المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الباب الثاني من المقالة الثانية في أدلة الأحكام الشرعية] - التقرير والتحبير على كتاب التحرير - جـ ٢

[ابن أمير حاج]

فهرس الكتاب

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الْمُفْرَدِ بِاعْتِبَارِ اسْتِعْمَالِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَسْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَةَ لِأَهْلِ الشَّرْعِ مِنْ نَحْوِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَوْضُوعَ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ لَيْسَ حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وُقُوع الْمَجَازُ فِي اللُّغَةِ وَالْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ كَوْنِ الْمَجَازِ نَقْلِيًّا]

- ‌[مَسْأَلَة كَوْنُ اللَّفْظِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ]

- ‌[مَسْأَلَة يَعُمُّ الْمَجَازُ فِيمَا تَجُوزُ بِهِ فِيهِ]

- ‌[مَسْأَلَة اسْتِعْمَالُ اللَّفْظَ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ]

- ‌[مَسْأَلَة الْمَجَازِ خُلْفٌ عَنْ الْحَقِيقَةِ]

- ‌[مَسْأَلَة خَلْفِيَّةِ الْمَجَازِ عَنْ الْحَقِيقَةِ]

- ‌[مَسْأَلَة يَلْزَمُ الْمَجَازُ لِتَعَذُّرِ الْحَقِيقِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَة الْحَقِيقَةُ الْمُسْتَعْمَلَةُ أَوْلَى مِنْ الْمَجَازِ الْمُتَعَارَفِ]

- ‌[مَسَائِلُ الْحُرُوفِ جَرَى فِيهَا الِاسْتِعَارَةُ تَبَعًا كَالْمُشْتَقِّ فِعْلًا وَوَصْفً]

- ‌[مَسْأَلَة الْوَاوُ إذَا عَطَفْتَ جُمْلَةً تَامَّةً]

- ‌[مَسْأَلَة الْفَاءُ لِلتَّرْتِيبِ بِلَا مُهْلَةٍ]

- ‌[مَسْأَلَة اسْتِعَارَة ثُمَّ لِمَعْنَى الْفَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَة تُسْتَعَارُ ثُمَّ لِمَعْنَى الْوَاوِ]

- ‌[مَسْأَلَة بَلْ قَبْلَ مُفْرَدٍ لِلْإِضْرَابِ]

- ‌[مَسْأَلَة لَكِنْ لِلِاسْتِدْرَاكِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَوْ قَبْلَ مُفْرَدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تُسْتَعَارُ أَوْ لِلْغَايَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَسْأَلَةٌ حَتَّى جَارَّةٌ وَعَاطِفَةٌ]

- ‌[حُرُوفُ الْجَرِّ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْبَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ عَلَى لِلِاسْتِعْلَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ حُرُوف الْجَرّ مِنْ]

- ‌[مَسْأَلَةُ إلَى لِلْغَايَةِ حُرُوف الْجَرّ]

- ‌[مَسْأَلَةُ فِي لِلظَّرْفِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ إذَا لِزَمَانِ مَا أُضِيفَتْ إلَيْهِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ لَوْ لِلتَّعْلِيقِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ كَيْفَ أَصْلُهَا سُؤَالٌ]

- ‌[مَسْأَلَةُ قَبْلُ وَبَعْدُ]

- ‌[مَسْأَلَةُ عِنْدَ لِلْحَضْرَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ غَيْرُ اسْمٌ مُتَوَغِّلٌ فِي الْإِبْهَامِ]

- ‌[الْمَقَالَةُ الثَّانِيَةُ فِي أَحْوَالِ الْمَوْضُوعِ]

- ‌[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْأَحْكَامِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْحُكْمِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَكْثَرُ الْمُتَكَلِّمِينَ لَا تَكْلِيفَ أَمْرًا كَانَ أَوْ نَهْيًا إلَّا بِفِعْلٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقُدْرَةُ شَرْطُ التَّكْلِيفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ بَقَاءُ التَّكْلِيفِ بِالْفِعْلِ أَيْ تَعَلُّقُهُ بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حُصُولُ الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ لِشَيْءٍ لَيْسَ شَرْطًا لِلتَّكْلِيفِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْحَاكِمِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْمَحْكُومِ فِيهِ]

- ‌[مَسْأَلَة الواجب بِالسَّبَبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَثْبُتُ السَّبَبِيَّةُ لِوُجُوبِ الْأَدَاءِ فِي الْوَاجِبِ الْبَدَنِيِّ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَدَاءُ فِعْلُ الْوَاجِبِ فِي وَقْتِهِ الْمُقَيَّدِ بِهِ شَرْعًا]

- ‌[تَذْنِيبٌ لِهَذَا الْبَحْثِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي مَا يَكُونُ الْوَقْتِ فِيهِ سَبَبًا لِلْوُجُوبِ مُسَاوِيًا لِلْوَاجِبِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَقْسَامِ الْوَقْتِ الْمُقَيَّدِ بِهِ الْوَاجِبُ وَقْتٌ هُوَ مِعْيَارٌ لَا سَبَبٌ]

- ‌[الْقِسْمُ الرَّابِعُ وَقْتٌ ذُو شَبَهَيْنِ بِالْمِعْيَارِ وَالظَّرْفِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْأَمْرِ بِوَاحِدٍ مُبْهَمٍ مِنْ أُمُورٍ مَعْلُومَةٍ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الْوَاجِبِ عَلَى الْكِفَايَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ لَا يَجِبُ شَرْطُ التَّكْلِيفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَحْرِيمُ أَحَدِ أَشْيَاءَ مُعَيَّنَةٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اجْتِمَاعِ الْوُجُوبِ وَالْحُرْمَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَفْظِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الْمَنْدُوبِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ نَفْيِ الْكَعْبِيِّ الْمُبَاحَ خِلَافًا لِلْجُمْهُورِ]

- ‌[تَقْسِيمٌ لِلْحَنَفِيَّةِ الْحُكْمُ إمَّا رُخْصَةٌ أَوْ عَزِيمَةٌ]

- ‌[تَتِمَّةٌ الصِّحَّةُ تَرَتُّبُ الْمَقْصُودِ مِنْ الْفِعْلِ عَلَيْهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ الْمُكَلَّفُ]

- ‌[مَسْأَلَةُ تَكْلِيفِ الْمَعْدُومِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَانِعُو تَكْلِيفِ الْمُحَالِ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ شَرْطَ التَّكْلِيفِ فَهْمُهُ]

- ‌[فَصْلٌ اخْتَصَّ الْحَنَفِيَّةُ بِعَقْدِهِ فِي الْأَهْلِيَّةِ أَهْلِيَّةُ الْإِنْسَانِ]

- ‌[الْأَهْلِيَّةُ ضَرْبَانِ وُجُوبٌ وَأَدَاءٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل الْعَوَارِض السَّمَاوِيَّة]

- ‌[الصِّغَرُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[الْجُنُونُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[الْعَتَهُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[النِّسْيَانُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[النَّوْمُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[الْإِغْمَاءُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[الرِّقُّ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[الْمَرَضُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[الْحَيْضُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[الْمَوْتُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[النَّوْع الثَّانِي عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ الْمُكْتَسَبَةُ]

- ‌[السُّكْرُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ الْمُكْتَسَبَةِ]

- ‌[الْهَزْلُ مِنْ عَوَارِضُ الْأَهْلِيَّةِ الْمُكْتَسَبَةِ]

- ‌[السَّفَهُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ الْمُكْتَسِبَة]

- ‌[السَّفَرُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ الْمُكْتَسَبَةِ]

- ‌[الْخَطَأُ عَوَارِضُ الْأَهْلِيَّةِ الْمُكْتَسَبَةُ]

- ‌[الْإِكْرَاهُ مِنْ عَوَارِضُ الْأَهْلِيَّةِ الْمُكْتَسَبَةُ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي مِنْ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ فِي أَدِلَّةِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ هَلْ هِيَ حُجَّةٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَشْتَمِلُ الْقُرْآنُ عَلَى مَا لَا مَعْنَى لَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قِرَاءَةُ السَّبْعَةِ هَلْ يَجِبُ تَوَاتُرُهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَخْصِيصُ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ السُّنَّةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُجِّيَّةُ السُّنَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرَائِطِ الرَّاوِي]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَجْهُولُ الْحَالِ هَلْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الشُّهْرَةَ لِلرَّاوِي بِالْعَدَالَةِ وَالضَّبْطِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ حَدِيثُ الضَّعِيفِ لِلْفِسْقِ لَا يَرْتَقِي بِتَعَدُّدِ الطُّرُقِ إلَى الْحُجِّيَّةِ]

- ‌[رِوَايَةِ الْعَدْلِ عَنْ الْمَجْهُولِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ يَثْبُتَانِ بِوَاحِدٍ فِي الرِّوَايَةِ وَبِاثْنَيْنِ فِي الشَّهَادَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَعَارَضَ الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يَقْبَلُ الْجَرْحَ إلَّا مُبَيَّنًا سَبَبُهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ عَدَالَةِ الصَّحَابَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ الْمُعَاصِرُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْعَدْلُ أَنَا صَحَابِيٌّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ الصَّحَابِيُّ قَالَ عليه السلام حُمِلَ عَلَى السَّمَاعِ مِنْهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَخْبَرَ مُخْبِرٌ خَبَرًا بِحَضْرَتِهِ عليه السلام فَلَمْ يُنْكِرْ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ عَلَيْهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَمْلُ الصَّحَابِيِّ مَرْوِيَّهُ الْمُشْتَرَكَ لَفْظًا أَوْ مَعْنًى]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَذْفُ بَعْضِ الْخَبَرِ الَّذِي لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْمَذْكُورِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ خَبَرَ الْوَاحِدِ قَدْ يُفِيدُ الْعِلْمَ بِقَرَائِنِ غَيْرِ اللَّازِمَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أُجْمِعَ عَلَى حُكْمٍ يُوَافِقُ خَبَرًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَخْبَرَ مُخْبِرٌ خَبَرًا عَنْ مَحْسُوسٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّعَبُّدُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْعَدْلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْوَاحِدُ فِي الْحَدِّ مَقْبُولٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُرْسَلُ تَعْرِيفُهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَكْذَبَ الْأَصْلَ أَيْ الشَّيْخُ الْفَرْعُ أَيْ الرَّاوِي عَنْهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ انْفَرَدَ الثِّقَةُ مِنْ بَيْنِ ثِقَاتٍ رَوَوْا حَدِيثًا بِزِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ الْحَدِيثِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ خَبَرُ الْوَاحِدِ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى]

- ‌[مَسْأَلَةٌ انْفَرَدَ مُخْبِرٌ بِمَا شَارَكَهُ بِالْإِحْسَاسِ بِهِ خَلْق كَثِيرٌ مِمَّا تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَعَارَضَ خَبَرُ الْوَاحِدِ وَالْقِيَاسُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاتِّفَاقُ فِي أَفْعَالِهِ الْجِبِلِّيَّةِ الصَّادِرَةِ بِمُقْتَضَى طَبِيعَتِهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَصْلِ خِلْقَتِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا عَلِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه علية وَسَلَّمَ بِفِعْلٍ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه علية وَسَلَّمَ قَبْلَ بَعْثِهِ مُتَعَبِّدٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَخْصِيصُ السُّنَّةِ بِالسُّنَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ الْمُجْتَهِدِ فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ الرَّأْيُ]

الفصل: ‌[الباب الثاني من المقالة الثانية في أدلة الأحكام الشرعية]

بِالِاسْتِثْنَاءِ فَقَالُوا كَانَ شَهِيدًا (إنْ شَاءَ اللَّهُ وَبَقِيَ مِنْ الْمُكْتَسَبَةِ الْجَهْلُ نَذْكُرُهُ فِي الِاجْتِهَادِ إنْ شَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) .

[الْبَابُ الثَّانِي مِنْ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ فِي أَدِلَّةِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ]

(الْبَابُ الثَّانِي) مِنْ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ فِي أَحْوَالِ الْمَوْضُوعِ فِي أَدِلَّةِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ (أَدِلَّةُ الْأَحْكَامِ) الشَّرْعِيَّةِ (الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ) بِحُكْمِ الِاسْتِقْرَاءِ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ الدَّلِيلَ الشَّرْعِيَّ إمَّا وَحْيٌ أَوْ غَيْرُهُ وَالْوَحْيُ إمَّا مَتْلُوٌّ فَهُوَ الْكِتَابُ أَوْ غَيْرُ مَتْلُوٍّ فَهُوَ السُّنَّةُ، وَغَيْرُ الْوَحْيِ إمَّا قَوْلُ كُلِّ الْأُمَّةِ مِنْ عَصْرٍ فَهُوَ الْإِجْمَاعُ وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ أَوْ أَنَّ الدَّلِيلَ إمَّا وَاصِلٌ إلَيْنَا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ عَنْ غَيْرِهِ وَالْأَوَّلُ إمَّا مَتْلُوٌّ وَهُوَ الْكِتَابُ أَوْ غَيْرُ مَتْلُوٍّ وَهُوَ السُّنَّةُ وَيَنْدَرِجُ فِيهَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَفِعْلُهُ وَتَقْرِيرُهُ وَالثَّانِي إمَّا وَاصِلٌ عَنْ مَعْصُومٍ عَنْ خَطَأٍ وَهُوَ الْإِجْمَاعُ أَوْ عَنْ غَيْرِ مَعْصُومٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ (وَمَنْعُ الْحَصْرِ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ عَلَى قَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ وَشَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا وَالِاحْتِيَاطُ وَالِاسْتِصْحَابُ وَالتَّعَامُلُ مَرْدُودٌ بِرَدِّهَا) أَيْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ الْأَخِيرَةُ (إلَى أَحَدِهَا) أَيْ الْأَرْبَعَةِ الْأُولَى (مُعَيَّنًا) كَقَوْلِ الصَّحَابِيِّ فَإِنَّهُ مَرْدُودٌ إلَى السُّنَّةِ وَشَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا فَإِنَّهُ مَرْدُودٌ إلَى الْكِتَابِ إذَا قَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ وَإِلَى السُّنَّةِ إذَا قَصَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَذَلِكَ وَالتَّعَامُلُ فَإِنَّهُ مَرْدُودٌ إلَى الْإِجْمَاعِ (وَمُخْتَلِفًا فِي الِاحْتِيَاطِ وَالِاسْتِصْحَابِ) كَمَا سَيَأْتِي فِي خَاتِمَةِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (وَمَعْنَى الْإِضَافَةِ) فِي أَدِلَّةِ الْأَحْكَامِ (أَنَّ الْأَحْكَامَ النِّسَبُ الْخَاصَّةُ النَّفْسِيَّةُ) بِالطَّلَبِ وَالتَّخْيِيرِ (وَالْأَرْبَعَةَ) أَيْ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَالْإِجْمَاعَ وَالْقِيَاسَ (أَدِلَّتُهَا) أَيْ النِّسَبُ الْمَذْكُورَةُ (وَبِذَلِكَ) أَيْ وَبِسَبَبِ كَوْنِهَا أَدِلَّةً (سُمِّيَتْ أُصُولًا) لِأَنَّ الْأَصْلَ مَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَالْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ (وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةُ (الْقِيَاسَ أَصْلًا مِنْ وَجْهٍ) لِإِسْنَادِ الْحُكْمِ إلَيْهِ ظَاهِرًا (فَرْعًا مِنْ وَجْهٍ لِثُبُوتِ حُجِّيَّتِهِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ) وَإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ كَمَا يُصَرَّحُ بِهِ فِي مَوْضِعِهِ (يُوجِبُ مِثْلَهُ) أَيْ الْأَصَالَةَ مِنْ وَجْهٍ وَالْفَرْعِيَّةَ مِنْ وَجْهٍ (فِي السُّنَّةِ) لِإِسْنَادِ الْحُكْمِ إلَيْهَا ظَاهِرًا وَثُبُوتِ حُجِّيَّتِهَا بِالْكِتَابِ (وَالْإِجْمَاعِ) لِإِسْنَادِ الْحُكْمِ إلَيْهِ ظَاهِرًا وَثُبُوتُ حُجِّيَّتِهِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَلَا مُوجِبَ لِلِاقْتِصَارِ فِي ذَلِكَ عَلَى الْقِيَاسِ حَتَّى أَنَّهُ أَوْجَبَ إفْرَادَهُ بِالذِّكْرِ عَنْ الثَّلَاثَةِ فَقَالُوا أُصُولُ الشَّرْعِ ثَلَاثَةٌ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ، وَالْأَصْلُ الرَّابِعُ الْقِيَاسُ الْمُسْتَنْبَطُ مِنْهَا.

وَقِيلَ أُفْرِدَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ أَصْلٌ لِلْفِقْهِ فَقَطْ وَهِيَ أَصْلٌ لَهُ وَلِعِلْمِ الْكَلَامِ وَقِيلَ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ عَدَمُ الْقَطْعِ وَفِيهَا الْقَطْعُ (وَالْأَقْرَبُ) أَنَّ اخْتِصَاصَهُ بِالذِّكْرِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا (لِاحْتِيَاجِهِ فِي كُلِّ حَادِثَةٍ إلَى أَحَدِهَا) لِابْتِنَائِهِ عَلَى عِلَّةٍ مُسْتَنْبَطَةٍ مِنْ أَحَدِهَا وَعَدَمِ احْتِيَاجِهَا إلَيْهِ (وَلَا يَرِدُ الْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ لُزُومِ الْمُسْتَنِدِ) لَهُ بِأَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ فِيهِمْ عِلْمًا ضَرُورِيًّا وَيُوَفِّقَهُمْ لِاخْتِيَارِ الصَّوَابِ كَمَا هُوَ قَوْلُ شِرْذِمَةٍ عَلَى هَذَا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ افْتِقَارِ الْإِجْمَاعِ إلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ حِينَئِذٍ وَلُزُومِ افْتِقَارِ الْقِيَاسِ إلَى أَحَدِهِمَا (وَلَا) يَرِدُ (عَلَى لُزُومِهِ) أَيْ الْمُسْتَنَدِ لَهُ كَمَا هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ عَلَيْهِ أَيْضًا (لِأَنَّ الْمُحْتَاجَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْمُسْتَنَدِ (قَوْلُ كُلٍّ) إلَّا فُرَادَى (وَلَيْسَ) قَوْلُ كُلٍّ إلَّا فُرَادَى (إجْمَاعًا بَلْ هُوَ) أَيْ الْإِجْمَاعُ (كُلُّهَا) أَيْ الْأَقْوَالِ (الْمُتَوَقِّفُ عَلَى) قَوْلِ (كُلِّ وَاحِدٍ وَلَا يَحْتَاجُ) الْمَجْمُوعُ إلَى مُسْتَنَدٍ (وَإِلَّا) لَوْ احْتَاجَ الْمَجْمُوعُ إلَى مُسْتَنَدٍ (كَانَ الثَّابِتُ بِهِ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ (بِمَرْتَبَةِ الْمُسْتَنَدِ) أَيْ فِي رُتْبَتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ قَدْ يُثْبِتُ أَمْرًا زَائِدًا لَا يُثْبِتُهُ الْمُسْتَنَدُ وَهُوَ قَطْعِيَّةُ الْحُكْمِ وَلَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ أَنَّ هَذَا أَوْلَى مِنْ الْجَوَابِ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى الْمُسْتَنَدِ فِي تَحَقُّقِهِ لَا فِي نَفْسِ الدَّلَالَةِ عَلَى الْحُكْمِ فَإِنَّ الْمُسْتَدِلَّ بِهِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى مُلَاحَظَةِ الْمُسْتَنَدِ وَالِالْتِفَاتِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ فَإِنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِهِ لَا يُمْكِنُ بِدُونِ اعْتِبَارِ أَحَدِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَالْعِلَّةِ الْمُسْتَنْبَطَةِ مِنْهُ ثُمَّ الْكَلَامُ فِيهَا عَلَى الْوَجْهِ الْوَاقِعِ عَلَيْهِ تَرْتِيبُهَا الذِّكْرِيُّ تَقْدِيمًا لِلْأَقْدَمِ بِالذَّاتِ وَالشَّرَفِ فَالْأَقْدَمِ فَنَقُولُ (الْكِتَابُ) هُوَ (الْقُرْآنُ) تَعْرِيفًا (لَفْظِيًّا) فَإِنَّهُمَا

ص: 212

مُتَرَادِفَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا غَلَبَ فِي الْعُرْفِ الْعَامِّ عَلَى الْمَجْمُوعِ الْمُعَيَّنِ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَقْرُوءِ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعِبَادِ ثُمَّ اسْتِعْمَالُ الْقُرْآنِ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَشْهَرُ مِنْ لَفْظِ الْكِتَابِ وَأَظْهَرُ (وَهُوَ) أَيْ الْقُرْآنُ (اللَّفْظُ الْعَرَبِيُّ الْمُنَزَّلُ لِلتَّدَبُّرِ وَالتَّذَكُّرِ الْمُتَوَاتِرُ) فَاللَّفْظُ: شَامِلٌ لِلْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ وَغَيْرِهَا، مُخْرِجٌ لِلْكَلَامِ النَّفْسِيِّ الْقَائِمِ بِذَاتِهِ تَعَالَى.

وَالْعَرَبِيُّ: مُخْرِجٌ لِمَا سِوَاهُ مِنْ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ وَالْمُنَزَّلُ: أَيْ عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ عليه السلام عَلَى رَسُولِ اللَّهِ. صلى الله عليه وسلم لِلتَّدَبُّرِ وَالتَّذَكُّرِ: أَيْ لِلتَّفَكُّرِ فِيهِ فَيُعْرَفُ مَا يُدَبَّرُ أَيْ مَا يَتْبَعُ ظَاهِرَهُ مِنْ التِّلَاوَاتِ الصَّحِيحَةِ وَالْمَعَانِي الْمُسْتَنْبَطَةِ، وَيَتَّعِظُ بِهِ ذَوُو الْعُقُولِ السَّلِيمَةِ أَوْ يَسْتَحْضِرُونَ بِهِ مَا هُوَ كَالْمَرْكُوزِ فِي عُقُولِهِمْ مِنْ فَرْطِ تَمَكُّنِهِمْ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِمَا نُصِبَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّلَائِلِ فَإِنَّ الْكُتُبَ الْإِلَهِيَّةَ لِمَا لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ الشَّرْعِ وَالْإِرْشَادِ إلَى مَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْعَقْلُ وَلَعَلَّ التَّدَبُّرَ لِمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ الشَّرْعِ وَالتَّذَكُّرُ لِمَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْعَقْلُ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي الْبَيْضَاوِيُّ فِي قَوْله تَعَالَى {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ} [ص: 29] وَهَذَا اقْتِبَاسٌ مِنْهُ مُخْرِجٌ لِمَا سِوَاهُ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْعَرَبِيَّةِ وَبَعْضِ الْأَحَادِيثِ الْإِلَهِيَّةِ الْمَنْسُوبَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي لَمْ يُسْنِدْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي» الْحَدِيثَ.

وَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رُوِيَ عَنْ رَبِّهِ عز وجل أَنَّهُ قَالَ: «يَا عِبَادِي إنِّي حَرَّمْت الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْته بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا.» وَالْمُتَوَاتِرُ وَسَتَعْرِفُ مَعْنَاهُ فِي مَوْضِعِهِ مُخْرِجٌ لِمَا كَانَ هَكَذَا غَيْرَ مُتَوَاتِرٍ كَقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا وَأُبَيُّ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ مُتَتَابِعَاتٍ وَبَعْضُ الْأَحَادِيثِ الْإِلَهِيَّةِ الَّتِي أَسْنَدَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ كَالْحَدِيثِ الْحَسَنِ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَيُّ الْبِلَادِ شَرٌّ قَالَ لَا أَدْرِي حَتَّى أَسْأَلَ فَسَأَلَ جِبْرِيلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَا أَدْرِي حَتَّى أَسْأَلَ رَبِّي فَانْطَلَقَ فَلَبِثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ إنِّي سَأَلْت رَبِّي عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ شَرُّ الْبِلَادِ الْأَسْوَاقُ» فَلَا جَرَمَ إنْ قَالَ (فَخَرَجَتْ الْأَحَادِيثُ الْقُدْسِيَّةُ) أَيْ الْإِلَهِيَّةُ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَخْرَجَهَا لِاخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِ نَوْعَيْهَا الْمَذْكُورَيْنِ. بَقِيَ أَنْ يُقَالَ يَبْقَى اللَّفْظُ الْعَرَبِيُّ الَّذِي أَسْنَدَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ الْمَقْصُودُ لِلتَّدَبُّرِ وَالتَّذَكُّرِ وَلَيْسَ بِقُرْآنٍ دَاخِلًا فِي هَذَا التَّعْرِيفِ فَيَحْتَاجُ إلَى مَخْرَجٍ وَالْجَوَابُ أَنَّ دُخُولَ هَذَا وَخُرُوجَهُ فَرْعُ وُجُودِهِ وَلَا وُجُودَ لَهُ فَلَا إشْكَالَ (وَالْإِعْجَازُ) أَيْ وَثُبُوتُهُ لَهُ وَهُوَ أَنْ يَرْتَقِيَ فِي بَلَاغَتِهِ إلَى حَدٍّ يَخْرُجُ عَنْ طَوْقِ الْبَشَرِ وَيُعْجِزُهُمْ عَنْ مُعَارَضَتِهِ (تَابِعٌ لَازِمٌ) غَيْرُ بَيِّنٍ (لِأَبْعَاضٍ خَاصَّةٍ مِنْهُ لَا بِقَيْدِ سُورَةٍ) كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ (وَلَا كُلِّ بَعْضٍ نَحْوَ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] الْآيَةَ فَإِنَّهَا جُمَلٌ لَا إعْجَازَ فِيهَا (وَهُوَ) أَيْ الْقُرْآنُ (مَعَ جُزْئِيَّةِ اللَّامِ) فِيهِ أَيْ كَوْنِهِ مُقْتَرِنًا بِهَا لِإِفَادَةِ التَّعْرِيفِ الْعَهْدِيِّ (لِلْمَجْمُوعِ) مِنْ الْفَاتِحَةِ إلَى آخِرِ سُورَةِ النَّاسِ فَلَا يَصْدُقُ عَلَى مَا دُونَهُ مِنْ آيَةٍ وَسُورَةٍ (وَلَا مَعَهَا) أَيْ جُزْئِيَّةِ اللَّامِ لَهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ مُقْتَرِنًا بِهَا تَعْرِيفُهُ (لَفْظٌ إلَخْ) أَيْ عَرَبِيٌّ مُنَزَّلٌ لِلتَّدَبُّرِ وَالتَّذَكُّرِ مُتَوَاتِرٌ (فَيَصْدُقُ عَلَى الْآيَةِ) كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَهَذَا أَنْسَبُ بِغَرَضِ الْأُصُولِيِّ لِأَنَّهُ يَبْحَثُ عَنْ الْكِتَابِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ دَلِيلُ الْحُكْمِ وَذَلِكَ آيَةٌ لَا مَجْمُوعُ الْقُرْآنِ (وَهَذَا) التَّعْرِيفُ لِلْقُرْآنِ (لِلْحُجَّةِ الْقَائِمَةِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ حُجَّةً قَائِمَةً عَلَى الْعِبَادِ فِي الْأَحْكَامِ التَّكْلِيفِيَّةِ.

(وَ) تَعْرِيفُهُ (بِلَا هَذَا الِاعْتِبَارِ) أَيْ كَوْنُهُ حُجَّةً عَلَيْهِمْ فِيهَا (كَلَامُهُ تَعَالَى الْعَرَبِيُّ الْكَائِنُ لِلْإِنْزَالِ وَلِلْعَرَبِيِّ) أَيْ كَوْنُهُ عَرَبِيًّا (رَجَعَ أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ الصِّحَّةِ) أَيْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ (لِلْقَادِرِ) عَلَى الْعَرَبِيِّ (بِالْفَارِسِيَّةِ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ قِرَاءَةُ مُسَمَّى الْقُرْآنِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20] وَمَا فِي الْخَارِجِ الْمُنْحَصِرِ فِيهِ الْقُرْآنُ عَرَبِيٌّ رَوَاهُ نُوحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ عَنْهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى حَتَّى قَالَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ لَوْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ فَهُوَ مَجْنُونٌ فَيُدَاوَى أَوْ زِنْدِيقٌ فَيُقْتَلُ (وَقَوْلُهُمْ) أَيْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ فِي جَوَابِ مَنْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ذَهَبَ أَوَّلًا إلَى أَنَّ الْقُرْآنَ اسْمٌ لِلْمَعْنَى وَحْدَهُ اسْتِدْلَالًا بِجَوَازِ الْقِرَاءَةِ

ص: 213

بِالْفَارِسِيَّةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِالْجَوَازِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّظْمَ الْعَرَبِيَّ لَيْسَ رُكْنًا لِلْقُرْآنِ عِنْدَهُ بَلْ قَالَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ (رُكْنٌ زَائِدٌ) فِي حَقِّ جَوَازِ الصَّلَاةِ خَاصَّةً لِأَنَّ النَّظْمَ الْعَرَبِيَّ مَقْصُودٌ لِلْإِعْجَازِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْقُرْآنِ فِي حَالِ الصَّلَاةِ الْمُنَاجَاةُ لَا الْإِعْجَازُ فَلَا يَكُونُ النَّظْمُ لَازِمًا فِيهَا يَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُعَارَضَةُ النَّصِّ بِالْمَعْنَى فَإِنَّ النَّصَّ طَلَبٌ بِالْعَرَبِيِّ.

وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُجِيزُهُ بِغَيْرِهَا، وَلَا بُعْدَ فِي أَنْ يَتَعَلَّقَ جَوَازُ الصَّلَاةِ فِي شَرِيعَةِ النَّبِيِّ الْآتِي بِالنَّظْمِ الْمُعْجِزِ بِقِرَاءَةِ ذَلِكَ الْمُعْجِزِ بِعَيْنِهِ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ثُمَّ (لَا يُفِيدُ) دَفْعَ الِاسْتِدْلَالِ الْمَذْكُورِ (بَعْدَ دُخُولِهِ) أَيْ الرُّكْنِ لِلشَّيْءِ فِي مَاهِيَّتِه لِأَنَّ كَوْنَهُ زَائِدًا عَلَى الْمَاهِيَّةِ مَعَ الدُّخُولِ فِيهَا غَيْرُ مَعْقُولٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْبَدِيعِ (وَدَفْعُهُ) أَيْ هَذَا التَّعَقُّبِ كَمَا فِي شَرْحِهِ لِلشَّيْخِ سِرَاجِ الدِّينِ الْهِنْدِيِّ (بِإِرَادَتِهِمْ الزِّيَادَةَ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْجَوَازُ) لِلصَّلَاةِ أَيْ وَجَوَازُ الصَّلَاةِ يَتَعَلَّقُ بِالْمَعْنَى فَقَطْ إذْ لَيْسَ الْإِعْجَازُ الْمُتَعَلِّقُ بِاللَّفْظِ مَقْصُودًا فِي الصَّلَاةِ (مَعَ دُخُولِهِ) أَيْ النَّظْمِ الْعَرَبِيِّ (فِي الْمَاهِيَّةِ) أَيْ الْقُرْآنِيَّةِ لِأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِهِ رُكْنًا لِمَاهِيَّةِ الْقُرْآنِ وَزَائِدًا عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ جَوَازُ الصَّلَاةِ (دَفْعٌ بِعَيْنِ الْإِشْكَالِ لِأَنَّ دُخُولَهُ) أَيْ النَّظْمِ الْعَرَبِيِّ فِي مَاهِيَّةِ الْقُرْآنِ هُوَ (الْمُوجِبُ لِتَعَلُّقِ الْجَوَازِ بِهِ) أَيْ بِالنَّظْمِ الْعَرَبِيِّ لِكَوْنِهِ مَأْمُورًا بِقِرَاءَةِ مُسَمَّى الْقُرْآنِ (عَلَى أَنَّ مَعْنَى الرُّكْنِ الزَّائِدِ عِنْدَهُمْ مَا قَدْ يَسْقُطُ شَرْعًا) كَمَا قَالَ كَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا فِي الْإِقْرَارِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِيمَانِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ بِعُذْرِ الْإِكْرَاهِ الْمُلْجِئِ وَفِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَجِدْ وَقْتًا يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ الْأَدَاءِ بَعْدَ أَنْ لَا يَكُونَ إيمَانُهُ إيمَانَ يَأْسٍ (وَادِّعَاؤُهُ) أَيْ السُّقُوطَ شَرْعًا (فِي النَّظْمِ) الْعَرَبِيِّ (عَيْنُ النِّزَاعِ، وَالْوَجْهُ فِي الْعَاجِزِ) عَنْ النَّظْمِ الْعَرَبِيِّ (أَنَّهُ) أَيْ الْعَاجِزَ عَنْهُ (كَالْأُمِّيِّ) لِأَنَّ قُدْرَتَهُ عَلَى غَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ كَلَا قُدْرَةٍ، فَكَانَ أُمِّيًّا حُكْمًا فَلَا يَقْرَأُ كَمَا هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ إذْ فِي الْمُجْتَبَى وَاخْتَلَفَ فِيمَنْ لَا يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ بِالْعَرَبِيَّةِ وَيُحْسِنُ بِغَيْرِهَا، الْأَوْلَى أَنْ يُصَلِّيَ بِلَا قِرَاءَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا اهـ وَعَلَى أَنَّهُ يُصَلِّيَ بِلَا قِرَاءَةِ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ بَلْ يُسَبِّحَ وَيُهَلِّلَ (فَلَوْ أَدَّى) الْعَاجِزُ (بِهِ) أَيْ بِالْفَارِسِيِّ فِي الصَّلَاةِ (قِصَّةً) أَوْ أَمْرًا أَوْ نَهْيًا (فَسَدَتْ) الصَّلَاةُ بِمُجَرَّدِ قِرَاءَتِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُتَكَلِّمٌ بِكَلَامٍ غَيْرِ قُرْآنٍ (لَا ذِكْرًا) أَوْ تَنْزِيهًا إلَّا إذَا اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهَا تَفْسُدُ حِينَئِذٍ بِسَبَبِ إخْلَاءِ الصَّلَاةِ عَنْ الْقِرَاءَةِ وَهَذَا اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَلَفْظُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الرَّجُلِ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِالْفَارِسِيَّةِ أَوْ يَقْرَأُ بِالْفَارِسِيَّةِ أَوْ يَذْبَحُ وَيُسَمِّي بِالْفَارِسِيَّةِ وَهُوَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ قَالَ يُجْزِئُهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يُجْزِئُهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا فِي الذَّبِيحَةِ وَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ أَجْزَأَهُ.

قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي شَرْحِهِ وَهَذَا تَنْصِيصٌ عَلَى أَنَّ مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِالْفَارِسِيَّةِ لَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِالْإِجْمَاعِ، وَمَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَأَطْلَقَ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ وَقَاضِي خَانْ نَقْلًا عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ الْفَسَادَ بِهَا عِنْدَهُمَا (وَعَنْهُ) أَيْ التَّعْرِيفُ الْمَذْكُورُ لِلْقُرْآنِ حَيْثُ أُخِذَ فِيهِ التَّوَاتُرُ (يَبْطُلُ إطْلَاقُ عَدَمِ الْفَسَادِ) لِلصَّلَاةِ (بِالْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ) فِيهَا كَمَا فِي الْكَافِي لِانْتِفَاءِ التَّوَاتُرِ فِيهَا إذْ هِيَ مَا نُقِلَ آحَادًا وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا مَا عَدَا الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ لِأَبِي عَمْرٍو وَنَافِعٍ وَعَاصِمٍ وَحَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ وَابْنِ كَثِيرٍ وَابْنِ عَامِرٍ وَقَالَ السُّبْكِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّهَا مَا وَرَاءَ الْقِرَاءَاتِ الْعَشْرِ لِلْمَذْكُورِينَ وَيَعْقُوبَ وَأَبِي جَعْفَرٍ وَخَلَفٍ فَلَا جَرَمَ أَنْ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي أُصُولِهِ قَالَتْ الْأُمَّةُ لَوْ صَلَّى بِكَلِمَاتٍ تَفَرَّدَ بِهَا ابْنُ مَسْعُودٍ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ النَّقْلُ الْمُتَوَاتِرُ وَبَابُ الْقُرْآنِ بَابُ يَقِينٍ وَإِحَاطَةٍ فَلَا يَثْبُتُ بِدُونِ النَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ كَوْنُهُ قُرْآنًا، وَمَا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ قُرْآنٌ فَتِلَاوَتُهُ فِي الصَّلَاةِ كَتِلَاوَةِ خَبَرٍ فَيَكُونُ مُفْسِدًا لِلصَّلَاةِ وَكَذَا فِي التَّقْوِيمِ لَكِنْ فِي الدِّرَايَةِ وَلَوْ قَرَأَ بِقِرَاءَةٍ لَيْسَتْ فِي مُصْحَفِ الْعَامَّةِ كَقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيُّ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ وَلَكِنْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَفِي الْمُحِيطِ وَتَأْوِيلُ مَا رُوِيَ عَنْ عُلَمَائِنَا أَنَّهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ إذَا قَرَأَ هَذَا وَلَمْ يَقْرَأْ شَيْئًا آخَرَ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ الشَّاذَّةَ لَا تُفْسِدُ الصَّلَاةَ اهـ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ مَا لَيْسَ فِي مُصْحَفِ الْإِمَامِ نَحْوَ مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعْنَاهُ فِي مُصْحَفِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ذِكْرًا وَلَا تَهْلِيلًا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ مِنْ

ص: 214

كَلَامِ النَّاسِ وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ مَا كَانَ فِي مُصْحَفِ الْإِمَامِ تَجُوزُ صَلَاتُهُ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَلَا يَجُوزُ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَلِأَنَّهُ يَجُوزُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ وَمُحَمَّدٌ يَجُوزُ بِلَفْظِ الْعَرَبِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِهَا وَلَا يُقَالُ كَيْفَ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَغَّبَنَا فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِقِرَاءَتِهِ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ بِمَا كَانَ فِي مُصْحَفِهِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ ذَاكَ قَدْ انْتَسَخَ وَابْنُ مَسْعُودٍ أَخَذَ بِقِرَاءَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي آخِرِ عُمُرِهِ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ أَخَذُوا بِقِرَاءَتِهِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ قِرَاءَةُ عَاصِمٍ فَإِنَّمَا رَغَّبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي تِلْكَ الْقِرَاءَةِ كَذَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ وَقَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِالشَّاذَّةِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا تَغْيِيرُ مَعْنًى وَلَا زِيَادَةُ حَرْفٍ وَلَا نُقْصَانُهُ وَلَا تَبْطُلُ بِهَا الصَّلَاةُ وَتَمْتَنِعُ إنْ كَانَ فِيهَا زِيَادَةُ حَرْفٍ أَوْ تَغْيِيرُ مَعْنًى وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ إذَا تَعَمَّدَ وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَمِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ يَظْهَرُ عَدَمُ تَسْلِيمِ نَقْلِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِالشَّاذَّةِ وَلَا الصَّلَاةُ خَلْفَ مَنْ يَقْرَأُ بِهَا (وَلَزِمَ فِيمَا لَمْ يَتَوَاتَرْ نَفْيُ الْقُرْآنِيَّةِ) عَنْهُ (قَطْعًا غَيْرَ أَنَّ إنْكَارَ الْقَطْعِيِّ إنَّمَا يَكْفُرُ) مُنْكِرُهُ (إذَا كَانَ) ذَلِكَ الْقَطْعِيُّ (ضَرُورِيًّا) مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الدِّينِ كَمَا هُوَ قَوْلُ غَيْرِ وَاحِدٍ (وَمَنْ لَمْ يَشْرُطْهُ) أَيْ الضَّرُورِيَّ فِي الْقَطْعِيِّ الْمُكَفَّرِ بِإِنْكَارِهِ كَالْحَنَفِيَّةِ إنَّمَا يَكْفُرُ مُنْكِرُهُ (إذَا لَمْ يُثْبِتْ فِيهِ شُبْهَةً قَوِيَّةً فَلِذَا) أَيْ اشْتِرَاطِ انْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ فِي الْقَطْعِيِّ الْمُنْكَرِ ثُبُوتًا وَانْتِفَاءً (لَمْ يَتَكَافَرُوا) أَيْ لَمْ يُكَفِّرْ أَحَدٌ مِنْ الْمُخَالِفِينَ الْآخَرَ (فِي التَّسْمِيَةِ) لِوُجُودِ الشُّبْهَةِ لِتُقَوِّيهِ فِي كُلِّ طَرَفٍ لِقُوَّةِ دَلِيلِهِ فَإِنَّهُ عُذْرٌ وَاضِحٌ فِي عَدَمِ التَّكْفِيرِ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُكَابِرٍ لِلْحَقِّ وَلَا قَاصِدٍ إنْكَارَ مَا ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَّ ذَلِكَ أَخْرَجَهُ مِنْ حَدِّ الْوُضُوحِ إلَى حَدِّ الْإِشْكَالِ وَأَوْرَدَ الدَّلِيلُ عِنْدَ كُلٍّ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مِنْ نَفْيٍ أَوْ إثْبَاتٍ قَطْعِيٍّ وَإِلَّا لَمَا جَازَ نَفْيُهَا وَإِثْبَاتُهَا مِنْ الْقُرْآنِ فَكَيْفَ تُطْلَقُ قُوَّةُ الشُّبْهَةِ عَلَى دَلِيلِ كُلٍّ وَهِيَ إنَّمَا تُطْلَقُ عَلَى الظَّنِّيِّ.

وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ دَلِيلُ كُلٍّ قَطْعِيًّا عِنْدَهُ فَهُوَ ظَنِّيٌّ عِنْدَ مُخَالِفِهِ فَأَطْلَقَ عَلَيْهِ قُوَّةَ الشُّبْهَةِ بِاعْتِبَارِ زَعْمِهِ قِيلَ فَمَنْ يَعْتَقِدُ قَطْعِيَّةَ دَلِيلِهِ وَيَجْزِمُ بِخَطَأِ مُخَالِفِهِ كَيْفَ يُسَلِّمُ قُوَّةَ الشُّبْهَةِ فِي دَلِيلِهِ فَإِنَّ إفَادَةَ الظَّنِّ بِقُوَّةِ الشُّبْهَةِ تَقْدَحُ فِي كَوْنِ دَلِيلِهِ قَطْعِيًّا عِنْدَهُ عَلَى أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ لِلظَّنِّ وَقُوَّةِ الشُّبْهَةِ مَعَ الْقَطْعِيِّ لِأَنَّ الظَّنَّ يَضْمَحِلُّ بِمُقَابَلَةِ الْقَاطِعِ أُجِيبُ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِتَحَقُّقِ قُوَّةِ الشُّبْهَةِ فِي دَلِيلِ الْمُخَالِفِ حُصُولَ الظَّنِّ بِهِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ دَلِيلَهُ قَوِيُّ الشُّبْهَةِ بِالْحَقِّ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ فَيَحْتَاجُ إلَى الْفِكْرِ التَّامِّ فِي دَلِيلِ نَفْسِهِ لِيَظْهَرَ بُطْلَانُ دَلِيلِ مُخَالِفِهِ فَجُعِلَتْ تِلْكَ الشُّبْهَةُ الْقَوِيَّةُ عُذْرًا فِي مَنْعِ التَّكْفِيرِ فَإِنْ قِيلَ لَوْ كَانَ دَلِيلُ كُلٍّ قَطْعِيًّا لَزِمَ تَعَارُضُ الْقَطْعِيَّيْنِ قُلْنَا لَا يَلْزَمُ مِنْ اعْتِقَادِ كُلٍّ قَطْعِيَّةِ دَلِيلِهِ تَعَارُضُ الْقَطْعِيَّيْنِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَعِنْدَ كُلٍّ مِنْهُ وَمِنْ مُخَالِفِهِ وَإِلَّا لَمْ تُوجَدْ الشُّبْهَةُ الْقَوِيَّةُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَكَفَّرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ لِأَنَّهُ إنْ تَوَاتَرَ كَوْنُهَا مِنْ الْقُرْآنِ فَإِنْكَارُ كَوْنِهَا مِنْهُ كُفْرٌ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَكْفِيرِ مَنْ يُنْكِرُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ وَإِنْ لَمْ يَتَوَاتَرْ كَوْنُهَا مِنْ الْقُرْآنِ فَإِثْبَاتُهَا مِنْهُ كُفْرٌ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَكْفِيرِ مَنْ يُلْحِقُ بِالْقُرْآنِ مَا لَيْسَ مِنْهُ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكْفُرْ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ لَنُقِلَ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ التَّكْفِيرِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ ثُمَّ إنَّمَا ذَهَبَ إلَى نَفْيِ قُرْآنِيَّتِهَا فِي غَيْرِ سَجْدَةِ النَّمْلِ مَنْ ذَهَبَ كَمَالِكٍ (لِعَدَمِ تَوَاتُرِ كَوْنِهَا فِي الْأَوَائِلِ) أَيْ أَوَائِلِ السُّوَرِ (قُرْآنًا وَكِتَابَتُهَا) بِخَطِّ الْمُصْحَفِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ (لِشُهْرَةِ الِاسْتِنَانِ بِالِافْتِتَاحِ بِهَا فِي الشَّرْعِ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَهُوَ أَقْطَعُ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَحَسَّنَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ (وَالْآخَرُ) أَيْ الْمُثْبِتُ لِقُرْآنِيَّتِهَا فِي الْأَوَائِلِ يَقُولُ (إجْمَاعُهُمْ) أَيْ الصَّحَابَةِ (عَلَى كِتَابَتِهَا) بِخَطِّ الْمُصْحَفِ فِي الْأَوَائِلِ (مَعَ أَمْرِهِمْ بِتَجْرِيدِ الْمَصَاحِفِ) عَمَّا سِوَاهُ حَتَّى لَمْ يُثْبِتُوا آمِينَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ جَرِّدُوا الْقُرْآنَ وَلَا تَخْلِطُوهُ بِشَيْءٍ يَعْنِي فِي كِتَابَتِهِ قَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ حَدِيثٌ حَسَنٌ مَوْقُوفٌ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي دَاوُد اهـ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ بِلَفْظِ جَرِّدُوا الْقُرْآنَ لَا تُلْحِقُوا بِهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِهَا مِنْ الْقُرْآنِ فِي هَذِهِ الْمَحَالِّ (وَالِاسْتِنَانُ) لَهَا فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ (لَا يُسَوِّغُهُ) أَيْ الْإِجْمَاعَ عَلَى كِتَابَتِهَا بِخَطِّ الْمُصْحَفِ فِيهَا (لِتَحَقُّقِهِ) أَيْ الِاسْتِنَانِ

ص: 215