الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرط الأول:
الإسلام
فلا تصح النية من كافر، لأنه ليس أهلاً للنية، وليس من أهل العبادة، قال تعالى:{وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً}
(1)
.
فلو توضأ الكافر أو اغتسل لم يصحا منه عند الجمهور.
وصحح الحنفية وضوءه وغسله، فلو أسلم بعدهما صلى بوضوئه وغسله؛ لأن النية عندهم ليست شرطاً في الوضوء والغسل، وقد ذكرت في مسألة مستقلة حكم النية في الوضوء، ورجحت أنها شرط في صحة الوضوء، والله أعلم.
إلا أنه يستثنى من ذلك الكتابية تكون تحت المسلم، فإذا طهرت من المحيض أو النفاس فإنها تغتسل للزوج حتى يتمكن من جماعها، وهل تشترط النية لغسلها؟ على قولين:
فقيل: يصح غسلها بلا نية، لأنها ليست أهلاً للنية، فغسلها إنما هو لحق الآدمي وليس حقاً لله، وإذا لم يكن عبادة لم تشترط له النية، وهو ظاهر مذهب المالكية
(2)
، ووجه في مذهب الحنابلة، وهو المشهور عند المتأخرين
(3)
.
(1)
الفرقان: 23.
(2)
قال في مواهب الجليل (1/ 311): غسل الذمية وقع صحيحاً حال الكفر في حق الآدمي ولم يقع عبادة، وصحة الغسل في حق الله تعالى لا تكون إلا بوقوع الغسل منها عبادة وقربة، والكفر لا يصح معه قربة بوجه. اهـ وانظر الخرشي (1/ 75) حاشية الدسوقي (1/ 42)، حاشية الصاوي (1/ 37).
(3)
كشاف القناع (1/ 85)، وقال أيضاً (1/ 90): ولا تجب النية في غسل الذمية للعذر (ولا) تجب أيضا (التسمية في غسل ذمية) كالنية، هذا أحد الوجهين، وصوبه في الإنصاف =
وقيل: لا بد لها من نية، إلا إذا امتنعت فتسقط للضرورة، كما لو امتنع الرجل عن أداء زكاته، فإنها تؤخذ منه قهراً، وتجزئ عنه في الدنيا، وهو مذهب الشافعية
(1)
، ووجه آخر في مذهب الحنابلة
(2)
.
= وتصحيح الفروع، وظاهر ما قدمه في الإنصاف في كتاب الطهارة اعتباراً للتسمية، وهو ظاهر كلام المصنف هناك وتقدم. (ولا تتعبد) الذمية (به) أي بغسلها للحيض أو النفاس (لو أسلمت بعده) فلا تصلي به، ولا تطوف، ولا تقرأ قرآناً، ولا غير ذلك مما يتوقف على طهارة. قال القاضي: إنما يصح في حق الآدمي؛ لأن حقه لا يعتبر له النية، فيجب عوده إذا أسلمت، ولم يجز أن تصلي به، انتهى.
(1)
قال السيوطي في الأشباه والنظائر (ص: 35): الذمية تحت المسلم يصح غسلها عن الحيض؛ ليحل وطؤها بلا خلاف للضرورة، ويشترط نيتها كما قطع به المتولي والرافعي في باب الوضوء، وصححه في التحقيق، كما لا يجزي الكافر العتق عن الكفارة إلا بنية العتق، وادعى في المهمات أن المجزوم به في الروضة وأصلها في النكاح عدم الاشتراط، وما ادعاه باطل، سببه سوء الفهم، فإن عبارة الروضة هناك: إذا طهرت الذمية من الحيض والنفاس ألزمها الزوج الاغتسال، فإن امتنعت أجبرها عليه واستباحها؛ وإن لم تنو للضرورة، كما يجبر المسلمة المجنونة فقوله " وإن لم تنو " بالتاء الفوقية عائد إلى مسألة الامتناع، لا إلى أصل غسل الذمية، وحينئذ لا شك في أن نيتها لا تشترط، كالمسلمة المجنونة. وأما عدم اشتراط نية الزوج عند الامتناع والمجنون، أو عدم اشتراط نيتها في غير حال الإجبار فلا تعرض له في الكلام لا نفيا ولا إثباتاً، بل في قوله في مسألة الامتناع " استباحها وإن لم تنو للضرورة " ما يشعر بوجوب النية في غير حال الامتناع، وعجبت للإسنوي كيف غفل عن هذا؟ وكيف حكاه متابعوه عنه ساكتين عليه؟ والفهم من خير ما أوتي العبد. اهـ كلام السيوطي.
وقال العراقي في طرح التثريب (2/ 12): وأما الذمية الممتنعة فقال في شرح المهذب الظاهر أنه على الوجهين في المجنونة، بل قد جزم ابن الرفعة في الكفاية في غسل الذمية لزوجها المسلم أن المسلم هو الذي ينوي، ولكن الذي صححه النووي في التحقيق في الذمية غير الممتنعة اشتراط النية عليها نفسها، والله أعلم.
(2)
الإنصاف (1/ 152).
والأول أقوى؛ بل إن إيجاب غسل البدن كله عليها إن قال أحد بعدم وجوبه، فله وجه؛ لأن طهارة الحائض مركبة من طهارتين: عن حدث وعن خبث، وإذا كان يتوجه وجوب الطهارة عليها من الخبث لحق الزوج، فإن الطهارة من الحدث غير معقولة المعنى، وإنما هي طهارة تعبدية محضة، فإن قال أحد: يكفي أن تغسل فرجها، وتنظفه من الأذى، فهذا كاف في حل وطء زوجها فهو قول قوي جداً، ولا يستبعد القول به، خاصة أن الحنفية يقولون بجوازه في حق المسلمة إذا طهرت لتمام المدة، فإنهم لا يوجبون الغسل لحل الوطء، فهذه من باب أولى، والله أعلم.