الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثامن:
في صفة النية
كيفية النية في الوضوء أن ينوي رفع الحدث، أو أداء الفرض، أو استباحة ممنوع مما لا يستباح إلا بالطهارة، كاستباحة الصلاة.
قال الخرشي: وفي كيفية النية ثلاثة أوجه:
أحدهما: أن ينوي رفع الحدث.
الثاني: أن ينوي أداء الفرض، أي امتثال أمر الله، وتدخل السنن والنوافل بالتبعية. زاد الصاوي: والمقصود بأداء الفرض ما تتوقف صحة العبادة عليه ليشمل وضوء الصبي
(1)
.
(1)
حاشية الصاوي على الشرح الصغير (1/ 115) وجاء في مواهب الجليل (1/ 234): قال العلامة أبو عبد الله محمد بن محمد بن أحمد بن مرزوق التلمساني في قول المصنف أو الفرض: هذه النية إذا صاحبت وقت الفرض فلا إشكال، وإن تقدمته ففي صحتها نظر; لأنه لم يجب. فإن قلت: قد رخصوا في الوضوء قبل الوقت. قلت: أما نية رفع الحدث أو استباحة ما لا يستباح إلا به فظاهر، وأما نية الفرض فمشكل; لأنه إذا نوى فرضية وضوئه ذلك فكذب; لأن وقته لم يحضر، وإن نوى فرض الوضوء من حيث الجملة لم يصح; لأن النية إنما شرعت لتمييز المنوي، وإن نوى فرض ما يأتي لم يصح الجزم به; لأنه لا يدري هل يصل إليه أو لا؟ وإن نوى: إن بقيت لم يصح أيضا للتردد في النية كمغتسل. انتهى. قال الحطاب: قد تقدم في مقدمة هذا الكتاب عن القرافي أن الفرض له معنيان،
أحدهما: ما يأثم بتركه. والثاني: ما يتوقف عليه الشيء وإن لم يأثم بتركه، كقولنا: الوضوء للنافلة واجب، وهو أعم من الأول، والفرض المنوي هنا بالمعنى الثاني: أي ما يتوقف عليه الإتيان بالأشياء التي منع منها الحدث، فهو راجع إلى معنى استباحة ما يمنع منه الحدث وإلى رفع الحدث، ولهذا قال ابن بشير بَعْدُ: إن الأوجه الثلاثة متلازمة متى ذكر جميعها لا يمكن أن يقصد ذكر أحدها دون الآخر، كما تقدم فتأمله، والله تعالى أعلم. اهـ
ثالثها: أن ينوي استباحة ممنوع مما لا يستباح إلا بالطهارة.
ومتى خطر ذكر جميع الثلاثة تلازمت، وإن خطر بباله بعضها أجزأ عن جميعها، ما لم يقصد عدم حصول الآخر، كأن يقول: أرفع الحدث ولا أستبيح الصلاة أو العكس، فتبطل النية، وتكون عدما للتنافي
(1)
.
فإذا نوى رفع الحدث فقد ارتفع حدثه، وهذا هو المقصود من الطهارة،
ولأن معنى رفع الحدث: استباحة كل فعل كان الحدث مانعاً من فعله.
أو بمعنى آخر: أنه إذا نوى رفع الحدث يكون بذلك قد نوى إزالة الوصف القائم بالأعضاء المانع من الصلاة ونحوها
(2)
والمقصود من رفع الحدث رفع حكمه؛ لأن الحدث قد وقع، فلا يمكن رفعه.
(1)
الخرشي على مختصر خليل (1/ 129) الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (1/ 114) الحاوي الكبير (1/ 94) البيان في مذهب الإمام الشافعي (1/ 103)، وذكر النووي في روضة الطالبين (1/ 48) أنه ينوي ثلاثة أمور: الأول: رفع الحدث. الثاني: استباحة الصلاة. الثالث: فرض الوضوء أو أداء الوضوء، وذلك كاف قطعاً، وإن كان الناوي صبياً.
والحنابلة يذكرون في كتبهم أمرين في صفة الوضوء: أن ينوي رفع الحدث، أو استباحة أمر تجب له الطهارة كالصلاة، انظر الكافي (1/ 23)، غاية المطلب (ص: 21)، المحرر (1/ 11)، بلغة الساغب (ص: 42)، ولم أتعرض لمذهب الحنفية؛ لأنهم لا يرون النية شرطاً في صحة الوضوء.
(2)
مواهب الجليل (1/ 234).