الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْجَرْحِ (الْمُبْهَمِ إذْ الْكَلَامُ فِيمَنْ عَدَّلَ وَإِلَّا فَالتَّوَقُّفُ لِجَهَالَةِ حَالِهِ ثَابِتٌ وَإِنْ لَمْ يَجْرَحْ بَلْ الْجَوَابُ أَنَّ أَصْحَابَ الْكُتُبِ الْمَعْرُوفِينَ عُرِفَ مِنْهُمْ صِحَّةُ الرَّأْيِ فِي الْأَسْبَابِ) الْجَارِحَةِ فَأَوْجَبَ جَرْحُهُمْ الْمُبْهَمُ التَّوَقُّفَ عَنْ الْعَمَلِ بِالْمَجْرُوحِ (حَتَّى لَوْ عَرَفَ) الْجَارِحُ مِنْهُمْ (بِخِلَافِهِ) أَيْ خِلَافِ الرَّأْيِ الصَّحِيحِ فِي الْأَسْبَابِ الْجَارِحَةِ (لَا يُقْبَلُ) جَرْحُهُ (فَلَا يَتَوَقَّفُ) فِي قَبُولِ ذَلِكَ الْمَجْرُوحِ حِينَئِذٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
[مَسْأَلَةٌ عَدَالَةِ الصَّحَابَةِ]
(مَسْأَلَةٌ الْأَكْثَرُ عَلَى عَدَالَةِ الصَّحَابَةِ) فَلَا يُبْحَثُ عَنْهَا فِي رِوَايَةٍ وَلَا شَهَادَةٍ (وَقِيلَ) هُمْ (كَغَيْرِهِمْ) فِيهِمْ الْعُدُولُ وَغَيْرُهُمْ (فَيُسْتَعْلَمُ التَّعْدِيلُ بِمَا تَقَدَّمَ) مِنْ التَّزْكِيَةِ وَغَيْرِهَا إلَّا مَنْ كَانَ مَقْطُوعًا بِعَدَالَتِهِ كَالْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ أَوْ ظَاهِرِهَا (وَقِيلَ) هُمْ (عُدُولٌ إلَى الدُّخُولِ فِي الْفِتْنَةِ) فِي آخِرِ عَهْدِ عُثْمَانَ كَمَا عَلَيْهِ كَثِيرٌ وَقِيلَ مِنْ حِينِ مَقْتَلِ عُثْمَانَ وَقَالَ الْقَاضِي عَضُدُ الدِّينِ مَا بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا وَإِنْ كَانَ مِنْ مَذْهَبِ هَذَا الْقَائِلِ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ رِوَايَةُ الدَّاخِلِ فِي فِتْنَةِ عُثْمَانَ أَيْضًا تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الْفِتْنَةَ بَيْنَهُمَا كَانَتْ بِسَبَبِ قَتْلِ عُثْمَانَ (فَتُطْلَبُ التَّزْكِيَةُ) لَهُمْ مِنْ وَقْتَئِذٍ (فَإِنَّ الْفَاسِقَ مِنْ الدَّاخِلِينَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ) أَيْ الْقَاضِي عَضُدُ الدِّينِ (هَذَا الْمَذْهَبَ بِأَنَّهُمْ كَغَيْرِهِمْ إلَى ظُهُورِهَا فَلَا يُقْبَلُ الدَّاخِلُونَ مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ الطَّرَفَيْنِ (لِجَهَالَةِ عَدَالَةِ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجُونَ) مِنْهَا (كَغَيْرِهِمْ) يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ إلَى ظُهُورِهَا أَمْرَيْنِ عَدَمُ قَبُولِهِمْ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ عَدَالَتِهِمْ بِالْبَحْثِ عَنْهَا وَعَدَمِ الْقَبُولِ مُطْلَقًا فَإِنْ أَرَادَ الْأَوَّلَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ قَوْلُهُ (إنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَبْحَثُ عَنْهَا) أَيْ عَدَالَتِهِمْ (بَعْدَ الدُّخُولِ وَهُوَ) أَيْ الْبَحْثُ عَنْهَا بَعْدَهُ (مَنْقُولٌ) عَنْ بَعْضِهِمْ (فَفَاسِدُ التَّرْكِيبِ) إذْ حَاصِلُهُ: هُمْ كَغَيْرِهِمْ إلَى ظُهُورِهَا فَهُمْ كَغَيْرِهِمْ (وَحَاصِلُهُ الْمَذْهَبُ الثَّانِي وَلَيْسَ ثَالِثًا) إذْ مَعْنَاهُ حِينَئِذٍ أَنَّهُمْ كَغَيْرِهِمْ مُطْلَقًا وَإِنْ أَرَادَ الثَّانِيَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ قَوْلُهُ
(وَإِنْ أَرَادَ لَا يُقْبَلُ بِوَجْهٍ فَشِقُّهُ الْأَوَّلُ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ: فَهُمْ (عُدُولٌ) إلَى: ظُهُورِهَا فَلَا يُقْبَلُونَ لِأَنَّهُمْ (كَغَيْرِهِمْ) ثُمَّ لَا قَائِلَ بِأَنَّهُمْ لَا يُقْبَلُونَ أَصْلًا (وَقَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ عُدُولٌ إلَّا مَنْ قَاتَلَ عَلِيًّا لَنَا) عَلَى الْمُخْتَارِ وَهُوَ الْأَوَّلُ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29] الْآيَةَ مَدَحَهُمْ تَعَالَى فَدَلَّ عَلَى فَضْلِهِمْ «وَلَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نُصَيْفَهُ» كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَهَذَا مِنْ أَبْلَغِ الْأَدِلَّةِ وَأَوْضَحِهَا عَلَى عَظِيمِ فَضْلِهِمْ (وَمَا تَوَاتَرَ عَنْهُمْ مِنْ مُدَاوَمَةِ الِامْتِثَالِ) لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَبَذْلِهِمْ الْأَمْوَالَ وَالْأَنْفُسَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى الْعَدَالَةِ (وَدُخُولِهِمْ فِي الْفِتَنِ بِالِاجْتِهَادِ) أَيْ اجْتَهَدُوا فِيهَا فَأَدَّى اجْتِهَادُ كُلٍّ إلَى مَا ارْتَكَبَهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ سَوَاءٌ كَانَ كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَوْ الْمُصِيبُ وَاحِدًا لِوُجُوبِ الْعَمَلِ بِالِاجْتِهَادِ اتِّفَاقًا وَلَا تَفْسِيقَ بِوَاجِبٍ عَلَى أَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ حَكَى إجْمَاعَ أَهْلِ الْحَقِّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَلَى أَنَّ الصَّحَابَةَ كُلَّهُمْ عُدُولٌ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ حِكَايَةِ ابْنِ الصَّلَاحِ إجْمَاعَ الْأُمَّةِ عَلَى تَعْدِيلِ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ نَعَمْ حِكَايَتُهُ إجْمَاعَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِمْ فِي الْإِجْمَاعِ عَلَى تَعْدِيلِ مَنْ لَابَسَ الْفِتَنَ مِنْهُمْ حَسَنٌ.
وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَالْقَوْلُ الْفَصْلُ أَنَّا نَقْطَعُ بِعَدَالَتِهِمْ مِنْ غَيْرِ الْتِفَاتٍ إلَى هَذَيَانِ الْهَاذِينَ وَزَيْغِ الْمُبْطِلِينَ وَقَدْ سَلَفَ اكْتِفَاؤُنَا فِي الْعَدَالَةِ بِتَزْكِيَةِ الْوَاحِدِ مِنَّا فَكَيْفَ بِمَنْ زَكَّاهُمْ عَلَّامُ الْغُيُوبِ الَّذِي لَا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ فِي غَيْرِ آيَةٍ وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللَّهِ الَّذِي عَصَمَهُ اللَّهُ عَنْ الْخَطَأِ فِي الْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم فِي غَيْرِ حَدِيثٍ وَنَحْنُ نُسَلِّمُ أَمْرَهُمْ فِيمَا جَرَى بَيْنَهُمْ إلَى رَبِّهِمْ جَلَّ وَعَلَا وَنَبْرَأُ إلَى الْمَلِكِ سُبْحَانَهُ مِمَّنْ يَطْعَنُ فِيهِمْ وَنَعْتَقِدُ أَنَّ الطَّاعِنَ عَلَى ضَلَالٍ مُهِينٍ وَخُسْرَانٍ مُبِينٍ مَعَ اعْتِقَادِنَا أَنَّ الْإِمَامَ الْحَقَّ كَانَ عُثْمَانَ وَأَنَّهُ قُتِلَ مَظْلُومًا وَحَمَى اللَّهُ الصَّحَابَةَ مِنْ مُبَاشَرَةِ قَتْلِهِ فَالْمُتَوَلِّي قَتْلَهُ كَانَ شَيْطَانًا مَرِيدًا ثُمَّ لَا نَحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ الرِّضَا بِقَتْلِهِ إنَّمَا الْمَحْفُوظُ الثَّابِتُ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمْ إنْكَارُ ذَلِكَ ثُمَّ كَانَتْ مَسْأَلَةُ الْأَخْذِ بِالثَّأْرِ اجْتِهَادِيَّةً رَأَى عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ التَّأْخِيرَ مَصْلَحَةً وَرَأَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها الْبِدَارَ مَصْلَحَةً وَكُلٌّ جَرَى عَلَى وَفْقِ اجْتِهَادِهِ وَهُوَ مَأْجُورٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ثُمَّ كَانَ الْإِمَامُ الْحَقُّ بَعْدَ ذِي النُّورَيْنِ عَلِيًّا كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَكَانَ مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه مُتَأَوِّلًا هُوَ وَجَمَاعَتُهُ وَمِنْهُمْ
مَنْ قَعَدَ عَنْ الْفَرِيقَيْنِ وَأَحْجَمَ عَنْ الطَّائِفَتَيْنِ لَمَّا أَشْكَلَ الْأَمْرُ وَكُلٌّ عَمِلَ بِمَا أَدَّى إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ وَالْكُلُّ عُدُولٌ رضي الله عنهم فَهُمْ نَقَلَةُ هَذَا الدِّينِ وَحَمَلَتُهُ الَّذِينَ بِأَسْيَافِهِمْ ظَهَرَ وَبِأَلْسِنَتِهِمْ انْتَشَرَ وَلَوْ تَلُونَا الْآيَ وَقَصَصْنَا الْأَحَادِيثَ فِي تَفْضِيلِهِمْ لَطَالَ الْخِطَابُ فَهَذِهِ كَلِمَاتٌ مَنْ اعْتَقَدَ خِلَافَهَا كَانَ عَلَى زَلَلٍ وَبِدْعَةٍ فَلْيُضْمِرْ ذُو الدِّينِ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ عَقْدًا ثُمَّ لِيَكُفَّ عَمَّا جَرَى بَيْنَهُمْ فَتِلْكَ دِمَاءٌ طَهَّرَ اللَّهُ مِنْهَا أَيْدِيَنَا فَلَا نُلَوِّثُ بِهَا أَلْسِنَتَنَا انْتَهَى.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ خَيْرُ الْأُمَّةِ وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ أَفْضَلُ مِنْ كُلِّ مَنْ بَعْدَهُ وَإِنْ رَقِيَ فِي الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ فِي هَذَا حَيْثُ قَالَ قَدْ يَأْتِي بَعْدَهُمْ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضِهِمْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ
(ثُمَّ الصَّحَابِيُّ) أَيْ مَنْ يُطْلَقُ عَلَيْهِ هَذَا الِاسْمُ (عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ وَبَعْضِ الْأُصُولِيِّينَ مَنْ لَقِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مُسْلِمًا وَمَاتَ عَلَى إسْلَامِهِ) قَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ وَالْمُرَادُ بِاللِّقَاءِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمُجَالَسَةِ وَالْمُمَاشَاةِ وَوُصُولِ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ وَإِنْ لَمْ يُكَلِّمْهُ، وَيَدْخُلُ فِيهِ رُؤْيَةُ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ سَوَاءٌ كَانَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ انْتَهَى وَذَلِكَ بِأَنْ يُحْمَلَ صَغِيرًا إلَيْهِ صلى الله عليه وسلم لَكِنْ هَلْ تَمْيِيزُ الْمُلَاقِي لَهُ شَرْطٌ حَتَّى لَا يَدْخُلَ الْأَطْفَالُ الَّذِينَ حَنَّكَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُلَاقُوهُ مُمَيِّزِينَ وَلَا مَنْ رَآهُ وَهُوَ لَا يَعْقِلُ أَمْ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَيَدْخُلُونَ. فِيهِ تَرَدُّدٌ قَالَ الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ وَيَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ التَّمْيِيزِ مَعَ الرُّؤْيَةِ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو سَعِيدٍ الْعَلَائِيُّ فِي كِتَابِ الْمَرَاسِيلِ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ حَنَّكَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَدَعَا لَهُ وَلَا صُحْبَةَ لَهُ بَلْ وَلَا رُؤْيَةَ وَحَدِيثُهُ مُرْسَلٌ أَيْضًا وَفِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ حَنَّكَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَدَعَا لَهُ وَلَا تُعْرَفُ لَهُ رُؤْيَةٌ بَلْ هُوَ تَابِعِيٌّ وَحَدِيثُهُ مُرْسَلٌ انْتَهَى وَخَرَجَ بِ (مُسْلِمًا) مَنْ لَقِيَهُ كَافِرًا سَوَاءٌ لَمْ يُسْلِمْ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ حَيَاتِهِ أَوْ لَمْ يَلْقَهُ أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَبِقَوْلِهِ وَمَاتَ عَلَى إسْلَامِهِ مَنْ لَقِيَهُ مُسْلِمًا ثُمَّ ارْتَدَّ وَمَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَطَلٍ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ تَعْرِيفُ مَنْ يُسَمَّى صَحَابِيًّا بَعْدَ انْقِرَاضِ الصَّحَابَةِ لَا مُطْلَقًا وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِلَّا لَزِمَهُ أَنْ لَا يُسَمَّى الشَّخْصُ صَحَابِيًّا حَالَ حَيَاتِهِ وَلَا يَقُولُ بِذَلِكَ أَحَدٌ (أَوْ) لَقِيَهُ (قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَمَاتَ قَبْلَهَا عَلَى الْحَنِيفِيَّةِ كَزَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ) فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُبْعَثُ أُمَّةً وَحْدَهُ وَذَكَرَهُ ابْنُ مَنْدَهْ فِي الصَّحَابَةِ وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُتَرْجَمَ فِي الصَّحَابَةِ الْقَاسِمُ بْنُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ وُلِدَ وَمَاتَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ فَإِنْ قُلْتَ إنَّمَا لَمْ يُتَرْجِمُوهُ فِيهِمْ لِاشْتِرَاطِ تَمْيِيزِ الْمُلَاقِي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ قُلْت فَيُشْكِلُ بِتَرْجَمَتِهِمْ فِي الصَّحَابَةِ لِإِبْرَاهِيمَ وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْهِ صلى الله عليه وسلم (أَوْ) لَقِيَهُ مُسْلِمًا (ثُمَّ ارْتَدَّ وَعَادَ) إلَى الْإِسْلَامِ (فِي حَيَاتِهِ) صلى الله عليه وسلم كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ دُخُولِهِ فِي الصُّحْبَةِ ثَانِيًا بِدُخُولِهِ الثَّانِي فِي الْإِسْلَامِ
(وَأَمَّا) لَوْ لَقِيَهُ مُسْلِمًا ثُمَّ ارْتَدَّ وَعَادَ إلَى الْإِسْلَامِ (بَعْدَ وَفَاتِهِ) صلى الله عليه وسلم (كَقُرَّةَ) بْنِ هُبَيْرٍ (وَالْأَشْعَثِ) بْنِ قَيْسٍ (فَفِيهِ نَظَرٌ وَالْأَظْهَرُ النَّفْيُ) لِصُحْبَتِهِ لِأَنَّ صُحْبَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَشْرَفِ الْأَعْمَالِ وَحَيْثُ كَانَتْ الرِّدَّةُ مُحْبِطَةً لِلْعَمَلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مُحْبِطَةٌ لِلصُّحْبَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَذَهَبَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ إلَى أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ اسْمَ الصُّحْبَةِ بَاقٍ لِلرَّاجِعِ إلَى الْإِسْلَامِ سَوَاءٌ رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ فِي حَيَاتِهِ أَمْ بَعْدَهُ سَوَاءٌ لَقِيَهُ ثَانِيًا أَمْ لَا قَالَ وَيَدُلُّ عَلَى رُجْحَانِهِ قِصَّةُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ فَإِنَّهُ كَانَ مِمَّنْ ارْتَدَّ وَأُتِيَ بِهِ إلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَسِيرًا فَعَادَ إلَى الْإِسْلَامِ فَقَبِلَ مِنْهُ ذَلِكَ وَزَوَّجَهُ أُخْتَهُ وَلَمْ يَتَخَلَّفْ أَحَدٌ عَنْ ذِكْرِهِ فِي الصَّحَابَةِ وَلَا عَنْ تَخْرِيجِ أَحَادِيثِهِ فِي الْمَسَانِيدِ وَغَيْرِهَا انْتَهَى. وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ دَلِيلًا (وَ) عِنْدَ (جُمْهُورِ الْأُصُولِيِّينَ مَنْ طَالَتْ صُحْبَتُهُ) لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (مُتَتَبِّعًا) لَهُ (مُدَّةً يَثْبُتُ مَعَهَا إطْلَاقُ صَاحِبِ فُلَانٍ عُرْفًا) عَلَيْهِ (بِلَا تَحْدِيدٍ) لِمِقْدَارِهَا بِمِقْدَارٍ مَخْصُوصٍ (فِي الْأَصَحِّ وَقِيلَ) مِقْدَارُهَا (سِتَّةُ أَشْهُرٍ) فَصَاعِدًا ذَكَرَهُ الْمَايَمُرْغِيُّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِوَجْهِهِ (وَابْنُ الْمُسَيِّبِ) مِقْدَارُهَا (سَنَةٌ أَوْ غَزْوٌ) مَعَهُ وَعَلَّلَ بِأَنَّ لِصُحْبَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَرَفًا عَظِيمًا فَلَا تُنَالُ إلَّا بِاجْتِمَاعٍ طَوِيلٍ يَظْهَرُ فِيهِ الْخُلُقُ الْمَطْبُوعُ عَلَيْهِ الشَّخْصُ كَالسَّنَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي يَخْتَلِفُ فِيهَا الْمِزَاجُ وَالْغَزْوِ