الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني في تردد التيمم بين الرخصة والعزيمة
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• العصيان هل ينافي الترخص أم لا؟
• الرخصة هل هي من باب الإعانة، والعاصي لا يحل أن يعان أم هي تخفيف عام فتتناوله؟
• النصوص في الرخص مطلقة، تشمل المطيع والعاصي كقوله تعالى:(فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ) ولا يقيد النصوص الشرعية إلا نص أو إجماع.
• سفر المعصية إنما يؤثر في رخصة تختص بالسفر كقصر الصلاة، وأما الرخصة التي تكون فيه وفي الحضر كالتيمم، فلا أثر للعصيان بالسفر فيها.
وقيل:
• المعاصي لا تكون أسبابًا للترخص فمن عصى بسفره لم يقصر ولم يفطر، وأما مقارنة المعاصي لأسباب الرخص فلا تمنع إجماعًا، فيجوز لأفسق الناس وأعصاهم التيمم عند عدم الماء، وكذلك الفطر إذا أضر به الصوم
(1)
.
(1)
الفروق (2/ 33).
[م-396] اختلف العلماء في التيمم، هل هو رخصة أو عزيمة؟
فقيل: رخصة، وهو مذهب الجمهور
(1)
، وأومأ إليه ابن القيم رحمه الله
(2)
.
وقيل: عزيمة، وهو قول في مذهب الشافعية
(3)
،
والمشهور من مذهب الحنابلة
(4)
.
وقيل: عزيمة عند عدم الماء، رخصة في حق المريض إذا تيمم مع وجود الماء، أو مع بُعْدِه، أو بيعه بأكثر من ثمنه، وهو قول في مذهب المالكية
(5)
، وقول في مذهب الشافعية
(6)
.
• سبب الخلاف في التيمم، هل هو عزيمة أو رخصة؟
أن بعض العلماء لا يرى أن الرخصة تكون في الواجبات، والتيمم واجب عند
(1)
انظر في مذهب الحنفية: تبيين الحقائق (1/ 37)، فتح القدير (1/ 123)، البحر الرائق (1/ 146).
وفي مذهب المالكية: مواهب الجليل (1/ 325 - 326)، الفواكه الدواني (1/ 152)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (1/ 179).
وفي مذهب الشافعية، قال النووي في المجموع (2/ 238):«وهو -يعني: التيمم- رخصة وفضيلة، اختصت بها هذه الأمة» . وانظر نهاية المحتاج (1/ 263).
(2)
قال ابن القيم في إعلام الموقعين (1/ 301): «وأما كون تيمم الجنب كتيمم المحدث، فلما سقط مسح الرأس والرجلين بالتراب عن المحدث، سقط مسح البدن كله بالتراب بطريق الأولى؛ إذ في ذلك من المشقة والحرج والعسر ما يناقض رخصة التيمم» .
(3)
قال في المنثور في القواعد (2/ 165): «ومنه التيمم لفقد الماء أو للخوف من استعماله إذا جعلناه رخصة، وهو ما أورده الإمام والرافعي.
والثاني: أنه عزيمة، وهو ما أورده البندنيجي. والثالث: التفصيل بين التيمم لعدم الماء فعزيمة، أو للمريض أو بعد الماء عنه، أو بيعه بأكثر من الثمن فرخصة، وهو ما أورده الغزالي في المستصفى
…
».
(4)
المغني (1/ 52)، شرح منتهى الإرادات (1/ 62).
(5)
مواهب الجليل (1/ 325 - 326)، الفواكه الدواني (1/ 152)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (1/ 179) ..
(6)
انظر المنثور في القواعد (2/ 165).
عدم الماء، أو العجز عن استعماله، فلا يلحق بالرخص، وبعض العلماء لا يرى مانعًا من إلحاقه بالرخص وإن كان واجبًا؛ لأن الرخصة عنده تنقسم إلى واجب ومندوب ومباح
(1)
.
فإن قيل: كيف يكون الشيء واجبًا، ويكون رخصة؟
قيل: أكل الميتة للمضطر واجب لإنقاذ نفسه من الهلكة، فهو من حيث وجوب الأكل عزيمة، ومن حيث إسقاط العقاب والعفو عن الفعل هو رخصة
(2)
.
ومثله دفع الغصة بالخمر إذا خاف على نفسه، فهو واجب، ورخصة أيضًا
(3)
.
وذكر بعضهم ثمرة الخلاف في هذه المسألة، في تيمم العاصي بسفره، فعلى أنه عزيمة، يتيمم، ولو كان عاصيًا، وعلى أنه رخصة، لا يتيمم
(4)
.
(1)
البحر المحيط (2/ 34)، ومواهب الجليل (1/ 326) الأشباه والنظائر (ص: 82).
(2)
اختلف العلماء في أكل الميتة للمضطر:
فمنهم من يرى أن أكل الميتة عزيمة لا رخصة؛ لوجوب الأكل؛ وذلك لأنه سبب لإحياء النفس، وما كان كذلك فهو واجب، ولقوله تعالى:(وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)[البقرة: 195] اختاره من الشافعية إلكيا الهراسي.
ومنهم من يرى أن أكل الميتة من الرخص الواجبة، وهذا مذهب الشافعية، انظر المجموع (4/ 220)، والبحر المحيط (2/ 34)، الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: 82)، شرح الكوكب المنير (ص: 150).
ومنهم من يرى أن أكل الميتة للمضطر جائز، وليس بواجب، بناء على أن القول بالوجوب يتنافى مع الترخيص، فلا يأثم بالامتناع عن أكلها، مثله مثل لو أخذ بالعزيمة، وامتنع عن قول كلمة الكفر
وإذا أكل، فقيل: ترتفع الحرمة في هذه الحال، فيصير أكلها مباحًا.
وقيل: يبقى التحريم، ويرتفع الإثم فقط، لقوله تعالى:(فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ)[البقرة: 173] فنفى الإثم فقط، وإلى هذا ذهب أبو يوسف من الحنفية، انظر التقرير والتحرير (2/ 151)، والموسوعة الكويتية (22/ 155).
(3)
انظر المستصفى للغزالي (ص: 79).
(4)
مواهب الجليل (1/ 326)، وانظر الفتاوى الفقهية الكبرى للرملي (1/ 230).