الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث في اشتراط نية ما يتيمم عنه
الفرع الأول لو تيمم ولم ينو ما يتيمم عنه من حدث أصغر أو أكبر
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• التيمم بدل عن طهارة الماء، والبدل يأخذ حكم المبدل.
• كل ما يباح بالماء يباح بالتيمم.
• شروط العبادة متلقاة من الشارع، مبناها على التوقيف.
• الأصل في شروط العبادة المنع، فلا يشرع منها شيء إلا بدليل.
[م-422] عرفنا فيما سبق الخلاف فيما لو نوى التيمم فقط، وسوف نناقش في هذا المبحث حكم نية ما يتيمم عنه من حدث أصغر أو أكبر،
فقيل: لا يشترط نية ما يتيمم عنه من حدث أصغر أو أكبر، بل يكفي أن
ينوي التيمم للصلاة مثلًا، وهذا مذهب الحنفية
(1)
، والشافعية
(2)
، وقول في مذهب المالكية
(3)
.
وقيل: إن كان التيمم من الحدث الأصغر لم يلزمه استحضاره حال التيمم، بل يكفي فيه استباحة الصلاة من غير ذكر المتعلق، وفي الأكبر لابد من استحضار المتعلق، فإن ترك ذلك أعاد أبدًا. هذا هو المشهور من مذهب المالكية
(4)
.
(1)
البحر الرائق (1/ 157 - 158)، شرح فتح القدير (1/ 131)، حاشية ابن عابدين (1/ 245)، وقد بينت مذهب الحنفية بأوضح من هذا في فصل: إذا نوى التيمم، وأطلق، فانظره مشكورًا إن كان هناك حاجة لبيان مزيد.
(2)
قال النووي في المجموع (2/ 254): «وأما صفة النية في التيمم فإن نوى استباحة الصلاة أو استباحة ما لا يباح إلا بالطهارة صح تيممه بلا خلاف؛ لأنه نوى مقتضاه» . اهـ
فلم يتعرض النووي إلى نية ما يتيمم عنه من حدث أو جنابة، فالشافعية عندهم يجب تعيين ما يتمم له من صلاة ونحوها، لا نية ما يتيمم عنه من حدث أصغر أو أكبر، ولذلك ذكر النووي بأنه لو تيمم عن الحدث الأصغر، ناسيًا حدثه الأكبر ارتفع حدثه الأكبر، ودلل على ذلك بقوله في المجموع (2/ 260):«إن الجنب ينوي بتيممه ما ينويه المحدث، وهو استباحة الصلاة، فلا فرق» . اهـ فهذا صريح بأنه لا يشترط أن ينوي الجنابة بالتيمم.
(3)
مواهب الجليل (1/ 346).
(4)
انظر التاج والإكليل (1/ 345)، والثمر الداني شرح رسالة القيرواني (ص: 76)، الخلاصة الفقهية (ص: 38)، الشرح الكبير (1/ 154)، الفواكه الدواني (1/ 157).
وقال في مواهب الجليل (1/ 345 - 346): «قال ابن عبد السلام: فإذا نوى استباحة الصلاة، فلا بد أن يتعرض مع ذلك إلى الحدث الأصغر أو الأكبر، فإن نسي، وهو جنب أن يتعرض لذلك لم يجزه خلافًا لابن وهب. انتهى.
قال الحطاب: ويفهم منه أنه إذا نسي أن يتعرض لذلك، وهو غير جنب أجزأه تيممه، وصرح بذلك البساطي، قال: وحاصل كلامه: أن الحدث الأصغر لا يلزمه استحضاره حال التيمم، بل يكفي فيه استباحة الصلاة من غير ذكر المتعلق، وفي الأكبر لا بد من استحضار المتعلق، فإن ترك عامدًا أعاد أبدًا، أو ناسيًا أعاد في الوقت، هذا هو المشهور، وقيل: يعيد في الوقت، وقيل: لا إعادة. انتهى.
قال الحطاب: وما ذكره في نية الحدث الأصغر هو ظاهر كلامهم، وأما ما ذكره أنه هو المشهور في الإعادة خلاف المشهور، قال ابن الحاجب: فإن نسي الجنابة لم يجزه على المشهور، ويعيد أبدًا. انتهى.
…
قال ابن ناجي في شرح المدونة: وتعليله فيها بأن التيمم إنما كان للوضوء، لا للغسل يدل على أن الإعادة أبدًا، وهو قول مالك في الواضحة. انتهى.
وعزاه ابن عرفة للمدونة، واستظهره ابن رشد في سماع أبي زيد، والله أعلم». انتهى نقلًا من مواهب الجليل.
وقيل: يستحب له استحضار نية الحدث الأكبر، فإن ترك هذا مطلقًا عامدًا أو ناسيًا أعاد في الوقت، وهو قول في مذهب المالكية
(1)
.
وقيل: يشترط أن ينوي نية ما يتيمم له، وما يتيمم عنه، وهذا مذهب الحنابلة
(2)
.
والراجح أن التيمم يقوم مقام الماء، فإذا نوى فرض التيمم، فقد قام بما هو واجب عليه، وإذا نوى الصلاة بتيممه، ارتفع حدثه الأصغر والأكبر؛ لأنه يلزم من نية الصلاة ارتفاع الحدث، وإذا نوى ارتفاع الحدث الأصغر ارتفع الأصغر فقط، أو نوى ارتفاع الحدث الأكبر دخل فيه الحدث الأصغر تمامًا كما هو في طهارة الماء، ولا فرق؛ لأن التيمم بدل عن طهارة الماء، والبدل يأخذ حكم المبدل، والله أعلم.
* * *
(1)
مواهب الجليل (1/ 346) وذكر فيه ثلاثة أقوال، منها أنه يعيد ما دام في الوقت، وما دام عُلِّقَت الإعادة في الوقت، فإنه على الاستحباب؛ لأن الواجب يعاد أبدًا في الوقت وغيره.
(2)
قال في الإنصاف (1/ 289): «ويجب تعيين النية لما يتمم له من حدث أو غيره» . وقال في كشاف القناع (1/ 173): «ويشترط النية لما يتيمم له من حدث أو خبث
…
». اهـ وانظر المبدع (1/ 222)، دليل الطالب (ص: 19).