الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: يكره تخليل اللحية، وهو قول في مذهب المالكية
(1)
.
وقيل: يجب تخليل اللحية مطلقاً كثيفة أو خفيفة، وهو قول ثالث في مذهب المالكية
(2)
.
وعلى القول بالوجوب فهل ذلك حتى يصل الماء إلى داخل الشعر فقط، أو لا بد من وصول الماء إلى البشرة؟ في ذلك قولان حكاهما المازري
(3)
.
أدلة القائلين باستحباب تخليل اللحية:
الدليل الأول:
(845 - 74) ما رواه عبد الرزاق، عن إسرائيل، عن عامر بن شقيق،
عن شقيق بن سلمة قال: رأيت عثمان بن عفان توضأ، فغسل كفيه ثلاثاً ثلاثاً، ومضمض واستنشق واستنثر، وغسل وجهه ثلاثاً، وفي آخره قال:«وخلل لحيته حين غسل وجهه قبل أن يغسل قدميه، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل كالذي رأيتموني أفعل»
(4)
.
[ذكر التخليل منكر في هذا الحديث، وحديث عثمان في الصحيحين وفي غيرهما ليس فيه ذكر التخليل]
(5)
.
(1)
جاء في التمهيد (20/ 121): " قال مالك: تخليلها في الوضوء ليس من أمر الناس، وعاب ذلك على من فعله".
(2)
مواهب الجليل (1/ 189)، الفواكه الدواني (1/ 139).
(3)
مواهب الجليل (1/ 190).
(4)
المصنف (125).
(5)
في إسناده عامر بن شقيق، جاء في ترجمته:
قال أبو بكر بن أبى خيثمة: سئل يحيى بن معين عن عامر بن شقيق فقال ضعيف الحديث. الجرح والتعديل (6/ 322). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال أبو حاتم الرازي: شيخ ليس بقوي وليس من أبى وائل بسبيل. المرجع السابق.
وقال النسائي: ليس به بأس. تهذيب التهذيب (5/ 60).
وذكره ابن حبان في الثقات (7/ 249).
وقال الحافظ ابن حجر: صحح الترمذي حديثه في التخليل، وقال في العلل الكبير: قال محمد: أصح شيء في التخليل عندي حديث عثمان، قلت: إنهم يتكلمون في هذا فقال: هو حسن، وصححه بن خزيمة وابن حبان والحاكم وغيرهم. اهـ تهذيب التهذيب (5/ 60).
ومع أن ابن حجر حاول تقوية عامر هذا إلا أنه قال في التقريب: لين الحديث.
ولو كان عامر هذا ثقة لكان انفراده بذكر التخليل في حديث عثمان علة توجب رد حديثه، كيف وهو مع هذا فيه لين؟ والله أعلم.
[تخريج الحديث]:
الحديث مداره على إسرائيل، عن عامر بن شقيق، عن أبي وائل، عن عثمان.
فقد أخرجه عبد الرزاق في مصنفه كما في حديث الباب، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الترمذي (31) مختصراً، وابن ماجه (430)، والحاكم (527)، والبيهقي في السنن (1/ 54).
وأخرجه ابن أبي شيبة (1/ 21) ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن حبان (1081)، والدارقطني (1/ 86) عن ابن نمير.
وأخرجه الدارمي (704) وابن الجارود على إثر حديث (72) والدارقطني (1/ 86) عن مالك بن إسماعيل (أبي غسان).
ورواه ابن الجارود في المنتقى (72) وابن خزيمة (152) والدارقطني (1/ 86) من طريق ابن مهدي.
وأخرجه ابن خزيمة أيضاً (151) من طريق خلف بن الوليد وأبي عامر.
وأخرجه الحاكم (1/ 148) من طريق عبد الله بن موسى، كلهم عن إسرائيل به.
واختلف على إسرائيل في ذكر التخليل، فرواه من سبق: عبد الرزاق وعبد الله بن نمير ومالك بن إسماعيل وابن مهدي وأبو عامر العقدي وخلف بن الوليد رووه عن إسرائيل بذكر التخليل.
وخالفهم وكيع ويحيى بن آدم، وأسد بن موسى فرووه عن إسرائيل به بدون ذكر التخليل إلا أن وكيعاً ويحيى بن آدم اختلف عليهما فيه، فروي عنهما تارة بذكر التخليل، وتارة بدون ذكره. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فقد أخرجه أحمد (1/ 57) وابن أبي شيبة (1/ 17) عن وكيع، عن إسرائيل به، بلفظ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثاً ثلاثاً.
وأخرجه البزار (393) من طريق وكيع به مطولاً بذكر التخليل، فأخشى أن تكون رواية أحمد وابن أبي شيبة تعمد فيها اختصار الحديث.
وأما رواية يحيى بن آدم، فقد أخرجها أبو داود (110) بلفظ: رأيت عثمان بن عفان غسل ذراعية ثلاثاً ثلاثاً، ومسح رأسه ثلاثاً، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هذا. اهـ ولم يذكر التخليل، لكن رواه الدارقطني (1/ 91) من طريق يحيى بن آدم، وفيه ذكر التخليل.
وأما رواية أسد بن موسى، فأخرجها الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 32) بلفظ: عن عثمان بن عفان أنه توضأ، فمسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما، وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ".
فتلاحظ أن من رواه عن إسرائيل بذكر التخليل أكثر عدداً، وكلهم ثقات، وممن أخرج أحاديثهم الجماعة إلا خلف بن الوليد، وهو ثقة، لكن علة الحديث تفرد عامر بن شقيق بذكر التخليل، وقد خالفه عبدة بن أبي لبابة، وهو أوثق منه، فقد أخرجه أبو عبيد في الطهور (81)، والطيالسي (81)، وابن ماجه (413)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 29)، والبزار في المسند (394) من طريق عبد الرحمن بن ثابت، عن عبدة بن أبي لبابة، عن أبي وائل به، وليس فيه ذكر التخليل.
وعبد الرحمن بن ثابت، قال فيه الحافظ في التقريب: صدوق يخطئ، ورمي بالقدر، وقد تغير بآخرة.
كما أن حديث عثمان في صفة الوضوء رواه جماعة عن عثمان من غير طريق أبي وائل، ولم يذكروا فيه التخليل، وإليك بعض من وقفت عليه منهم:
الأول: حمران مولى عثمان بن عفان، عن عثمان، وحديثه في الصحيحين انظر (البخاري 159، ومسلم226).
الثاني: أبو أنس: مالك بن عامر الأصبحي، عن عثمان، وحديثه في صحيح مسلم (230).
الثالث: عطاء، عن عثمان. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (1/ 66، 72) من طريق حماد بن زيد عن حجاج بن أرطاة، عن عطاء، عن عثمان رضي الله عنه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، فغسل وجهه ثلاثاً، ويديه ثلاثاً، ومسح برأسه، وغسل رجليه غسلاً.
وأخرجه ابن أبي شيبة (1/ 17) من طريق أبي معاوية عن حجاج به.
وأخرجه أيضاً (1/ 22) عن عباد بن العوام، عن حجاج به، ومن هذا الطريق أخرجه ابن ماجه (435).
وهذا الطريق له علتان:
الأولى: ضعف عطاء، وهو مدلس أيضاً وقد عنعن.
الثانية: عطاء لم يسمع من عثمان رضي الله عنه، ولذلك أخرجه عبد الرزاق (124) عن ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، أنه بلغه عن عثمان أنه مضمض ثلاثاً، واستنثر ثلاثاً، ثم أفرغ على وجهه ثلاثاً، وعلى يديه ثلاثاً، ثم قال: هكذا توضأ النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ولم أستيقنها عن عثمان، ولم أزد عليه ولم أنقص. اهـ
فقوله: بلغه عن عثمان صريح أنه لم يسمعه منه.
وذكره الحافظ في التلخيص (1/ 63)، وقال: رواه البيهقي والدارقطني. اهـ
قلت: أما البيهقي فذكره معلقاً، قال (1/ 63): وروي ذلك عن عطاء بن أبي رباح، عن عثمان، وهو مرسل.
وأما الدارقطني فلم أجده في سننه، ولم يشر الحافظ إلى رواية عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن ماجه وعبد الله بن أحمد للحديث.
الرابع: زيد بن ثابت عن عثمان رضي الله عنهما.
أخرجه البزار (343) من طريق عثمان بن عمر، قال: نا فليح بن سليمان، عن سعيد بن الحارث، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه، عن عثمان رضي الله عنه أنه توضأ ثلاثاً ثلاثاً وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ.
قال البزار: وهذا الحديث حسن الإسناد، ولا نعلم روى زيد بن ثابت عن عثمان حديثاً مسنداً إلا هذا الحديث، ولا له إسناد عن زيد بن ثابت إلا هذا الإسناد.
كما أن الحافظ ابن حجر قد حسن إسناده في التلخيص (1/ 146). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الخامس: عبد الرحمن البيلماني، عن عثمان.
أخرجه الدارقطني (1/ 92) من طريق صالح بن عبد الجبار، حدثنا محمد بن عبد الرحمن البيلماني، عن أبيه، عن عثمان في صفة الوضوء ثلاثاً، وذكر التثليث، ومسح الرأس، وعدم الكلام أثناء الوضوء، والذكر بعده، وثواب ذلك.
وهذا الإسناد ضعيف جداً. جاء في نصب الراية (1/ 32): قال ابن القطان: صالح بن عبد الجبار لا أعرفه إلا في هذا الحديث، وهو مجهول الحال.
ومحمد بن عبد الرحمن البيلماني جاء في تلخيص الحبير عن الحافظ أنه ضعيف جداً، وفي التقريب: ضعيف. وقد اتهمه ابن عدي ابن حبان.
وأما أبوه فضعفه الحافظ في التلخيص والتقريب.
السادس: عن زيد بن داره، عن عثمان.
أخرجه أحمد (1/ 61) حدثنا صفوان بن عيسى، عن محمد بن عبد الله بن أبي مريم، قال: دخلت على ابن داره مولى عثمان، قال: فسمعني أمضمض، قال: فقال: يا محمد، قال: قلت: لبيك. قال: ألا أخبرك عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: رأيت عثمان، وهو بالمقاعد دعا بوضوء، فمضمض ثلاثاً، واستنشق ثلاثاً، وغسل وجهه ثلاثاً، وذراعيه ثلاثاً ثلاثاً، ومسح برأسه ثلاثاً، وغسل قدميه، ثم قال: من أحب أن ينظر إلى وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا إسناد ضعيف، فيه زيد بن داره، وهو مجهول الحال. انظر تلخيص الحبير (1/ 146).
والحديث أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 36)، والدارقطني (1/ 91، 92) والبيهقي في السنن (1/ 62، 63) من طريق صفوان بن عيسى به.
فتبين من هذا التخريج أن جميع من روى الحديث عن عثمان في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يذكروا تخليل اللحية، وإنما انفرد بذكره عامر بن شقيق، عن أبي وائل، عن عثمان، وعامر لا يحتمل تفرده بمثل هذا، وأما قول البخاري في علل الترمذي الكبير: أصح شيء عندي حديث عثمان. قيل: إنهم يتكلمون في هذا. قال: هو حسن. فقوله: أصح شيء لا يقتضي أنه صحيح، والحسن الذي في كلام البخاري لا يراد به الحسن الاصطلاحي عند المتأخرين والله أعلم. =