الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقيل: يتيمم عنه، وهو مذهب الأئمة الأربعة
(1)
.
وقيل: لا يتيمم، وهو مذهب عمر وابن مسعود رضي الله عنهما
(2)
.
دليل من قال بمشروعية التيمم عن الجنابة:
الدليل الأول:
استدلوا من كتاب الله بآية المائدة، سواء من قال: إن قوله تعالى: (أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ)
(3)
، المقصود به الجماع، أو من قال إن المقصود به الحدث الأصغر وهو مس بدن المرأة.
لكن من قال: إن المقصود بقوله تعالى: (أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ) الحدث الأصغر كان توجيه للاستدلال بالآية على النحو التالي، قال: إن قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ
…
) إلى قوله سبحانه: (وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) ثم قال تعالى: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا)
(4)
، وهو عائد إلى المحدث والجنب جميعًا.
وأما من قال: إن المراد بقوله تعالى: (أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ) هو الجماع، وهو تفسير
(1)
انظر في مذهب الحنفية: أحكام القرآن للجصاص (4/ 11)، الفتاوى الهندية (1/ 31)، حاشية ابن عابدين (1/ 91)، البحر الرائق (1/ 147).
وفي مذهب المالكية: انظر الذخيرة (1/ 344)، الاستذكار (1/ 303)، مواهب الجليل (1/ 330)، المنتقى للباجي (1/ 112)، التمهيد (19/ 271).
وفي مذهب الشافعية: المهذب (1/ 32)، المجموع (2/ 239)، غاية البيان شرح زبد ابن رسلان (ص: 61)، مغني المحتاج (1/ 87).
وفي مذهب الحنابلة: المبدع (1/ 217)، المحرر (1/ 22)، شرح العمدة (1/ 379)، شرح منتهى الإراد 1 ت (1/ 96)، مجموع الفتاوى (21/ 382)، كشاف القناع (1/ 161).
(2)
ستأتي الآثار عنهما مخرجة ضمن سياق أدلة القوم إن شاء الله تعالى.
(3)
صحيح البخاري (335).
(4)
صحيح البخاري (335).
ابن عباس رضي الله عنهما، وهو الموافق لبلاغة القرآن، فالآية نص في تيمم الجنب، وتوجيه الآية: أن الله سبحانه وتعالى ذكر طهارتين: الماء والتيمم، وذكر في وجوب طهارة الماء سببين: الحدث الأصغر والأكبر، فالأصغر في قوله تعالى:(فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ) والحدث الأكبر بقوله تعالى: (وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا).
وفي طهارة التيمم كذلك: ذكر حدثين: الأصغر والأكبر، فالأصغر بقوله تعالى:(أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ) والأكبر بقوله تعالى: (أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ) أي جامعتم النساء، ولو حمل على اللمس باليد لكان المعنى تكرار الحدث الأصغر، وإهمال الحدث الأكبر في طهارة التيمم، وهذا مناف للبلاغة المعهودة من كتاب الله سبحانه وتعالى، فكان مقتضى التقسيم في طهارة الماء من ذكر الحدث الأصغر والأكبر، أن يعاد التقسيم نفسه في طهارة التيمم، لا أن يكرر الحدث الأصغر، ويهمل الحدث الأكبر، وهذه القرينة كافية في حمل اللمس على الجماع في الآية الكريمة، وقد فسرها ابن عباس بالجماع، وهو ترجمان القرآن،
(995 - 72) فقد روى ابن أبي شيبة، من طريق عبد الملك بن ميسرة، عن سعيد ابن جبير، قال:
اختلفت أنا وأناس من العرب في اللمس، فقلت: أنا وأناس من الموالي: اللمس ما دون الجماع، وقالت العرب: هو الجماع، فأتينا ابن عباس، فقال: غلبت العرب، هو الجماع.
[صحيح]
(1)
.
وقد احتج أبو موسى رضي الله عنه بآية المائدة على مشروعية التيمم عن الجنابة، وذلك حين ناظر ابن مسعود، وانقطع ابن مسعود عن الجواب عن الآية، واعتذر بذلك بأنه قال بالمنع سدًا للذريعة:
(1)
المصنف (1/ 153).