الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: محلها مشترك بين الرأس والقلب
(1)
.
دليل القول الأول:
قال تعالى: {لهم قلوب لا يفقهون بها}
(2)
.
وقال تعالى: {وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه}
(3)
.
وقال تعالى: {أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها}
(4)
.
وقال تعالى: {فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}
(5)
.
(803 - 32) ومن السنة ما رواه البخاري من حديث النعمان بن بشير مرفوعاً، قال: ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، إلا وهي القلب، ورواه مسلم أيضاً
(6)
.
دليل من قال: العقل في الدماغ
.
لم أقف على شيء من الآيات والأحاديث تدل على أن العقل في الدماغ، ولكن يذكر الأطباء المعاصرون والفلاسفة المتقدمون: أن القلب إنما هو عبارة عن مضخة للدم، تدفعه إلى جميع أجزاء الجسم، وأن العقل محله
(1)
جاء في تبيين الحقائق (4/ 32) العقل معدنه القلب، وشعاعه في الدماغ، والجنون انقطاع ذلك الشعاع. اهـ وانظر البحر المحيط (1/ 122).
(2)
الأعراف: 179.
(3)
الأنعام: 25.
(4)
الحج: 46.
(5)
الحج: 46
(6)
البخاري (52)، ومسلم (1599).
الدماغ، وأن الدماغ هو مصدر الذاكرة والتذكر، وأن الدماغ إذا أصيب بشيء عرض له ما يسمى بفقدان الذاكرة، فلا يتذكر الإنسان من ماضيه شيئاً، وأن هناك عمليات أجريت في نقل القلب من إنسان كافر إلى إنسان مسلم، وأن المسلم بمجرد أن أفاق نطق الشهادة، وأقام الصلاة، مع أن قلبه قد نقل من بدن كافر لا يعرف الله سبحانه وتعالى.
وهذا الكلام لا يمكن أن يعارض به النصوص الشرعية، فإننا نتهم الطب، إذا كان فهم النص قاطعاً، فإن لم يكن الفهم قاطعاً بأن كان ظنياً فإن العلماء مطالبون بفهم النصوص بما يتفق مع الحقائق العلمية، بشرط أن تكون هذه حقائق، وليست نظريات قابلة للتغير؛ لأن الطب ما زال ينقصه الشيء الكثير، ولن يزال كذلك ما دام من نتاج العقل البشري، فإن العقل آفته النقص وهو مهما أوتي يبقى كما قال تعالى:{وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً}
(1)
.
{ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}
(2)
.
(3)
.
وقد سمعت بعض مشايخي يقول: إن العقل يصور الشيء، والقلب يقبله أو يرده، فيكون القلب محل الرغبة والرهبة والقبول والرفض، والعقل محل إدراك الشيء وتصوره، وهذا جمع حسن، وقد رأينا أن عاطفة الإنسان من حبه للشيء وميله إليه يجده في قبله، كما أن كراهية الشيء ومقته يجدها في
(1)
الإسراء: آية: 85.
(2)
الملك: آية: 14.
(3)
البقرة: 140.
قلبة، فمحل الفرح والحزن والحسرة هي في القلب، وقد يكون القلب وهو يتحكم في الدم، وقد سمي الدم نفساً كما في قول الفقهاء: ما لا نفس له سائلة، فإذا كان يتحكم في هذا الدم (النفس) الذي بواسطته بعد الله سبحانه وتعالى تكون حياة جميع الأعضاء بما في ذلك الدماغ يكون هو مصدر إمداد مادة الحياة لها كلها، فيكون هو محل ذلك كله، والله أعلم
(1)
.
(1)
جاء في مواهب الجليل (1/ 231): قال المازري في شرح التلقين: أكثر الفقهاء وأقل الفلاسفة على أن العقل في القلب، وأكثر الفلاسفة وأقل الفقهاء على أنه في الدماغ، محتجين بأنه إذا أصيب الدماغ فسد العقل، وبطلت العلوم والفكر وأحوال النفس.
وأجيب: بأن استقامة الدماغ لعلها شرط، والشيء يفسد لفساد شرطه، ومع الاحتمال فلا جزم، بل النصوص واردة بأن ذلك في القلب، وذكر الآيات، ثم قال: وإذا تقرر أن العقل في القلب لزم على أصولنا أن النفس في القلب؛ لأن جميع ما ينسب للعقل من الفكر والعلوم صفات للنفس، فتكون النفس في القلب عملا بظاهر النصوص، وقد قال بعض العلماء: إن النفس هي الروح، وهي العقل تسمى نفساً باعتبار ميلها إلى الملاذ والشهوات، وروحا باعتبار تعلقها بالجسد تعلق التدبير بإذن الله تعالى، وعقلا باعتبار كونها محصلة للعلوم، فصار لها ثلاثة أسماء باعتبار ثلاثة أحوال، والموصوف واحد، وإذا كانت النفس في القلب كانت النية وأنواع العلوم وجميع أحوال النفس في القلب، والعبارة التي ذكرها في كتاب الأمنية عن المازري لم أرها في شرح التلقين في الكلام على النية، وإنما رأيت العبارة التي ذكرها المصنف في التوضيح، ونقلها في الذخيرة، ولعل العبارة الأخرى ذكرها المازري في غير هذا الموضع، وزاد المازري بعد ذكره القولين: وهذا أمر لا مدخل للعقل فيه، وإنما طريقه السمع، وظواهر السمع تدل على صحة القول الأول. وذكر ابن رشد نحو ما تقدم ثم قال: والتحقيق أن الجسم قالب للنفس هي فيه كالسيف في الغمد وكالسلطان الجالس بقبته، والقلب سرير والدماغ كرسيه، الخ كلامه رحمه الله.
(تنبيه) قال القرافي في الفرق السادس والعشرين: فتاوى العلماء متظافرة على أن الطهارة وستر العورة والاستقبال من واجبات الصلاة ، وأجمعوا على أن من توضأ قبل الوقت واستتر واستقبل ثم جاء الوقت وهو على هذه الصورة وصلى من غير أن يجدد فعلا في هذه الثلاثة أجزأته صلاته إجماعاً، والله تعالى أعلم.