسطوانتين، فأدناه إلى سارية، فقال: صَلِّ إليها.
(1) أي: البخاري في «صحيحه» (1/ 531 - فتح) في الصلاة، باب الصلاة في البيعة، وليس عنده: لا نصلِّي في البِيعة.
وَوَصَله في «الأدب المفرد» (ص 458 رقم 1248) وعبد الرزاق (1/ 411 رقم 1611) من طريق نافع، عن أسلم، عن عمرَ
…
، فذكره.
ورواه عن نافع: أيوب، ومحمد بن إسحاق.
وهذا إسناد صحيح، ولم يقف الشيخ الألباني على متابعة أيوب لابن إسحاق، فضعَّف الأثر في تحقيقه لـ «الأدب المفرد» لعنعنة ابن إسحاق.
(2)
تقدم تعريفها (ص 81).
(3)
أي: البخاري في «صحيحه» (1/ 577 - فتح) في الصلاة، باب الصلاة إلى الأسطوانة.
وَوَصَله ابن أبي شيبة (2/ 149 رقم 7511) في الصلاة، باب من رخَّص فيه، والحميدي في «كتاب النوادر» ، كما في «تغليق التعليق» (2/ 246) عن وكيع، عن ربيعة بن عثمان التَّيمي قال: نا إدريس الصنعاني، عن رجل، يقال له: همدان، وكان بَريد أهل اليمن إلى عمر، قال: قال عمرُ:
…
، فذكره.
(4)
قوله: «ورأى ابن عمر» كذا ورد بالأصل. وهو الموافق لبعض فروع النسخة اليونينية لـ «صحيح البخاري» (1/ 106 - ط دار طوق النجاة)، وجاء في أصل النسخة اليونينية:«ورأى عمر» .
وقد أشار إلى هذا الاختلاف الحافظ في «الفتح» ، فقال تعليقًا على قوله:(ورأى ابن عمر): كذا ثبت في رواية أبي ذر والأَصيلي وغيرهما، وعند بعض الرواة:(ورأى عمر) بحذف ابن، وهو أشبه بالصواب.
ورواية عمر: وَصَلها ابن أبي شيبة (2/ 148 رقم 7501) في الصلاة، باب من كان يكره الصلاة بين السواري، عن محمد بن يزيد، عن أيوب، عن أبي العلاء، عن معاوية بن قرَّة، عن أبيه قال: رآني عمرُ وأنا أصلي بين اسطوانتين، فأخذ بقفاي، فأدناني إلى سُترة، فقال: صلِّ إليها.
قلت: وقد روي نحو هذا في حديث آخر عن عمرَ مرفوع:
(79)
كما روى الحافظ أبو بكر الإسماعيلي من حديث بُرد بن سنان، عن إسحاق بن سُوَيد -وكان شيخًا كبيرًا- قال: مَرَّ عمرُ رضي الله عنه برجل يصلِّي، فقال: اُدْنُ من قِبْلتِكَ، / (ق 28) لايُفسِدُ الشيطانُ عليك صلاتَكَ، لستُ أقولُهُ برأيي، ولكني سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُهُ (1).
(1) وأخرجه -أيضًا- بقيُّ بن مَخلد، كما في «بيان الوهم والإيهام» (2/ 243) وأبو أحمد الحاكم في «فوائده» (ص 144 - 145 رقم 90) من طريق هشام بن عمار، عن يحيى بن حمزة، عن بُرد بن سِنَان. والحارث بن أبي أسامة في «مسنده» ، كما في «بغية الباحث» (ص/62 رقم 163) من طريق عبد الوارث. كلاهما (بُرد بن سِنَان، وعبد الوارث) عن إسحاق بن سُوَيد، به.
وهو منقطع بين إسحاق بن سُوَيد وعمر، كما قال عبد الحق في «الأحكام الوسطى» (1/ 343).
وأورده الدارقطني في «العلل» (2/ 253) وقال: يَرويه إسحاق بن سُوَيد العدوي، واختُلف عنه، فرواه معتمر، عن إسحاق، عمَّن حدَّثه، عن عمرَ، مرفوعًا، ورواه عبد الوارث، عن إسحاق بن سُوَيد مرسلاً، عن عمرَ، مرفوعًا، وقوله أشبه بالصواب.
تنبيه: رواية معتمر بن سليمان لم أقف عليها، وقد ذكرها المؤلِّف على خلاف ما ذكره الدارقطني، وكيفما كان؛ فالأثر لايصح، لانقطاعه.
وهكذا رواه معتمر بن سليمان، عن إسحاق بن سُوَيد، عن رجل، عن عمرَ، به.
أثر آخر
(80)
قال الحافظ أبو يعلى (1):
ثنا عبيد الله، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمرَ: أنَّ عمرَ رضي الله عنه كان يُجمِّرُ (2) مسجدَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم كلَّ جُمُعة.
أثر آخر
(81)
قال أبو عبيد (3):
حدِّثت عن عيسى بن يونس، عن هشام بن عروة، عمَّن حدَّثه، عن عمرَ: أنَّه لمَّا حَصَّبَ المسجدَ قال له فلان: لِمَ فعلتَ هذا؟ قال: هو أَغفَرُ للنُّخامة، وألينُ في المَوْطئ.
(1) في «مسنده» (1/ 170 رقم 190).
وحسَّن إسناده المؤلِّف في «تفسيره» (3/ 293) مع أن فيه العُمَري، وهو ضعيف!
(2)
التجمير: التبخير بالطِّيب. انظر: «النهاية» (1/ 293).
(3)
في «غريب الحديث» (4/ 243).
وإسناده ضعيف؛ لإبهام بعض رواته.
وقد خولف عيسى بن يونس في روايته، خالَفَه عبد الله بن نُمَير، وعَبدة بن سليمان، فروياه عن هشام بن عروة، عن أبيه: أنَّ عمرَ أراد ألا يحصِّب المسجد، فأشار عليه سفيان بن عبد الله الثَّقَفي، قال: بلى، يا أميرَ المؤمنين، فإنه أغفر للنخامة، وأوطأ للمجلس، فقال عمرُ: احصبوه. ومن هذا الوجه: أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 267 رقم 8834) في الصلاة، باب من كان يخط إذا سجد في صلاته، وأبو عَروبة الحرَّاني في «الأوائل» (ص 143 رقم 122).
وهذا منقطع بين عروة وعمر.
وله طرق أخرى:
منها: ما أخرجه ابن أبي شيبة (7/ 258 رقم 35851) في الأوائل، عن هشام بن حسَّان، عن الحسن، عن أبيه، عن رجل من ثقيف قال: استشار رجلٌ من ثقيف عمرَ أن يحصِّب المسجد
…
، فذكره، بمعناه.
وهذا ضعيف؛ لجهالة بعض رواته.
ومنها: ما أخرجه أبو عَروبة الحرَّاني في «الأوائل» (123) عن ابن بشَّار وابن المثنَّى، عن معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، عن أنس بن مالك: أنَّ عمرَ أوَّل من أمر بحصبة البطحاء في المسجد.
وهذا إسناد رجاله ثقات.
ومنها: ما أخرجه أبو داود (1/ 371 رقم 459) -ومن طريقه البيهقي (2/ 440) - عن سهل بن تمام بن بَزيع، عن عمر بن سُليم الباهلي، عن أبي الوليد قال: سألت ابن عمر عن الحصى الذي في المسجد؟ فقال: مُطرنا ذات ليلة، فأصبحت الأرض مبتلَّة، فجعل الرجل يأتي بالحصى في ثوبه، فيبسطه تحته، فلما قَضَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم الصلاة قال:«ما أحسنَ هذا» .
قال البيهقي: حديث ابن عمر متصل، وإسناده لا بأس به.
وتعقَّبه ابن التركماني، فقال: كيف يكون كذلك؟! وأبو الوليد هذا مجهول، كذا قال ابن القطان [«بيان الوهم والإيهام» (5/ 194)]، والذهبي [«المغني في الضعفاء» (2/ 815 رقم 7816)]، وفي «أحكام عبد الحق» [1/ 290]: لا أعلم روى عنه إلا عمر بن سُليم، -ويقال: عمرو-، ثم إن عمر هذا لم يصرِّح بالسماع من أبي الوليد، وقد حكى ابن القطان عن ابن الجارود أنه لم يَسْمعه.
وضعَّفه الشيخ الألباني في «ضعيف سنن أبي داود» (9/ 162) لجهالة أبي الوليد.
وقال الذهبي في «المهذَّب في اختصار السُّنن الكبير» (2/ 869): إسناده ضعيف.
قال الأصمعي: أَصل الغَفر: التغطية، يعني: أنَّه أستر للنُّخامة.
ودلَّ على جواز ذلك في المسجد بشرط التغطية، ويشهد له الحديث الصحيح (1):«البُزَاق في المسجدِ خطيئةٌ، وكفَّارتها دفنُها» .
وقوله: حَصَّبَ المسجدَ: يعني: جعل فيه الحصباءَ، وهي: الحصى.
(1) أخرجه البخاري (1/ 511 رقم 415 - فتح) في الصلاة، باب كفَّارة البزاق في المسجد، ومسلم (1/ 390 رقم 552) في المساجد، باب النهي عن البصاق في المسجد في الصلاة وغيرها، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
أثر آخر
(82)
قال ابن أبي الدُّنيا (1):
ثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا يزيد بن هارون، أنا الجُرَيري، عن أبي نَضرة، عن أبي سعيد مولى أبي أَسيد قال: كان عمرُ رضي الله عنه يَعُسُّ المسجدَ بعد العشاءِ، فلا يَرى فيه أحدًا إلا أَخرَجَهُ، إلا مَن يصلِّي، فمَرَّ بنفرٍ من أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فيهم أُبَيّ بن كعب فقال: ما خلَّفَكُم بعد الصلاة؟ قالوا: جَلَسنا نذكرُ اللهَ تعالى. فجلس معهم، ثم قال لأدناهم إليه: هاتِ. قال: فدعا، فاستَقرَأَهم واحدًا واحدًا (2) يَدعون، حتى انتهى إليَّ، وأنا إلى جنبه، فقال: هاتِ. فحَصِرتُ، وأخذني من الرِّعدة إفكِلٌ (3)، حتى جعل يجدُ مَسَّ ذلك منيِّ، فقال: ولو أن تقولَ: اللهمَّ اغفر لنا، اللهمَّ ارحمنا. قال: ثم أُخِذَ عمر، فما كان في القوم أكثرَ دمعةً منه، ولا أشدَّ بكاءً، ثم قال: إيهًا! الآن فتَفَرَّقوا.
(1) لم أقف عليه في مظانِّه من مصنَّفاته المطبوعة.
وأخرجه -أيضًا- ابن سعد (3/ 294) -ومن طريقه: ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ص 263) - والبلاذُري في «أنساب الأشراف» (ص 236) من طريق يزيد بن هارون، به.
وفي إسناده الجُرَيري، سعيد بن إياس، وكان ممَّن اختَلَط، ورواية يزيد بن هارون عنه بعد اختلاطه. انظر:«الكواكب النيِّرات» (ص 187).
(2)
قوله: «واحدًا واحدًا» كذا ورد بالأصل. وكَتَب المؤلِّف بجوارها في حاشية الأصل: «رجلاً رجلاً» ، وكَتَب فوقها «خ» ، إشارة إلى وروده في نسخة.
(3)
كذا ضبطها المؤلِّف بكسر الكاف، وضبطها ابن الأثير في «النهاية» (1/ 56) بالفتح، وقال: الأَفكَل: الرِّعدة من برد أو خوف، ووزنه: أفعل.
أثر آخر
(83)
قال البخاري (1): ثنا علي بن عبد الله، ثنا يحيى بن سعيد، أنا الجُعَيد بن عبد الرحمن، عن يزيد بن خُصيفة، عن السائب بن يزيد الكِندي / (ق 29) قال: كنتُ قائمًا في المسجد، فحَصَبني رجلٌ، فنَظَرتُ، فإذا عمرُ بن الخطاب، فقال: اذهب، فائتني بهذين، فجئتُهُ بهما. فقال: ممَّن أنتما؟ أو من أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف. قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتُكُما، ترفعانِ أصواتَكما في مسجدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم!
طريق أخرى
(84)
قال النسائي (2): ثنا سُوَيد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك (3)، عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال: سَمِعَ عمرُ صوتَ رجلٍ في المسجد، فقال: أتدري أين أنت؟!
وهذا -أيضًا- صحيح.
(1) في «صحيحه» (1/ 560 رقم 470 - فتح) في الصلاة، باب رفع الصوت في المساجد.
(2)
في «سننه الكبرى» ، كما في «تحفة الأشراف» (8/ 4 رقم 10382).
(3)
وهو في «الزهد والرقائق» له (ص 136 رقم 405).