الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقوله «مخلصين» حال لهم في وقت العبادة، فإن الحال: هي وصف هيئة الفاعل وقت الفعل، والإخلاص هو النية.
وقال صلى الله عليه وسلم «إنما الأعمال بالنيات» .
وأجيب:
بأن حديث «إنما الأعمال بالنيات» مطلق، وليس فيه ما يفيد أن النية إن تقدمت فليس له ما نوى، بل يحصل له ما نوى مطلقاً تقدمت النية أو صاحبت العمل، وهو لم يرفض النية، وإنما استصحب حكمها، وكما أنه يجوز استصحاب حكمها أثناء العمل، فيجوز استصحاب حكمها قبله بيسير.
دليل من اشترط دخول وقت العبادة
.
لعل الحنابلة يرون أن دخول وقت العبادة هو سبب الوجوب، والنية عبادة وتقديمها على سبب وجوبها لا يجوز، ويجوز تقديمها قبل شرط الوجوب. مثال ذلك: الزكاة سبب وجوبها بلوغ النصاب، وشرط الوجوب تمام الحول لما يشترط له الحول، فتقديم الزكاة قبل بلوغ النصاب لا يجوز؛ لأنه قدم العبادة قبل سبب وجوبها، فإذا بلغ المال النصاب جاز تقديمها قبل تمام الحول: أي قبل شرط وجوبها.
مثال آخر: لو أن رجلاً أراد أن يقدم كفارة يمين قبل أن يعقدها لم تصح كفارة، لأن عقد اليمين هو سبب وجوب الكفارة، ولو أنه عقد اليمين ثم أخرج الكفارة قبل أن يحنث جاز؛ لأن الحنث هو شرط الوجوب، وتقديم العبادة على شرط وجوبها جائز، وعلى سبب الوجوب لا يجوز، والله أعلم
(1)
.
(1)
قواعد ابن رجب: القاعدة الرابعة (1/ 24).
الحال الثانية: أن تكون النية مقارنة للمنوي ذهب عامة أهل العلم إلى استحباب أن تكون النية مقارنة للمنوي
(1)
،
وقيل: يجب أن تكون النية مقارنة للمنوي، وهو مذهب الشافعية
(2)
، واختاره الآجري
(3)
، واختلفوا في الصيام الواجب.
فقال الشيرازي من الشافعية: وهل تجوز نيته مع طلوع الفجر؟ فيه وجهان:
من أصحابنا من قال: يجوز؛ لأنه عبادة، فجاز بنية تقارن ابتداءها، كسائر العبادات. قلت: وهذا مذهب الحنفية
(4)
، والمالكية
(5)
.
ثم قال الشيرازي: وأكثر أصحابنا يقولون: لا يجوز إلا بنية من الليل، لحديث حفصة رضي الله عنها، ولأن أول وقت الصوم يخفى، فوجب تقديم النية عليه
(6)
.
(1)
المبسوط (1/ 10)، بدائع الصنائع (1/ 199)، مواهب الجليل (1/ 233)، حاشية الدسوقي (1/ 520)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (1/ 695، 696)
(2)
المجموع (3/ 242)، وقال الزركشي في كتابه المنثور في القواعد (1/ 104): كل عبادة تجب أن تكون النية مقارنة لأولها إلا الصوم والزكاة والكفارة. اهـ.
(3)
كشاف القناع (1/ 316).
(4)
قال ابن عابدين في حاشيته (2/ 377): وإن نوى مع طلوع الفجر جاز؛ لأن الواجب قران النية بالصوم، لا تقدمها. اهـ وانظر تبيين الحقائق (1/ 316).
(5)
قال في مواهب الجليل (2/ 418): ويشترط أن تكون النية مبيتة من الليل، للحديث المتقدم، ويصح أن يكون اقترانها مع الفجر؛ لأن الأصل في النية أن تكون مقارنة لأول العبادة، وإنما جوز الشرع تقديمها لمشقة تحرير الاقتران. اهـ
(6)
المهذب (1/ 70). قال النووي في المجموع (6/ 303) الصحيح عند سائر المصنفين أنه لا يجوز - يعني: أن ينوي مع طلوع الفجر- قال: وهو قول أكثر أصحابنا المتقدمين، كما ذكره المصنف، وقطع به الماوردي والمحاملي في كتبه وآخرون، والمعتمد في دليله: ما ذكره المصنف. والغريب =