الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية:
أن ينوي رفع أحد الأحداث وينوي بقاء غيره
مثاله: لو كان عليه حدثان: حدث من بول وحدث من نوم، فنوى رفع أحدهما على ألا يرتفع الأخر، ففيه أربعة أقوال:
قيل: إن وضوءه باطل، وهو مذهب المالكية
(1)
، ووجه في مذهب الشافعية
(2)
، والصحيح في مذهب الحنابلة
(3)
.
وجه كون الوضوء باطلاً: أن هذا المتوضئ جاء بنية متضادة، فتتنافى النية، وتكون كالعدم، فكونه يقول: هذا الوضوء أرفع به الحدث، ولا أستبيح به الصلاة، هذا نوع من التناقض والتضاد.
وقيل: يصح وضوءه؛ لأن الأحداث تتداخل، فإذا نوى واحداً منها ارتفع الجميع؛ ولأنه لما نوى رفع أحد الحدثين كان ذلك أقوى حكماً فبطل الشرط، وهو وجه في مذهب الشافعية
(4)
.
ولأن الحدث وصف واحد، وإن تعددت أسبابه، فإذا نوى رفعه من البول ارتفع كله.
وقيل: إن نوى رفع الحدث الأول ارتفع الجميع، وإن نوى غيره لم يصح وضوءه؛ لأن الذي أوجب الطهارة هو الأول، فإذا نواه ارتفع الجميع، وهو وجه في مذهب الشافعية
(5)
.
(1)
مواهب الجليل (1/ 234)، الخرشي (1/ 129)، منح الجليل (1/ 184، 185).
(2)
البيان في مذهب الشافعية (1/ 105 - 106)، الحاوي الكبير (1/ 94)،
(3)
الإنصاف (1/ 149).
(4)
البيان في مذهب الشافعية (1/ 106).
(5)
البيان في مذهب الشافعي (1/ 106).
وقيل: إن نوى رفع الحدث الأخير ارتفع الجميع، وإن نوى غيره لم يصح؛ لأنها تتداخل في الآخر منها، وهذا الوجه حكاه ابن الصباغ من الشافعية
(1)
.
والراجح والله أعلم:
أن حدثه يرتفع، ويكون قوله الآخر باطلاً لا عبرة به، وقد ارتفع الحدث، خاصة أن هذا الفعل قد يقع من الإنسان لا على وجه التلاعب، ولكن قد يتذكر، وهو ينوي رفع الحدث أن يفعل عبادة معينة بهذا الوضوء، وينوي معه عدم استباحة الصلاة بهذا الوضوء، لا على وجه التلاعب، ولكن قد يكون نوى ذلك في تلك الساعة لغرض صحيح لشغل أو غيره، وإن كان حصل منه ذلك على وجه التلاعب فإنه لا يسلم من الإثم مع رفع الحدث، وقد يقال: إن كان متلاعباً فإنه قد يعاقب بحرمان رفع الحدث، والله أعلم.
(1)
المرجع السابق.