الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دليل من جوز أن تكون النية في الصيام مقارنة لأول الصوم
.
استدل بأن هذا هو الأصل في النية، وهو أن تكون النية مقارنة للمنوي، وإنما جاز تقدمها تخفيفاً ودفعاً للحرج.
دليل من أوجب تقدم النية في الصيام على المنوي
.
(805 - 34) ما رواه مالك في الموطأ، عن نافع،
عن ابن عمر، أنه كان يقول: لا يصوم إلا من أجمع الصيام قبل الفجر
(1)
.
[إسناده من أصح الأسانيد، وروي عن ابن عمر عن حفصة مرفوعاً، ولا يثبت]
(2)
.
والراجح بين القولين:
قبل ترجيح أحد القولين لا بد أن نعرف تفسير المقارنة، فإن كان المقصود بالمقارنة ألا يوجد فاصل بين النية وبين المنوي، بحيث ينوي العبد الطاعة، ثم يدخل فيها مباشرة فلا حرج في مقارنة النية للمنوي في هذه الحال، لأن النية قد وجدت قبل العمل ولو ببرهة.
= هنا: أن الشافعية الذين يوجبون أن تكون النية مقارنة للمنوي لم يطردوه في الصوم، بينما الجمهور الذين يجيزون تقدم النية على المنوي أجازوا هنا أن تكون النية مقارنة للمنوي في الصيام.
(1)
الموطأ (1/ 288).
(2)
سيأتي تخريج طرق حديث حفصة إن شاء الله تعالى في كتاب الصوم، وقد تكلم على المرفوع، وأنه لا يثبت كل من البخاري في التاريخ الأوسط (1/ 134)، ونقله الترمذي في العلل الكبير (1/ 348) وصوب وقفه النسائي في السنن الكبرى (2/ 117 - 118)، والدارقطني في العلل (5/ الورقة: 163).
وإن كان المقصود من المقارنة أن تنوي حال التلبس بالعبادة فهذا لا يجوز، لأنه في هذه الحال سوف يكون هناك جزء من العبادة ولو يسيراً عارياً من النية.
وقد سئل ابن تيمية عن هذه المسألة، فقال:
((أما مقارنتها التكبير فللعلماء فيه قولان مشهوران:
أحدهما: لا يجب، والمقارنة المشروطة قد تفسر بوقوع التكبير عقيب النية، وهذا ممكن لا صعوبة فيه، بل عامة الناس إنما يصلون هكذا، وهذا أمر ضروري، لو كلفوا تركه لعجزوا عنه، وقد تفسر بانبساط آخر النية على آخر التكبير، بحيث يكون أولها مع أوله، وآخرها مع آخره، وهذا لا يصح; لأنه يقتضي عزوب كمال النية في أول الصلاة، وخلو أول الصلاة عن النية الواجبة. وقد تفسر بحضور جميع النية مع جميع آخر التكبير، وهذا تنازعوا في إمكانه، فمن العلماء من قال: إن هذا غير ممكن، ولا مقدور للبشر عليه، فضلا عن وجوبه، ولو قيل بإمكانه، فهو متعسر، فيسقط بالحرج. وأيضا فمما يبطل هذا والذي قبله، أن المكبر ينبغي له أن يتدبر التكبير ويتصوره، فيكون قلبه مشغولا بمعنى التكبير، لا بما يشغله عن ذلك من استحضار النية; ولأن النية من الشروط، والشروط تتقدم العبادات، ويستمر حكمها إلى آخرها، كالطهارة)) ، والله أعلم
(1)
.
الحالة الثالثة: أن تكون النية متأخرة عن بعض المنوي.
ذهب عامة أهل العلم إلى أنه لا يجوز أن تتأخر النية عن أول العبادة، خاصة إذا كان أول العبادة واجباً فيها، فلا تتأخر النية في الوضوء عن غسل
(1)
الفتاوى الكبرى (2/ 94).
الوجه، ولو تأخرت عن غسل اليدين فلا يؤثر ذلك في صحة الوضوء؛ لأن غسل الكفين سنة، ولا تتأخر النية في الصلاة عن تكبيرة الإحرام وهكذا؛ لأن أول العبادة لو عرا عن النية لكان أولها متردداً بين القربة وبين غيرها، وآخر الصلاة مبني على أولها، فإذا كان أولها متردداً، كان آخرها كذلك.
وخالف في ذلك الكرخي من الحنفية، فقال: يجوز تأخير النية عن تكبيرة الإحرام، وهذا بناء على قول في مذهب الحنفية: أن تكبيرة الإحرام ليست من الصلاة
(1)
.
ولعل هذا القول لا يخرج عن القول السابق، وإنما الخلاف في تحقيق المناط، فتكبيرة الإحرام عند من يراها ركناً في الصلاة - وهو الصحيح - لايجوز أن تتأخر النية عن تكبيرة الإحرام، وأما عند من يرى تكبيرة الإحرام ليست من الأركان ولا الواجبات لا يمنع من تأخير النية عنها، كما أجاز الحنابلة تأخر نية الوضوء عن أول مسنونات الطهارة، وهي غسل الكفين، وتجب عندهم عند أول واجبات الطهارة.
واختلفوا في صيام النفل، هل يجوز أن تتأخر النية عن أول العبادة؟ على قولين:
فذهب الجمهور من الحنفية
(2)
، والشافعية
(3)
، والحنابلة
(4)
، إلى أن تبييت
(1)
البحر الرائق (1/ 99).
(2)
البحر الرائق (1/ 314)، حاشية ابن عابدين (2/ 292)، مواهب الجليل (2/ 418)
(3)
المجموع (6/ 305).
(4)
قال في الإنصاف (3/ 297): ويصح صوم النفل بنية من النهار قبل الزوال وبعده، هذا المذهب، نص عليه. قال في الفروع: وعليه أكثر الأصحاب. اهـ وانظر نيل المآرب (1/ 345).
النية من الليل في صيام النفل ليس بواجب، فلو نوى في أثناء اليوم في صيام النفل صح صومه بشرطه: وهو ألا يتناول مفطراً من طلوع الفجر.
وخالف في ذلك مالك رحمه الله
(1)
، فقال: يجب تبييت النية من الليل، وهو مذهب الظاهرية
(2)
، ورجحه المزني من الشافعية
(3)
.
وسوف يأتي بسط أدلة هذه المسألة في كتاب الصيام أبلغنا الله إياه بمنه وكرمه.
(1)
قال في مواهب الجليل (2/ 418): شرط صحة الصوم مطلقاً فرضاً كان أو نفلاً معيناً أو غير معين أن يكون بنية، لقوله e إنما الأعمال بالنيات، ثم قال: وصفتها أن تكون مبيتة من الليل، ويصح أن يكون اقترانها مع الفجر، سواء كان صوم واجب أو تطوع.
(2)
المحلى (3/ 429).
(3)
المجموع (6/ 305).