الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حديث فيه النهي عن الطِّيب للمُحرِم
(316)
قال الحافظ أبو بكر البزَّار (1): ثنا إبراهيم بن الجنيد، حدثني عبد الرحمن بن مُطرِّف، حدثني عيسى بن يونس، عن إبراهيم بن يزيد، عن محمد بن عبَّاد بن جعفر، عن ابن عمرَ قال:(أَقبَلْنا حتى إذا كنَّا بذي الحليفة أَحْرَمْنا)(2)، فمَرَّ بنا راكبٌ يَنفَحُ طِيبًا، فقال عمرُ: مَن هذا؟ قالوا: معاوية. فقال: ما هذا يا معاوية؟! فقال: مَرَرتُ بأمِّ حبيبةَ، ففَعَلتْ بي هذا. فقال: ارْجِعْ، فاغْسِلهُ عنكَ، فإنِّي سَمِعتُ رسولَ الله / (ق 127) صلى الله عليه وسلم يقول:«الحاجُّ: الشَّعِثُ التَّفِلُ (3)» .
إبراهيم بن يزيد هذا هو: الخُوزي، وهو ضعيف (4).
(1) في «مسنده» (1/ 285 رقم 182).
(2)
في المطبوع: «أقبلنا مع عمرَ حتى إذا كنا بذي الحليفة أهلَّ وأَهلَلْنا «.
(3)
الشَّعَث: انتشار الشعر وتفرُّقه. «المصباح المنير» (ص 258 - مادة شعث).
والتَّفَل: ترك الطِّيب. «المصباح المنير» (ص 72 - مادة تفل).
(4)
وقد قال البزَّار عقب روايته: وهذا الحديث لا نعلمه يُروى إلا عن عمرَ، ولا نعلم له إسنادًا عن عمرَ إلا هذا الإسناد، وإبراهيم بن يزيد الخُوزي: ليس بالقويِّ.
وأخرجه ابن حزم في «حجة الوداع» (ص 244 رقم 235) من طريق البزَّار، ثم قال: وهذا كما ترى، ولو صحَّ لم يكن فيه حُجَّة؛ لأنَّ الشَّعث والتَّفل ليس فيه منع الطِّيب للإحرام، ولا أمر بغسله عند الإحرام، مع أنه حديث فاسد مضطَّرب.
وقال الترمذي في «سننه» (5/ 210): هذا حديث لا نعرفه من حديث ابن عمر إلا من حديث إبراهيم بن يزيد الخُوزي المكي، وقد تكلَّم بعض أهل الحديث في إبراهيم بن يزيد من قِبَلِ حفظه.
وقال ابن عبد البر في «التمهيد» (9/ 125) تفرَّد به إبراهيم بن يزيد الخُوزي. =
والذي فَعَلَهُ معاويةُ هو السُّنَّة التي فَعَلَها رسولُ الله عند إحرامِهِ، فإنَّه تطيَّب عند إحرامه، وإنما خَشِيَ عمرُ أن يَقتدي بمعاوية مَن لا يَعلمُ ذلك، فيفيدُ جوازَ الطِّيبِ وتعاطيه في الإحرام، والله أعلم.
= وأورده ابن عدي في «الكامل» (1/ 226) وعدَّه من مناكير إبراهيم.
وقال البيهقي في «سننه» (4/ 330): وقد رواه محمد بن عبد الله بن عُبيد بن عُمَير، عن محمد بن عبَّاد، إلا أنه أضعف من إبراهيم بن يزيد، ورواه -أيضًا- محمد بن الحجَّاج، عن جرير بن حازم، عن محمد بن عبَّاد، ومحمد بن الحجَّاج: متروك.
ولهذا الأثر طرق صحيحة:
منها: ما أخرجه مالك في «الموطأ» (1/ 443) في الحج، باب ما جاء في الطيب في الحج، وابن أبي شيبة (3/ 200 رقم 13498) في الحج، باب من كره الطيب عند الإحرام، والطحاوي (2/ 126) من طريق نافع، عن أسلم مولى عمر بن الخطاب: أنَّ عمرَ بن الخطاب وَجَد ريحَ طيبٍ وهو بالشجرة، فقال: ممن ريحُ هذا الطِّيب؟ فقال معاوية بن أبي سفيان: منيِّ يا أميرَ المؤمنين. فقال عمرُ: منك! لعمر الله! فقال معاوية: إنَّ أمَّ حبيبة طيَّبتني يا أميرَ المؤمنين. فقال عمرُ: عزمتُ عليك لتَرجِعنَّ، فَلَتَغسِلنَّه.
وهذا إسناد صحيح.
ومنها: ما أخرجه مُسدَّد في «مسنده» ، كما في «المطالب العالية» (2/ 26 رقم 1208) عن إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، عن نافع، عن أسلم مولى عمر بن الخطاب قال: رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه على طلحة ثوبين مصبوغين وهو مُحرِم، فقال: ما هذا؟! قال: يا أميرَ المؤمنين، ليس به بأس، إنما هو مِشقٌ. قال: إنكم أيها الرَّهطُ أئمةٌ يَقتدي بكم الناسُ، ولعلَّ الجاهلَ أن لو رآك أن يقول: رأيتُ على طلحةَ ثوبين مصبوغين، فيلبسُ الثيابَ المصبوغةَ في الإحرام، فلا أَعرفنَّ، ما يلبسُ أحدٌ منكم ثوبًا مصبوغًا في الإحرام.
قال البوصيري في «إتحاف الخيرة» (3/ 183): رواه مُسدَّد موقوفًا بسند صحيح، وهو أصل في سدِّ الذرائع.
وقد اعتذر البيهقي عن نهي عمر رضي الله عنه عن الطِّيب للمُحرِم، فقال في «سننه» (5/ 35): يحتمل أنه لم يبلغه حديث عائشة رضي الله عنها، ولو بَلَغه لرجع عنه، ويحتمل أنه كان يكره ذلك كيلا يغترَّ به الجاهل، فيتوهَّم أنَّ ابتداء الطِّيب يجوز للمُحرِم، كما قال لطلحة في الثوب الممشَّق.
ويغني عن الشطر الثاني: «الحاجُّ: الشَّعِث التَّفِل» : ما أخرجه أحمد (2/ 305) وابن خزيمة (4/ 263 رقم 2839) وابن حبان (9/ 163 رقم 2852 - الإحسان) والحاكم (1/ 465) والبيهقي (5/ 58) من طريق يونس بن أبي إسحاق، عن مجاهد، عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا:«إنَّ اللهَ يباهي بأهلِ عرفاتٍ ملائكةَ أهلِ السماءِ، فيقول: انظروا إلى عبادي جاءوني شُعثًا غُبرًا» .
قال الحاكم: صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي.
وصحَّحه الشيخ الألباني في «صحيح الترغيب والترغيب» (2/ 21 رقم 1132).