الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع لو تيمم يريد به تعليم الغير
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• من نوى ما لا يصح إلا بطهارة كالصلاة صح تيممه، ومن نوى شيئًا لا يشترط فيه الطهارة كالتعليم لم يصح تيممه.
• نية التعليم لا تتضمن نية الطهارة؛ لأنها ليست شرطًا فيها.
• من نوى التعليم والصلاة صح تيممه؛ لعدم المنافاة، وتعليم العبادة عبادة.
[م-429] لو تيمم الرجل يريد تعليم الغير، فهل له أن يصلي بهذا التيمم؟ اختلف في ذلك.
فقيل: يصلي به، وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة
(1)
.
(1)
ذكر ذلك صاحب درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/ 30)، والزيلعي في تبيين الحقائق (1/ 40)، وهو مخالف لما ذكره ابن الهمام في فتح القدير، فإنه قال (1/ 130):«ولو تيمم يريد به تعليم الغير دون الصلاة لا يجوز عند الثلاثة» . يقصد بالثلاثة: أبا حنيفة وصاحبيه. كما أنه مخالف لما ذكره السعدي في النتف في الفتاوى (1/ 38)، وهو أيضًا مخالف لقواعد المذهب، فإن التيمم الذي تصح الصلاة يشترط له شرطان: الأول: كون المنوي عبادة مقصودة. والثاني: كونه لا يحل فعله إلا بطهارة، والتعليم يصح بدون طهارة، انظر حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: 73)، حاشية ابن عابدين (1/ 245).
وقيل: لا يصلي به، وهو مذهب الحنفية
(1)
، والمالكية
(2)
، والشافعية
(3)
، والحنابلة
(4)
.
قال سفيان: من علم غيره الوضوء أجزأه، ومن علمه التيمم لم يجزه
(5)
.
والخلاف في هذا قائم على حكم النية في التيمم، فمن يرى أن النية ليست شرطًا في صحة التيمم رأى أن تيممه لتعليم الغير يمكن له أن يصلي به، ومن رأى أن النية شرط في صحة التيمم، اشترط أن يكون مع نية التعليم نية التيمم للصلاة، ونحوها.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن القاعدة: أن من نوى ما لا يصح إلا بطهارة كالصلاة صح تيممه، ومن نوى شيئًا لا يشترط فيه الطهارة كالتعليم لم يصح تيممه؛ لأن نية التعليم لا تتضمن نية الطهارة؛ لأنها ليست شرطًا فيها، والله أعلم، ومن نوى التعليم والصلاة صح تيممه؛ لأن التعليم عبادة مقصودة، وكذا الصلاة، وقد صلى الرسول صلى الله عليه وسلم على المنبر، وقال: إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي. متفق عليه
(6)
.
(1)
المبسوط (1/ 117)، فتح القدير (1/ 130)، البحر الرائق (1/ 157).
(2)
المنتقى للباجي (1/ 34)، مواهب الجليل (1/ 237).
(3)
الأشباه والنظائر للسوطي (ص: 22).
(4)
قال في الإنصاف (1/ 147): «لو نوى رفع الحدث وإزالة النجاسة أو التبرد أو تعليم غيره: ارتفع حدثه على الصحيح من الذهب» .
هذا الكلام في الوضوء، ولا يختلف الحكم عنه في التيمم، فلو نوى التيمم للصلاة من الحدث الأصغر، ونوى به تعليم غيره ارتفع حدثه، ولو نوى التعليم فقط لم يرتفع الحدث؛ لأن نية استباحة الصلاة من الحدث لم تنو، والمذهب يشترطون كما سبق لنا في التيمم نية التيمم للصلاة ونحوها من الحدث الأصغر أو الأكبر.
(5)
جاء في المنتقى للباجي (1/ 34): «وروي عن سفيان الثوري أنه قال: من علم غيره الوضوء أجزأه، ومن علمه التيمم لم يجزه حتى ينويه لنفسه. قال الباجي: وهذا مبني على أن التيمم يفتقر إلى نية دون الوضوء» .
(6)
البخاري (917)، ومسلم (554).
فإذا كانت نية التعليم لم تقدح في صحة الصلاة، فكذلك إذا نوى التيمم للصلاة، ونوى التعليم لم يقدح في صحة التيمم، والله أعلم.
* * *