الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ملك صاحبها
(1)
.
الدليل الرابع:
(935 - 12) ما رواه أحمد في مسنده، قال: حدثنا حسن بن موسى، قال: حدثنا ابن لهيعة، قال: حدثنا يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن ابن جبير،
عن عمرو بن العاص أنه قال: لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم عام ذات السلاسل، قال: احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت، ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، قال: فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له، فقال: يا عمرو صليت بأصحابك، وأنت جنب؟ قال: قلت: نعم يا رسول الله، إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، وذكرت قول الله عز وجل:(وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً)[النساء: 29]، فتيممت، ثم صليت. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يقل شيئًا
(2)
.
[منقطع، وروي مرسلًا]
(3)
.
(1)
مجموع الفتاوى (21/ 437).
(2)
المسند (4/ 203).
(3)
اختلف فيه على عبد الرحمن بن جبير:
فقيل: عنه عن عمرو بن العاص. وعبد الرحمن بن جبير لم يسمع من عمرو بن العاص.
وقيل: عنه، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص أن عمرو بن العاص كان على سرية فذكر الحديث
…
وذكر الوضوء بدلًا من التيمم، وهذا مرسل.
أما الطريق الأول: عبيد الرحمن بن جبير، عن عمرو بن العاص:
فرواه ابن لهيعة، واختلف عليه فيه:
فرواه حسن بن موسى، كما في مسند أحمد (4/ 203).
وعبد الله بن عبد الحكم كما في فتوح مصر (ص: 277)، وتغليق التعليق (2/ 189)، كلاهما عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عمرو بن العاص. بذكر التيمم بدلًا عن الغسل. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ورواه معاذ بن فضالة، كما في تفسير ابن أبي حاتم (5187).
وأبو الأسود النضر بن عبد الجبار كما في مشكل الآثار كلاهما عن ابن لهيعة به، فوافقا حسن بن موسى في إسناده، وخالفاه في لفظه، فذكرا الاقتصار على الوضوء بدلًا من التيمم، ولم يذكرا غسل المغابن.
ورواه معلى بن منصور كما في الناسخ والمنسوخ لابن شاهين (137)، قال: أخبرنا ابن لهيعة، قال: حدثنا يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الرحمن بن جبير أن النبي صلى الله عليه وسلم أمَّر عمر بن العاص على جيش .... فذكر التيمم بدلًا من الوضوء، وأرسله.
ورواه زيد بن الحباب كما في فتوح مصر لابن عبد الحكم (ص: 277) عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبي فراس يزيد بن رباح مولى عمرو، عن عمرو بن العاص.
فزاد في إسناده بين عبد الرحمن بن جبير، وبين عمرو بن العاص أبا فراس يزيد بن رباح.
وأظن أن أرجح الطرق طريق حسن بن موسى وعبد الله بن عبد الحكم، عن ابن لهيعة.
وتابع ابن لهيعة على هذا الطريق يحيى بن أيوب كما في سنن أبي داود (334)، والدارقطني (1/ 178)، ومستدرك الحاكم (1/ 177، 178)، والبيهقي (1/ 225) فرواه عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عمرو بن العاص. بذكر التيمم بدلًا عن الغسل، كرواية حسن بن موسى عن ابن لهيعة.
ورواه أبو داود (335) من طريق ابن وهب، عن ابن لهيعة، وعمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبي قيس، مولى عمرو بن العاص، أن عمرو بن العاص كان على سرية
…
وذكر الحديث، وذكر غسل المغابن، والوضوء، ولم يذكر التيمم.
وسيأتي الحديث على هذا الطريق عند الكلام على طريق عمرو بن الحارث.
فتبين من هذه الطرق ما يلي:
الأول: الاختلاف فيه على ابن لهيعة اختلافًا كثيرًا مع ضعفه، وما انفرد فيه ابن لهيعة فهو فسبيله الرد، وما وافق فيه يحيى بن أيوب فإنه يتقوى بالمتابعة، كرواية الحسن بن موسى، وعبد الله بن عبد الحكم، عن ابن لهيعة.
الثاني: الاتفاق في جميع طرق ابن لهيعة على ترك الاغتسال من أجل البرد، والاختلاف في البدل عن الغسل، هل كان التيمم، أو كان الوضوء، وبعضها ذكر غسل المغابن مع الوضوء كالرواية المقرونة مع عمرو بن الحارث.
الثالث: أن علة طريق ابن لهيعة إما الإرسال كرواية ابن وهب عن عمرو بن الحارث وابن لهيعة، وسيأتي مزيد تخريج لهذا الطريق إن شاء الله تعالى وإما الانقطاع، حيث لم يسمع عبد الرحمن بن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= جبير من عمرو بن العاص.
قال أحمد بن حنبل رحمه الله كما في شرح ابن رجب للبخاري (2/ 279): «ليس إسناده بمتصل» .
وقال ابن حاتم في الجرح والتعديل (5/ 221) عن عبد الرحمن بن جبير: «أدرك عمرو بن العاص، وسمع من عبد الله بن عمرو» . اهـ
فهنا ابن أبي حاتم نص على إدراكه لعمرو، وخص السماع بعبد الله بن عمرو، خاصة أن الحديث قد روي بذكر واسطة بين عبد الرحمن بن جبير المصري، وبين عمرو بن العاص تارة بزيادة أبي قيس مولى عمرو بن العاص كما سيأتي بيانه في التخريج، وتارة بزيادة أبي فراس يزيد بن رباح، وتارة بالوصل وتارة بالإرسال.
وقال البيهقي في الخلافيات (2/ 480): «هذا مرسل، لم يسمعه عبد الرحمن بن جبير من عمرو ابن العاص، والذي روي عن عمرو بن العاص في هذه القصة متصلًا ليس فيه ذكر التيمم» .
وذكره البخاري تعليقًا بصيغة التمريض في باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت أو خاف العطش تيمم، قال البخاري: ويذكر أن عمرو بن العاص أجنب في ليلة باردة فتيمم، وتلا:(وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف.
الطريق الثاني: عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص أن عمرو بن العاص مرسلًا.
أخرجه أبو داود (335) حدثنا محمد بن سلمة المرادي، أخبرنا ابن وهب، عن ابن لهيعة وعمرو ابن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير، عن
أبي قيس مولى عمرو بن العاص، أن عمرو بن العاص كان على سرية وذكر الحديث نحوه، قال: فغسل مغابنه، وتوضأ وضوءه للصلاة، ثم صلى بهم، فذكر نحوه
…
ولم يذكر التيمم.
وكل من رواه عن ابن لهيعة وحده لم يذكروا في إسناده أبا قيس مولى عمرو بن العاص، والله أعلم.
وأخرجه الدارقطني (1/ 179) من طريق أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، حدثني عمي (ابن وهب) عن عمرو بن الحارث وحده به.
وأخرجه الحاكم (1/ 177) وعنه البيهقي في السنن الكبرى (1/ 226) من طريق محمد بن عبد الله بن عبد الحكيم، أنبأ ابن وهب، حدثني عمرو بن الحارث ورجل آخر، عن يزيد بن أبي حبيب به.
قال البيهقي: ورجل آخر أظنه ابن لهيعة، بذكر الوضوء، وغسل المغابن، دون ذكر التيمم.
قال ابن رجب في شرح البخاري (2/ 279): «وظاهرها الإرسال» . يقصد أنه لم يقل: عن عمرو بن العاص، وإنما قال: أن عمرو بن العاص، وهو لم يشهد الواقعة.
ورواه حرملة بن يحيى، واختلف عليه فيه: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فأخرجه ابن حبان (1315)، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن سلم،
وابن عساكر في تاريخ دمشق (46/ 148) من طريق محمد بن الحسن بن قتيبة، كلاهما عن حرملة بن يحيى، حدثني ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث به.
وخالفهما أحمد بن داود كما في الأوسط لابن المنذر (528)، قال: حدثنا حرمله به إلا أنه ذكر التيمم، ولم يذكر غسل المغابن ولا الوضوء، ولعله اختلط عليه رواية عبد الرحمن بن جبير عن عمرو بن العاص، برواية عبد الرحمن بن جبير، عن أبي قيس أن عمرو بن العاص
…
إلخ. إلا أن أحمد بن داود وثقه الحاكم، وقال الدارقطني: متروك كذاب.
قال الحافظ في الفتح (1/ 454): «وإسناده قوي، لكن علقه بصيغة التمريض؛ لكونه اختصره .... » إلخ كلامه.
وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (878) عن ابن جريج، أخبرني إبراهيم بن عبد الرحمن الأنصاري، عن أبي أمامة سهل بن حنيف، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن عمرو بن العاص أنه أصابته جنابة، وهو أمير الجيش، فترك الغسل من أجل آية، قال: إن اغتسلت مت، فصلى بمن معه جنبًا، فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم عرفه بما فعل، وأنبأه بعذره، فسكت.
وأورده الهيثمي في المجمع (1/ 263)، وقال: «رواه الطبراني في الكبير، وقال: وفيه
أبو بكر بن عبد الرحمن الأنصاري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، ولم أجد من ذكره».
وقال ابن حجر تغليق التعليق (2/ 191): هذا إسناد جيد، لكني لم أعرف حال إبراهيم هذا.
وقال ابن رجب في شرح البخاري (2/ 279): «روى أبو إسحاق الفزاري في كتاب السير للأوزاعي، عن حسان بن عطية، قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم بعثًا، وأمَّر عليهم عمرو بن العاص، فلما أقبلوا سألهم عنه، فأثنوا عليه خيرًا إلا أنه صلى بنا جنبًا .. وذكر نحو الحديث. قال ابن رجب: وهذا مرسل، وقد ذكره أبو داود في سننه تعليقًا مختصرًا، وذكر فيه أنه تيمم» .
هذا ما وقفت عليه من طرق الحديث، والترجيح بين رواية منقطعة:(عن عبد الرحمن بن جبير، عن عمرو بن العاص) بذكر التيمم. وبين رواية مرسلة (عن عبد الرحمن بن جبير عن أبي قيس، أن عمرو بن العاص كان على سرية
…
) بذكر الاقتصار على الوضوء وغسل المغابن، وكلاهما المنقطع والمرسل ضعيف لا حجة فيه.
والرواية المنقطعة جاءت من طريق جرير بن حازم، عن يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب، وتابعه عليها ابن لهيعة في بعض طرقه.
والرواية المرسلة جاءت من طريق عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، ولا شك أن عمرو بن الحارث أرجح من يحيى بن أيوب، وإن تابعه ابن لهيعة في بعض طرقه، إلا أن ابن لهيعة قد اختلف عليه اختلافًا كثيرًا. =
وجه الاستدلال:
قوله: (صليت بأصحابك وأنت جنب) فدل على أن التيمم لم يرفع الجنابة، ولو كان التيمم يرفع الجنابة لم يكن عمرو بن العاص رضي الله عنه صلى، وهو جنب، بل صلى وقد ارتفع حدثه.
• ويُجاب:
بأن الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال له ذلك قاله مستفهمًا؛ لأنه معلوم أن من تيمم مع وجود الماء، وبلا عذر، فإن حدثه لا يرتفع إجماعًا، وأن التيمم إنما يرفع الحدث بشرطه، وهو عدم الماء، أو الخوف من استعماله لمرض ونحوه، وحين أخبره عمرو بن العاص رضي الله عنه بعذره، أقره عليه، وعلم الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لم يصل، وهو جنب، فكيف لا يكون إقرار النبي صلى الله عليه وسلم بعد اطلاعه على عذره دليلًا على أن حدثه قد ارتفع.
يقول ابن تيمية رحمه الله: «قوله: (أصليت بأصحابك وأنت جنب) استفهام، أي: هل فعلت ذلك؟ فأخبره عمرو رضي الله عنه أنه لم يفعله، بل تيمم لخوفه أن يقتله البرد، فسكت عنه، وضحك، ولم يقل شيئًا.
فإن قيل: إن هذا إنكار عليه أنه صلى مع الجنابة، فإنه يدل على أن الصلاة مع الجنابة لا تجوز، فإنه صلى الله عليه وسلم لم ينكر ما هو منكر، فلما أخبره أنه صلى بالتيمم دل على أنه لم يصل وهو جنب.
فالحديث حجة على من جعل المتيمم جنبًا ومحدثًا، والله يقول:(وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) فلم يجز الله له الصلاة حتى يتطهر، والمتيمم قد تطهر بنص الكتاب
= قال الحاكم: «حديث جرير بن حازم هذا لا يعل حديث عمرو بن الحارث الذي وصله بذكر أبي قيس، فإن أهل مصر أعرف بحديثهم من أهل البصرة» .
قلت: لعل المقصود بأن عمرو بن الحارث وصله من الانقطاع، ولكنه يبقى مرسلًا.
وانظر لمراجعة طرق الحديث: إتحاف المهرة (15956)، أطراف المسند (5/ 138)، تحفة الأشراف (10750).