الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَيَنْخَدِشُ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ ذَهَبَ إلَى مَا قَالَهُ بَعْدَ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى تَقْدِيمِ الْجَرْحِ عَلَى التَّعْدِيلِ إذَا تَسَاوَى عَدَدَاهُمَا وَيُجَابُ بِأَنَّ الْأَمْرَ عَلَى هَذَا لَكِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ قَائِلٌ بِطَلَبِ التَّرْجِيحِ إذَا كَانَ الْجَارِحُ أَقَلَّ
(وَأَمَّا وَضْعُ شَارِحِهِ) أَيْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ الْقَاضِي عَضُدُ الدِّينِ (مَكَانٌ) وَقِيلَ (التَّرْجِيحُ التَّعْدِيلُ) أَيْ قَوْلُهُ وَقِيلَ بَلْ التَّعْدِيلُ مُقَدَّمٌ (فَلَا يُعْرَفُ قَائِلٌ بِتَقْدِيمِ التَّعْدِيلِ مُطْلَقًا) وَأَوَّلَهُ الْأَبْهَرِيُّ بِمَا لَا طَائِلَ تَحْتَهُ وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بَلْ التَّجْرِيحُ مُقَدَّمٌ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ الشَّارِحِينَ وَالْمُصَنِّفِ أَيْضًا قُلْت وَهَذَا أَعْجَبُ فَإِنَّهُ عَيْنُ الْأَوَّلِ وَلَعَلَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّهُ التَّرْجِيحُ (وَالْخِلَافُ عِنْدَ إطْلَاقِهِمَا) أَيْ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ بِلَا تَعْيِينِ سَبَبٍ (أَوْ تَعْيِينِ الْجَارِحِ سَبَبًا لَمْ يَنْفِهِ الْمُعَدِّلُ أَوْ نَفَاهُ) الْمُعَدِّلُ (بِطَرِيقٍ غَيْرِ يَقِينِيٍّ لَنَا فِي تَقْدِيمِ الْجَرْحِ عَدَمُ الْإِهْدَارِ) لِكُلٍّ مِنْ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ بَلْ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (فَكَانَ) تَقْدِيمُهُ (أَوْلَى أَمَّا الْجَارِحُ فَظَاهِرٌ) لِأَنَّا قَدَّمْنَاهُ (وَأَمَّا قَوْلُ الْمُعَدِّلِ فَلِأَنَّهُ ظَنَّ الْعَدَالَةَ لِمَا قَدَّمْنَاهُ) مِنْ أَنَّ الْتِزَامَ الْإِسْلَامِ ظَاهِرٌ فِي اجْتِنَابِ مَحْظُورَاتِ دِينِهِ (وَلِمَا يَأْتِي) مِنْ أَنَّ الْعَدَالَةَ يُتَصَنَّعُ فِي إظْهَارِهَا فَتُظَنُّ وَلَيْسَتْ بِثَابِتَةٍ (وَرُدَّ تَرْجِيحُ الْعَدَالَةِ بِالْكَثْرَةِ) لِلْمُعَدِّلِينَ (بِأَنَّهُمْ وَإِنْ كَثُرُوا لَيْسُوا مُخْبِرِينَ بِعَدَمِ مَا أَخْبَرَ بِهِ الْجَارِحُونَ) وَلَوْ أَخْبَرُوا بِهِ لَكَانَتْ شَهَادَةً بَاطِلَةً عَلَى نَفْيٍ ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَمَعْنَى هَذَا أَنَّهُمْ) أَيْ الْمُعَدِّلِينَ وَالْجَارِحِينَ (لَمْ يَتَوَارَدُوا فِي التَّحْقِيقِ) عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ خَبَرَيْهِمَا (فَأَمَّا إذَا عَيَّنَ) الْجَارِحُ (سَبَبَ الْجَرْحِ) بِأَنْ قَالَ قُتِلَ فُلَانٌ يَوْمَ كَذَا (وَنَفَاهُ الْمُعَدِّلُ يَقِينًا) بِأَنْ قَالَ رَأَيْته حَيًّا بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ (فَالتَّعْدِيلُ) أَيْ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْجَرْحِ (اتِّفَاقٌ وَكَذَا) يُقَدَّمُ التَّعْدِيلُ عَلَى الْجَرْحِ (لَوْ قَالَ) الْمُعَدِّلُ (عَلِمْتُ مَا جَرَحَهُ) أَيْ الْجَارِحُ لِلشَّاهِدِ أَوْ الرَّاوِي (بِهِ) مِنْ الْقَوَادِحِ (وَأَنَّهُ) أَيْ الْمَجْرُوحَ (تَابَ عَنْهُ) أَيْ عَمَّا جَرَحَ بِهِ هَذَا وَفِي حِكَايَةِ الِاتِّفَاقِ عَلَى تَقْدِيمِ التَّعْدِيلِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ أَوْ الْأُولَى نَظَرٌ فَإِنَّ الَّذِي فِي الصُّورَةِ الْأُولَى فِي أُصُولِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَشُرُوحِهِ وَكَانَتْ النُّسْخَةُ عَلَيْهِ أَوَّلًا أَيْضًا فَالتَّرْجِيحُ
وَقَالُوا لِعَدَمِ إمْكَانِ الْجَمْعِ وَفِي شَرْحِ السُّبْكِيّ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا مِنْ مَوَاقِعِ الْخِلَافِ انْتَهَى نَعَمْ رُجْحَانُ التَّعْدِيلِ فِي الصُّورَتَيْنِ مُتَّجَهٌ كَمَا هُوَ غَيْرُ خَافٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ
[مَسْأَلَةٌ لَا يَقْبَلُ الْجَرْحَ إلَّا مُبَيَّنًا سَبَبُهُ]
(مَسْأَلَةٌ. أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ وَمِنْهُمْ الْحَنَفِيَّةُ وَ) أَكْثَرُ (الْمُحَدِّثِينَ) وَمِنْهُمْ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ (لَا يَقْبَلُ الْجَرْحَ إلَّا مُبَيَّنًا) سَبَبُهُ كَأَنْ يَقُولَ الْجَارِحُ فُلَانٌ شَارِبُ خَمْرٍ أَوْ آكِلُ رِبًا (لَا التَّعْدِيلَ وَقِيلَ بِقَلْبِهِ) أَيْ لَا يَقْبَلُ التَّعْدِيلَ إلَّا مُبَيَّنًا سَبَبُهُ كَأَنْ يَقُولَ الْمُعَدِّلُ فُلَانٌ مُجْتَنِبٌ لِلْكَبَائِرِ وَالْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغَائِرِ وَخَوَارِمِ الْمُرُوءَةِ وَيَقْبَلُ الْجَرْحَ بِلَا ذِكْرِ سَبَبِهِ (وَقِيلَ) يَكْفِي الْإِطْلَاقُ (فِيهِمَا) أَيْ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ (وَقِيلَ لَا) يَكْفِي الْإِطْلَاقُ وَقَالَ (الْقَاضِي) أَبُو بَكْرٍ قَالَ (الْجُمْهُورُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إذَا جَرَحَ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْجَرْحَ يَجِبُ الْكَشْفُ) عَنْ ذَلِكَ (وَلَمْ يُوجِبُوهُ) أَيْ الْكَشْفَ (عَلَى عُلَمَاءِ الشَّأْنِ قَالَ وَيَقْوَى عِنْدَنَا تَرْكُهُ) أَيْ الْكَشْفِ عَنْ ذَلِكَ (إذَا كَانَ الْجَارِحُ عَالِمًا كَمَا لَا يَجِبُ اسْتِفْسَارُ الْمُعَدِّلِ) عَمَّا بِهِ صَارَ عِنْدَهُ الْمُزَكَّى عَدْلًا (وَهَذَا مَا يُخَالِفُ مَا عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ إنْ كَانَ) كُلٌّ مِنْ الْمُعَدِّلِ وَالْجَارِحِ (عَالِمًا كَفَى) الْإِطْلَاقُ (فِيهِمَا) أَيْ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ (وَإِلَّا) لَوْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا (لَا) يَكْفِي الْإِطْلَاقُ فِيهِمَا كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ وَاخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ وَالرَّازِيُّ وَالْخَطِيبُ (فِي الِاكْتِفَاءِ فِي التَّعْدِيلِ بِالْإِطْلَاقِ) عَنْ شَرْطِ الْعِلْمِ بِهِ فَإِنَّهُ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي يُكْتَفَى فِيهِ بِالْإِطْلَاقِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ كَوْنِ الْمُعَدِّلِ عَالِمًا وَعَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لَا يُكْتَفَى فِيهِ بِالْإِطْلَاقِ إلَّا إذَا كَانَ الْمُعَدِّلُ عَالِمًا (أَوْ) هَذَا (مِثْلُهُ) أَيْ مَا عَنْ الْإِمَامِ مِنْ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ بِنَاءً عَلَى إرَادَةِ تَقْيِيدِ الْمُعَدِّلِ بِالْعِلْمِ
(فَمَا نُسِبَ إلَى الْقَاضِي مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْإِطْلَاقِ) فِي الْجَرْحِ كَمَا وَقَعَ لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ فِي الْمَنْخُولِ (غَيْرُ ثَابِتٍ) عَنْ الْقَاضِي بَلْ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ وَهْمٌ مِنْهُمَا وَالْمَعْرُوفُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ ذِكْرُ سَبَبِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْجَارِحِ وَالْمُعَدِّلِ بَصِيرًا كَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى وَحَكَاهُ عَنْهُ الرَّازِيّ وَالْآمِدِيُّ وَرَوَاهُ الْخَطِيبُ (وَيَبْعُدُ مِنْ عَالِمِ الْقَوْلِ بِسُقُوطِ رِوَايَةٍ أَوْ ثُبُوتِهَا بِقَوْلِ مَنْ لَا خِبْرَةَ عِنْدَهُ بِالْقَادِحِ وَغَيْرِهِ) بَلْ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ لَا يَذْهَبُ مُحَصِّلٌ إلَى قَبُولِ ذَلِكَ مُطْلَقًا مِنْ رَجُلٍ غُمْرٍ جَاهِلٍ لَا يَعْرِفُ مَا يَجْرَحُ بِهِ وَلَا مَا يُعَدِّلُ بِهِ وَقَدْ
أَشَارَ إلَى هَذَا الْقَاضِي (وَمَا أَوْرَدُوهُ مِنْ دَلِيلِهِ) أَيْ الْقَاضِي (إنْ شَهِدَ) الْجَارِحُ (مِنْ غَيْرِ بَصِيرَةٍ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا) لِإِطْلَاقِ الْكَلَامِ حِينَئِذٍ بِمُجَرَّدِ التَّشَهِّي.
(وَالْكَلَامُ فِيهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ فِي الْعَدْلِ (فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ) الْجَارِحُ (إلَّا ذَا بَصِيرَةٍ فَإِنْ سَكَتَ) الْجَارِحُ عَنْ الْبَيَانِ (فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ) أَيْ الْمَوْضِعِ الْمُخْتَلَفِ فِي أَنَّهُ هُوَ سَبَبُ الْجَرْحِ (فَمُدَلِّسٌ) وَهُوَ قَادِحٌ فِي عَدَالَتِهِ وَغَيْرُ خَافٍ أَنَّ مَا أَوْرَدُوهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ (يُفِيدُ أَنْ لَا بُدَّ مِنْ بَصِيرَةٍ عِنْدَهُ) أَيْ الْقَاضِي (بِالْقَادِحِ وَغَيْرِهِ بِالْخِلَافِ فِيمَا فِيهِ) الْخِلَافُ مِنْ أَسْبَابِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ (وَكَذَا مَا أَجَابُوا بِهِ) أَيْ الْقَاضِي (مِنْ أَنَّهُ) أَيْ الْجَارِحَ (قَدْ يَبْنِي عَلَى اعْتِقَادِهِ) فِيمَا يَرَاهُ جَرْحًا حَقًّا (أَوْ لَا يَعْرِفُ الْخِلَافَ) فَلَا يَكُونُ مُدَلِّسًا (فَرْعٌ أَنَّ لَهُ) أَيْ لِلْجَارِحِ (عِلْمًا غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ لَا يَعْرِفُ الْخِلَافَ فَيَجْرَحَهُ أَوْ يُعَدِّلَهُ بِمَا يَعْتَقِدُهُ وَهُوَ مُخْطِئٌ فِيهِ لَكِنْ دُفِعَ بِأَنَّ كَوْنَهُ لَا يَعْرِفُ الْخِلَافَ خِلَافُ مُقْتَضَى بَصَرِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا وُجُودَ لِذَلِكَ الْقَوْلِ) أَيْ سُقُوطِ رِوَايَةٍ أَوْ ثُبُوتِهَا بِقَوْلِ مَنْ لَا خِبْرَةَ عِنْدَهُ بِالْقَادِحِ وَغَيْرِهِ (فَيَجِبُ كَوْنُ الْأَقْوَالِ عَلَى تَقْدِيرِ الْعِلْمِ) لِلْمُعَدِّلِ وَالْجَارِحِ فَيَكُونُ (أَرْبَعَةً فَقَائِلٌ) يَقُولُ (لَا يَكْفِي) الْإِطْلَاقُ مِنْ الْعَالِمِ (فِيهِمَا) أَيْ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ (لِلِاخْتِلَافِ) بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي سَبَبِهِمَا.
(فَفِي التَّعْدِيلِ جَوَابُ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ فِي تَعْدِيلِ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ) إنَّمَا يُضَعِّفُهُ رَافِضِيٌّ مُبْغِضٌ لِآبَائِهِ لَوْ رَأَيْت لِحْيَتَهُ وَخِضَابَهُ وَهَيْئَتَهُ لَعَرَفْت أَنَّهُ ثِقَةٌ فَاسْتَدَلَّ عَلَى ثِقَتِهِ بِمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ لِأَنَّ حُسْنَ الْهَيْئَةِ يَشْتَرِكُ فِيهَا الْمُعَدِّلُ وَالْمَجْرُوحُ (وَفِي الْجَرْحِ) الِاخْتِلَافُ فِي سَبَبِهِ (كَثِيرٌ كَشُعْبَةَ) أَيْ كَجَرْحِهِ (بِالرَّكْضِ) كَمَا تَقَدَّمَ (وَغَيْرِهِ) أَيْ وَبِسَمَاعِ الصَّوْتِ مِنْ مَنْزِلِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو لِلْمِنْهَالِ وَخُصُوصًا إنْ كَانَ قِرَاءَةً بِأَلْحَانٍ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ فَلَوْ أَثْبَتَ بِالْإِطْلَاقِ لَكَانَ مَعَ الشَّكِّ بِهِ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ (وَالْجَوَابُ) عَنْ هَذَا (بِأَنْ لَا شَكَّ) فِي ثُبُوتِهِ بِهِ (مَعَ إخْبَارِ الْعَدْلِ) لِأَنَّ قَوْلَهُ يُوجِبُ الظَّنَّ وَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْرِفْ لَمْ يَقُلْ (مَدْفُوعٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ) بِالشَّكِّ (الشَّكُّ الْآتِي مِنْ احْتِمَالِ الْغَلَطِ فِي الْعَدَالَةِ لِلتَّصَنُّعِ) فِي إظْهَارِهَا بِالتَّكَلُّفِ فِي الِاتِّصَافِ بِالْفَضَائِلِ وَالْكَمَالَاتِ فَيَتَسَارَعُ النَّاسُ إلَيْهَا بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ وَهَذَا هُوَ الْمَوْعُودُ بِهِ فِي الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ بِقَوْلِهِ وَلِمَا يَأْتِي (وَاعْتِقَادُ مَا لَيْسَ قَادِحًا قَادِحًا فِي الْجَرْحِ، وَالْعَدَالَةُ لَا تَنْفِيهِ) أَيْ الْغَلَطَ الْمَذْكُورَ
(وَالْجَوَابُ أَنَّ قُصَارَى) أَيْ غَايَةَ (الْعَدْلِ الْبَاطِنِ الظَّنُّ الْقَوِيُّ بِعَدَمِ مُبَاشَرَةِ الْمَمْنُوعِ) شَرْعًا (لِتَعَذُّرِ الْعِلْمِ) بِعَدَمِ الْمُبَاشَرَةِ الْمَذْكُورَةِ (وَالْجَهْلُ بِمَفْهُومِ الْعَدَالَةِ مُمْتَنِعٌ عَادَةً مِنْ أَهْلِ الْفَنِّ وَلَا بُدَّ فِي إخْبَارِهِ) أَيْ الْمُعَدِّلِ (مِنْ تَطْبِيقِهِ) أَيْ مَفْهُومِ الْعَدَالَةِ (عَلَى حَالِ مَنْ عَدَّلَهُ فَأَغْنَى) مَجْمُوعُ هَذَا (عَنْ الِاسْتِفْسَارِ) مِنْهُ عَنْ سَبَبِهَا (وَيُقْطَعُ بِأَنَّ جَوَابَ أَحْمَدَ) بْنِ يُونُسَ الْمَذْكُورَ (اسْتِرْوَاحٌ لَا تَحْقِيقٌ إذْ لَا نَشُكُّ أَنَّهُ لَوْ قِيلَ لَهُ أَلِحُسْنِ اللِّحْيَةِ وَخِضَابِهَا دَخْلٌ فِي الْعَدَالَةِ؟ نَفَاهُ) أَيْ أَنْ يَكُونَ لَهَا دَخْلٌ فِي مَفْهُومِهَا (وَقَائِلٌ) يَقُولُ (يَكْفِي) الْإِطْلَاقُ (فِيهِمَا) أَيْ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ (مِنْ الْعَالِمِ لَا مِنْ غَيْرِهِ) وَقَيَّدَ بِهِ لِيَتَبَيَّنَ دُخُولُ قَوْلِ الْإِمَامِ فِي هَذَا الْقِسْمِ حَيْثُ قَالَ (وَهُوَ مُخْتَارُ الْإِمَامِ تَنْزِيلًا لِعِلْمِهِ مَنْزِلَةَ بَيَانِهِ) وَإِلَّا فَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي كُلِّ الْأَقْوَالِ (وَجَوَابُهُ فِي الْجَرْحِ مَا تَقَدَّمَ) مِنْ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي أَسْبَابِ الْجَرْحِ كَثِيرٌ بِخِلَافِ الْعَدَالَةِ (وَقَائِلٌ) يَقُولُ يَكْفِي الْإِطْلَاقُ (فِي الْعَدَالَةِ فَقَطْ لِلْعِلْمِ بِمَفْهُومِهَا اتِّفَاقًا فَسُكُوتُهُ كَبَيَانِهِ بِخِلَافِ الْجَرْحِ) فَإِنَّ أَسْبَابَهُ كَثِيرَةٌ وَبَعْضُهَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ (وَهُوَ) أَيْ هَذَا الْقَوْلُ (مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقَائِلٌ) يَقُولُ (قَلْبُهُ) أَيْ يَكْفِي الْإِطْلَاقُ فِي الْجَرْحِ لَا فِي الْعَدَالَةِ (لِلتَّصَنُّعِ فِي الْعَدَالَةِ وَالْجَرْحِ يَظْهَرُ وَتَقَدَّمَ) جَوَابُهُ مَرَّتَيْنِ (وَيُعْتَرَضُ عَلَى الْأَكْثَرِ بِأَنَّ عَمَلَ الْكُلِّ) مِنْ أَهْلِ الشَّأْنِ (فِي الْكُتُبِ عَلَى إبْهَامِ) سَبَبِ (التَّضْعِيفِ إلَّا قَلِيلًا فَكَانَ) الِاكْتِفَاءُ بِإِطْلَاقِ الْجَرْحِ (إجْمَاعًا وَالْجَوَابُ) مِنْ ابْنِ الصَّلَاحِ عَنْ هَذَا (بِأَنَّهُ) أَيْ عَمَلَهُمْ الْمَذْكُورَ (أَوْجَبَ التَّوَقُّفَ عَنْ قَبُولِهِ) أَيْ الرَّاوِي الْمُضَعَّفِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُوقِعُ فِيهِ رِيبَةً يُوجِبُ مِثْلَهَا التَّوَقُّفُ ثُمَّ مَنْ انْزَاحَتْ عَنْهُ الرِّيبَةُ مِنْهُمْ بِبَحْثٍ عَنْ حَالِهِ أَوْجَبَ الثِّقَةَ بِعَدَالَتِهِ قَبِلْنَا حَدِيثَهُ وَلَمْ نَتَوَقَّفْ كَمَنْ احْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا مِمَّنْ مَسَّهُمْ مِثْلُ هَذَا الْجَرْحِ مِنْ غَيْرِهِمْ (يُوجِبُ قَبُولَ)