الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَاضْرِبْهُ فِي أَرْبَعَةٍ فَيَصِيرُ مِائَةً وَالْمَالُ ثَلَثَمِائَةٍ وَالرَّقَبَةُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمِائَةِ وَهِيَ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ كَانَ حَقُّ الْأَوَّلِ ثَلَاثَةً ضَرَبْنَاهَا فِي أَرْبَعَةٍ فَبَلَغَ اثْنَيْ عَشَرَ وَصَارَ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ لِلثَّانِي سِتَّةَ عَشَرَ وَلِكُلٍّ مِنْ الْآخَرِينَ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ وَتِسْعُونَ فِي الْبَاقِي ثُمَّ الْأَصَحُّ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ وَهُوَ احْتِرَازٌ عَمَّا فِي الزِّيَادَاتِ مِنْ اعْتِبَارِ أَحْوَالِ الْإِصَابَةِ كَاعْتِبَارِ أَحْوَالِ الْحِرْمَانِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الرِّقَّ لَا يَثْبُتُ أَصْلُهُ إلَّا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْقَهْرُ وَالْعِتْقُ لَهُ أَسْبَابٌ مِنْ تَنْجِيزِهِ وَالْكِتَابَةُ وَالِاسْتِيلَادُ وَالتَّدْبِيرُ فَإِذَا اُعْتُبِرَ أَحْوَالُ مَا اتَّحَدَ سَبَبُهُ مُتَعَدِّدَةً فَلَأَنْ يُعْتَبَرَ أَحْوَالُ مَا تَعَدَّدَ سَبَبُهُ أَوْلَى وَوَجْهُ الْأَصَحِّ كَمَا قَدَّمْنَا أَوْجَهُ.
[مَسْأَلَة يَلْزَمُ الْمَجَازُ لِتَعَذُّرِ الْحَقِيقِيِّ]
(مَسْأَلَةٌ يَلْزَمُ الْمَجَازُ لِتَعَذُّرِ الْحَقِيقِيِّ كَحَلِفِهِ وَلَا نِيَّةَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الْقِدْرِ فَلِمَا يُحِلُّهُ) أَيْ الْقَدْرَ بِتَأْوِيلِ الْمَحَلِّ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ يُحِلُّهَا لِأَنَّهَا مُؤَنَّثٌ سَمَاعِيٌّ أَيْ فَيَمِينُهُ عَلَى مَا يُطْبَخُ فِيهَا لِتَعَذُّرِ أَكْلِ عَيْنِهَا عَادَةً تَجُوزَا بِاسْمِ الْمَحَلِّ عَنْ الْحَالِ (وَلِعُسْرِهِ) أَيْ الْحَقِيقِيِّ (كَمِنْ الشَّجَرَةِ) فِي حَلِفِهِ لَا يَأْكُلُ مِنْ الشَّجَرَةِ الَّتِي لَا يُؤْكَلُ عَيْنُهَا عَادَةً (فَلَمَّا تَخْرُجُ) الشَّجَرَةُ مِنْ الثَّمَرِ وَغَيْرِهِ حَالَ كَوْنِهِ (مَأْكُولًا بِلَا كَثِيرٍ صُنْعٍ) تَجَوُّزًا بِاسْمِ السَّبَبِ وَهُوَ الشَّجَرَةُ عَنْ الْمُسَبَّبِ وَهُوَ الْخَارِجُ الْمَذْكُورُ (وَمِنْهُ) أَيْ وَمِمَّا تُخْرِجُهُ مَأْكُولًا (الْجُمَّارُ) وَهُوَ شَحْمُ النَّخْلِ (وَالْخَلُّ لِأَبِي الْيُسْرِ) وَأَبِي اللَّيْثِ وَالظَّاهِرُ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وِفَاقًا لِكَثِيرِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ كَذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْفَرِيقَانِ فِيهِ نَقْلًا عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ (لَا نَاطِفُهَا وَنَبِيذُهَا) لِأَنَّ مَا تَوَقَّفَ عَلَى الصُّنْعِ لَيْسَ مِمَّا خَرَجَ مُطْلَقًا وَلِذَا عُطِفَ عَلَى الثَّمَرِ فِي قَوْله تَعَالَى {لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} [يس: 35] فَلَا يَحْنَثُ بِهِ (وَلَوْ لَمْ تَخْرُجْ مَأْكُولًا فَلِثَمَنِهَا) فَيَحْنَثُ بِأَكْلِ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ (وَلِلْهَجْرِ) أَيْ لِهَجْرِ الْحَقِيقِيِّ (عَادَةً وَإِنْ سَهُلَ) تَنَاوُلُهُ (كَمِنْ الدَّقِيقِ فَلِمَا لَهُ) كَالْعَصِيدَةِ فَيَحْنَثُ بِأَكْلِهَا لَا بِسَفَهٍ لِتَرْكِ تَنَاوُلِهِ هَكَذَا عَادَةً خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (وَلَا يَشْرَبُ مِنْ الْبِئْرِ) وَهِيَ غَيْرُ مَلْأَى (فَلِمَائِهِ) أَيْ الْمَكَانِ الْمُسَمَّى بِالْبِئْرِ وَإِلَّا فَهِيَ مُؤَنَّثٌ سَمَاعِيٌّ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ فِيمَا سَيَأْتِي (اغْتِرَافًا اتِّفَاقًا يَحْنَثُ بِالْكَرْعِ) أَيْ بِتَنَاوُلِهِ بِفِيهِ مِنْ مَوْضِعِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْرَبَ بِكَفَّيْهِ أَوْ بِإِنَاءٍ عَلَى مَا فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهِ وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَتَفْسِيرُ الْكَرْعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يَخُوضَ الْإِنْسَانُ فِي الْمَاءِ وَيَتَنَاوَلُهُ بِفِيهِ مِنْ مَوْضِعِهِ وَلَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْخَوْضِ فِي الْمَاءِ فَإِنَّهُ مِنْ الْكُرَاعِ وَهُوَ مِنْ الْإِنْسَانِ مَا دُونَ الرُّكْبَةِ وَمِنْ الدَّوَابِّ مَا دُونَ الْكَعْبِ كَذَا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ اهـ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَعْرُوفُ الْمُتَبَادِرُ لِأَنَّهُ كَمَا قَالَ فِي التَّلْوِيحِ أَصْلُ ذَلِكَ فِي الدَّابَّةِ لَا تَكَادُ تَشْرَبُ إلَّا بِإِدْخَالِ أَكَارِعِهَا فِيهِ ثُمَّ قِيلَ لِلْإِنْسَانِ كَرَعَ فِي الْمَاءِ إذَا شَرِبَ بِفِيهِ خَاضَ أَوْ لَمْ يَخُضْ
(فِي الْأَصَحِّ) وَفِي الذَّخِيرَةِ الصَّحِيحُ (وَلَوْ) كَانَتْ (مَلْأَى فَعَلَى الْخِلَافِ الْمَشْهُورِ فِي لَا يَشْرَبُ مِنْ هَذَا النَّهْرِ) فَعِنْدَهُ عَلَى الْكَرْعِ وَعِنْدَهُمَا عَلَى الِاغْتِرَافِ (وَأَفَادُوا أَنَّ مَجَازِيَّ الْبِئْرِ الِاغْتِرَافُ وَفِيهِ بُعْدٌ) لِعَدَمِ الْعَلَاقَةِ الثَّابِتَةِ الِاعْتِبَارِ
(وَالْأَوْجَهُ أَنَّ تَعْلِيقَ الشُّرْبِ بِهَا) أَيْ بِالْبِئْرِ (عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ) أَيْ مِنْ مَائِهَا (فَهِيَ) أَيْ الْبِئْرُ (حَقِيقَةٌ) قُلْت: أَوْ عَبَّرَ بِالْبِئْرِ عَنْ مَائِهَا تَجَوُّزًا بِاسْمِ الْمَحَلِّ عَنْ الْحَالِ وَهُوَ أَوْجَهُ لِأَكْثَرِيَّةِ مَجَازِ الْعَلَاقَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَجَازِ الْحَذْفِ وَأَيًّا مَا كَانَ يَلْزَمُ مِنْهُ تَرَجَّحَ الْحِنْثُ بِالْكَرْعِ مِنْ الْبِئْرِ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَلْأَى كَمَا هُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ هَذَيْنِ التَّوْجِيهَيْنِ فِي وَجْهِ قَوْلِهِمَا بِالْحِنْثِ كَيْفَمَا شَرِبَ مِنْ مَاءِ دِجْلَةَ فِي حَلِفِهِ لَا يَشْرَبُ مِنْ دِجْلَةَ (وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ لُزُومِ الْمَجَازِيِّ لِلْهَجْرِ عَادَةً حَلِفُهُ (لَا يَضَعُ قَدَّمَهُ) فِي دَارِ فُلَانٍ فَإِنَّهُ مَجَازٌ (عَمَّا تَقَدَّمَ) وَهُوَ دُخُولُهَا كَمَا أَوْضَحْنَاهُ ثَمَّةَ (وَشَرْعًا) أَيْ وَلِلْهَجْرِ شَرْعًا حَلِفُهُ (لَيَنْكِحَنَّ أَجْنَبِيَّةً لَمْ يَحْنَثْ بِالزِّنَا إلَّا بِنِيَّتِهِ) أَيْ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ الَّذِي هُوَ الْوَطْءُ إذْ الْمَهْجُورُ شَرْعًا كَالْمَهْجُورِ عُرْفًا لِمَنْعِ الْعَقْلِ وَالدِّينِ ظَاهِرًا مِنْهُ فَإِنَّمَا يَحْنَثُ بِالْعَقْدِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَالْخُصُومَةُ فِي التَّوْكِيلِ بِهَا) أَيْ بِالْخُصُومَةِ لِأَنَّ حَقِيقَتَهَا وَهِيَ الْمُنَازَعَةُ مَهْجُورَةٌ شَرْعًا فِيمَا عُرِفَ الْخَصْمُ فِيهِ مُحِقًّا لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ حَرَامٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَنَازَعُوا} [الأنفال: 46] إلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَانْصَرَفَ الْوَكِيلُ بِهَا (لِلْجَوَابِ) مَجَازًا إطْلَاقًا لِاسْمِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ لِأَنَّهَا سَبَبُهُ أَوْ لِلْمُقَيَّدِ عَلَى الْمُطْلَقِ أَوْ لِلْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ بِنَاءً عَلَى عُمُومِ الْجَوَابِ
لِلْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ كَمَا سَنَذْكُرُ وَهَذَا عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ غَيْرَ أَنَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ آخِرًا يَصِحُّ إقْرَارُهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ مُطْلَقًا وَعِنْدَهُمَا يَصِحُّ (عِنْدَ الْقَاضِي) لَا غَيْرَ لِأَنَّ إقْرَارَهُ إنَّمَا يَصِحُّ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ جَوَابُ الْخُصُومَةِ مَجَازًا وَالْخُصُومَةُ تَخْتَصُّ بِمَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَكَذَا جَوَابُهَا أَلَا يَرَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ سَمَاعُ بَيِّنَةٍ وَلَا اسْتِحْلَافٌ وَلَا إعْدَاءٌ وَلَا حَبْسٌ إلَّا عِنْدَ الْقَاضِي وَمَا يَكُونُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِهِ يَكُونُ صُلْحًا فَإِذَا كَانَ الْجَوَابُ الْمُعْتَبَرُ هُوَ الْجَوَابُ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ لَمْ يُعْتَبَرْ إقْرَارُ الْوَكِيلِ عَلَى مُوَكِّلِهِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ بَلْ يَخْرُجُ بِهِ مِنْ الْوَكَالَةِ فَلَا يَصِحُّ دَعْوَاهُ بَعْدَهُ لِتَكْذِيبِهِ نَفْسَهُ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ ضِدُّ الْخُصُومَةِ
وَجَوَابُهُ وَاضِحٌ مِمَّا سَبَقَ (فَيَعُمُّ) الْجَوَابُ (الْإِقْرَارَ) كَالْإِنْكَارِ لِأَنَّ الْجَوَابَ كَلَامٌ يَسْتَدْعِيهِ كَلَامُ الْغَيْرِ وَيُطَابِقُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ جَابَ الْفَلَاةَ إذَا قَطَعَهَا سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّ كَلَامَ الْغَيْرِ يَنْقَطِعُ بِهِ وَذَلِكَ كَمَا يَكُونُ بِلَا يَكُونُ بِنَعَمْ (وَلَا يُكَلِّمُ الصَّبِيَّ فَيَحْنَثُ بِهِ) أَيْ بِكَلَامِهِ حَالَ كَوْنِهِ (شَيْخًا) لِأَنَّ الصَّبِيَّ مِنْ حَيْثُ هُوَ صَبِيٌّ مَأْمُورٌ فِيهِ بِالْمَرْحَمَةِ شَرْعًا وَالْهَجْرُ يُنَافِيهِ فَانْصَرَفَ الْيَمِينُ عِنْدَ الْإِشَارَةِ إلَى خُصُوصِ ذَاتِ صَبِيٍّ إلَى خُصُوصِ ذَاتِهِ بِاعْتِبَارِ وَصْفٍ فِيهَا آخَرَ لَا يَتَقَيَّدُ بِزَمَنٍ مِنْ الصِّبَا أَوْ لِشِدَّةِ كَرَاهَةِ ذَاتِهِ فَيَحْنَثُ بِهِ شَيْخًا لِوُجُودِ ذَاتِهِ (بِخِلَافِ الْمُنْكِرِ) أَيْ لَا يُكَلِّمُ صَبِيًّا فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يُشِرْ إلَى خُصُوصِ ذَاتٍ كَانَ الصِّبَا نَفْسُهُ مُثِيرَ الْيَمِينِ وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ الشَّرْعِ فَيَجِبُ تَقْيِيدُ الْيَمِينِ بِهِ لِقَصْدِهِ بِهَا وَإِنْ كَانَ حَرَامًا كَحَلِفِهِ لَيَشْرَبَنَّ الْيَوْمَ خَمْرًا أَوْ لَيَسْرِقَنَّ اللَّيْلَةَ فَإِنَّهَا تَنْعَقِدُ لِهَذَا الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَا حَرَامَيْنِ
(وَقَدْ يَتَعَذَّرُ حُكْمُهُمَا) أَيْ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ (فَيَتَعَذَّرَانِ) أَيْ الْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْكَلَامُ لَغْوًا (كَبِنْتِي لِزَوْجَتِهِ الْمَنْسُوبَةِ) أَيْ كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ الثَّابِتِ نَسَبُهَا مِنْ غَيْرِهِ هَذِهِ ابْنَتِي (فَلَا تَحْرُمُ) عَلَيْهِ أَبَدًا بِهَذَا سَوَاءٌ كَانَتْ أَكْبَرَ مِنْهُ أَوْ أَصْغَرَ أَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ أَمْ رَجَعَ بِأَنْ قَالَ: غَلِطْت أَوْ وَهِمْت (وَإِنْ أَصَرَّ) أَيْ دَامَ عَلَى هَذَا الْكَلَامِ (فَفَرَّقَ) أَيْ حَتَّى فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا (مَنْعًا مِنْ الظُّلْمِ) أَيْ ظُلْمِهِ لَهَا بِتَرْكِ قُرْبَانِهَا وَإِنَّمَا قُلْنَا تَعَذَّرَتْ الْحَقِيقَةُ هُنَا (لِلِاسْتِحَالَةِ فِي الْأَكْبَرِ مِنْهُ) سِنًّا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَصِحَّةُ رُجُوعِهِ) عَنْ كَوْنِهَا بِنْتَهُ (فِي الْمُمْكِنَةِ) أَيْ فِي الْأَصْغَرِ مِنْهُ سِنًّا وَهَذَا وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ فِي الْحَالِ فَهُوَ فِي مَعْنَى الْمُتَحَقِّقِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَتَكْذِيبُ الشَّرْعِ) لَهُ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ حَقِّ الْغَيْرِ وَهُوَ لَا يُفِيدُ إبْطَالَهُ شَرْعًا (بَدَلُهُ) أَيْ قَائِمٌ مَقَامَ رُجُوعِهِ لِأَنَّ تَكْذِيبَ الشَّرْعِ لَا يَكُونُ أَدْنَى مِنْ تَكْذِيبِ نَفْسِهِ (فَكَأَنَّهُ رَجَعَ وَالرُّجُوعُ عَنْ الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ صَحِيحٌ)
وَعِنْدَ الرُّجُوعِ عَنْ الْإِقْرَارِ لَا يَبْقَى الْإِقْرَارُ فَلَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ مُطْلَقًا وَلَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ (بِخِلَافِهِ) أَيْ الْإِقْرَارِ بِالْبُنُوَّةِ (فِي عَبْدِهِ الْمُمْكِنِ) كَوْنُهُ مِنْهُ مِنْ حَيْثُ صِغَرُ سِنِّهِ الثَّابِتِ نَسَبُهُ مِنْ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ لِأَنَّهُ صَارَ مَجَازًا عَنْ الْحُرِّيَّةِ وَالْعَبْدُ وَالْأَبُ لَا يَتَضَرَّرَانِ بِهَا وَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا هُوَ الْأَصْلُ مِنْ أَنَّ الْكَلَامَ إذَا كَانَ لَهُ حَقِيقَةٌ وَلَهَا حُكْمٌ يُصَارُ إلَى إثْبَاتِ حُكْمِ تِلْكَ الْحَقِيقَةِ مَجَازًا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْحَقِيقَةِ وَحَيْثُ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ عَنْهُ (لِعَدَمِ صِحَّةِ الرُّجُوعِ عَنْ الْإِقْرَارِ بِالْعِتْقِ) وَلَمْ يُمْكِنْ الْعَمَلُ بِهَذَا الْأَصْلِ فِي قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ هَذِهِ بِنْتِي (وَلِأَنَّ ثُبُوتَهُ) أَيْ التَّحْرِيمِ الَّذِي هُوَ الْمَعْنَى الْمَجَازِيُّ لِهَذِهِ بِنْتِي (إمَّا حُكْمًا لِلنَّسَبِ وَهُوَ) أَيْ النَّسَبُ قَدْ ثَبَتَ (مِنْ الْغَيْرِ) فَيَثْبُتُ لِلْغَيْرِ لَا لَهُ (أَوْ بِالِاسْتِعْمَالِ) لِهَذِهِ بِنْتِي (فِيهِ) أَيْ فِي التَّحْرِيمِ (وَهُوَ) أَيْ تَحْرِيمُ النَّسَبِ (مُنَافٍ لِسَبْقِ الْمِلْكِ) أَيْ لِلنِّكَاحِ لِمُنَافَاتِهِ لِمِلْكِ النِّكَاحِ لِانْتِفَاءِ صِحَّةِ نِكَاحِ الْمُحَرَّمَاتِ (لَا أَنَّهُ) أَيْ تَحْرِيمَ النَّسَبِ (مِنْ حُقُوقِهِ) أَيْ مِلْكِ النِّكَاحِ (وَاَلَّذِي مِنْ حُقُوقِهِ) أَيْ وَالتَّحْرِيمُ الَّذِي هُوَ مِنْ حُقُوقِ مِلْكِ النِّكَاحِ وَهُوَ إنْشَاءُ التَّحْرِيمِ الْكَائِنِ بِالطَّلَاقِ (لَيْسَ اللَّازِمَ) لِلْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ لِهَذِهِ بِنْتِي (لِيَتَجَوَّزَ بِهِ) أَيْ بِهَذِهِ بِنْتِي (فِيهِ) أَيْ فِي التَّحْرِيمِ الْكَائِنِ بِالطَّلَاقِ ثُمَّ بَيْنَ التَّحْرِيمَيْنِ مُنَافَاةٌ لِتَنَافِي لَوَازِمِهِمَا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يُنَافِي مَحَلِّيَّةَ النِّكَاحِ وَيُثْبِتُ حُرْمَةً لَا تَرْتَفِعُ وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ وَالْآخَرُ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ وَلَا يَخْرُجُ الْمَحَلُّ عَنْ مَحَلِّيَّةِ النِّكَاحِ وَيَرْتَفِعُ بِرَافِعٍ وَتَنَافِي