الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول لو نوى مطلق التيمم
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• كل ما يباح بالماء يباح بالتيمم.
• البدل يقوم مقام المبدل في حكمه، لا في وصفه
(1)
.
وقيل:
• الوضوء وسيلة لغيره، ومقصود لنفسه، ولذا صح قصده وحده، والتيمم وسيلة فقط، وليس مقصودًا لذاته، فلا يصح قصده فقط.
• الوضوء يصح تجديده، والتيمم لا يستحب تجديده.
• البدل دون المبدل منه
(2)
.
• الوضوء أفضل من التيمم الذي لا يجوز إلا عند العجز عن الوضوء
(3)
.
[م-420] إذا نوى فرض الوضوء صح الوضوء قولًا واحدًا، وأما إذا نوى
(1)
مجموع الفتاوى (21/ 125).
(2)
مجموع الفتاوى (23/ 57).
(3)
المرجع السابق (19/ 120).
فرض التيمم أو التيمم المفروض، أو فرض الطهارة، فقد اختلف الفقهاء هل يصح تيممه؟
• وسبب الخلاف يرجع إلى الأسباب التالية:
الأول: أن الوضوء عبادة مقصودة لذاتها يصح قصده وحده، ولهذا استحب تجديده، والتيمم ليس مقصودًا لذاته، ولا يستحب تجديده وإنما وهو وسيلة لغيره مما تشترط له الطهارة.
الثاني: الخلاف في التيمم هل هو رافع للحدث، أو مبيح للصلاة، فمن قال: إنه مبيح لا رافع لا يرى صحة أن ينوي فرض التيمم.
الثالث: أن التمييز لا يحصل بنية فرض التيمم؛ لأن التيمم عن الحدث والجنابة فرض، وصورته واحدة، فلا يحصل التمييز بينهما إذا نوى فرض التيمم، بخلاف الوضوء والغسل فإنما يتميزان بالصورة.
ومن هنا وقع الخلاف:
فقيل: إذا نوى فرض التيمم صح تيممه، وهو اختيار أبي بكر بن سعيد البلخي من الحنفية، ونسب إلى أبي حنيفة
(1)
، وهو مذهب المالكية
(2)
، وأحد الوجهين في مذهب الشافعية
(3)
، والحنابلة
(4)
.
(1)
نسب هذا مذهبًا للبلخي ابن الهمام في فتح القدير (1/ 130) كما ذكر أيضًا قوله: «روى في النوادر: لو مسح وجهه وذراعيه ينوي التيمم جاز به الصلاة، وعن أبي حنيفة فيمن تيمم لرد السلام يجوز، فعلى هاتين الروايتين تعتبر مجرد نية التيمم، لكنه غير الظاهر من المذهب» . اهـ وذكر نحو هذا الكلام الزيلعي في تبيين الحقائق (1/ 40).
(2)
حاشية الدسوقي (1/ 154)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (1/ 193)، الفواكه الدواني (1/ 157)، الخلاصة الفقهية (ص: 42).
(3)
المجموع (2/ 260)، حاشيتا قليوبي وعميرة (1/ 101 - 102)، تحفة المحتاج (1/ 359).
(4)
الإنصاف (1/ 291)، الفروع (1/ 225).
وقيل: لا يصح، وهو مذهب الحنفية
(1)
،
وأصح الوجهين في مذهب
(1)
قال ابن عابدين في حاشيته (1/ 247): «وشرطها: أن ينوي عبادة مقصودة إلخ أو الطهارة، أو استباحة الصلاة، أو رفع الحدث أو الجنابة، فلا تكفي نية التيمم على المذهب، ولا تشترط نية التمييز بين الحدث والجنابة خلافًا للجصاص» . اهـ
ومع أن الحنفية يرون أن التيمم يرفع الحدث إلا أنهم في النية لم يجعلوا حكم التيمم حكم الماء من كل وجه، فلا يشترط عندهم نية التيمم للحدث أو للجنابة، بل يشترط لصحة نية التيمم الذي تصح به الصلاة أن ينوي أحد أمور ثلاثة:
1 -
نية الطهارة من الحدث 2 - أو استباحة الصلاة 3 - أو نية عبادة مقصودة لا تصح بدون طهارة، ومعنى كونها عبادة مقصودة أي لا تجب في ضمن شيء آخر بطريق التبعية. فلو تيمم لدخول المسجد لم يصح أن يصلي به؛ سواء كان محدثًا حدثًا أكبر أو حدثًا أصغر؛ لأنه إن كان محدثًا حدثًا أصغر فلفوات الشرطين: فدخول المسجد ليس عبادة مقصودة لذاتها، ويصح بدون الطهارة من الحدث الأصغر، وإن كان محدثًا حدثًا أكبر، فهو وإن كان لا يحل بدون طهارة، فلفوات الشرط الثاني: وهو كونه عبادة مقصودة لذاتها.
2 -
ولو تيمم لقراءة القرآن، فإن كان جنبًا جاز له أن يصلي به الصلوات؛ لأن القراءة عبادة مقصودة، وهو لا يحل من الجنب بدون طهارة، فصحت صلاته، وإن كان محدثًا حدثًا أصغر لم يصل به؛ لأن الطهارة من الحدث الأصغر للقراءة يصح بدون طهارة. هذا ملخص مذهب الحنفية في التيمم الذي تصح به الصلاة، أما التيمم الذي يصح، ولا يصلي به فلا يشترط فيه هذه الشروط، فلو تيمم لدخول المسجد، أو تيمم لرد السلام أو تيمم للأذان ولذكر الله صح تيممه لهذا، ولكن لا يصلي به، هذا هو الفرق بين من تيمم للجنازة، فيصلي به سائر الصلوات، وبين من تيمم للذكر، فيصح لما تيمم له، ولكن لا يصلي به، والله أعلم. انظر مذهبهم في الكتب التالية: البحر الرائق (1/ 157 - 158)، شرح فتح القدير (1/ 131)، حاشية ابن عابدين (1/ 245).
ويتضح ضعف مذهب الحنفية رحمهم الله تعالى أنه إن تيمم عنده لقراءة القرآن، فإن كان جنبًا فله أن يصلي بهذا التيمم، وإن كان محدثًا حدثًا أصغر فليس له أن يصلي به، مع أن الحدث الأصغر أخف من الحدث الأكبر، والفعل واحد، فهذا مما يدل على ضعف القول.
الشافعية
(1)
، وأحد الوجهين في مذهب الحنابلة
(2)
.
• وجه من قال بالصحة:
القياس على الوضوء، فكما أنه لو نوى فرض الوضوء صح الوضوء، فكذلك التيمم.
• وجه من قال: لا يصح:
وأما دليل الحنفية فاستدلوا بقوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) ثم قال: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا)[المائدة: 6]، فتضمنت الآية نية التيمم للصلاة، وليس مطلق النية
(3)
.
وأما تعليل إمام الحرمين من الشافعية: قال: لأن التيمم لا يرفع الحدث، وإنما يبيح فعل الصلاة، فلا بد من تعيين ما يتيمم له كالصلاة والطواف، وما يتيمم عنه من حدث أصغر أو أكبر، قالوا: ويفارق الوضوء، أن الوضوء مقصود لنفسه، ولهذا استحب تجديده بخلاف التيمم.
وعلل السيوطي التفريق بين التيمم والوضوء بقوله: «إن التمييز لا يحصل بذلك -أي بنية الفرض- لأن التيمم عن الحدث والجنابة فرض، وصورته واحدة بخلاف الوضوء والغسل فإنما يتميزان بالصورة»
(4)
.
والراجح أنه لو تيمم بنية الفرض أو بنية رفع الحدث فإن حدثه يرتفع، ولا إشكال كما نبهت على أن هذه المسألة إنما بنيت على أصل ضعيف، وهو أن التيمم لا يرفع الحدث، وهو خلاف الكتاب والسنة كما بينت في مبحث مستقل.
* * *
(1)
المجموع (2/ 260)، حاشيتا قليوبي وعميرة (1/ 101 - 102)، الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: 19)، تحفة المحتاج (1/ 359).
(2)
الإنصاف (1/ 291)، الفروع (1/ 225).
(3)
انظر بتصرف البحر الرائق (1/ 159).
(4)
الأشباه والنظائر (ص: 19).