الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
/ (ق 69)
أحاديث الاستسقاء
(180)
قال أبو القاسم الطَّبراني (1): ثنا أبو مسلم الكَشِّي، ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثني أبي، عن ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن أنس: أنَّ عمرَ رضي الله عنه خَرَج يَستسقي، وخَرَج بالعباس معه يَستسقي، فيقول: / (ق 70) اللهمَّ إنَّا كنَّا إذا قَحَطنا على عهدِ نبيِّنا صلى الله عليه وسلم تَوَسَّلنا إليك بنبيِّنا، وإنَّا نتوسَّلُ إليك بعمِّ نبيِّنا صلى الله عليه وسلم.
تفرَّد بإخراجه البخاري في «الصحيح» (2)، عن الحسن بن محمد، عن محمد بن عبد الله الأنصاري، به، ولفظه: أنَّ عمرَ بن الخطاب كان إذا قَحَطوا استسقى بالعباس بن عبد المطَّلب، فقال: اللهمَّ إنَّا كنَّا نَتَوسَّلُ إليك بنبيِّنا فتَسْقينا، وإنَّا نَتَوسَّلُ إليك بعمِّ نبيِّنا فاسْقِنا. قال: فيُسْقَونَ.
(181)
وقال أبو بكر ابن أبي الدُّنيا في كتابه «المطر» (3)، وكتابه «مجابي الدعوة» (4):
ثنا أبو بكر النسائي (5)، ثنا عطاء بن مسلم، عن
(1) في «معجمه الكبير» (1/ 72 رقم 84).
(2)
(2/ 494 رقم 1010) في الاستسقاء، باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا، و (7/ 77 رقم 3710 - فتح) في فضائل الصحابة، باب ذِكر العباس.
(3)
لم أجده في المطبوع.
(4)
(ص 53 رقم 43).
ولم أجده في مطبوع «المطر والرَّعد» .
وإسناده ضعيف؛ عطاء بن مسلم، هو: الخفَّاف، قال عنه أبو حاتم الرازي: كان شيخًا صالحًا يشبه يوسف بن أسباط، وكان دفن كُتُبه، فلا يثبت حديثه، وليس بقوي. انظر:«الجرح والتعديل» (6/ 336 رقم 1859).
(5)
كذا ورد بالأصل. وكَتَب المؤلِّف فوقها: «النَّيسابوري» ، وكَتَب فوقها:«خ» ، إشارة إلى وروده في نسخة، وفي مطبوع «مجابو الدعوة»:«الشَّيباني» !
وقد أخرجه اللالكائي في «كرامات أولياء الله» (ص 129 رقم 69) من طريق ابن أبي الدُّنيا، وجاء فيه:«أبو بكر السُّلمي» !
العُمَري، عن خوَّات بن جُبَير قال: خَرَج عمرُ يَستسقي بهم، فصلَّى ركعتين، فقال: اللهمَّ إنا نَستغفرك، ونَستسقيك. فما بَرَح من مكانه حتى مُطِرُوا، فقَدِمَ أعرابٌ، فقالوا: يا أميرَ المؤمنين، بينا نحن بِوادِينا في ساعةِ كذا، إذ أظلَّتنا غمامةٌ، فسمعنا منها صوتًا: أتاكَ الغوثُ أبا حفصٍ. أتاك الغوثُ أبا حفصٍ.
(182)
وقال -أيضًا- (1):
ثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا سفيان، عن مُطرِّف بن طَريف، عن الشَّعبي قال: خَرَج عمرُ يَستسقي بالناس، فما زاد على الاستغفار حتى رجع، قالوا: يا أميرَ المؤمنين! ما نَرَاكَ استسقيتَ؟ قال: طَلَبتُ المطرَ بمجاديحِ السماءِ التي يُستَنزَلُ بها المطرُ، ثم قرأ:{اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11)} (2)، / (ق 71)
(1) في «المطر والرَّعد والبرق» (ص 106 رقم 84).
وأخرجه -أيضًا- عبد الرزاق (3/ 87 رقم 4902) وسعيد بن منصور (5/ 353 رقم 1095 - ط الصميعي) وابن سعد (3/ 320) وابن أبي شيبة (6/ 62 رقم 29476) في الدعاء، باب ما يُدعى به في الاستسقاء، وعمر بن شبَّة في «تاريخ المدينة» (2/ 737) والبلاذُري في «أنساب الأشراف» (ص 320) والطبري في «تفسيره» (29/ 93) من طريق مُطرِّف، به.
وهو منقطع بين الشعبي وعمر، وبه أعلَّه الشيخ الألباني في «الإرواء» (3/ 141).
وله طريق أخرى أصح من هذه: أخرجها ابن أبي شيبة (2/ 223 رقم 8343) في الصلاة، باب من قال: لا يصلي في الاستسقاء، و (6/ 62 رقم 29477) في الموضع السابق، وعمر بن شبَّة في «تاريخ المدينة» (2/ 736) وابن المنذر في «الأوسط» (4/ 315 رقم 2217) من طريق عيسى بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، عن عطاء بن أبي مروان، عن أبيه: أنه خَرَج مع عمرَ بن الخطاب يستسقي
…
، فذكره، بنحوه.
وهذا إسناد صحيح، كما قال الشيخ الألباني في «الإرواء» (2/ 146).
ولم يطلع الشيخ سليم الهلالي على هذا الشاهد، فضعَّف الأثر في تحقيقه لـ «الوابل الصيب» (ص 264 - 265).
(2)
نوح: 10، 11
ثم قرأ: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} (1).
ورواه أبو عبيد (2)، عن هشيم، وأبي يوسف جميعًا، عن مُطرِّف، به.
قال أبو عمرو: والمجاديح واحدها مِجدَح، وهو كلُّ نَجمٍ من النُّجومِ، كانت العربُ تقولُ: إنه يُمطَرُ به.
أثر آخر
(183)
قال الحافظ أبو بكر البيهقي (3):
ثنا أبو نصر بن قتادة، وأبو بكر الفارسي قالا: أنا أبو عمرو بن مَطَر، ثنا إبراهيم بن علي الذُّهْلي، ثنا يحيى بن يحيى، أنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن مالك الدَّار قال: أَصابَ الناسَ قحطٌ في زمانِ عمرَ رضي الله عنه، فجاء رجلٌ إلى قبر النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ الله، استَسقِ اللهَ لأمَّتك، فإنهم قد هَلَكوا. فأتاه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال: ائتِ عمرَ، فأَقْرِئْهُ منِّي السلامَ، وأَخبِرْهُ أنهم مُسْقَون، وقل له: عليكَ بالكيسِ (4) الكيسِ. (فأتى الرجلُ، فأَخبَرَ عمرَ، وقال:)(5) يا ربُّ، ما آلو إلا ما عَجِزتُ عنه.
(1) هود: 3
تنبيه: جاء بحاشية الأصل تقييد بخط الحافظ ابن حجر، هذا نصُّه: خرَّجه سعيد بن منصور في «السُّنن» ، عن سفيان.
(2)
في «غريب الحديث» (4/ 157).
(3)
في «دلائل النبوة» (7/ 47).
وأخرجه -أيضًا- ابن أبي شيبة (6/ 359 رقم 31993) في الفضائل، باب ما ذكر في فضل عمر، والبخاري في «التاريخ الكبير» (7/ 3044) وابن أبي خيثمة في «تاريخه» (2/ 80 رقم 1818) والخليلي في «الإرشاد» (1/ 313) من طريق أبي معاوية، به.
(4)
الكيس: العقل. «النهاية» (4/ 217).
(5)
في المطبوع: «فأتى الرجلُ عمرَ، فأخبَرَه، فبكى عمرُ، ثم قال» .
هذا إسناد جيد قوي (1).
(1) بل: ضعيف منكر، وقد أُعلَّ بست علل:
العلَّة الأولى: جهالة الرَّجل الذي أتى إلى قبر النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وما ورد من تسميته ببلال بن الحارث المُزَني أحد الصحابة، فلا يصح؛ لأنه من رواية سيف بن عمر التميمي، وقد قال عنه ابن حبان في «المجروحين»:(1/ 345): يروي الموضوعات عن الأثبات
…
، وكان يضع الحديث.
قال الشيخ الألباني في «التوسل» (ص 120): ومَن كان هذا شأنه لا تُقبل روايته، ولا كرامةَ، لا سيَّما عند المخالفة.
قلت: ومما يستغرب إصرار القبوريين في زماننا هذا على أن فاعل هذا صحابي!! نعوذ بالله من الهوى.
العلة الثانية: جهالة مالك الدَّار، فقد تفرَّد بالرواية عنه أبو صالح السمَّان، ولذا أورده ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (8/ 213 رقم 944) وسكت عنه.
قال الشيخ الألباني في «التوسل» (ص 120): ففيه إشعار بأنه مجهول، ويؤيده: أن ابن أبي حاتم نفسه -مع سعة حفظه واطلاعه- لم يحك فيه توثيقًا، فبقي على الجهالة، ولا ينافي هذا قول الحافظ [الفتح 2/ 495]: «
…
بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمَّان
…
»، لأننا نقول: إنه ليس نصًّا في تصحيح جميع السند، بل إلى أبي صالح فقط، ولولا ذلك لما ابتدأ هو الإسناد من عند أبي صالح، ولقال رأسًا: «عن مالك الدَّار
…
، وإسناده صحيح»، ولكنه تعمَّد ذلك، ليلفت النظر إلى أن ههنا شيئًا ينبغي النظر فيه
…
، ويؤيد ما ذهبت إليه: أن الحافظ المنذري أورد في «الترغيب» (2/ 41 - 42) قصة أخرى من رواية مالك الدَّار، عن عمرَ، ثم قال:«رواه الطبراني في الكبير، ورواته إلى مالك الدَّار ثقات مشهورون، ومالك الدَّار لا أعرفه» . وكذا قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (3/ 125). انتهى كلام الشيخ الألباني.
العلَّة الثالثة: أنَّ هناك إرسالاً بين أبي صالح ومالك الدَّار، قال الخليلي في «الإرشاد» (1/ 316): يُقال: إن أبا صالح سَمِعَ مالك الدَّار هذا الحديث، والباقون أرسلوه.
فقوله: (يُقال) دليل على عدم صحة سماع مالك الدار من أبي صالح، وإلا لجزم به.
العلة الرابعة: تفرُّد أبي معاوية بروايته عن الأعمش دون بقيَّة أصحابه المتقنين، لا سيما الثوري، فقد قال الإمام أحمد: أبو معاوية من أحفظ أصحاب الأعمش، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فقيل له: مثل سفيان؟ فقال: لا، سفيان في طبقة أخرى، مع أنَّ أبا معاوية يخطئ في أحاديث من أحاديث الأعمش.
وقال -أيضًا-: أبو معاوية عنده أحاديث يقلبها عن الأعمش.
وسُئل ابن مهدي: مَن أثبت في الأعمش بعد الثوري؟ قال: ما أعدل بوكيع أحدًا، فقال له رجل: يقولون: أبو معاوية؟ فنَفَر من ذلك، وقال: أبو معاوية عنده كذا وكذا وَهمًا. انظر: «شرح علل الترمذي» لابن رجب (2/ 529 - 536).
قلت: وقد خولف أبو معاوية في هذا الخبر، وذلك فيما ذكره الخليلي من أن باقي الرواة أرسلوه.
العلَّة الخامسة: نكارة متنه، قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيميَّة في «اقتضاء الصراط المستقيم» (2/ 197): وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجدبوا مرَّات، ودَهَتهم نوائب غير ذلك، فهلَاّ جاؤوا فاستسقوا واستغاثوا عند قبر النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟!
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز في تعليقه على «فتح الباري» (2/ 4459): صحتُه ليس بحجَّة على جواز الاستسقاء بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، لأن السائل مجهول، ولأن عمل الصحابة رضي الله عنهم على خلافه، وهم أعلم الناس بالشَّرع، ولم يأت أحد منهم إلى قبره يسألُهُ السُّقيا ولا غيرها، بل عدل عمر عنه لمَّا وقع الجدب إلى الاستسقاء بالعباس، ولم يُنكِر ذلك عليه أحدٌ من الصحابة، فعُلِمَ أنَّ ذلك هو الحقُّ، وأنَّ ما فعله ذلك الرَّجل منكر، ووسيلة إلى الشِّرك، بل قد جعله بعض أهل العلم من أنواع الشرك.
قلت: وليس في الخبر ما يدلُّ على إخبار الرجل لعمر بصنيعه عند القبر -كما فَهِمَ ذلك بعض القبوريين-، ولو كان الأمر كما فَهِمَ هذا الضال؛ لبادر عمر بالذهاب إلى القبر يسأل السُّقيا، ولكان في غنًى عن الاستسقاء بالعباس. فتأمَّل.
العلة السادسة: أنها رؤيا منام، والرؤى لا تُبنى عليها أحكام شرعية، اللهم إلا رؤى الأنبياء، فإنها وحي، كما هو مقرَّر عند أهل العلم.
فائدة: قال الدَّميري في «النجم الوهاج في شرح المنهاج» (3/ 274): فرع: قال شخص: رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في النوم، وأخبرني أن الليلة أول رمضان!! لا يصح الصوم بهذا لصاحب المنام ولا لغيره بالإجماع، كما قاله القاضي عياض، وذلك لاختلال ضبط الرائي، لا للشك في الرؤية.