الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى الْعَبْدِ وَلَا يَصِيرُ الدَّمُ هَدَرًا (إلَّا أَنْ يَخْتَارَ الْمَوْلَى فِدَاءَهُ فَيَلْزَمُهُ) أَيْ الْفِدَاءُ الْمَوْلَى (دَيْنًا) فِي ذِمَّتِهِ (فَلَا يَبْطُلُ) اخْتِيَارُهُ الْفِدَاءَ (بِالْإِفْلَاسِ) حَتَّى إنَّهُ لَا يَعُودُ تَعَلُّقُ حَقِّ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَوْلَى مَا يُؤَدِّيهِ (عِنْدَهُ) أَيْ أَبِي حَنِيفَةَ (فَلَا يَجِبُ) بِهِ عَلَى الْمَوْلَى (الدَّفْعُ) لِلْعَبْدِ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ بَلْ هُوَ عَبْدُهُ لَا سَبِيلَ لِغَيْرِهِ عَلَيْهِ (وَعِنْدَهُمَا اخْتِيَارُهُ) أَيْ الْمَوْلَى الْفِدَاءَ (كَالْحَوَالَةِ كَأَنَّهُ) أَيْ الْعَبْدَ (أَحَالَ عَلَى مَوْلَاهُ) بِالْأَرْشِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ يَكُونَ الْجَانِي هُوَ الْمَصْرُوفُ إلَى جِنَايَتِهِ كَمَا فِي الْعَمْدِ وَصُيِّرَ إلَى الْأَرْشِ فِي الْخَطَأِ إذَا كَانَ الْجَانِي حُرًّا لِتَعَذُّرِ الدَّفْعِ فَكَانَ اخْتِيَارُ الْفِدَاءِ نَقْلًا مِنْ الْأَصْلِ إلَى الْعَارِضِ كَمَا فِي الْحَوَالَةِ (فَإِذَا لَمْ يُسْلِمْ) الْأَرْشَ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ (عَادَ حَقُّهُ فِي الدَّفْعِ) الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ كَمَا فِي الْحَوَالَةِ الْحَقِيقِيَّةِ وَأُجِيبَ بِمَنْعٍ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْجِنَايَةِ الْخَطَأُ ذَلِكَ بَلْ الْأَرْشُ هُوَ الْأَصْلُ الثَّابِتُ فِيهَا بِالنَّصِّ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا} [النساء: 92] وَصُيِّرَ إلَى الدَّفْعِ ضَرُورَةَ أَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلصِّلَةِ وَقَدْ ارْتَفَعَتْ الضَّرُورَةُ بِاخْتِيَارِ الْمَوْلَى الْفِدَاءَ فَعَادَ الْأَمْرُ إلَى الْأَصْلِ، وَلَمْ يَبْطُلْ بِالْإِفْلَاسِ وَقِيلَ هَذِهِ فَرْعُ اخْتِلَافِهِمْ فِي التَّفْلِيسِ فَعِنْدَهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مُعْتَبَرًا كَانَ هَذَا التَّصَرُّفُ مِنْ الْمَوْلَى تَحْوِيلًا لِحَقِّ الْأَوْلِيَاءِ إلَى ذِمَّتِهِ لَا إبْطَالًا وَعِنْدَهُمَا لَمَّا كَانَ مُعْتَبَرًا وَكَانَ الْمَالُ فِي ذِمَّتِهِ تَأْوِيلًا كَانَ هَذَا الِاخْتِيَارُ مِنْ الْمَوْلَى إبْطَالًا وَلَا يُقَالُ قَدْ يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ ضَمَانُ مَالٍ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ فَإِنَّ الْمَهْرَ يَجِبُ فِي ذِمَّتِهِ بِمُقَابَلَةِ مِلْكِ النِّكَاحِ أَوْ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ كَذَلِكَ (وَوُجُوبُ الْمَهْرِ لَيْسَ ضَمَانًا) إذْ لَا تَلَفَ وَلَا صِلَةَ (بَلْ) يَجِبُ (عِوَضًا عَمَّا اسْتَوْفَاهُ مِنْ الْمِلْكِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ) .
[الْمَرَضُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ]
(وَأَمَّا الْمَرَضُ) وَعَنْهُ عِبَارَاتٌ مِنْهَا مَا يَعْرِضُ الْبَدَنَ فَيُخْرِجُهُ عَنْ الِاعْتِدَالِ الْخَاصِّ وَمِنْهَا هَيْئَةٌ غَيْرُ طَبِيعِيَّةٍ فِي بَدَنِ الْإِنْسَانِ تَكُونُ بِسَبَبِهَا الْأَفْعَالُ الطَّبِيعِيَّةُ وَالنَّفْسَانِيَّةُ وَالْحَيَوَانِيَّةُ غَيْرَ سَلِيمَةٍ، وَبَسْطُ الْكَلَامِ فِيهِ يُعْرَفُ فِي فَنِّهِ (فَلَا يُنَافِي أَهْلِيَّةَ الْحُكْمِ) أَيْ ثُبُوتَهُ وَوُجُوبَهُ لَهُ وَعَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ أَوْ الْعِبَادِ (وَالْعِبَارَةُ إذْ لَا خَلَلَ فِي الذِّمَّةِ وَالْعَقْلِ وَالنُّطْقِ) فَصَحَّ مِنْهُ سَائِرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعِبَارَةِ مِنْ نِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَغَيْرِهَا (لَكِنَّهُ) أَيْ الْمَرَضَ (لِمَا فِيهِ مِنْ الْعَجْزِ شُرِعَتْ الْعِبَادَاتُ فِيهِ عَلَى) قَدْرِ (الْمُكْنَةِ) حَتَّى شُرِعَ لَهُ الصَّلَاةُ (قَاعِدًا) إذَا عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ (وَمُضْطَجِعًا) إذَا عَجَزَ عَنْهُمَا (وَلَمَّا كَانَ الْمَوْتُ عِلَّةَ الْخِلَافَةِ) لِلْوَارِثِ وَالْغَرِيمِ فِي مَالِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ أَهْلِيَّةِ الْمِلْكِ تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ فَيَخْلُفُهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَيْهِ فِيهِ وَالذِّمَّةُ تَخْرَبُ بِهِ فَيَصِيرُ الْمَالُ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ قَضَاءِ الدَّيْنِ مَشْغُولًا بِالدَّيْنِ فَيَخْلُفُهُ الْغَرِيمُ فِي الْمَالِ (وَهُوَ) أَيْ الْمَرَضُ (سَبَبُهُ) أَيْ الْمَوْتِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرَادُفِ الْآلَامِ وَضَعْفِ الْقُوَى الْمُفْضِي إلَى مُفَارِقَةِ الرُّوحِ الْجَسَدَ (كَانَ) الْمَرَضُ (سَبَبَ تَعَلُّقِ حَقِّ الْوَارِثِ وَالْغَرِيمِ بِمَالِهِ) فِي الْحَالِ (فَكَانَ) الْمَرَضُ (سَبَبًا لِلْحَجْرِ فِي الْكُلِّ) أَيْ كُلِّ الْمَالِ (لِلْغَرِيمِ) إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا (وَ) فِي (الثُّلُثَيْنِ فِي الْوَرَثَةِ إذَا اتَّصَلَ بِهِ) أَيْ الْمَرَضِ (الْمَوْتُ) حَالَ كَوْنِ الْحَجْرِ (مُسْتَنِدًا إلَى أَوَّلِهِ) أَيْ الْمَرَضِ، إذْ الْحُكْمُ يَسْتَنِدُ إلَى أَوَّلِ السَّبَبِ.
(بِخِلَافِ مَا لَمْ يَتَعَلَّقَا) أَيْ حَقُّ الْغَرِيمِ وَحَقُّ الْوَارِثِ (بِهِ كَالنِّكَاحِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَتُحَاصِصُ) الزَّوْجَةُ (الْمُسْتَغْرِقِينَ) أَيْ الَّذِي اسْتَغْرَقَتْ دُيُونُهُمْ التَّرِكَةَ بِقَدْرِ مَهْرِهَا وَكَالنَّفَقَةِ وَأُجْرَةِ الطَّبِيبِ وَنَحْوِهَا مِمَّا تَتَعَلَّقُ حَاجَةُ الْمَيِّتِ بِهِ وَمَا زَادَ عَلَى الدَّيْنِ فِي حَقِّ الْغَرِيمِ وَعَلَى ثُلُثَيْ مَا بَقِيَ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ إنْ كَانَ وَعَلَى ثُلُثَيْ الْجَمِيعِ إنْ لَمْ يَكُنْ ثُمَّ لَمَّا لَمْ يَعْلَمْ كَوْنَهُ سَبَبًا لِلْحَجْرِ قَبْلَ اتِّصَالِ الْمَوْتِ بِهِ وَكَانَ الْأَصْلُ هُوَ الْإِطْلَاقُ لَمْ يَثْبُتْ الْحَجْرُ بِهِ بِالشَّكِّ (فَكُلُّ تَصَرُّفٍ) وَاقِعٍ مِنْ الْمَرِيضِ (يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ) كَالْهِبَةِ وَالْبَيْعِ بِالْمُحَابَاةِ (يَصِحُّ فِي الْحَالِ) لِصُدُورِهِ مِنْ أَهْلِهِ مُضَافًا إلَى مَحَلِّهِ عَنْ وِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَانْتِفَاءِ الْعِلْمِ بِالْمَانِعِ فِي الْحَالِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ فِي الْحَالِ بِاتِّصَالِ الْمَوْتِ بِهِ (ثُمَّ يَفْسَخُ) ذَلِكَ التَّصَرُّفَ (إنْ اُحْتِيجَ إلَى ذَلِكَ) أَيْ فَسْخِهِ بِأَنْ مَاتَ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ الْحَجْرَ يَسْتَنِدُ إلَى أَوَّلِ الْمَرَضِ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ فَيَظْهَرُ أَنَّ تَصَرُّفَهُ تَصَرُّفُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ (وَمَا لَا يَحْتَمِلُهُ) أَيْ وَكُلُّ تَصَرُّفٍ وَاقِعٍ مِنْ الْمَرِيضِ
لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ (كَالْإِعْتَاقِ الْوَاقِعِ عَلَى حَقِّ غَرِيمٍ بِأَنْ يَعْتِقَ الْمَرِيضُ الْمُسْتَغْرِقُ) دَيْنُهُ تَرِكَتَهُ عَبْدًا مِنْهَا (أَوْ) الْوَاقِعِ (عَلَى حَقِّ وَارِثٍ كَإِعْتَاقِ عَبْدٍ تَزِيدُ قِيمَتُهُ عَلَى الثُّلُثِ يَصِيرُ) الْعِتْقُ (كَالْمُعَلَّقِ بِالْمَوْتِ) أَيْ كَالتَّدْبِيرِ حَتَّى كَانَ عَبْدًا فِي شَهَادَتِهِ وَسَائِرِ أَحْكَامِهِ مَا دَامَ مَوْلَاهُ مَرِيضًا وَإِذَا مَاتَ (فَلَا يَنْقُضُ وَيَسْعَى) الْعَبْدُ لِلْغَرِيمِ (فِي كُلِّهِ) أَيْ مِقْدَارِ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ (أَوْ) يَسْعَى (فِي ثُلُثَيْهِ) لِلْوَارِثِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ، وَلَمْ يُجِزْهُ الْوَارِثُ (أَوْ أَقَلَّ كَالسُّدُسِ إذَا سَاوَى) الْعَبْدُ (النِّصْفَ) أَيْ نِصْفَ التَّرِكَةِ، وَلَمْ يُجِزْهُ الْوَارِثُ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ إنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ نَفَذَ فِي الْحَالِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ.
(بِخِلَافِ إعْتَاقِ الرَّاهِنِ) الْعَبْدَ الرَّهْنَ (يَنْفُذُ) عِتْقُهُ لِلْحَالِ مَعَ تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ (لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ فِي الْيَدِ لَا الرَّقَبَةِ فَلَا يُلَاقِيهِ) أَيْ الْعِتْقُ حَقَّهُ (قَصْدًا) وَحَقُّ الْغَرِيمِ وَالْوَارِثِ فِي مِلْكِ الرَّقَبَةِ وَصِحَّةِ الْإِعْتَاقِ يُبْتَنَى عَلَيْهَا لَا عَلَى مِلْكِ الْيَدِ وَلِذَا صَحَّ إعْتَاقُ الْآبِقِ مَعَ زَوَالِ الْيَدِ عَنْهُ لِبَقَاءِ الْمِلْكِ (فَإِنْ كَانَ) الرَّاهِنُ (غَنِيًّا فَلَا سِعَايَةَ) عَلَى الْعَبْدِ لِعَدَمِ تَعَذُّرِ أَخْذِ الْحَقِّ مِنْ الرَّاهِنِ وَهُوَ الْأَدَاءُ إنْ كَانَ حَالًّا أَوْ قِيمَةُ الرَّهْنِ إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا (وَإِنْ) كَانَ الرَّاهِنُ (فَقِيرًا سَعَى) الْعَبْدُ لِلْمُرْتَهِنِ (فِي الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ) لِتَعَذُّرِ أَخْذِ الْحَقِّ مِنْ الرَّاهِنِ فَيُؤْخَذُ مِمَّنْ حَصَلَتْ لَهُ فَائِدَةُ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ ثُمَّ إنَّمَا سَعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ إنْ كَانَ أَقَلَّ فَالْحَاجَةُ تَنْدَفِعُ بِهِ وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ فَإِنَّمَا حَصَلَ لَهُ هَذَا الْقَدْرُ (وَيَرْجِعُ) الْعَبْدُ (عَلَى مَوْلَاهُ عِنْدَ غِنَاهُ) بِمَا أَدَّاهُ؛ لِأَنَّهُ اُضْطُرَّ إلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ بِحُكْمِ الشَّرْعِ (فَمُعْتَقُ الرَّاهِنِ حُرٌّ مَدْيُونٌ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ قَبْلَ السِّعَايَةِ وَمُعْتَقُ الْمَرِيضِ الْمُسْتَغْرِقِ كَالْمَكَاتِبِ) وَالْأَوَّلُ كَالْمُدَبَّرِ كَمَا ذَكَرْنَا (فَلَا تُقْبَلُ) شَهَادَتُهُ قَبْلَ السِّعَايَةِ (وَقَدْ أَدْمَجُوا) أَيْ أَدْرَجَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْكَلَامِ فِي أَحْكَامِ هَذِهِ الْآفَةِ الْعَارِضَةِ (فَرْعًا مَحْضًا) وَهُوَ (لَمَّا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ) بِالسُّنَّةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي النَّسْخِ (بَطَلَتْ) مِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا وَصِيَّةً (صُورَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةً مَعْنًى (حَتَّى لَوْ بَاعَ الْمَرِيضُ عَيْنًا بِمِثْلِ قِيمَتِهِ) فَصَاعِدًا (مِنْهُ) أَيْ الْوَارِثِ (لَا يَجُوزُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ كُلِّهِمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ (بِالصُّورَةِ كَمَا بِالْمَعْنَى) حَتَّى لَا يَجُوزَ لِبَعْضِهِمْ أَنْ يَجْعَلَ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ لِنَفْسِهِ بِنَصِيبِهِ مِنْ الْمِيرَاثِ وَلَا أَنْ يَأْخُذَ التَّرِكَةَ وَيُعْطِيَ الْبَاقِينَ الْقِيمَةَ وَلِلنَّاسِ مُنَافَسَاتٌ فِي صُوَرِ الْأَشْيَاءِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ مَعَانِيهَا فَكَانَ إيثَارُهُ الْبَعْضَ بِعَيْنٍ مِنْهَا بَيْعًا مِنْهُ إيصَاءً لَهُ بِهِ صُورَةً لَا مَعْنًى لِكَوْنِهِ مُقَابَلًا بِالْعِوَضِ.
(خِلَافًا لَهُمَا بِخِلَافِ بَيْعِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ) حَيْثُ يَجُوزُ اتِّفَاقًا إذْ لَا حَجْرَ عَلَى الْمَرِيضِ فِي التَّصَرُّفِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ فِيمَا لَا يُخِلُّ بِالثُّلُثَيْنِ فَلَمْ يَتِمَّ تَعْلِيلُهُمَا بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إبْطَالُ شَيْءٍ مِمَّا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّهُمْ وَهُوَ الْمَالِيَّةُ كَمَا لَوْ بَاعَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ (وَمَعْنًى) أَيْ وَبَطَلَتْ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا وَصِيَّةً مَعْنًى وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةً صُورَةً (بِأَنْ يُقِرَّ لِأَحَدِهِمْ بِمَالٍ) لِسَلَامَةِ الْمَالِ لَهُ بِلَا عِوَضٍ وَانْتِفَاءُ الصُّورَةِ ظَاهِرٌ (وَشُبْهَةً) أَيْ وَبَطَلَتْ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا وَصِيَّةً مِنْ حَيْثُ الشُّبْهَةُ (بِأَنْ بَاعَ) الْوَارِثُ (الْجَيِّدَ مِنْ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ بِرَدِيءٍ مِنْهَا) مُجَانِسٍ لِلْمَبِيعِ كَالْفِضَّةِ الْجَيِّدَةِ بِالْفِضَّةِ الرَّدِيئَةِ (لِتَقَوُّمِ الْجَوْدَةِ فِي التُّهْمَةِ كَمَا فِي بَيْعِ الْوَلِيِّ مَالَ الصَّبِيِّ كَذَلِكَ) أَيْ الْجَيِّدِ مِنْهَا بِالرَّدِيءِ الْمُجَانِسِ لِلْجَيِّدِ (مِنْ نَفْسِهِ) فَكَانَ فِيهِ شُبْهَةُ الْوَصِيَّةِ بِالْجَوْدَةِ؛ لِأَنَّ عُدُولَهُ عَنْ خِلَافِ الْجِنْسِ إلَى الْجِنْسِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَرَضَهُ إيصَالُ مَنْفَعَةِ الْجَوْدَةِ إلَيْهِ فَإِنَّهَا غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِالْجِنْسِ فَتُقُوِّمَتْ فِي حَقِّهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْبَاقِينَ فِي الْبَيْعِ مِنْ الْوَارِثِ وَعَنْ الصِّغَارِ فِي بَيْعِ الْوَلِيِّ مِنْ نَفْسِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَرِيضَ لَوْ بَاعَ الْجَيِّدَ بِالرَّدِيءِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ يُعْتَبَرُ خُرُوجُهُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْجَوْدَةُ مُعْتَبَرَةً لَجَازَ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا مِنْهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ.
(وَلِذَا) أَيْ وَلِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ شُبْهَةً (لَمْ يَصِحّ إقْرَارُهُ) أَيْ الْمَرِيضِ (بِاسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ مِنْ الْوَارِثِ وَإِنْ لَزِمَهُ) أَيْ الدَّيْنُ الْوَارِثَ (فِي صِحَّتِهِ) أَيْ الْمَرِيضِ (وَهِيَ) أَيْ صِحَّتُهُ (حَالَ عَدَمِ التُّهْمَةِ فَكَيْفَ بِهِ) أَيْ بِالْإِقْرَارِ بِاسْتِيفَائِهِ (إذَا ثَبَتَ) لُزُومُهُ لِلْوَارِثِ (فِي الْمَرَضِ) وَهُوَ حَالَةُ التُّهْمَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالِاسْتِيفَاءِ