الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• ويُجاب:
واعترض عليه بالمسافر إذا علم أنه يدرك الماء بعد خروج الوقت لم يجز له تأخير الصلاة، ووجب عليه التيمم.
ورد هذا الجواب:
بأن مسألة المسافر كمسألة الحاضر، والخلاف فيها محفوظ، وإنما كان الخلاف في المسافر أقل من الخلاف في الحاضر ليس راجعًا إلى مراعاة الوقت أو الشرط، وإنما هو راجع إلى قيام الخلاف في مشروعية التيمم في الحضر، واتفاقهم على مشروعية التيمم في السفر لعادم الماء، وقد قدمت في الأقوال أن الحنفية يجعلون المدار على قرب الماء وبعده للمسافر، فإن كان قريبًا قدم الشرط على الوقت، وإن كان بعيدًا على خلاف بينهم في تحديد مسافة البعد قدم الوقت على الشرط، وهو أحد القولين عند الشافعية، والله أعلم.
•
دليل ابن تيمية على التفريق بين النائم والناسي وبين غيرهما:
قال: إن الوقت في حق النائم يبدأ من حين الاستيقاظ، فلا تفوته الصلاة،
(968 - 45) وقد قال صلى الله عليه وسلم: أما إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجئ وقت الصلاة الأخرى.
الحديث قطعة من حديث طويل أخرجه مسلم من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن عبد الله بن رباح، عن أبي قتادة
(1)
.
فإذا كان النوم ليس فيه تفريط، وقد أمر النائم بإيقاع الصلاة إذا قام من النوم، فهذا هو وقتها بالنسبة إليه، لا فرق بين كون الصلاة في الوقت أو خارج الوقت.
• الراجح:
بعد استعراض الأقوال، أجد أن المسألة فيها خلاف قوي، وليس هناك نص
(1)
مسلم (681).
يقطع النزاع، ولا إجماع ترد إليه الأقوال، والوقت للصلاة سبب وشرط، والطهارة شرط، وإذا كان بمقدور النائم إذا انتبه وكان يمكنه أن يصلي الصلاة في وقتها بالتيمم، وقلنا له: ليس فرضك التيمم، بل يحب عليك الوضوء وتحصيل الطهارة، وإن خرج الوقت، فغيره مثله، ومسألة فائدة العذر إنما هو في تعلق الإثم على التفريط، وهو حكم تكليفي، لذلك أجدني أميل إلى القول بمراعاة الطهارة، إذا كانت بين يديه، ويلحق فعله بالقضاء إن كان قد تعمد التأخير، وبالأداء إن كان لم يتعمد، والله أعلم.
تنبيه:
قال ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى الكبرى: «وأما قول بعض أصحابنا: إنه لا يجوز تأخيرها عن وقتها إلا لناو لجمعها أو مشتغل بشرطها، فهذا لم يقله قبله أحد من الأصحاب، بل ولا أحد من سائر طوائف المسلمين، إلا أن يكون بعض أصحاب الشافعي؛ فهذا أشك فيه. ولا ريب أنه ليس على عمومه وإطلاقه بإجماع المسلمين، وإنما فيه صورة معروفة، كما إذا أمكن الواصل إلى البئر أن يضع حبلا يستقي، ولا يفرغ إلا بعد الوقت؛ وإذا أمكن العريان أن يخيط له ثوبا ولا يفرغ إلا بعد الوقت، ونحو هذه الصور، ومع هذا فالذي قاله في ذلك خلاف المذهب المعروف عن أحمد وأصحابه، وخلاف قول جماعة علماء المسلمين من الحنفية والمالكية وغيرهم.
وما أعلم من يوافقه على ذلك إلا بعض أصحاب الشافعي. ومن قال ذلك فهو محجوج بإجماع المسلمين على أن مجرد الاشتغال بالشرط لا يبيح تأخير الصلاة عن وقتها المحدود شرعا، فإنه لو دخل الوقت وأمكنه أن يطلب الماء وهو لا يجده إلا بعد الوقت لم يجز له التأخير باتفاق المسلمين .... ».
هذا القول من الشيخ رحمه الله يشكل عليه، ما جاء في مسائل أحمد رواية
عبد الله: «سألت أبي عن رجل في مصر من الأمصار، فخاف إن هو ذهب يجيء بالماء ليتوضأ أن تطلع الشمس يتيمم؟ قال: لا يكون هذا في مصر من الأمصار، إنما يتيمم
في السفر، أو غير واجد الماء»
(1)
.
وقد علمت أن مذهب الحنفية، وأحد الأقوال في مذهب المالكية، وأحد القولين في مذهب الشافعية، ونصره الرافعي، والمشهور من مذهب الحنابلة تقديم الشرط على الوقت، وأنه لا يتيمم وهو قادر على الصلاة بالماء، ولو خرج الوقت.
* * *
(1)
مسائل أحمد رواية عبد الله (1/ 135).