الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حديث في كراهة دخول المسجد لآكل الثوم والبصل
(85)
قال أبو بكر عبد الله بن الزبير الحميدي (1): حدثنا سفيان، ثنا يحيى بن صَبيح الخراساني، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن مَعْدان بن أبي طلحة، عن عمرَ بن الخطاب أنَّه قال: إنِّي لأَحسَبُ أنكم تأكلون شجرتين -يعني: خبيثتين-، البصلَ والثومَ، فإن كنتم لابدَّ فاعلين؛ فاقتُلُوهما بالنضج، ثم كُلُوهما، فلقد رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يجدُ ريحَهُ من الرجل، فيأمُرُ به، فيُخرَجَ إلى البقيع.
هكذا رواه الحميدي مختصرًا، وفيه زيادات كثيرة، ستأتي في موضعها (2) من هذا الحديث، وهو في «الصحيح» (3).
وقد نقل الترمذي (4)
عن عليٍّ وشريك بن الحنبل أنهما كرها البصل والثوم النِّيئ.
(1) في «مسنده» (1/ 77 رقم 10).
(2)
انظر: (2/ 284 رقم 731).
(3)
أخرجه مسلم في «صحيحه» (1/ 396 رقم 567) في المساجد، باب نهي من أكل ثومًا أو بصلاً أو كُراثًا أو نحوها، من طريق هشام الدَّستوائي، عن قتادة، به، مطولاً.
(4)
في «سننه» (4/ 230 رقم 1808، 1809) في الأطعمة، باب ما جاء في الرخصة في الثوم مطبوخًا، لكن من رواية شريك بن الحنبل، عن علي رضي الله عنه.
وهو حديث يرويه أبو إسحاق السَّبيعي، وقد اختُلف عليه في رفعه ووقفه:
فقيل: عنه، عن شريك بن حنبل، عن علي، مرفوعًا!
وقيل: عنه، عن شريك بن حنبل، عن علي، موقوفًا!
وقيل: عنه، عن عُمَير بن قميم، عن شريك بن حنبل، عن علي، مرفوعًا! =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أما الوجه الأول: فأخرجه أبو داود (4/ 309 رقم 3824) -ومن طريقه: البيهقي (3/ 78) - والترمذي (4/ 230 رقم 1808) في الأطعمة، باب ما جاء في الرخصة في أكل الثوم مطبوخًا، وابن عبد البر في «التمهيد» (6/ 420) من طريق مُسدَّد، عن أبي وكيع الجرَّاح بن ملِيح، عن أبي إسحاق، عن شريك بن حنبل، عن عليٍّ رضي الله عنه قال: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الثوم إلا مطبوخًا. هذا لفظ ابن عبد البر.
ولفظ أبي داود والترمذي: نُهِيَ عن أكل الثوم إلا مطبوخًا. بالبناء للمجهول.
وأما الوجه الثاني: فأخرجه الترمذي (1809) عن وكيع، عن أبيه، عن أبي إسحاق، به، موقوفًا، ولفظه: لا يصلح أكل الثوم إلا مطبوخًا.
وقد توبع وكيع على هذا الوجه، تابَعَه يحيى الحِمَّاني، كما عند الدارقطني في «العلل» (3/ 242).
وأما الوجه الثالث: فعلَّقه الدارقطني عن قيس بن الربيع، عن أبي إسحاق، عن عُمَير بن قميم، عن شريك بن حنبل، عن علي، مرفوعًا، ولم يسق لفظه.
ولقيس بن الربيع إسناد آخر: فأخرجه البزار (3/ 50 رقم 805) والطحاوي (4/ 237) من طريق قيس بن الرَّبيع، عن أبي إسحاق، عن شريك بن حنبل، عن علي مرفوعًا: من أكل من هذه البَقلة، فلا يقربنَّا أو يؤذينا في مسجدنا. ليس فيه: عُمَير بن قميم!
ورجَّح الدارقطني رواية قيس بن الربيع، عن أبي إسحاق، عن عُمَير بن قميم، عن شريك بن حنبل، عن علي، فقال: ويُشبه أن يكون قول قيس أولى بالصواب، لأن يونس بن أبي إسحاق رواه عن أبي هلال، وهو عُمَير بن قميم، عن شريك بن حنبل، عن عليٍّ رضي الله عنه.
قلت: رواية يونس بن أبي إسحاق هذه التي ذكرها الدارقطني لم أجدها، وقد سأل ابن أبي حاتم أباه عن رواية قيس بن الربيع، فقال أبو حاتم: هذا حديث خطأ، منهم من يقول: عن أبي إسحاق، عن شريك بن حنبل، عن علي، قوله، موقوف، ورواه عبد الرحمن بن مهدي، عن الثوري، عن أبي إسحاق، عن شريك بن حنبل، لم يقل: عن علي: لايحلُّ أكل الثوم، وهو أشبه عندى؛ لأن الثوري أحفظهم. «علل ابن أبي حاتم» (2/ 6 رقم 1490).
قلت: وعُمَير بن قميم -ويقال: ابن تميم-: مجهول الحال، روى عنه اثنان، وذكره البخاري في «التاريخ الكبير» (6/ 536 رقم 3239) وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (6/ 378 رقم 2092) وسكتا عنه، وذكره ابن حبان في «الثقات» (5/ 254).
وقد قال الترمذي عقب روايته: هذا الحديث ليس إسناده بذلك القوي، وقد روي هذا عن عليٍّ قولَه، وروي عن شريك، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، مرسلاً!
وضعَّفه الشيخ الألباني في «الإرواء» (8/ 155) لاختلاط أبي إسحاق وتدليسه.
ونقله ابن حزم (1) عنهما: أنهما حرَّماه.
وقد يقال: إنَّ كلام عمر يقتضيه.
وأما نهي آكلهما عن دخول المسجد، فقد صحَّ في غير ما حديث:«من أَكل البصلَ والثومَ والكُرَّاث؛ فلا يَقربنَّ مسجدَنا» (2).
ولمسلم (3): «مساجدَنا» .
وقد كَرِهَ الفقهاءُ ذلك (4)، ومقتضى قواعد مذهب الإمام أحمد (5) أنَّه لا تصحُ صلاةُ آكلهما في المسجد ومعه الريحُ، لأنه قد نُهي عن الكون فيه، فيقتضي ألا تصحَّ صلاتُهُ فيه، كالدار المغصوبة، والله أعلم.
(1) في «المحلى» (4/ 49).
(2)
أخرجه مسلم (1/ 395 رقم 564)(74) في المساجد، باب نهي من أكل ثومًا أو بصلاً أو كُراثًا أو نحوها، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(3)
(1/ 394 رقم 561)(69) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا: «من أكل هذه البَقلة فلا يقربنَّ مساجدَنا حتى يذهب ريحُها» . يعني: الثوم.
(4)
انظر: «المجموع» للنووي (2/ 174) و «الفروع» لابن مفلح (2/ 43) و «إعلام الساجد بأحكام المساجد» للزركشي (ص 329).
(5)
انظر: «المسوَّدة» (ص 74) و «شرح الكوكب المنير» (1/ 391).
حديث آخر
(86)
قال أحمد (1): ثنا حماد الخيَّاط، ثنا عبد الله، عن نافع: أنَّ عمرَ زاد في المسجد من الأُسطوانة إلى المقصورة، وزاد عثمان، وقال عمرُ: لولا أني سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «مَن يزيدُ في مسجدِنا؟» (2)؛ ما زِدْتُ فيه.
وهذا وإن كان منقطعًا، إلا أن الظاهر أن نافعًا سَمِعَه من ابن عمر، وقد روي كذلك مرفوعًا من طريق أخرى:
(87)
كما قال الحافظ أبو يعلى (3):
ثنا موسى بن حيَّان، ثنا سَلم بن قتيبة، ثنا عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمرَ قال: قال عمرُ: لولا أنِّي سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «إني أريدُ أن أزيدَ في قِبْلَتِنا» ؛ ما زِدتُ.
وهذا إسناد حسن، وعبد الله بن عمر العُمَري في كلتا الطريقين ضُعِّف.
(1) في «مسنده» (1/ 47 رقم 330).
(2)
قوله: «مَن يزيد في مسجدنا» كذا ورد بالأصل. وفي المطبوع: «نبغي نزيد في مسجدنا» .
(3)
لم أجده في المطبوع من «مسنده» ، وأورده الهيثمي في «المقصد العلي» (1/ 121 رقم 22)، وتصحَّف فيه «سَلم» إلى:«سالم» !
وأخرجه -أيضًا- البزَّار في «مسنده» (1/ 262 رقم 157) وأبو بكر النَّجاد في «مسند عمر» (ص 87، 88 رقم 63، 64) من طريق عبد الله بن سَلَمة، عن عبد الله بن عمر العُمَري، به.
قال البزار: لا نعلم رواه إلا العُمَري عن نافع.