الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الوضوء، فأراه ثلاثاً ثلاثاً، قال: هذا الوضوء، فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم
(1)
.
[رجاله ثقات إلى عمرو بن شعيب، فهو حسن عند من يحسن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده]
(2)
.
الدليل الثاني:
أنه لم ينقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه جدد الوضوء بعد فراغه مباشرة من الوضوء الأول.
دليل من قال بالتجديد بعد الفاصل الطويل
.
(785 - 14) ما رواه مسلم، قال: حدثنا يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك، عن موسى بن عقبة، عن كريب مولى بن عباس،
عن أسامة بن زيد أنه سمعه يقول: دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة حتى إذا كان بالشعب نزل، فبال، ثم توضأ، ولم يسبغ الوضوء. فقلت له: الصلاة؟ قال: الصلاة أمامك، فركب فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ، فأسبغ الوضوء، ثم أقيمت الصلاة، فصلى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت العشاء فصلاها ولم يصل بينهما شيئاً
(3)
.
فالظاهر أنه نقض الوضوء قبل وصوله مزدلفة بقليل، ثم توضأ، فيبعد أن يكون أحدث حدثاً آخر حين وصل مزدلفة، إلا أن يقال: فيه دليل لمن قال: يشرع التجديد إذا فعل به عبادة يشرع لها الوضوء كالذكر، والتلبية من الذكر، فالله أعلم.
(1)
مسند أحمد (2/ 180).
(2)
وقد سبق بحثه في كتاب أحكام المسح على الحائل رقم (68).
(3)
صحيح مسلم (1280).
[الوضوء المحرم]
مثل له الفقهاء بالماء المغصوب، فإذا تعدى الإنسان على مال غيره، وكان غيره بحاجة إليه، كالماء مثلاً فإنه يأثم بذلك، ولكن هل يرتفع الحدث، ويزول الخبث، أم لا؟.
اختلف العلماء في ذلك:
فقيل: يأثم، ويرتفع حدثه وخبثه، وهو مذهب الحنفية
(1)
، والمالكية
(2)
، والشافعية
(3)
.
وقيل: لا تصح الطهارة به، ويرتفع به الخبث، اختاره بعض الحنابلة
(4)
.
وقيل: لا يرتفع به حدث، ولا خبث، وهو المشهور من مذهب الحنابلة
(5)
، وهو اختيار ابن حزم
(6)
.
وقد ذُكِرَت أدلة كل قول في كتاب المياه
(7)
.
(1)
تبيين الحقائق (1/ 48)، الفصول في الأصول (2/ 179)، حاشية ابن عابدين (1/ 341).
(2)
أنواع البروق في أنواع الفروق (2/ 84)، الخرشي (1/ 181)، و (3/ 44)، الفواكه الدواني (1/ 124)، حاشية الدسوقي (1/ 144) و (3/ 54)، منح الجليل (1/ 138).
(3)
إعانة الطالبين (1/ 55)، المجموع (2/ 295)، حاشيتا قليوبي وعميرة (1/ 59،68).
(4)
قال في منار السبيل (1/ 15): " ماء يحرم استعماله ولا يرفع الحدث، ويزيل الخبث وهو ماليس مباحاً كمغصوب ونحوه ". اهـ
(5)
قال في الإنصاف (1/ 28): وأما الوضوء بالماء المغصوب، فالصحيح من المذهب، أن الطهارة لا تصح به، وهو من مفردات المذهب. وعنه: تصح وتكره، اختاره ابن عبدوس في تذكرته. اهـ
وانظر قواعد ابن رجب، القاعدة التاسعة (ص: 12)، كشاف القناع (1/ 30)، مطالب أولي النهى (4/ 62)، المبدع (1/ 40).
(6)
المحلى (1/ 208).
(7)
انظر أحكام الطهارة (المياه والآنية) ص: 95.
[الوضوء المباح]
مثل له المالكية بالوضوء للتبرد، والوضوء للدخول على السلطان
(1)
.
والذي يظهر لي: أن الوضوء لا يكون مباحاً، وذلك أنه عبادة مطلوب فعلها، فإن فعلها امتثالاً كان مأجوراً عليها، وهذا يخرجها عن حد المباح؛ لأن المباح يستوي فيه الفعل والترك، والله أعلم.
فهذه أحكام التكاليف الخمسة، الواجب والمحرم والمستحب والمكروه والمباح، والله أعلم.
(1)
انظر مواهب الجليل (1/ 181).