الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الشوكاني رحمه الله: والإنصاف أن أحاديث الثلاث لم تبلغ درجة الاعتبار حتى يلزم التمسك بها لما فيها من الزيادة، فالوقوف على ما صح من الأحاديث الثابتة في الصحيحين وغيرهما من حديث عثمان وعبد الله بن زيد وغيرهما هو المتعين لا سيما بعد تقييده في تلك الروايات السابقةبالمرة الواحدة
(1)
. اهـ
دليل من قال: يمسح رأسه مرتين
.
(895 - 124) ما رواه أحمد، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عبد الله بن محمد بن عقيل،
عن الربيع بنت معوذ، قال: قالت: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوضعنا له الميضأة، فتوضأ ثلاثاً ثلاثاً، ومسح برأسه مرتين، بدأ بمؤخره، وأدخل أصبعيه في أذنيه.
[سبق تخريجه في أدلة القول الأول]
(2)
.
الدليل الثاني:
(896 - 125) ما رواه ابن أبي شيبة، قال: حدثنا ابن عيينة، عن عمرو ابن يحيى، عن أبيه،
= وراشد الحماني. قال أبو حاتم: صالح الحديث. الجرح والتعديل (3/ 484).
وذكره ابن حبان في الثقات (4/ 234)، وقال: ربما أخطأ.
وفي التقريب: صدوق ربما أخطأ.
فالإسناد حسن إن شاء الله تعالى، وهو صحيح لغيره لكثرة شواهده التي ذكرناها في أدلة القول الأول، والله أعلم.
(1)
نيل الأوطار (1/ 340).
(2)
سبق تخريجه، انظر حديث (873).
عن عبد الله بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ، فغسل وجهه ثلاثاً، ويديه مرتين، ومسح برأسه ورجليه مرتين
(1)
.
[الحديث رجاله ثقات إلا أن ابن عيينة أخطأ في هذا الحديث من وجهين]
(2)
.
(1)
المصنف (1/ 16).
(2)
الوجه الأول: قول سفيان كما في رواية النسائي (99) عن عبد الله بن زيد: وهو الذي أري النداء.
والذي أري النداء هو عبد الله بن زيد بن عبد ربه، وهذا عبد الله بن زيد بن عاصم.
وقد خطَّأ جماعةٌ ابن عيينة منهم البخاري في صحيحه كما في باب تحويل الرداء في الاستسقاء، والنسائي في السنن (3/ 155)، والدارقطني في السنن (1/ 81).
قال الحافظ: وقد اتفقا في الاسم واسم الأب والنسبة إلى الأنصار ثم الخزرج والصحبة والرواية، وافترقا في الجد والبطن الذي من الخزرج، لأن حفيد عاصم من مازن، وحفيد عبد ربه من بلحارث من الخزرج (2/ 581).
الخطأ الثاني: قوله: إنه مسح برأسه مرتين، وقد رواه جماعة من عمرو بن يحيى ولم يقولوا ما قاله سفيان، منهم:
الأول: مالك، كما في رواية البخاري (185)، ومسلم (235)، والموطأ (1/ 18)، ومصنف عبد الرزاق (5)، وأحمد (4/ 38)، والترمذي (32)، والنسائي (98)، وابن ماجه (434)، وابن حبان (1084).
الثاني: وهيب بن خالد، كما في صحيح البخاري (186)، ومسلم (235)، والبيهقي (1/ 150)، وابن حبان (1077).
الثالث: خالد بن عبد الله الطحان، كما في رواية البخاري (191)، ومسلم (235)، وأبو داود (119)، والترمذي (28).
الرابع: عبد العزيز بن أبي سلمة بن أبي الماجشون، كما في صحيح البخاري (197)، وأبو داود (100)، وابن ماجه (471)، وابن حبان (1093). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الخامس: سليمان بن بلال كما في صحيح البخاري (199)، ومسلم (235).
السادس: محمد بن فليح كما في سنن الدارقطني (1/ 82)، فهؤلاء ستة رواة جلهم في الصحيحين خالفوا سفيان في قوله: ومسح برأسه مرتين، ولم استقص البحث ولعلهم أكثر من ذلك بكثير، وكلهم اتفقوا على لفظ: ثم مسح برأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه.
قال ابن عبد البر في التمهيد (3/ 216): أما الموضع الثاني الذي وهم فيه ابن عيينة فإنه ذكر فيه مسح الرأس مرتين، ولم يذكر فيه أحد مرتين غير ابن عيينة، وأظنه والله أعلم تأول الحديث قوله:" فمسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر " وما ذكرنا عن ابن عيينة من رواية مسدد ومحمد بن منصور وأبي بكر بن أبي شيبة كلهم ذكروا عن ابن عيينة ما حكينا عنه، وأما الحميدي فإنه ميز ذلك فلم يذكره، أو حفظ عن ابن عيينة أنه رجع عنه، فذكر فيه عن ابن عيينة ومسح رأسه، وغسل رجليه، فلم يصف المسح، ولا قال: مرتين، وقال في الإسناد: عن عبد الله بن زيد لم يزد، ولم يقل: ابن عاصم ولا ابن عبد ربه، فتخلص. اهـ
وقد أشار أحمد في مسنده أنه سمع الحديث من ابن عيينة ثلاث مرات، قال مرة: ومسح برأسه مرة. وقال مرتين: ومسح برأسه مرتين، وهذا الاختلاف من سفيان يدل إما على رجوعه أو على عدم ظبطه لهذا الحديث، أو على روايته للحديث بالمعنى ولم يوفق، والله أعلم.
كما رواه ابن خزيمة في صحيحه (156) من طريق سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، عن سفيان بن عيينة به، بلفظ " ثم مسح برأسه، بدأ بالمقدم، ثم غسل رجليه" ولم يقل: مرتين.
كما رواه الدارقطني (1/ 82) من طريق سعيد بن منصور، عن سفيان به، ولم يذكر مسح الرأس.
[تخريج الحديث].
الحديث أخرجه ابن أبي شيبة كما نقلته عنه في المتن، وأخرجه أحمد (4/ 40).
وأخرجه النسائي (99) والدارقطني (1/ 852) عن محمد بن منصور.
وأخرجه الترمذي 47) حدثنا ابن أبي عمر.
وأخرجه الدارقطني (1/ 82) من طريق العباس بن يزيد وسعيد بن منصور. =
الراجح: أن الرأس لا يمسح إلا مرة واحدة، وأما ما يتعلق بسائر الأعضاء فالراجح فيه أنه يتوضأ أحياناً مرة مرة، وأحياناً مرتين مرتين، وأحياناً ثلاثاً ثلاثاً، وأحياناً يخالف بين أعضائه، فيغسل بعضها مرتين وبعضها مرة في فعل واحد، هكذا جاءت السنة:
أما الوضوء ثلاثاً ثلاثاً فقد ذكرنا أدلته من حديث عثمان في الصحيحين وغيرهما.
(897 - 126) وأما الوضوء مرة مرة، فقد أخرجه البخاري وغيره من طريق زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار،
عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة
(1)
.
= وأخرجه البيهقي (1/ 63) من طريق محمد بن حماد. كلهم رووه عن سفيان بن عيينة به. وانظر إتحاف المهرة (7135)، أطراف المسند (3/ 21)، تحفة الأشراف (5308).
(1)
البخاري (157).
وأما ما رواه ابن ماجه (419) من طريق عبد الرحيم بن زيد العمي، عن أبيه، عن معاوية بن قرة،
عن ابن عمر قال: توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدة واحدة، فقال: هذا وضوء من لا يقبل الله منه صلاة إلا به، ثم توضأ ثنتين ثنتين فقال: هذا وضوء القدر من الوضوء، وتوضأ ثلاثاً ثلاثاً، وقال: هذا أسبغ الوضوء، وهو وضوئي ووضوء خليل الله إبراهيم، ومن توضأ هكذا ثم قال عند فراغه: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله فتح له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء.
فالحديث ضعيف جداً، فيه عبد الرحيم بن زيد العمي، وأبو زيد العمي ضعيفان، وسبق أن تكلمت على هذا الحديث وبينت الاختلاف في إسناده، وتكلمت على رجاله في حديث رقم (790) فأغنى عن إعادته هنا، فلله الحمد.
وأما ما رواه الترمذي (46) من طريق وكيع، عن ثابت بن أبي صفية، قال: قلت لأبي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= جعفر: حدثك جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة؟ قال: نعم.
ورواه الترمذي (45)، وابن ماجه (410) والدارقطني (1/ 81) من طريق شريك عن ثابت به، وزاد: ومرتين مرتين وثلاثاً ثلاثاً، قال: نعم.
قال أبو عيسى: وهذا أصح من حديث شريك (يعني: لفظ وكيع) قال: لأنه قد روي من غير وجه هذا عن ثابت نحو رواية وكيع وشريك كثير الغلط. اهـ
وكلمة أصح لا تعني الصحة المطلقة، وإنما مقارنة بلفظ شريك، والحديث بطريقيه ضعيف؛ لأن مدار الإسنادين على ثابت بن أبي صفية، وهو رافضي ضعيف على أن ابن أبي شيبة رواه عن شريك في المصنف بلفظ وكيع (66).
وروى أبو نعيم في الحلية (7/ 232) من طريق مسعر، عن أبي حمزة (ثابت بن أبي
صفية) به بلفظ وكيع.
وروى الطبراني في الأوسط (6542) من طريق الحارث بن عمران الجعفري، عن جعفر ابن محمد، عن أبيه،
عن جابر قال: توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة مرة.
قال الطبراني لم يرو هذا عن جعفر إلا الحارث بن عمران. اهـ والحارث ضعيف، ورماه ابن حبان بالوضع.
ورى الطبراني في الأوسط (911) والدارقطني (1/ 81) من طريق الدراوردي، حدثنا عمر بن أبي عمر، عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع،
عن أبي رافع، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فغسل وجهه ثلاثاً، وغسل يديه ثلاثاً، ومسح برأسه وأذنيه، وغسل رجليه ثلاثاً، ورأيته مرة أخرى توضأ مرة مرة.
قال الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن أبي رافع إلا بهذا الإسناد، تفرد به الداروردي. اهـ
وعلته عمر بن أبي عمر الكلاعي، وهو ضعيف.
وروى النسائي في سننه (113) من طريق أبي جعفر المدني قال: سمعت ابن عثمان بن حنيف يعني عمارة قال:
حدثني القيسي أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فأتي بماء فقال على يديه من الإناء =
وهو ظاهر القرآن فإن آية المائدة أمرت بغسل الأعضاء الأربعة، ولم تذكر عدداً، فمن غسل أعضاء الوضوء مرة واحدة فقد أدى ما افترض الله عليه، قال سبحانه وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة
= فغسلهما مرة وغسل وجهه وذراعيه مرة مرة وغسل رجليه بيمينه كلتاهما.
وسنده ضعيف، فيه عمارة بن عثمان بن حنيف، قال الذهبي: لا يعرف.
وفي التقريب: مقبول.
وروى أحمد (2/ 28)، وأبو يعلى الموصلي (5777) من طريق المطلب بن عبد الله بن حنطب،
كان ابن عمر يتوضأ ثلاثاً يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكان ابن عباس يتوضأ مرة مرة يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
والمطلب بن عبد الله بن حنطب لم يثبت سماعه من ابن عمر ولا من ابن عباس، قال البخاري فيما نقله العلائي في جامع التحصيل (774): لا أعرف للمطلب بن حنطب عن أحد من الصحابة سماعاً، وقال أبو حاتم: عامة أحاديثه مراسيل، لم يدرك أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا سهل بن سعد وأنساً وسلمة بن الأكوع أو من كان قريباً منهم".
وقال في المراسيل (ص: 164): لا ندري أنه سمع منهما أم لا (يعني: ابن عمر وابن عباس).
وأخرجه الإمام أحمد (2/ 8) وابن ماجه (414) عن الوليد بن مسلم،
وأخرجه النسائي (81) وفي الكبرى (88)، وابن حبان (1092) من طريق عبد الله بن المبارك، كلاهما عن الأوزاعي به، من مسند ابن عمر وحده.
وأخرجه الطيالسي في مسنده (2760) عن عبد الله بن المبارك.
وأخرجه أحمد (1/ 219) حدثنا الوليد بن مسلم، كلاهما عن الأوزاعي به، مسند ابن عباس وحده.
وقد ثبت الحديث من مسند ابن عباس عند البخاري (17) وسبق ذكره، انظر حديث (898).