الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول:
في حكم تخليل اللحية
اختلف العلماء في حكم تخليل اللحية في الطهارة الصغرى
(1)
.
فقيل: يستحب تخليل اللحية الكثيفة
(2)
،
وهو مذهب
(1)
أما الطهارة الكبرى فيجب إيصال الماء إلى ما تحت الشعر مطلقاً كثيفاً كان الشعر أو خفيفاً. وقيل: لا يجب حتى في الطهارة الكبرى، وهو قول في مذهب المالكية.
قال الباجي في المنتقى (1/ 94): قد اختلفت الرواية في ذلك عن مالك- أي في تخليل الشعر في الطهارة الكبرى - فروى ابن القاسم عنه ليس على المغتسل من الجنابة تخليل لحيته.
وروى عنه أشهب أن ذلك عليه.
وجه رواية ابن القاسم أن الفرض قد انتقل إلى الشعر النابت على البشرة فوجب أن يسقط حكم إيصال الماء إلى البشرة بإمرار اليد عليها. ووجه قول أشهب: قول عائشة في الحديث: "ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها أصول شعره"
ومن جهة المعنى: أن استيعاب جميع الجسد في الغسل واجب، والبشرة التي تحت اللحية من جملته فوجب إيصال الماء إليها ومباشرتها بالبلل، وإنما انتقل الفرض إلى الشعر في الطهارة الصغرى؛ لأنها مبنية على التخفيف، ونيابة الإبدال فيها من غير ضرورة ولذلك جاز فيها المسح على الخفين ولم يجزئ في الغسل. اهـ
(2)
وفي ضابط اللحية الكثيفة من الخفيفة أوجه،
أحدها: أن ما عده الناس خفيفاً، فهو خفيف، وما عدوه كثيفاً فهو كثيف، فكأن هذا القول اعتبر العرف. والعرف لا ينضبط في مثل ذلك لاختلاف الناس، فبعضهم متساهل، وبعضهم متشدد.
الوجه الثاني: ما وصل الماء إلى تحته بمشقة فهو كثيف، وما كان وصول الماء إلى تحته بغير مشقة فهو خفيف. والمشقة أيضاً غير منضبطة.
الوجه الثالث: ما ستر البشرة عن الناظر في مجلس التخاطب فهو كثيف، وما لا فهو خفيف. وهذا أحسنها. انظر المجموع (1/ 409،410).
فإذا عرفنا الفرق بين الشعر الخفيف والشعر الكثيف، ففي المسألة خلاف: =
الحنفية
(1)
، والشافعية
(2)
، والحنابلة
(3)
،وقول في مذهب المالكية
(4)
.
= فقيل: الشعر الخفيف يجب غسل ما تحته من البشرة، لأنه البشرة ترى من تحته، فيتعين غسل البشرة، ولا يكفي غسل الشعر فقط، وهو مذهب الأئمة الأربعة
وقيل: يستوي كثيف اللحية وخفيفها كما في مواهب الجليل (1/ 189) قال سند: المذهب استواء كثيف اللحية وخفيفها في عدم وجوب التخليل، وقول القاضي عبد الوهاب في الخفيف:" يجب إيصال الماء إلى ما تحته " لا يناقص ذلك; لأنه إذا مر بيديه على عارضيه وحركهما وصل الماء إلى كل محل مكشوف من الشعر ، فإن لم يصل الماء لقلته فلا يجزئه.
وظاهر عبارة الكاساني في بدائع الصنائع (1/ 3) حيث يقول: الوجه يجب غسله قبل نبات الشعر ، فإذا نبت الشعر سقط غسل ما تحته عند عامة العلماء، وقال أبو عبد الله البلخي: إنه لا يسقط غسله، وقال الشافعي: إن كان الشعر كثيفا يسقط، وإن كان خفيفاً لا يسقط. اهـ
فهو جعل الأقوال ثلاثة: الأول: يسقط غسل الوجه مطلقاً عند عامة العلماء إذا نبت الشعر، والقول الثاني: لا يسقط مطلقاً عند أبي عبد الله البلخي، كثيفاً كان الشعر أو خفيفاً، والثالث: مذهب الشافعي: وهو التفصيل بين الشعر الكثيف والخفيف، فيسقط غسل البشرة في الكثيف، ولا يسقط غسله في الخفيف.
وقال ابن عابدين في حاشيته (1/ 101): أما ما في البدائع من أنه إذا نبت الشعر يسقط غسل ما تحته عند عامة العلماء كثيفاً كان أو خفيفاً ; لأن ما تحته خرج من أن يكون وجها; لأنه لا يواجه به اهـ فمحمول على ما إذا لم تر بشرتها كما يشير إليه التعليل. اهـ
وهذا الحمل غير ظاهر، لأنه لو حمل على ذلك لم يكن بينه وبين مذهب الشافعي فرق، والله أعلم.
(1)
تخليل اللحية عند أبي حنيفة ومحمد من الآداب، وعند أبي يوسف سنة، وهذا لغير المحرم، وأما المحرم فمكروه له ذلك، انظر بدائع الصنائع (1/ 23)، وعبر عنه الزيلعي في تبيين الحقائق (1/ 4) بأن تخليل اللحية جائز عند أبي حنيفة ومحمد، قال: ومعناه: أنه لا يكون بدعة، وليس بسنة، وسنة على رأي أبي يوسف عليهم رحمة الله جميعاً. وانظر العناية شرح الهداية (1/ 29)، شرح فتح القدير (1/ 28، 29)، البحر الرائق (1/ 22، 23)، الفتاوى الهندية (1/ 7).
(2)
حاشيتا قليوبي وعميرة (1/ 62)، تحفة المحتاج (1/ 234)، نهاية المحتاج (1/ 192)،
(3)
الإنصاف (1/ 134)، شرح منتهى الإرادات (1/ 47)، كشاف القناع (1/ 106).
(4)
مواهب الجليل (1/ 189)،