الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَمْرٍو) أَيْ بِأَدَائِهِ عَنْهُ اتِّفَاقًا لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهِ وَقَيَّدْنَا بِالضَّمَانِ؛ لِأَنَّ فِيهِ أَدَاءَ مَا يَجِبُ فِي ذِمَّةِ الْمُؤَدِّي وَإِسْقَاطَ مَا فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ كَمَا فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ بِخِلَافِ أَدَاءِ عَمْرٍو وَمَا فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ غَيْرُ ضَامِنٍ لَهُ فَإِنَّ الْخَصْمَ بِمَا قَالَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ أَدَاؤُهُ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ لَمْ يَبْعُدْ أَنْ يَكُونَ الْإِتْيَانُ بِهِ لِإِسْقَاطِ مَا يَجِبُ عَلَى الْغَيْرِ (قَالُوا) ثَانِيًا (أَمْرُ وَاحِدٍ مُبْهَمٍ كَوَاحِدٍ مُبْهَمٍ) فَكَمَا جَازَ الثَّانِي أَعْنِي الْمُكَلَّفَ بِهِ الْمُبْهَمَ مِنْ أُمُورٍ مُعَيَّنَةٍ بِإِلْغَاءِ الْإِبْهَامِ فِيهِ جَازَ الْأَوَّلُ أَعْنِي الْمُكَلَّفَ الْمُبْهَمَ بِإِلْغَاءِ الْإِبْهَامِ فِيهِ (أُجِيبُ بِالْفَرْقِ بِأَنَّ إثْمَ) مُكَلَّفٍ (مُبْهَمٍ غَيْرُ مَعْقُولٍ) بِخِلَافِ تَأْثِيمِ الْمُكَلَّفِ بِتَرْكِ أَحَدِ أُمُورٍ مُعَيَّنَةٍ مُبْهَمًا فَإِنَّهُ مَعْقُولٌ فَالْإِبْهَامُ فِي الْمَأْمُورِ مَانِعٌ، وَفِي الْمَأْمُورِ بِهِ غَيْرُ مَانِعٍ.
(قِيلَ) أَيْ قَالَ الشَّيْخُ سَعْدُ الدِّينِ التَّفْتَازَانِيُّ وَهَذَا إنَّمَا يَصِحُّ لَوْ لَمْ يَكُنْ (مَذْهَبُهُمْ) أَيْ الْقَائِلِينَ بِالْوُجُوبِ عَلَى الْبَعْضِ (إثْمَ الْكُلِّ) بِسَبَبِ تَرْكِ الْبَعْضِ (لَكِنَّ قَوْلَ قَائِلِهِ) أَيْ الْوُجُوبَ عَلَى الْبَعْضِ (إنَّهُ) أَيْ الْوُجُوبَ (يَتَعَلَّقُ بِمَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ) أَيْ الْوَاجِبَ (لَنْ يَفْعَلَهُ غَيْرُهُ فَإِنْ ظَنَّهُ) أَيْ عَدَمَ الْفِعْلِ (الْكُلُّ عَمَّهُمْ) الْوُجُوبُ (وَإِنْ خَصَّ) ظَنَّ عَدَمَ الْفِعْلِ الْبَعْضُ (خَصَّهُ) أَيْ ذَلِكَ الْبَعْضَ الظَّانَّ (الْإِثْمُ) عَلَى تَقْدِيرِ التَّرْكِ وَحِينَئِذٍ (فَالْمَعْنَى) الْمُكَلَّفُ بِالْوُجُوبِ بَعْضٌ (غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَقْتَ الْخِطَابِ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُكَلَّفَ (لَا يَتَعَيَّنُ) لِلْوُجُوبِ عَلَيْهِ (إلَّا بِذَلِكَ الظَّنِّ) وَهُوَ ظَنُّ أَنْ لَنْ يَفْعَلَهُ غَيْرُهُ (وَلَوْ لَمْ يَظُنَّ) هَذَا الظَّنَّ أَحَدٌ (لَا يَأْثَمْ أَحَدٌ وَيُشْكِلُ) هَذَا حِينَئِذٍ (بِبُطْلَانِ مَعْنَى الْوُجُوبِ) فَإِنْ لَازَمَهُ الْإِثْمُ عَلَى تَقْدِيرِ التَّرْكِ فَإِذَا انْتَفَى انْتَفَى الْمَلْزُومُ الَّذِي هُوَ الْوُجُوبُ.
(وَقَدْ يُقَالُ) فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذَا (إنَّمَا يَبْطُلُ) الْوُجُوبُ (لَوْ كُلِّفَ) الْمُكَلَّفُ بِالْوَاجِبِ الْمَذْكُورِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَفْعَلَ غَيْرُهُ أَوْ لَا (أَمَّا) لَوْ كُلِّفَ (الظَّانُّ) أَنْ لَنْ يَفْعَلَ غَيْرُهُ فَقَطْ (فَلَا) يَبْطُلُ مَعْنَى الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَكْلِيفَ بِهِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الظَّنِّ حِينَئِذٍ نَعَمْ الشَّأْنُ فِي أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ بِوُجُوبِهِ عَلَى الْبَعْضِ قَائِلُونَ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ عَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ مَنْ ظَنَّ أَنَّ غَيْرَهُ لَمْ يَفْعَلْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ وَمَنْ لَا فَلَا (وَالْحَقُّ أَنَّهُ) أَيْ الْقَوْلَ بِوُجُوبِهِ عَلَى الْبَعْضِ (عُدُولٌ عَنْ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ) الدَّالِّ عَلَى وُجُوبِهِ عَلَى الْكُلِّ (كَقَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ وَنَحْوِهِ بِلَا مُلْجِئٍ) لِلْعُدُولِ عَنْهُ (لِمَا حَقَّقْنَاهُ) مِنْ أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى الْكُلِّ (قَالُوا) ثَالِثًا (قَالَ تَعَالَى {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} [التوبة: 122] .
فَصَرَّحَ بِالْوُجُوبِ عَلَى طَائِفَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ مِنْ الْفِرْقَةِ بِوَاسِطَةِ لَوْلَا الدَّاخِلَةِ عَلَى الْمَاضِي الدَّالَّةِ عَلَى التَّنْدِيمِ وَاللَّوْمِ (قُلْنَا) هَذَا مُؤَوَّلٌ (بِالسُّقُوطِ) لِلْوُجُوبِ عَنْ الْجَمِيعِ (بِفِعْلِهَا) أَيْ الطَّائِفَةِ مِنْ الْفِرْقَةِ (جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ) أَيْ هَذَا وَدَلِيلِنَا الدَّالِّ عَلَى الْوُجُوبِ عَلَى الْجَمِيعِ عَلَى وَجْهٍ يَرْتَفِعُ التَّنَافِي الظَّاهِرُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ إلْغَاءِ هَذَا؛ لِأَنَّ دَلِيلَنَا كَمَا أَنَّهُ لَا يُلْغَى لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ (وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا قِيلَ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَاجِبَةٌ) أَيْ فَرْضٌ (عَلَى الْكِفَايَةِ) كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَحَكَوْا الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ (فَقَدْ يَسْتَشْكِلُ بِفِعْلِ الصَّبِيِّ) الْمُمَيِّزِ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (وَالْجَوَابُ) عَنْ هَذَا (بِمَا تَقَدَّمَ) مِنْ أَنَّ الْمَقْصُودَ الْفِعْلُ وَقَدْ وُجِدَ (لَا يَدْفَعُ الْوَارِدَ مِنْ لَفْظِ الْوُجُوبِ) فَإِنَّهُ لَا وُجُوبَ عَلَى الصَّبِيِّ وَلَا يَحْضُرُنِي هَذَا مَنْقُولًا فِيمَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ كُتُب الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا ظَاهِرُ أُصُولِهِ عَدَمُ السُّقُوطِ كَمَا هُوَ غَيْرُ خَافٍ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةُ لَا يَجِبُ شَرْطُ التَّكْلِيفِ]
(مَسْأَلَةُ لَا يَجِبُ شَرْطُ التَّكْلِيفِ اتِّفَاقًا كَتَحْصِيلِ النِّصَابِ) لِلتَّكْلِيفِ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ (وَالزَّادِ) أَيْ وَتَحْصِيلِهِ لِوُجُوبِ الْحَجِّ (وَأَمَّا مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ) الْمَأْمُورُ بِهِ مُطْلَقًا مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ لَهُ (سَبَبًا عَقْلًا كَالنَّظَرِ) الْمُحَصِّلِ (لِلْعِلْمِ) الْوَاجِبِ كَمَا ذَكَرَ الْإِسْنَوِيُّ (وَفِيهِ) أَيْ كَوْنِ النَّظَرِ سَبَبًا عَقْلِيًّا لِلْعِلْمِ (نَظَرٌ) بَلْ هُوَ سَبَبٌ عَادِيٌّ لَهُ فَإِنَّ اسْتِعْقَابَ النَّظَرِ الْعِلْمَ بِخَلْقِهِ تَعَالَى بِطَرِيقِ إجْرَاءِ الْعَادَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْأَشَاعِرَةِ (أَوْ) مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ سَبَبًا لَهُ (شَرْعًا كَالتَّلَفُّظِ) بِمَا يُفِيدُ الْعِتْقَ (لِلْعِتْقِ أَوْ) مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ سَبَبًا لَهُ (عَادَةً كَالْأَوَّلِ) أَيْ النَّظَرِ لِلْعِلْمِ (وَحَزِّ الْعُنُقِ) لِلْقَتْلِ (أَوْ) مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ لَهُ (شَرْطًا عَقْلًا كَتَرْكِ الضِّدِّ) أَيْ جِنْسِهِ لِلْوَاجِبِ (أَوْ) مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ
شَرْطًا لَهُ (عَادَةً كَغَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ) كَغَسْلِ الْوَجْهِ (أَوْ) مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ شَرْطًا لَهُ (شَرْعًا) كَالْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ.
(فَالْحَنَفِيَّةُ وَالْأَكْثَرُ وَاجِبٌ بِهِ) أَيْ بِالْإِيجَابِ لِذَلِكَ الْوَاجِبِ (وَقِيلَ فِي الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ) أَيْ وَاخْتَارَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَصَاحِبُ الْبَدِيعِ أَنَّ الْمَقْدُورَ لِلْمُكَلَّفِ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ شَرْطٌ شَرْعِيٌّ لَهُ يَجِبُ بِوُجُوبِهِ وَإِلَّا فَلَا (وَقِيلَ) مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ لَا يَجِبُ بِوُجُوبِهِ سَوَاءٌ كَانَ مَقْدُورًا لِلْمُكَلَّفِ أَوْ لَا (لَا فِي الشَّرْطِ وَغَيْرِهِ فَيُخْطِئَانِ) أَيْ هَذَانِ الْقَوْلَانِ (لِلِاتِّفَاقِ عَلَى الْأَسْبَابِ) أَيْ عَلَى أَنَّ إيجَابَ الْمُسَبَّبِ إيجَابٌ لِتَحْصِيلِ سَبَبِهِ الْمُسْتَلْزِمِ لَهُ (إلَّا أَنْ يُقَالَ التَّعَلُّقُ) لِلْإِيجَابِ إنَّمَا هُوَ (بِهَا) أَيْ بِالْأَسْبَابِ ابْتِدَاءً (فَالْأَمْرُ بِالْقَتْلِ وَالْعِتْقِ يَتَعَلَّقُ بِالْحَزِّ) لِلْعُنُقِ وَنَحْوِهِ (وَالتَّلَفُّظِ) بِصِيغَةِ الْعِتْقِ (ابْتِدَاءً) لَا بِنَفْيِ الْحَيَاةِ وَلَا بِإِزَالَةِ الرِّقِّ (إذْ لَا تَعَلُّقَ بِغَيْرِ الْمَقْدُورِ) ؛ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ لَا يَكُونُ إلَّا بِمَقْدُورٍ لَنَا وَالْمُسَبَّبَاتُ قَدْ لَا تَكُونُ مَقْدُورَةً لَنَا كَهَذِهِ بِخِلَافِ مُبَاشَرَةِ الْأَسْبَابِ فَإِنَّهَا فِي وُسْعِ الْمُكَلَّفِ فَالْأَمْرُ الْمُتَعَلِّقُ ظَاهِرًا بِالْمُسَبَّبِ مُتَعَلِّقٌ فِي الْحَقِيقَةِ بِالسَّبَبِ وَهُوَ الْوَاجِبُ حَقِيقَةً.
وَإِنْ كَانَ وَسِيلَةً إلَى الْمُسَبَّبِ ظَاهِرًا فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ الْقَوْلَانِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ خَطَأً (وَلَا بُدَّ مِنْ قَيْدٍ بِهِ) فِي قَوْلِهِمْ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ وَاجِبٌ (وَإِلَّا) لَوْ لَمْ يَكُنْ مُرَادًا (لَزِمَ الْكُفْرُ) ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ إطْلَاقِهِ الْوَاجِبَ لِذَاتِهِ وَهُوَ لَيْسَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْإِطْلَاقَ قَطْعًا (لِلْأَكْثَرِ لَوْ لَمْ يَجِبْ) مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ مِنْ الْأَقْسَامِ الْمَاضِيَةِ (بَقِيَ جَوَازُ التَّرْكِ) لِلشَّرْطِ (دَائِمًا وَلَازَمَهُ) أَيْ جَوَازَ التَّرْكِ لَهُ دَائِمًا (جَوَازُ تَرْكِ مَا لَا يَتَأَتَّى) الْوَاجِبُ (بِدُونِهِ وَهُوَ) أَيْ جَوَازُ تَرْكِ مَا لَا يَتَأَتَّى الْوَاجِبُ بِدُونِهِ (مُنَافٍ لِوُجُوبِهِ) أَيْ الْوَاجِبِ (فِي وَقْتٍ) فَإِنَّ جَوَازَ تَرْكِ مَا لَا يَتَأَتَّى هُوَ إلَّا بِهِ يَسْتَلْزِمُ جَوَازَ تَرْكِ الْوَاجِبِ نَفْسَهُ ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ (أَوْ) لَازَمَهُ (جَوَازُ فِعْلِهِ) أَيْ الْوَاجِبِ الَّذِي هُوَ الْمَشْرُوطُ (دُونَهُ) أَيْ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ أَتَى بِجَمِيعِ مَا أَمَرَ بِهِ فَتَجِبُ صِحَّتُهُ (فَمَا فُرِضَ شَرْطًا لَيْسَ شَرْطًا) مَوْقُوفًا عَلَيْهِ حِينَئِذٍ.
وَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ بِالْفَرْضِ (وَلَا يَخْفَى مَنْعُ الْمُلَازَمَةِ) أَيْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ بِإِيجَابِ الْوَاجِبِ جَوَازُ التَّرْكِ لِجَوَازِ وُجُوبِهِ بِغَيْرِهِ (وَإِنَّمَا يَجُوزُ التَّرْكُ لَوْ لَمْ يَجِبْ) مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ (مُطْلَقًا) أَمَّا إذَا كَانَ وَاجِبًا مُطْلَقًا كَمَا نَحْنُ قَائِلُونَ بِهِ فَلَا (وَاسْتِدْلَالُهُمْ) أَيْ الْأَكْثَرِينَ (بِالْإِجْمَاعِ عَلَى) وُجُوبِ (التَّوَصُّلِ) إلَى الْوَاجِبِ وَلَوْ لَمْ يَجِبْ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ لَمَا وَجَبَ التَّوَصُّلُ إلَى الْوَاجِبِ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا الْإِتْيَانُ بِجَمِيعِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ (فِي غَيْرِ) مَحَلِّ (النِّزَاعِ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الِاسْتِدْلَالِ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْمُوَصِّلَ إلَى الْوَاجِبِ وَاجِبٌ (غَيْرُ مُوجِبِ الْأَصْلِ) الَّذِي هُوَ الْوَاجِبُ الْأَصْلِيُّ فَإِنَّ مُوجِبَهُ الْأَمْرُ وَمُوجِبَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ (وَإِذَنْ لَا حَاجَةَ لِلنَّافِي) لِوُجُوبِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ بِإِيجَابِهِ فِي غَيْرِ الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ كَابْنِ الْحَاجِبِ وَصَاحِبِ الْبَدِيعِ (إلَى الْجَوَابِ بِتَخْصِيصِ الدَّعْوَى بِغَيْرِ الْأَسْبَابِ) كَمَا فَعَلَاهُ.
(وَاسْتِدْلَالُهُ) أَيْ النَّافِي (لَوْ وَجَبَ) مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ بِإِيجَابِ الْوَاجِبِ (امْتَنَعَ التَّصْرِيحُ بِنَفْيِ وُجُوبِهِ) أَيْ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ لِمُنَاقَضَتِهِ لَهُ وَالْقَطْعِ بِصِحَّةِ إيجَابِ غَسْلِ الْوَجْهِ وَنَفْيِ إيجَابِ غَسْلِ غَيْرِهِ (إنْ أَرَادَ) بِامْتِنَاعِ التَّصْرِيحِ بِنَفْيِ وُجُوبِهِ (نَفْيَ وُجُوبِهِ بِهِ) أَيْ بِإِيجَابِ الْوَاجِبِ (فَنَفْيُ التَّالِي) الَّذِي هُوَ امْتِنَاعُ التَّصْرِيحِ بِنَفْيِ وُجُوبِهِ (عَيْنُ النِّزَاعِ أَوْ) نَفْيُ وُجُوبِهِ (مُطْلَقًا نَفَيْنَا الْمُلَازَمَةَ) أَيْ مَنَعْنَاهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَكَذَا قَوْلُهُ) أَيْ النَّافِي (وَصَحَّ قَوْلُ الْكَعْبِيِّ فِي نَفْيِ الْمُبَاحِ) ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْوَاجِبِ وَهُوَ تَرْكُ الْحَرَامِ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْمُبَاحِ فَيَجِبُ الْمُبَاحُ وَهُوَ بَاطِلٌ عَلَيْهِ مَنْعُ الْمُلَازَمَةِ وَكَذَا قَوْلُ النَّافِي (وَوَجَبَ نِيَّةُ الْمُقَدِّمَةِ) ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ عِبَادَةٌ شَرْعِيَّةٌ وَاجِبَةٌ فَتَجِبُ بِهِ (وَمَعْنَاهُ) أَيْ وُجُوبِ نِيَّةِ الْمُقَدِّمَةِ أَنَّهَا تَجِبُ فِيهَا (كَمَا لَوْ وَجَبَ) مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ الَّذِي هُوَ الْمُقَدِّمَةُ (بِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْوَاجِبِ فَإِنَّ النِّيَّةَ تَجِبُ فِيهِ لَكِنَّ وُجُوبَهَا فِي الْمُقَدِّمَةِ مَمْنُوعٌ بَلْ يَكْفِي فِي صِحَّةِ الْعَمَلِ نِيَّةُ الْوَاجِبِ دُونَ