الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي الْمَعْنَى لِأَنَّ مِقْدَارَ مَالِيَّةِ نِصْفِ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ كَانَ مُسَاوِيًا عِنْدَهُمْ لَقِيمَةِ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ فَلَا يُفِيدُ التَّخْيِيرُ فِيهَا التَّيْسِيرَ قَصْدًا بَلْ التَّأْكِيدَ فَلَا جَرَمَ أَنْ كَانَ وُجُوبُهَا بِقُدْرَةٍ مُمْكِنَةٍ (وَلَمْ يَشْرُطْ فِي إجْزَاءِ الصَّوْمِ) فِي الْكَفَّارَةِ (الْعَجْزَ الْمُسْتَدَامَ) إلَى الْمَوْتِ (كَمَا) شَرَطَ (فِي الْفِدْيَةِ) فِي صَوْمِ رَمَضَانَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُكَلَّفِ الْمُسِنِّ الْعَاجِزِ عَنْهُ (وَالْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ) الْحَيِّ الْقَادِرِ عَلَى النَّفَقَةِ الْعَاجِزِ عَنْ الْحَجِّ بِنَفْسِهِ
(فَلَوْ أَيْسَرَ) الْمُكَفِّرُ بِالصِّيَامِ لِعَجْزِهِ عَنْ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ (بَعْدَهُ) أَيْ الصِّيَامِ (لَا يَبْطُلُ) التَّكْفِيرُ بِهِ بِخِلَافِ الْمُسِنِّ الْعَاجِزِ عَنْ الصِّيَامِ فَإِنَّهُ إذَا قَدَرَ عَلَى الصِّيَامِ بَعْدَ الْفِدْيَةِ بَطَلَتْ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْمَحْجُوجُ عَنْهُ الْمَذْكُورُ فَإِنَّهُ إذَا قَدَرَ عَلَى الْحَجِّ بِنَفْسِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ وَكَيْفَ لَا وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِعَدَمِ وِجْدَانِ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ عَدَمَهُ فِي الْعُمُرِ لَبَطَلَ تَرَتُّبُ الصَّوْمِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْهَا حِينَئِذٍ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا فِي آخِرِ الْعُمُرِ وَبَعْدِهِ لَا يُتَصَوَّرُ أَدَاءُ الصَّوْمِ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْعَجْزُ فِي الْحَالِ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَحْصُلَ الْقُدْرَةَ فِي الِاسْتِقْبَالِ (وَلَوْ فَرَّطَ) الْمُوسِرُ الَّذِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فِي التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ (حَتَّى هَلَكَ الْمَالُ انْتَقَلَ) وُجُوبُ التَّكْفِيرِ بِهِ (إلَى الصَّوْمِ) أَيْ التَّكْفِيرِ بِهِ (بِخِلَافِ الْحَجِّ) فَإِنَّهُ لَوْ فَرَّطَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ حَتَّى عَجَزَ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ كَانَ مُؤَاخَذًا بِهِ فِي الْآخِرَةِ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقُدْرَةِ الْمُمْكِنَةِ كَمَا سَلَفَ (وَإِنَّمَا سَاوَى الِاسْتِهْلَاكُ) لِلْمَالِ (الْهَلَاكَ) فِي سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ بِالْمَالِ وَلَمْ يُسَاوِهِ فِي سُقُوطِ الزَّكَاةِ مَعَ تَسَاوِيهِمَا فِي الْبِنَاءِ عَلَى الْقُدْرَةِ الْمُيَسِّرَةِ (لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْمَالِ) فِي الْكَفَّارَةِ لِلتَّكْفِيرِ بِهِ فَلَا يَكُونُ الِاسْتِهْلَاكُ تَعَدِّيًا (بِخِلَافِهِ) أَيْ الْمَالِ (فِي الزَّكَاةِ) فَإِنَّ الْوَاجِبَ جُزْءٌ مِنْ النِّصَابِ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا فَإِذَا اسْتَهْلَكَهُ فَقَدْ اسْتَهْلَكَ الْوَاجِبَ وَبِهَذَا يَخْرُجُ الْجَوَابُ عَنْ إشْكَالٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْوَاجِبَ الْمَالِيَّ فِي الْكَفَّارَةِ يَعُودُ بَعْدَ هَلَاكِ الْمَالِ بِإِصَابَةِ مَالٍ آخَرَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ بِالصَّوْمِ وَلَا يَعُودُ فِي الزَّكَاةِ فَتَكُونُ دُونَ الزَّكَاةِ وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ الشَّرْعَ اعْتَبَرَ الْقُدْرَةَ فِي الزَّكَاةِ عَلَى الْأَدَاءِ بِالْمَالِ الَّذِي وَجَبَتْ الزَّكَاةُ بِسَبَبِهِ لَا بِمَالٍ آخَرَ فَبَعْدَ فَوَاتِ مَا وَجَبَ مِنْهُ لَا تَثْبُتُ الْقُدْرَةُ عَلَى الْأَدَاءِ بِحُصُولِ مَالٍ آخَرَ فَلَا يَعُودُ الْوُجُوبُ فَأَمَّا الْكَفَّارَةُ فَيَتَعَلَّقُ الْوُجُوبُ فِيهَا بِمُطْلَقِ الْمَالِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَا يَصْلُحُ لِلتَّقَرُّبِ الْمُوجِبِ لِلثَّوَابِ السَّاتِرِ لِإِثْمِ الْحِنْثِ وَلِهَذَا لَمْ يَشْتَرِطْ فِيهِ النَّمَاءَ فَكَانَ الْمَالُ الْمَوْجُودُ وَقْتَ الْحِنْثِ وَبَعْدَهُ سَوَاءً فِي ثُبُوتِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّكْفِيرِ بِهِ (وَنَقَضَ) الدَّلِيلُ الدَّالُّ عَلَى كَوْنِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ بِنَاءً عَلَى الْقُدْرَةِ الْمُيَسِّرَةِ وَهُوَ عَدَمُ وُجُوبِهَا مَعَ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ مُطَالِبٌ مِنْ الْعِبَادِ (بِوُجُوبِهَا) أَيْ الْكَفَّارَةِ بِالْمَالِ (مَعَ الدَّيْنِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ) بِأَنْ يُقَالَ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُنَافِيًا لِلْيُسْرِ فِي الزَّكَاةِ مَانِعًا مِنْ وُجُوبِهَا لَكَانَ مُنَافِيًا لَهُ فِي الْكَفَّارَةِ مَانِعًا مِنْ وُجُوبِهَا لِكَوْنِ الْمَالِ فِيهِمَا مَشْغُولًا بِالْحَاجَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَهِيَ قَضَاءُ الدَّيْنِ لَكِنَّ الْكَفَّارَةَ وَاجِبَةٌ مَعَ الدَّيْنِ فَانْتَقَضَ مَا ذَكَرْتُمْ بِهِ
(أُجِيبَ بِمَنْعِهِ) أَيْ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِالْمَالِ مَعَ الدَّيْنِ (كَقَوْلِ بَعْضِهِمْ) أَيْ الْمَشَايِخِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ إجْمَاعًا فَلَا نَقْضَ (وَبِالْفَرْقِ) بَيْنَهُمَا عَلَى قَوْلِ الْأَخِيرَيْنِ (بِأَنَّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ لِلْأَغْنِيَاءِ شُكْرًا لِنِعْمَةِ الْغِنَى وَهُوَ) أَيْ الْغِنَى (مُنْتَفٍ بِالدَّيْنِ) إنْ اسْتَغْرَقَ (أَوْ يُقَصِّرُ) الْغِنَى (بِقَدْرِهِ) أَيْ الدَّيْنِ إنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ (وَالْكَفَّارَةُ) إنَّمَا شُرِعَتْ (لِلزَّجْرِ) لِلْحَالِفِ عَنْ هَتْكِ حُرْمَةِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى (وَالسِّتْرِ) لِجَنَابَتِهِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى الْعِبَادَةِ (وَالْإِغْنَاءِ غَيْرِ مَقْصُودٍ بِهَا) بِالذَّاتِ (وَلِذَا) أَيْ وَلِكَوْنِهَا لِلزَّجْرِ وَالسِّتْرِ وَالْإِغْنَاءِ غَيْرِ مَقْصُودٍ بِهَا (تَأَدَّتْ بِالْعِتْقِ وَالصَّوْمِ) لِوُجُودِ الزَّجْرِ وَالسَّتْرِ وَانْتِفَاءِ الْغِنَى فِيهِمَا
[مَسْأَلَةٌ حُصُولُ الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ لِشَيْءٍ لَيْسَ شَرْطًا لِلتَّكْلِيفِ]
(مَسْأَلَةٌ قِيلَ) وَالْقَائِلُ غَيْرُ وَاحِدٍ كَالْآمِدِي وَابْنِ الْحَاجِبِ (حُصُولُ الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ) لِشَيْءٍ (لَيْسَ شَرْطًا لِلتَّكْلِيفِ) أَيْ لِصِحَّتِهِ بِذَلِكَ الشَّيْءِ (خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَفَرْضِ الْكَلَامِ فِي بَعْضِ جُزْئِيَّاتِ مَحَلِّ النِّزَاعِ وَهُوَ) أَيْ الْبَعْضُ (تَكْلِيفُ الْكُفَّارِ بِالْفُرُوعِ) كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ قَالَ الْمُصَنِّفُ: (وَلَا يَحْسُنُ بِعَاقِلٍ) مُخَالَفَةُ هَذَا الْأَصْلِ الْكُلِّيِّ عَلَى صِرَافَتِهِ مُطْلَقًا كَمَا سَيَظْهَرُ فَلَا يَحْسُنُ نِسْبَتُهَا إلَى هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ الْمُحَقِّقِينَ وَالْجُلَّةِ الْمُدَقِّقِينَ عَلَى أَنَّ كُتُبَهُمْ الشَّهِيرَةَ لَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ وَعُزِيَ أَيْضًا إلَى أَبِي حَامِدِ الْإسْفَرايِينِيّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَابْنِ خُوَيْزَ مَنْدَادٍ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ
وَعَبْدِ الْجَبَّارِ وَأَبِي هَاشِمٍ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ ذَلِكَ وَقَيَّدَ الشَّرْطَ بِالشَّرْعِيِّ لِأَنَّ حُصُولَ الشَّرْطِ الْعَقْلِيِّ لِلْفِعْلِ شَرْطٌ لِلتَّكْلِيفِ بِهِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ تَحْصِيلُهُ لِلْمُكَلَّفِ حَتَّى يَنْتَفِيَ التَّكْلِيفُ بِانْتِفَائِهِ وَلَيْسَ شَرْطًا فِيهِ إنْ أَمْكَنَهُ تَحْصِيلُهُ وَأَمَّا اللُّغَوِيُّ فَاسْتِعْمَالُهُ غَالِبًا فِي السَّبَبِ (بَلْ هِيَ) أَيْ مَسْأَلَةُ تَكْلِيفِ الْكُفَّارِ بِالْفُرُوعِ (تَمَامُ مَحَلِّهِ) أَيْ النِّزَاعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْبَيْضَاوِيِّ (وَالْخِلَافُ) بَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ (فِيهَا غَيْرُ مَبْنِيٍّ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ أَنَّ حُصُولَ الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ لَيْسَ شَرْطًا لِلتَّكْلِيفِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ (الْمُسْتَلْزِمِ عَدَمَ جَوَازِ التَّكْلِيفِ بِالصَّلَاةِ حَالَ الْحَدَثِ بَلْ) الْخِلَافُ فِيهَا (ابْتِدَاءٌ فِي جَوَازِ التَّكْلِيفِ بِمَا شَرَطَ فِي صِحَّتِهِ الْإِيمَانَ حَالَ عَدَمِهِ) أَيْ الْإِيمَانِ
(فَمَشَايِخُ سَمَرْقَنْدَ) مِنْهُمْ الْأَئِمَّةُ أَبُو زَيْدٍ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ غَيْرُ مُكَلَّفِينَ بِمَا الْإِيمَانُ شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ (لِخُصُوصِيَّةٍ فِيهِ) أَيْ الْإِيمَانِ (لَا لِجِهَةِ عُمُومِهِ) أَيْ الْإِيمَانِ (وَهُوَ) أَيْ عُمُومُهُ (كَوْنُهُ شَرْطًا وَهِيَ) أَيْ الْخُصُوصِيَّةُ فِيهِ (أَنَّهُ أَعْظَمُ الْعِبَادَاتِ) وَكَيْفَ لَا وَهُوَ رَأْسُ الطَّاعَاتِ وَأَسَاسُ الْقُرُبَاتِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ (فَلَا يُجْعَلُ شَرْطًا تَابِعًا فِي التَّكْلِيفِ) لِمَا هُوَ دُونَهُ لِأَنَّ فِيهِ قَلْبَ الْأُصُولِ وَنَقْضَ الْمَعْقُولِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ثُبُوتَ وُجُوبِ الْإِيمَانِ بِالْأَوَامِرِ الْمُسْتَقِلَّةِ الْوَارِدَةِ فِيهِ لَا أَنَّهُ يَثْبُتُ فِي ضِمْنِ الْفُرُوعِ فَيَكُونُ ثُبُوتُ وُجُوبِهِ بِالْعِبَارَةِ لَا بِالِاقْتِضَاءِ وَتَعَقَّبَ بِأَنَّ ثُبُوتَهُ بِالْعِبَارَةِ لَا يَنْفِي ثُبُوتَهُ بِالِاقْتِضَاءِ أَيْضًا وَأَنَّ الْحَقَّ أَنْ يُقَالَ يَثْبُتُ الْوُجُوبُ بِهِمَا وَلَا فَسَادَ نَعَمْ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْعِبَارَةُ لَزِمَ الْمَحْذُورُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ (وَمَنْ سِوَاهُمْ) أَيْ مَشَايِخَ سَمَرْقَنْدَ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ (مُتَّفِقُونَ عَلَى تَكْلِيفِهِمْ) أَيْ الْكُفَّارِ (بِهَا) أَيْ الْفُرُوعِ (وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ) أَيْ التَّكْلِيفَ (فِي حَقِّ الْأَدَاءِ كَالِاعْتِقَادِ أَوْ) فِي حَقِّ (الِاعْتِقَادِ) فَقَطْ (فَالْعِرَاقِيُّونَ) الْكُفَّارُ مُخَاطَبُونَ (بِالْأَوَّلِ) أَيْ الْأَدَاءِ وَالِاعْتِقَادِ (كَالشَّافِعِيَّةِ فَيُعَاقَبُونَ عَلَى تَرْكِهِمَا وَالْبُخَارِيُّونَ) مُخَاطَبُونَ (بِالثَّانِي) أَيْ بِالِاعْتِقَادِ (فَعَلَيْهِ) أَيْ تَرْكِهِ (فَقَطْ يُعَاقَبُونَ وَلَيْسَ) جَوَابُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (مَحْفُوظًا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ) نَصًّا (بَلْ أَخَذَهَا) أَيْ هَذِهِ الْمَقَالَةَ وَهِيَ أَنَّ الْكُفَّارَ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ بِالْعِبَادَاتِ فِي حَقِّ الْأَدَاءِ (هَؤُلَاءِ) أَيْ الْبُخَارِيُّونَ (مِنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ) فِي الْمَبْسُوطِ (فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ فَارْتَدَّ) ثُمَّ أَسْلَمَ (لَمْ يَلْزَمْهُ) مِنْ الْمَنْذُورِ شَيْءٌ لِأَنَّ الرِّدَّةَ تُبْطِلُ كُلَّ عِبَادَةٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهَذَا التَّعْلِيلَ الْعِبَادَةَ الْمُؤَدَّاةَ وَهُوَ مَا أَدَّى الْمَنْذُورَ بَعْدُ (فَعُلِمَ أَنَّ الْكُفْرَ يُبْطِلُ وُجُوبَ أَدَاءِ الْعِبَادَاتِ بِخِلَافِ الِاسْتِدْلَالِ بِسُقُوطِ الصَّلَاةِ أَيَّامَ الرِّدَّةِ) عَلَى هَذَا فَإِنَّهُ غَيْرُ مُوجِبٍ لَهُ (لِجَوَازِ سُقُوطِهِ) أَيْ وُجُوبِ الْقَضَاءِ (بِالْإِسْلَامِ كَالْإِسْلَامِ بَعْدَ) الْكُفْرِ (الْأَصْلِيِّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] وَالسُّقُوطُ بِإِسْقَاطِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ لَا يَكُونُ دَلِيلُ انْتِفَاءِ أَصْلِ الْوُجُوبِ
(وَلَوْ قِيلَ الرِّدَّةُ تُبْطِلُ الْقُرَبَ) لِأَنَّهَا حَسَنَاتٌ وَالرِّدَّةُ تُحْبِطُهَا (وَالْتِزَامُ الْقُرْبَةِ فِي الذِّمَّةِ قُرْبَةٌ فَيَبْطُلُ) النَّذْرُ (لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ) أَيْ أَخْذَ الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ مِنْ مَسْأَلَةِ النَّذْرِ قَالَ الشَّيْخُ سِرَاجُ الدِّينِ الْهِنْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَقَدْ ظَفِرْت بِمَسَائِلَ عَنْ أَصْحَابِنَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُمْ ذَلِكَ وَهِيَ: كَافِرٌ دَخَلَ مَكَّةَ ثُمَّ أَسْلَمَ وَأَحْرَمَ لَا يَلْزَمُهُ دَمٌ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَهَا مُحْرِمًا وَلَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ مُسْلِمٌ لَا يَلْزَمُهُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَنْهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ وَاجِبَةً عَلَيْهِ وَلَوْ حَلَفَ ثُمَّ أَسْلَمَ وَحَنِثَ فِيهِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَالْكِتَابِيَّةُ الْمُطَلَّقَةُ الرَّجْعِيَّةُ تَنْقَطِعُ رَجْعَتَهَا بِانْقِطَاعِ دَمِ حَيْضَتِهَا الثَّالِثَةِ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَيْهَا وَلُزُومِ الْأَحْكَامِ بِخِلَافِ الْمُسْلِمَةِ فَإِنَّهَا لَا تَنْقَطِعُ رَجْعَتَهَا حَتَّى يَعْتَضِدَ الِانْقِطَاعُ بِالِاغْتِسَالِ أَوْ لُزُومِ حُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ الطَّاهِرَاتِ بِمُضِيِّ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَقِيلَ: الْخِلَافُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّافِعِيِّ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ دِيَانَةَ الْكَافِرِ وَاعْتِقَادَهُ دَافِعَةٌ لِلتَّعَرُّضِ دُونَ خِطَابِ الشَّرْعِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَدَافِعَةٌ لِلتَّعَرُّضِ وَالْخِطَابِ فِي الْأَحْكَامِ الَّتِي تَحْتَمِلُ التَّغْيِيرَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِي الْمَحْصُولِ وَغَيْرِهِ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ بِتَنَاوُلِهِمْ النَّوَاهِيَ لِصِحَّةِ انْتِهَائِهِمْ عَنْ الْمَنْهِيَّاتِ دُونَ الْأَوَامِرِ لِعَدَمِ صِحَّةِ إقْدَامِهِمْ عَلَى الْمَأْمُورَاتِ (وَظَاهِرُ) قَوْله تَعَالَى {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ} [فصلت: 6]{الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} [فصلت: 7] وقَوْله تَعَالَى