الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: تخليل الأصابع واجب في اليدين، سنة في الرجلين، وهو مذهب المالكية
(1)
.
وقيل: التخليل واجب مطلقاً في اليدين والرجلين. وهو قول في مذهب المالكية
(2)
.
وقيل: التخليل سنة أحياناً، ولا يداوم عليه، وهو اختيار ابن القيم
(3)
.
دليل الجمهور
.
(862 - 91) ما رواه أبو داود
(4)
، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد في آخرين، قالوا: ثنا يحيى بن سليم عن إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لقيط ابن صبرة، عن أبيه لقيط بن صبرة قال:
قلت: يا رسول الله أخبرني عن الوضوء. قال: أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً.
[والحديث صحيح]
(5)
.
(1)
المنتقى للباجي (1/ 37)، وقال ابن العربي في أحكام القرآن (2/ 75): قال ابن وهب: وهو واجب في اليدين مستحب في الرجلين، وبه قال أكثر العلماء. الخ كلامه رحمه الله. وانظر الخرشي (1/ 126).
(2)
أحكام القرآن لابن العربي (2/ 75)، الشرح الصغير (1/ 108).
(3)
قال ابن القيم في الزاد (1/ 189): وكذلك تخليل الأصابع لم يكن يحافظ عليه، ثم ساق حديث المستورد بن شداد وسيأتي الكلام عليه، وقال: وهذا إن ثبت فإنما كان يفعله أحياناً، ولهذا لم يروه الذين اعتنوا بضبط وضوئه كعثمان وعلي وعبد الله بن زيد، والربيع وغيرهما. اهـ
(4)
سنن أبي داود (142).
(5)
سبق تخريجه انظر رقم (829) من الكتاب نفسه.
فقوله: «وخلل بين الأصابع» الأمر مطلق، فيشمل أصابع اليدين والرجلين.
الدليل الثاني: حديث ابن عباس
(863 - 92) رواه أحمد، قال: حدثنا سليمان بن داود الهاشمي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن صالح مولى التوأمة، قال:
سمعت ابن عباس يقول: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء من أمر الصلاة؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلل أصابع يديك ورجليك يعني: إسباغ الوضوء
(1)
.
[أرجو أن يكون حسناً]
(2)
.
(1)
المسند (1/ 287).
(2)
عبد الرحمن بن أبي الزناد.
قال ابن المديني: ما حدث بالمدينة فهو صحيح، وما حدث ببغداد أفسده البغداديون.
وقال عنه الحافظ: صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد، وكان فقيهاً، اهـ
والراوي عنه سليمان بن داود الهاشمي بغدادي، لكن قال علي ابن المديني: وقد نظرت فيما روى عنه سليمان بن داود الهاشمي فرأيتها مقاربة.
وقد سبق لي ترجمته ترجمة وافية في كتاب أحكام المسح على الحائل (ح: 73) فانظره غير مأمور.
وفي إسناده صالح مولى التوأمة،
قال يحيى بن سعيد: لم يكن بثقة. تهذيب الكمال (13/ 101).
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل لأبيه: قال بشر بن عمر: سألت مالكاً عن صالح مولى التوأمة، فقال: ليس بثقة. فقال أحمد: كان مالك قد أدركه وقد اختلط، وهو كبير، من سمع منه قديماً فذاك، وقد روى عنه أكابر أهل المدينة، وهو صالح الحديث ما أعلم به بأساً. المرجع السابق. =
. . . . . . . . . . . . . . .
= وقال يحيى بن معين: ثقة، خرف قبل أن يموت، فمن سمع منه قبل الاختلاط فهو ثبت. المرجع السابق.
وحين قيل ليحيى بن معين: إن مالكاً ترك السماع منه، فقال: إن مالكاً أدركه بعد أن كبر وخرف. المرجع السابق.
وقال الحافظ في التقريب: صدوق اختلظ بآخرة، لا بأس برواية القدماء عنه كابن أبي ذئب وابن جريج، وقد أخطأ من زعم أن البخاري أخرج له. اهـ
قلت: سماع موسى بن عقبة قبل تغيره، انظر الكواكب النيرات (33)، فالإسناد يرجى أن يكون حسناً.
والحديث أخرجه الترمذي (39) وابن ماجه (447) والحاكم (1/ 382) من طريق سعد بن عبد الحميد بن جعفر، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد به.
وفي علل الترمذي الكبير (ص: 24): سألت محمداً - يعني البخاري - عن هذا الحديث فقال: هو حديث حسن، وموسى بن عقبة سمع من صالح مولى التوأمة قديماً، وكان أحمد يقول من سمع من صالح قديماً فسماعه حسن، ومن سمع منه أخيراً فكأنه يضعف سماعه. اهـ وانظر مصباح الزجاجة (1/ 65).
ورواه ابن أبي شيبة (1/ 19) حدثنا هشيم، عن عمران بن أبي عطاء، قال: رأيت ابن عباس توضأ، فغسل قدميه حتى تتبع بين أصابعه فغسلهن.
وهذا موقوف على ابن عباس، وفي إسناده عمران بن أبي عطاء أبو حمزة القصاب، جاء في ترجمته:
قال أحمد: ليس به بأس صالح الحديث. الجرح والتعديل (6/ 302).
وقال يحيى بن معين: يقول أبو حمزة: عمران بن أبى عطاء ثقة. المرجع السابق.
وقال أبو حاتم الرازي: ليس بقوي. المرجع السابق.
وقال أبو زرعة: بصري لين. المرجع السابق.
وقال النسائي: ليس بالقوي. تهذيب التهذيب (8/ 120).
وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه، ولا يعرف إلا به. الضعفاء الكبير (3/ 299).
وفي التقريب: صدوق له أوهام.
الدليل الثالث: حديث المستورد بن شداد.
(864 - 93) رواه أحمد، قال: ثنا موسى بن داود قال: أنا بن لهيعة، عن يزيد بن عمرو، عن أبي عبد الرحمن الحبلي،
عن المستورد بن شداد صاحب النبي صلى الله عليه وسلم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ خلل أصابع رجليه بخنصره
(1)
.
[إسناده ضعيف تفرد به ابن لهيعة]
(2)
.
(1)
المسند (4/ 229).
(2)
وابن لهيعة ضعيف مطلقاً، قبل احتراق كتبه وبعدها، قد رأى بعضهم تحسين حديثه إذا كان من طريق من روى عنه قبل أن تحترق كتبه. والراجح أنه ضعيف مطلقاً، لكن رواية العبادلة عنه أعدل من غيرها كما قال الحافظ، وهذه العبارة لا تقتضي تحسين حديثه،
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن ابن لهيعة سماع القدماء منه؟ فقال: آخره وأوله سواء إلا أن ابن المبارك وابن وهب كانا يتتبعان أصوله فيكتبان منه، وهؤلاء الباقون كانوا يأخذون من الشيخ، وكان ابن لهيعة لا يضبط، وليس ممن يحتج بحديثه. الجرح والتعديل (5/ 145).
فهذا نص على أنه ضعيف مطلقاً، وإن كان قد يتفاوت الضعف فرواية ابن المبارك أخف ضعفاً.
وقال عمرو بن علي: عبد الله بن لهيعة احترقت كتبه، فمن كتب عنه قبل ذلك مثل ابن المبارك وعبد الله بن يزيد المقرى أصح من الذين كتبوا بعد ما احترقت الكتب، وهو ضعيف الحديث. المرجع السابق.
وهذا النص ليس فيه أن ما يرويه العبادلة صحيح مطلقاً، إنما كلمة أصح لا تعني الصحة كما هو معلوم، ولذلك قال: وهو ضعيف الحديث، هذا حاله قبل احتراق كتبه وبعدها.
قال ابن أبي حاتم: قلت لأبي إذا كان من يروى عن ابن لهيعة مثل بن المبارك وابن وهب يحتج به؟ قال: لا. الجرح والتعديل (5/ 145). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال ابن حبان: قد سبرت أخبار ابن لهيعة من رواية المتقدمين والمتأخرين عنه فرأيت التخليط في رواية المتأخرين عنه موجوداً، وما لا أصل له من رواية المتقدمين كثيراً، فرجعت إلى الاعتبار فرأيته كان يدلس عن أقوام ضعفاء، عن أقوام رآهم ابن لهيعة ثقات، فالتزقت تلك الموضوعات به. قال عبد الرحمن بن مهدي: لا أحمل عن ابن لهيعة قليلاً ولا كثيراً كتب إلي ابن لهيعة كتاباً فيه: حدثنا عمرو بن شعيب، قال عبد الرحمن: فقرأته على ابن المبارك، فأخرجه إلي ابن المبارك من كتابه، عن ابن لهيعة قال حدثني: إسحاق بن أبي فروة، عن عمرو بن شعيب.
ثم قال ابن حبان: وأما رواية المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه ففيها مناكير كثيرة، وذاك أنه كان لا يبالي ما دفع إليه قراءة، سواء كان ذلك من حديثه أو غير حديثه، فوجب التنكب عن رواية المتقدمين عنه قبل احتراق كتبه لما فيها من الأخبار المدلسة عن الضعفاء والمتروكين، ووجب ترك الاحتجاج برواية المتأخرين عنه بعد احتراق كتبه لما فيه مما ليس من حديثه. المجروحين (2/ 11).
وهذا عين التحرير أن رواية المتقدمين عنه فيها ما يدلسه عن الضعفاء، ورواية المتأخرين عنه فيها ما ليس من حديثه.
وجاء في ضعفاء العقيلي (2/ 294): " حدثنا محمد بن عيسى، قال: حدثنا محمد بن علي، قال سمعت: أبا عبد الله، وذكر ابن لهيعة، وقال: كان كتب عن المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، وكان بعد يحدث بها عن عمرو بن شعيب نفسه.
وهذا صريح بأن ابن لهيعة يدلس عن الضعفاء.
والحديث أخرجه أحمد (4/ 229) عن حسن بن موسى وموسى بن داود ويحيى بن إسحاق.
وأخرجه أبو داود (148)، والترمذي (40) والبغوي (214) من طريق قتيبة ابن سعيد.
وأخرجه ابن ماجه (446) من طريق محمد بن حمير.
وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 36) والبيهقي (1/ 76) من طريق عبد الله ابن وهب.
وابن قانع (3/ 109)، والطبراني في الكبير (20/ 306) ح 728 من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ.
والطبراني في الكبير (20/ 728) من طريق أسد بن موسى، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والبزار في مسنده (3464) من طريق بشر بن عمر. كلهم عن عبد الله بن لهيعة به.
وقد تابع عبد الله بن لهيعة الليث بن سعد وعمرو بن الحارث أخرجه ابن أبي حاتم في مقدمة الجرح والتعديل (1/ 31) ومن طريقه أخرجه البيهقي (1/ 76، 77) نا أحمد بن عبد الرحمن ابن أخي ابن وهب قال: سمعت عمي يقول: سمعت مالكاً سئل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء؟ فقال: ليس ذلك على الناس. قال: فتركته حتى خف الناس، فقلت له: عندنا في ذلك سنة. فقال: وما هي؟ قلت: حدثنا الليث بن سعد وابن لهيعة وعمرو بن الحارث، عن يزيد بن عمرو المعافري، عن أبى عبد الرحمن الحبلي، عن المستورد بن شداد القرشي قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه. فقال إن هذا الحديث حسن، وما سمعت به قط إلا الساعة، ثم سمعته بعد ذلك يسأل فيأمر بتخليل الأصابع. اهـ
تفرد بهذا الإسناد أحمد بن عبد الرحمن بن وهب،
قال فيه ابن عدي: رأيت شيوخ أهل مصر الذين لحقتهم مجمعين على ضعفه، ومن كتب عنه من الغرباء غير أهل بلده لا يمتنعون من الرواية عنه، وحدثوا عنه منهم أبو زرعة الرازي وأبو حاتم فمن دونهما، ثم قال: وكل ما أنكروه عليه فمحتمل وإن لم يكن يرويه عن عمه غيره ولعله خصه به. الكامل (1/ 184).
وقول ابن عدي: إن أبا زرعة روى عنه لعله وهم، فإن أبا زرعة رحمه الله قال: أدركته ولم أكتب عنه كما في الجرح والتعديل (2/ 59).
وقال الحافظ ابن حجر: صدوق تغير حفظه بآخرة.
وقد شكك الحافظ ابن حجر في إتحاف المهرة بصحة رواية ابن وهب هذه، ولو صحت لثبت حديث المستورد بن شداد، قال الحافظ في الإتحاف (13/ 177): أظنه غلطاً من أحمد بن عبد الرحمن، فقد حدث به عن محمد بن الربيع الجيزي في كتاب الصحابة الذين نزلوا مصر، فلم يذكر غير ابن لهيعة، وأخرجه من طرق عن ابن لهيعة، وعن يونس بن عبد الأعلى ومحمد ابن عبد الله بن عبد الحكم، كلاهما عن ابن وهب، عن ابن لهيعة وحده، نعم رواية ابن وهب له مما يقويه؛ لأنه سمع من ابن لهيعة قديماً. اهـ
وقد بينت لك أن ابن لهيعة ضعيف في كل أمره هذا من جهة، ومن جهة أخرى لو تقوى حال أحمد بن عبد الرحمن بن وهب لكان تفرده عن سائر من روى الحديث يعتبر شذوذاً، كيف وقد تكلم فيه في حفظه. والله أعلم.
انظر أطراف المسند (5/ 274)، إتحاف المهرة (16550)، تحفة الأشراف (11256).
الدليل الرابع:
(865 - 94) ما رواه الدارقطني من طريق مصعب بن المقدام وعبد الله ابن نمير، عن إسرائيل، عن عامر بن شقيق، عن أبي وائل قال:
رأيت عثمان بن عفان يتوضأ فغسل يديه ثلاثاً، وغسل وجهه ثلاثاً، ومضمض ثلاثاً، واستنشق ثلاثاً، وغسل ذراعيه ثلاثاً، ومسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما، ثم غسل قدميه ثلاثاً، ثم خلل أصابعه وخلل لحيته ثلاثاً حين غسل وجهه، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل كالذي رأيتموني فعلت
(1)
.
[إسناده ضعيف]
(2)
.
(1)
سنن الدراقطني (1/ 86).
(2)
مداره على إسرئيل، عن عامر بن شقيق، عن أبي وائل، عن عثمان مرفوعاً، وقد تكلمت على عامر، وذكرت طرق هذا الحديث في تخليل اللحية، وقد روي مطولاً ومختصراً، وممن رواه عن إسرائيل بذكر تخليل الأصابع جماعة منهم:
- عبد الرزاق في مصنفه (125). إلا أنه قد اختلف عليه في ذكر الأصابع، فرواية الترمذي (31)، وابن ماجه (430)، والحاكم (1/ 148، 149) من طريق عبد الرزاق لم يذكر فيها تخليل الأصابع.
- وابن مهدي كما في المنتقى لابن الجارود (72)، وابن خزيمة في صحيحه (152).
- وخلف بن الوليد كما في صحيح ابن خزيمة (151).
- وأبو عامر كما في صحيح ابن خزيمة أيضاً (167).
- وعبد الله بن نمير ومصعب بن المقدام كما في سنن الدارقطني، وسقته في المتن. وقد اختلف على عبد الله بن نمير في ذكر تخليل الأصابع، فقد رواه ابن أبي شيبة في المصنف وابن حبان (1078) من طريق عبد الله بن نمير ولم يذكر تخليل الأصابع.
- وأسد بن موسى كما في شرح معاني الآثار للطحاوي (1/ 32).
ورواه غيرهم بدون ذكر تخليل الأصابع، وقد سبق تخريج الحديث في مسألة تخليل اللحية، فانظره غير مأمور، والله أعلم.