الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقد بين أن دخولهم النار على تركهم الصلاة والزكاة.
وقال تعالى: {وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة}
(1)
.
فأوجب لهم الويل بكفرهم وإخلالهم بالزكاة.
وقال تعالى: {ولله على الناس حج من استطاع إليه سبيلا}
(2)
.
وهذا يتناول المسلم والكافر.
الدليل الثاني:
قالوا: لما لزمت الكافر النواهي، لزمه الأوامر؛ لأن الأوامر أحد قسمي الشرع، فصار كالقسم الآخر، والدليل على لزومهم النواهي إجماع الأمة في أن الكافر يحد إذا زنا، ويقطع إذا سرق، ولو لم يكن مكلفاً بترك الزنا والسرقة لم يكن الزنا والسرقة منه معصية، ولو لم تكن معصية لم يعاقب على فعله.
فإن قالوا: إنما وجب ذلك عليهم بالتزامهم أحكام الإسلام.
قيل: لزوم الأحكام بإلزام الله تعالى، لا بالتزام العبيد ذلك، ألا ترى أن الخطاب متوجه على جميع الكفار بالإيمان بالله عز وجل، وإن كانوا لم يلتزموا شيئاً من ذلك، ثم من أحكامنا أن لا يحد الإنسان على مباح، فلو كان الزنا غير محظور عليه، كان مباحاً، والحد لا يجب بارتكاب المباح.
وبقي قولان آخران:
أحدهما: أن الكفار مخاطبون بالنواهي دون الأوامر، لأن النواهي يمكنهم تركها، وليس كذلك الصلاة والصيام؛ لأنه مع كفره لا يمكنه فعلها، فلم يخاطب بفعلها. وهذا القول رواية عن الإمام أحمد.
(1)
فصلت: 6 - 7.
(2)
آل عمران: 97.
وقيل: لا يخاطب من الكفار إلا المرتد، فإنه مخاطب بالأوامر والنواهي.
والراجح أن الكافر مخاطب بالأوامر والنواهي، وإيجاب الشي عليه لا يلزم منه صحته لو فعله، لأن المانع من قبله هو، وليس من قبل الشرع، فإذا أمر الإنسان بأن يفعل فعلاً، وكان هناك مانع يمنع من صحة الفعل، فإن كان المانع من قبل الشرع، كالعجز عن الفعل سقط الفعل، وإن كان المانع من قبل المكلف أثم ولم يرتفع عنه الخطاب، وذلك مثل شارب الخمر، فإنه لا يصلي حتى يعلم ما يقول، وإذا خرج وقت الصلاة وهو لم يصل أثم بذلك، وإن كان منهياً عن الصلاة حال السكر، وذلك لأن المانع قام من قبله هو، لا بإذن الشارع، والله أعلم. وهذه المسألة مبسوطة في كتب الأصول، وليس محلها كتب الفروع، وإنما اكتفينا بإشارة عجلة، والله الموفق.