الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الخامس:
سبق لنا في مبحث خاص أن التيمم مطهر إلى غاية وهو وجود الماء، ومن حكم الغاية أن يكون ما بعدها خلاف ما قبلها، فعند وجود الماء يصير محدثًا بالحدث السابق.
•
دليل أبي سلمة على أنه لا يلزمه استعمال الماء:
قال: إن التيمم طهارة صحيحة، ومتى صحت الطهارة فلا ينقضها إلا الحدث، وليس وجود الماء حدثًا حتى نقول ببطلان الطهارة.
• وأجيب بأمور منها:
أولًا: القول بأن وجود الماء ليس بحدث مُسَلَّم به، ولا يصير المتيمم محدثًا بوجود الماء، وإنما الحدث السابق يعود حكمه عند وجود الماء، وفرق بين أن يكون وجود الماء حدثًا، وبين قولنا: إنه عاد إليه حدثه السابق؛ لأن التيمم طهارة إلى حين وجود الماء، فإذا وجد الماء وجب عليه استعماله.
ثانيًا: أن هذا نظر في مقابل النص، فيعتبر نظرًا فاسدًا؛ لأن الدليل إذا قام على بطلان العبادة لم يعارض بالدليل النظري،
(1021 - 98) فقد روى البخاري من حديث عمران بن حصين الطويل، وفيه:
ثم ذكر في الحديث قصة الماء الذي أحدثه الله تعالى آية لنبيه عليه السلام، قال:«وكان آخر ذلك أن أعطى الذي أصابته الجنابة إناء من ماء، وقال: اذهب فأفرغه عليك»
(1)
.
(1)
البخاري (344).
وكذلك يشهد لذلك ما رواه عبد الرزاق من حديث أبي ذر، وقد سقنا لفظه في أدلة القول الأول، وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الصعيد الطيب وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته، فإن ذلك هو خير
(1)
.
[سبق تخريجه]
(2)
.
فهذه الأحاديث تشهد على أن الطهور بالتراب إنما يصح مع عدم الماء، فإذا وجد الماء فلا يصح التطهر بالتراب، وأن الحدث السابق قبل التيمم يعود إلى العبد، سواء كان حدثًا أكبر أو أصغر.
• الراجح:
القول الراجح الذي لا شك فيه أن المتيمم إذا وجد الماء قبل التلبس بالعبادة وجب عليه استعمال الماء لقوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُوا
…
) [المائدة: 6]، الآية فأمرت بالطهارة بالماء حين القيام إلى الصلاة، فإذا كان الماء موجودًا حال القيام إلى الصلاة، كان الفرض على العبد هو غسل أعضاء الوضوء في ذلك الماء، واختلفوا فيما لو أدرك من الوقت ما يتسع لأن يتطهر بالماء، فهل يصلي قبل خروج الوقت، أو يراعي الشرط، ولو خرج الوقت، وقد بحثت هذه المسألة، في فصل مستقل وذكرت أدلة كل فريق هناك، فأغنى بحثه السابق عن إعادة ذكر أدلته في هذا الفصل، والله أعلم.
* * *
(1)
المصنف (913).
(2)
سبق تخريجه انظر المجلد الأول، ح (31).